شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 105
نمايش فراداده

للعيون طويل و فيه فناء شامل و خزايه و فيه اجتداع للانوف اصيل مصاب اميرالمومنين و هده تكاد لها صم الجبال تزول فلله عينا من راى مثل هالك اصيب بلا ذنب و ذاك جليل تداعت عليه بالمدينه عصبه فريقان منهم قاتل و خذول دعاهم فصموا عنه عند دعائه و ذاك على ما فى النفوس دليل ندمت على ما كان من تبعى الهوى و قصرى فيه حسره و عويل (مجلد 3 صفحه 93( سابغى اباعمرو بكل مثقف و بيض لها فى الدار عين صليل تركتك للقوم الذين هم هم شجاك فماذا بعد ذاك اقول! فلست مقيما ما حييت ببلده اجر بها ذيلى و انت قتيل فلا نوم حتى تشجر الخيل بالقنا و يشفى من القوم الغواه غليل و نطحنهم طحن الرحا بثفالها و ذاك بما اسدوا اليك قليل فاما التى فيها موده بيننا فليس اليها ما حييت سبيل سالقحها حربا عوانا ملحه و انى بها من عامنا لكفيل قال نصر: و افتخر الحجاج على اهل الشام بما كان من تسليمه على معاويه بامره المومنين.

قال نصر: و حدثنا صالح بن صدقه، عن ابن اسحاق، عن خالد الخزاعى و غيره ممن لايتهم، ان عثمان لما قتل و اتى معاويه بكتاب على (ع) بعزله عن الشام، صعد المنبر و نادى فى الناس ان يحضروا، فحضروا، فخطبهم.

فحمد الله و اثنى عليه، و صلى على رسوله، ثم قال: يا اهل الشام، قد علمتم انى خليفه اميرالمومنين عمر بن الخطاب و خليفه عثمان، و قد قتل و انا ابن عمه و وليه، و الله تعالى يقول: (و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) و انا احب ان تعلمونى ما فى نفوسكم من قتل خليفتكم.

(مجلد 3 صفحه 94( فقام مره بن كعب، و فى المسجد يومئذ اربعمائه رجل من اصحاب النبى (ص) او نحوها، فقال: و الله لقد قمت مقامى هذا، و انى لاعلم ان فيكم من هو اقدم صحبه لرسول الله (ص) منى، و لكنى شهدت رسول الله (ص) نصف النهار فى يوم شديد الحر، و هو يقول: (لتكونن فتنه حاضره) فمر رجل مقنع، فقال رسول الله: و هذا (المقنع) يومئذ على الهدى، فقمت فاخذت بمنكبه، و حسرت عن راسه، فاذا عثمان، فاقبلت بوجهه على رسول الله (ص)، و قلت هذا يا رسول الله؟ فقال: نعم: فاصفق اهل الشام مع معاويه حينئذ، و بايعوه على الطلب بدم عثمان اميرا لايطمع فى الخلافه ثم الامر شورى.

و روى ابراهيم بن الحسن بن ديزيل فى "كتاب صفين" عن ابى بكر بن عبدالله الهذلى ان الوليد بن عقبه كتب الى معاويه يستبطئه فى الطلب بدم عثمان، و يحرضه و ينهاه عن قطع الوقت بالمكاتبه: الا ابلغ معاويه بن حرب فانك من ا خى ثقه مليم قطعت الدهر كالسدم المعنى تهدر فى دمشق و لاتريم (مجلد 3 صفحه 95( فانك و الكتاب الى على كدابغه و قد حلم الاديم لك الويلات اقحمها عليهم فخير الطالبى التره الغشوم قال: فكتب معاويه اليه الجواب بيتا من شعر اوس بن حجر: و مستعجب مما يرى من اناتنا و لو زبنته الحرب لم يترمرم و روى ابن ديزيل قال: لما عزم على (ع) على المسير الى الشام، دعا رجلا، فامره ان يتجهز و يسير الى دمشق، فاذا دخل اناخ راحلته بباب المسجد، و لايلقى من ثياب سفره شيئا، فان الناس اذا راوه عليه آثار الغربه سالوه، فليقل لهم: تركت عليا قد نهد اليكم باهل العراق.

