بسم اللَّه الرحمن الرحيم
وَ نادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّإِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّوَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنْتَ أَحْكَمُالْحاكِمِينَ (45) قالَ يا نُوحُ إِنَّهُلَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌغَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَلَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْتَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (46) قالَ رَبِّإِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مالَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَ إِلاَّتَغْفِرْ لِي وَ تَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَالْخاسِرِينَ (47)
و فيه مسألتان:
فلا نعيده، ثم إنه تعالى ذكر أنه قال: يانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ واعلم أنه لما ثبت بالدليل أنه كان ابنا لهوجب حمل قوله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْأَهْلِكَ على أحد وجهين: أحدهما: أن يكونالمراد أنه ليس من أهل دينك.
و الثاني: المراد أنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك و القولان متقاربان.
فإن في هذه الصورة كانت قرابة النسب حاصلةمن أقوى الوجوه و لكن لما انتفت قرابةالدين لا جرم نفاه اللَّه تعالى بأبلغالألفاظ و هو قوله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْأَهْلِكَ.
ثم قال تعالى: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُصالِحٍ
قرأ الكسائي: عمل على صيغة الفعل الماضي،و غير بالنصب، و المعنى: إن ابنك عمل عملاغير صالح يعني أشرك و كذب، و كلمة غَيْرُنصب، لأنها نعت لمصدر محذوف، و قرأالباقون: عمل بالرفع و التنوين، و فيهوجهان: الأول: أن الضمير في قوله إنه عائدإلى السؤال، يعني أن هذا السؤال عمل و هوقوله: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّوَعْدَكَ الْحَقُّ غير صالح، لأن طلب نجاةالكافر بعد أن سبق الحكم، الجزم بأنه لاينجي أحدا منهم سؤال باطل. الثاني: أن يكونهذا الضمير عائدا إلى الابن، و على هذاالتقدير ففي وصفه بكونه عملا غير صالحوجوه: الأول: إن الرجل إذا كثر عمله وإحسانه يقال له: إنه علم و كرم وجود، فكذاههنا لما كثر إقدام ابن نوح على الأعمالالباطلة حكم عليه بأنه في نفسه عمل باطل.
الثاني: أن يكون المراد أنه ذو عمل باطل،فحذف المضاف لدلالة الكلام عليه. الثالث:قال بعضهم معنى قوله: إِنَّهُ عَمَلٌغَيْرُ صالِحٍ أي إنه ولد زنا و هذا القولباطل قطعا.