مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 18 -صفحه : 172/ 25
نمايش فراداده

الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا[النور: 31] و يجوز أن يكون الضيف مصدرافيستغنى عن جمعه كما يقال: رجال صوم. ثمقال: أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ وفيه قولان: الأول: رَشِيدٌ بمعنى مرشد أييقول الحق و يرد هؤلاء الأوباش عن أضيافي.و الثاني: رشيد بمعنى مرشد، و المعنى: أليسفيكم رجل أرشده اللَّه تعالى إلى الصلاح. وأسعده بالسداد و الرشاد حتى يمنع عن هذاالعمل القبيح، و الأول أولى.

ثم قال تعالى: قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مالَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ و فيه وجوه:

الأول: ما لنا في بناتك من حاجة و لا شهوة،و التقدير أن من احتاج إلى شي‏ء فكأنه حصلله فيه نوع حق، فلهذا السبب جعل نفي الحقكناية عن نفي الحاجة. الثاني: أن نجرياللفظ على ظاهره فنقول: معناه إنهن لسن لنابأزواج و لا حق لنا فيهن ألبتة. و لا يميلأيضا طبعنا إليهن فكيف قيامهن مقام العملالذي نريده و هو إشارة إلى العمل الخبيث.الثالث: ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّلأنك دعوتنا إلى نكاحهن بشرط الإيمان ونحن لا نجيبك إلى ذلك فلا يكون لنا فيهن حق.ثم إنه تعالى حكى عن لوط أنه عند سماع هذاالكلام قال:

لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيإِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ و فيه مسألتان:

المسألة الأولى: جواب «لو» محذوف لدلالةالكلام عليه‏

و التقدير: لمنعتكم و لبالغت في دفعكم ونظيره قوله تعالى: وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناًسُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ [الرعد: 31] وقوله: وَ لَوْ تَرى‏ إِذْ وُقِفُوا عَلَىالنَّارِ [الأنعام:

27] قال الواحدي و حذف الجواب ههنا لأنالوهم يذهب إلى أنواع كثيرة من المنع والدفع.

المسألة الثانية: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْقُوَّةً أي لو أن لي ما أتقوى به عليكم‏

و تسمية موجب القوة بالقوة جائز قالاللَّه تعالى: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَااسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْرِباطِ الْخَيْلِ [الأنفال: 60] و المرادالسلاح، و قال آخرون القدرة على دفعهم، وقوله: أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍالمراد منه الموضع الحصين المنيع تشبيهاله بالركن الشديد من الجبل.

فإن قيل: ما الوجه ههنا في عطف الفعل علىالاسم؟

قلنا: قال صاحب «الكشاف»: قرى‏ء أَوْ آوِيبالنصب بإضمار أن، كأنه قيل لو أن لي بكمقوة أو آويا.

و اعلم أن قوله: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْقُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍلا بد من حمل كل و احد من هذين الكلامين علىفائدة مستقلة، و فيه وجوه: الأول: المرادبقوله: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةًكونه بنفسه قادرا على الدفع و كونه متمكناإما بنفسه و إما بمعاونة غيره على قهرهم وتأديبهم، و المراد بقوله: أَوْ آوِي إِلى‏رُكْنٍ شَدِيدٍ هو أن لا يكون له قدرة علىالدفع لكنه يقدر على التحصن بحصن ليأمن منشرهم بواسطته. الثالث:

أنه لما شاهد سفاهة القوم و إقدامهم علىسوء الأدب تمنى حصول قوة قوية على الدفع،ثم استدرك على نفسه و قال: بلى الأولى أنآوى إلى ركن شديد و هو الاعتصام بعنايةاللَّه تعالى، و على هذا التقدير فقوله:أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ كلاممنفصل عما قبله و لا تعلق له به، و بهذاالطريق لا يلزم عطف الفعل على الاسم، ولذلك قال النبي عليه السلام: «رحم اللَّهأخي لوطا كان يأوي إلى ركن شديد».

[سورة هود (11): آية 81]

قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَلَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِبِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّامْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ماأَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُالصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ(81)