فانظر ما يكون من امرهم.

ففعل الرجل ذلك، فاجتمع الناس و سالوه، فقال لهم، فكثروا عليه يسالونه فارسل (مجلد 3 صفحه 96( اليه معاويه بالاعور السلمى يساله، فاتاه فساله، فقال له، فاتى معاويه فاخبره، فنادى: الصلاه جامعه، ثم قام فخطب الناس، و قال لهم ان عليا قد نهد اليكم فى اهل العراق، فما ترون؟ فضرب الناس باذقانهم على صدورهم، لايتكلمون، فقام ذو الكلاع الحميرى فقال: عليك ام راى و علينا ام فعال، و هى لغه حمير.

فنزل، و نادى فى الناس بالخروج الى معسكرهم، و عاد الى على (ع)، فاخبر ه فنادى: الصلاه جامعه، ثم قام فخطب الناس، فاخبرهم انه قدم عليه رسول كان بعثه الى الشام، و اخبره ان معاويه قد نهد الى العراق فى اهل الشام، فما الراى؟ قال: فاضطرب اهل المسجد، هذا يقول: الراى كذا، و هذا يقول: الراى كذا، و كثر اللغط و اللجب، فلم يفهم على (ع) من كلامهم شيئا، و لم يدر المصيب من المخطى ء، فنزل عن المنبر، و هو يقول: انا لله و انا اليه راجعون! ذهب بها ابن آكله الاكباد- يعنى معاويه.

و روى ابن ديزيل عن عقبه بن مكرم، عن يونس بن بكير، عن الاعمش، قال: كان ابومريم صديقا لعلى (ع)، فسمع بما كان فيه على (ع) من اختلاف اصحابه عليه، فجاءه، فلم يرع عليا (ع) الا و هو قائم على راسه بالعراق، فقال له: ابامريم، ما جاء بك نحوى؟ قال: ما جاء بى غيرك، عهدى بك لو وليت امر الامه كفيتهم، ثم سمعت بما انت فيه من الاختلاف! فقال: يا ابا مريم، انى منيت بشرار خلق الله، اريدهم على الامر الذى هو الراى، فلا يتبعوننى.

(مجلد 3 صفحه 97( و روى ابن ديزيل عن عبدالله بن عمر، عن زيد بن الحباب، عن علاء بن جرير العنبرى، عن الحكم بن عمير الثمالى- و كانت امه بنت ابى سفيان بن حرب- قال: قال رسول الله (ص) لاصحابه ذات يوم: كيف بك يا ابابكر اذا ولي ت؟ قال: لايكون ذلك ابدا، قال: فكيف بك يا عمر اذا وليت؟ فقال: آكل حجرا، لقد لقيت اذن شرا، قال: فكيف بك يا عثمان اذا وليت؟ قال: آكل و اطعم و اقسم و لااظلم، قال: فكيف بك يا على اذا وليت؟ قال: آكل الفوت و احمى الجمره، و اقسم التمره و اخفى الصور- قال: اى العوره- فقال (ص): (اما انكم كلكم سيلى، و سيرى الله اعمالكم)، ثم قال: يا معاويه، كيف بك اذا وليت؟ قال: الله و رسوله اعلم فقال: (انت راس الحطم، و مفتاح الظلم، حصبا و حقبا، تتخذ الحسن قبيحا، و السيئه حسنه، يربو فيها الصغير، و يهرم فيها الكبير، اجلك يسير، و ظلمك عظيم).

