مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 18 -صفحه : 172/ 144
نمايش فراداده

كان على وجه الأرض عبدا أكرم على اللَّهتعالى من يعقوب عليه السلام.

أما قوله تعالى: مِنَ الْحُزْنِ‏

فاعلم أنه قرى‏ء مِنَ الْحُزْنِ بضمالحاء و سكون الزاي، و قرأ الحسن بفتحالحاء و الزاي. قال الواحدي: و اختلفوا فيالحزن و الحزن فقال قوم: الحزن البكاء والحزن ضد الفرح، و قال قوم: هما لغتان يقالأصابه حزن شديد، و حزن شديد، و هو مذهبأكثر أهل اللغة، و روى يونس عن أبي عمروقال: إذا كان في موضع النصب فتحوا الحاء والزاي كقوله: تَوَلَّوْا وَ أَعْيُنُهُمْتَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً [التوبة:92] و إذا كان في موضع الخفض أو الرفع ضمواالحاء كقوله: مِنَ الْحُزْنِ و قوله:أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَىاللَّهِ قال هو في موضع رفع بالإبتداء.

و أما قوله تعالى: فَهُوَ كَظِيمٌ‏

فيجوز أن يكون بمعنى الكاظم و هو الممسكعلى حزنه فلا يظهره قال ابن قتيبة: و يجوزأن يكون بمعنى المكظوم، و معناه المملوءمن الحزن مع سد طريق نفسه المصدور من كظمالسقاء إذا اشتد على ملئه، و يجوز أيضا أنيكون بمعنى مملوء من الغيظ على أولاده.

و اعلم أن أشرف أعضاء الإنسان هذهالثلاثة، فبين تعالى أنها كانت غريقة فيالغم فاللسان كان مشغولا بقوله: ياأَسَفى‏ و العين بالبكاء و البياض و القلببالغم الشديد الذي يشبه الوعاء المملوءالذي شد و لا يمكن خروج الماء منه و هذامبالغة في وصف ذلك الغم.

أما قوله تعالى: قالُوا تَاللَّهِتَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىتَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَالْهالِكِينَ ففيه مسائل:

المسألة الأولى: قال ابن السكيت يقال: مازلت أفعله و ما فتئت أفعله و ما برحت أفعلهو لا يتكلم بهن إلا مع الجحد.

قال ابن قتيبة يقال: ما فتيت و ما فتئتلغتان فتيا و فتوأ إذا نسيته و انقطعت عنهقال النحويون و حرف النفي ههنا مضمر علىمعنى قالوا: ما تفتؤا و لا تفتؤ و جاز حذفهلأنه لو أريد الإثبات لكان باللام و النوننحو و اللَّه لتفعلن فلما كان بغير اللام والنون عرف أن كلمة لا مضمرة و أنشدوا قولامرى‏ء القيس:

فقلت يمين اللَّه أبرح قاعدا

و المعنى: لا أبرح قاعدا و مثله كثير. و أماالمفسرون فقال ابن عباس و الحسن و مجاهد وقتادة لا تزال تذكره، و عن مجاهد لا تفترمن حبه كأنه جعل الفتور و الفتوء أخوين.

المسألة الثانية: حكى الواحدي عن أهلالمعاني أن أصل الحرض فساد الجسم و العقلللحزن و الحب،

و قوله: حرضت فلانا على فلان تأويلهأفسدته و أحميته عليه، و قال تعالى:حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ[الأنفال: 65].

إذا عرفت هذا فنقول: وصف الرجل بأنه حرضإما أن يكون لإرادة أنه ذو حرض فحذف المضافأو لإرادة أنه لما تناهى في الفساد و الضعففكأنه صار عين الحرض و نفس الفساد. و أماالحرض بكسر الراء فهو الصفة و جاءتالقراءة بهما معا.

إذا عرفت هذا فنقول: للمفسرين فيه عبارات:أحدها: الحرض و الحارض هو الفاسد في جسمه وعقله.

و ثانيهما: سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عنالحرض فقال: الفاسد الدنف. و ثالثها: أنهالذي يكون لا