مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 18 -صفحه : 172/ 117
نمايش فراداده

50] و إن كان غرضه ذكر امرأة العزيز فسترذكرها، و تعرض لأمر سائر النسوة مع أنه وصلإليه من جهتها أنواع عظيمة من البلاء و هذامن الأدب العجيب. و رابعها: براءة حاله عنجميع أنواع التهم فإن الخصم أقر لهبالطهارة و النزاهة و البراءة عن الجرم. وخامسها: أن الشرابي وصف له جده في الطاعاتو اجتهاده في الإحسان إلى الذين كانوا فيالسجن. و سادسها: أنه بقي في السجن بضعسنين، و هذه الأمور كل و احد منها يوجب حسنالاعتقاد في الإنسان، فكيف مجموعها،فلهذا السبب حسن اعتقاد الملك فيه و إذاأراد اللَّه شيئا جمع أسبابه و قواها.

إذا عرفت هذا فنقول: لما ظهر للملك هذهالأحوال من يوسف عليه السلام رغب أن يتخذهلنفسه فقال:

ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُلِنَفْسِي روي أن الرسول قال ليوسف عليهالسلام قم إلى الملك متنظفا من درن السجنبالثياب النظيفة و الهيئة الحسنة فكتب علىباب السجن هذه منازل البلوى و قبورالأحياء و شماتة الأعداء و تجربةالأصدقاء، و لما دخل عليه قال اللهم إنيأسألك بخيرك من خيره و أعوذ بعزتك و قدرتكمن شره ثم دخل عليه و سلم و دعا لهبالعبرانية و الاستخلاص طلب خلوص الشي‏ءمن شوائب الاشتراك و هذا الملك طلب أن يكونيوسف له و حده و أنه لا يشاركه فيه غيره لأنعادة الملوك أن ينفردوا بالأشياء النفيسةالرفيعة فلما علم الملك أنه وحيد زمانه وفريد أقرانه أراد أن ينفرد به.

روي أن الملك قال ليوسف عليه السلام ما منشي‏ء إلا و أحب أن تشركني فيه إلا في أهليو في أن لا تأكل معي فقال يوسف عليهالسلام، أما ترى أن آكل معك، و أنا يوسف بنيعقوب بن إسحق الذبيح بن إبراهيم الخليلعليه السلام، ثم قال: فَلَمَّا كَلَّمَهُو فيه قولان: أحدهما: أن المراد فلما كلمالملك يوسف عليه السلام قالوا لأن فيمجالس الملوك لا يحسن لأحد أن يبتدى‏ءبالكلام و إنما الذي يبتدى‏ء به هو الملك،و الثاني: أن المراد: فلما كلم يوسف الملكقيل: لما صار يوسف إلى الملك و كان ذلكالوقت ابن ثلاثين سنة، فلما رآه الملكحدثا شابا قال للشرابي: هذا هو الذي علمتأويل رؤياي مع أن السحرة و الكهنة ماعلموها قال نعم، فأقبل على يوسف و قال: إنيأحب أن أسمع تأويل الرؤيا منك شفاها،فأجاب بذلك الجواب شفاها و شهد قلبهبصحته، فعند ذلك قال له: إِنَّكَالْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌيقال: فلان مكين عند فلان بين المكانة أيالمنزلة، و هي حالة يتمكن بها صاحبها ممايريد. و قوله: أَمِينٌ أي قد عرفنا أمانتك وبراءتك مما نسبت إليه.

و اعلم أن قوله: مَكِينٌ أَمِينٌ كلمةجامعة لكل ما يحتاج إليه من الفضائل والمناقب، و ذلك لأنه لا بد في كونه مكينامن القدرة و العلم. أما القدرة فلأن بهايحصل المكنة. و أما العلم فلأن كونه متمكنامن أفعال الخير لا يحصل إلا به إذ لو لم يكنعالما بما ينبغي و بما لا ينبغي لا يمكنهتخصيص ما ينبغي بالفعل، و تخصيص ما لاينبغي بالترك، فثبت أن كونه مكينا لا يحصلإلا بالقدرة و العلم. أما كونه أمينا فهوعبارة عن كونه حكيما لا يفعل الفعل لداعيالشهوة بل إنما يفعله لداعي الحكمة، فثبتأن كونه مكينا أمينا يدل على كونه قادرا، وعلى كونه عالما بمواقع الخير و الشر والصلاح و الفساد، و على كونه بحيث يفعللداعي الحكمة لا لداعية الشهوة، و كل منكان كذلك فإنه لا يصدر عنه فعل الشر والسفه فلهذا المعنى لما حاولت المعتزلةإثبات أنه تعالى لا يفعل القبيح قالوا إنهتعالى لا يفعل القبيح لأنه تعالى عالمبقبح القبيح عالم بكونه غنيا عنه و كل من‏