و روى ابن ديزيل ايضا عن عمر بن عون، عن هشيم عن ابى فلج، عن عمرو بن ميمون، قال: قال عبدالله بن مسعود: كيف انتم اذا لقيتكم فتنه يهرم فيها الكبير، و يوبو فيها الصغير، تجرى بين الناس، و يتخذونها سنه، فاذا غيرت قيل: هذا منكر! و روى ابن ديزيل، قال: حدثنا الحسن بن الربيع البجلى، عن ابى اسحاق الفزارى عن حميد الطويل، عن انس بن مالك، فى قوله تعالى: (فاما نذهبن بك فانا منهم منتقمون او نرينك الذى وعدناهم فانا عليهم مقتدرون).

قال: اكرم الله تعالى نبيه (ع) ان يريه فى امته ما يكره رفعه اليه، و بقيت النقمه.

(مجلد 3 ص فحه 98( قال ابن ديزيل: و حدثنا عبدالله بن عمر، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: اخبرنا اسباط، عن السدى، عن ابى المنهال، عن ابى هريره، قال: قال رسول الله (ص): (سالت ربى لامتى ثلاث خلال، فاعطانى اثنتين، و منعنى واحده: سالته الا تكفر امتى صفقه واحده فاعطانيها، و سالته الا يعذبهم بما عذب به الامم قبلهم فاعطانيها، و سالته الا يجعل باسهم بينهم فمنعنيها).

قال ابن ديزيل: و حدثنا يحيى بن عبدالله الكرابيسى، قال: حدثنا ابوكريب، قال: حدثنا ابو معاويه، عن عمار بن زريق، عن عمار الدهنى، عن سالم بن ابى الجعد قال: جاء رجل الى عبدالله بن مسعود، فقال: ان الله تعالى قد آمننا ان يظلمنا، و لم يومنا ان يفتننا، ارايت اذا انزلت فتنه، كيف اصنع؟ فقال: عليك كتاب الله تعالى، قال: افرايت ان جاء قوم كلهم يدعو الى كتاب الله تعالى؟ فقال ابن مسعود: سمعت رسول الله (ص) يقول: (اذا اختلف الناس كان ابن سميه مع الحق) يعنى عمارا.

و روى ابن ديزيل، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، قال: حدثنا على بن القاسم، عن سعيد بن طارق، عن عثمان بن القاسم، عن زيد بن ارقم، قال: قال رسول الله (ص): (الا ادلكم على ما ان تساءلتم عليه لم تهلكوا؟ ان وليكم الله، و ان امامكم على بن ابى طالب، فناصحوه و صدقوه، فان جبريل اخبرنى بذلك).

فان قلت: هذا نص صريح فى الامامه، فما الذى تصنع المعتزله بذلك؟ قلت: يجوز ان يريد انه امامهم فى الفتاوى و الاحكام الشرعيه، لا فى الخلافه.

و ايضا فانا قد شرحنا من قول شيوخنا البغداديين ما محصله: ان الامامه كانت لعلى (ع) (مجلد 3 صفحه 99( ان رغب فيها و نازع عليها، و ان اقرها فى غيره و سكت عنها تولينا ذلك الغير، و قلنا بصحه خلافته، و اميرالمومنين (ع) لم ينازع الائمه الثلاثه، و لاجرد السيف، و لااستنجد بالناس عليهم، فدل ذلك على اقراره لهم على ما كانوا فيه، فلذلك توليناهم، و قلنا فيهم بالطهاره و الخير و الصلاح، و لو حاربهم و جرد السيف عليهم، و استصرخ العرب على حربهم لقلنا فيهم ما قلناه فيمن عامله هذه المعامله، من التفسيق و التضليل.

قال ابن ديزيل: و حدثنا عمرو بن الربيع، قال: حدثنا السرى بن شيبان، عن عبدالكريم، ان عمر بن الخطاب قال لما طعن: يا اصحاب محمد تناصحوا، فانكم ان لم تفعلوا غلبكم عليها عمرو بن العاص و معاويه بن ابى سفيان.

قلت: ان محمد بن النعمان المعروف بالمفيد احد الاماميه قال فى بعض كتبه: انما اراد عمر بهذا القول اغراء معاويه و عمرو بن العاص بطلب الخلافه و