شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
قال نصر: و فشا كتاب معاويه فى العرب، فبعث اليه الوليد بن عقبه: معاوى ان الشام شامك فاعتصم بشامك لاتدخل عليك الافاعيا و حام عليها بالصوارم و القنا و لاتك موهون الذراعين وانيا و ان عليا ناظر ما تجيبه فاهد له حربا تشيب النواصيا (مجلد 3 صفحه 85( و الا فسلم ان فى السلم راحه لمن لايريد الحرب فاختر معاويا و ان كتابا يابن حرب كتبته على طمع، يزجى اليك الدواهيا سالت عليا فيه ما لن تناله و لو نلته لم يبق الا لياليا و سوف ترى منه التى ليس بعدها بقاء، فلا تكثر عليك الامانيا امثل على تعتريه بخدعه و قد كان ما جربت من قبل كافيا! قال: و كتب الوليد بن عقبه الى معاويه ايضا يوقظه و يشير عليه بالحرب، و الا يكتب جواب جرير: معاوى ان الملك قد جب غاربه و انت بما فى كفك اليوم صاحبه اتاك كتاب من على بخطه هى الفصل فاختر سلمه او تحاربه فلا ترج عند الواترين موده و لاتامن اليوم الذى انت راهبه و حاربه ان حاربت حرب ابن حره و الا فسلم لاتدب عقاربه فان عليا غير ساحب ذيله على خدعه ما سوغ الماء شاربه (و لاقابل ما لايريد و هذه يقوم بها يوما عليه نوادبه) فلا تدعن الملك و الامر مقبل و تط
لب ما اعيت عليك مذاهبه فان كنت تنوى ان تجيب كتابه فقبح ممليه و قبح كاتبه و ان كنت تنوى ان ترد كتابه و انت بامر لا محاله راكبه فالق الى الحى اليمانين كلمه تنال بها الامر الذى انت طالبه تقول اميرالمومنين اصابه عدو و مالاهم عليه اقاربه افانين منهم قائل و محرض بلا تره كانت، و آخر سالبه (مجلد 3 صفحه 86( و كنت اميرا قبل بالشام فيكم فحسبى و اياكم من الحق واجبه فجيئوا، و من ارسى ثبيرا مكانه ندافع بحرا لاترد غواربه فاقلل و اكثر ما لها اليوم صاحب سواك، فصرح لست ممن تواربه.قال نصر: و خرج جرير يوما يتجسس الاخبار، فاذا هو بغلام يتغنى على قعود له، هو يقول: حكيم و عمار الشجا و محمد و اشتر و المكشوح جروا الدواهيا و قد كان فيها للزبير عجاجه و صاحبه الادنى اثاروا الدواهيا فاما على فاستجار ببيته فلا آمر فيها و لم يك ناهيا فقل فى جميع الناس ما شئت بعده فلو قلت: اخطا الناس لم تك خاطيا و ان قلت: عم القوم فيه بفتنه فحسبك من ذاك الذى كان كافيا فقولا لاصحاب النبى محمد و خصا الرجال الاقربين الادانيا: ايقتل عثمان بن عفان بينكم على غير شى ء ليس الا تعاميا فلا نوم حتى نستب
يح حريمكم و نخضب من اهل الشنان العواليا.فقال جرير: يابن اخى، من انت؟ فقال: غلام من قريش، و اصلى من ثقيف، انا ابن المغيره بن الاخنس بن شريق، قتل ابى مع عثمان يوم الدار.فعجب جرير (مجلد 3 صفحه 87( من شعره و قوله، و كتب بذلك الى على (ع) فقال على و الله ما اخطا الغلام شيئا.قال نصر: و فى حديث صالح بن صدقه، قال: ابطا جرير عند معاويه حتى اتهمه الناس، و قال على (ع): قد وقت لجرير وقتا لايقيم بعده الا مخدوعا او عاصيا، و ابطا على على حتى ايس منه.قال: و فى حديث محمد و صالح بن صدقه، قالا: فكتب على (ع) الى جرير بعد ذلك: اذا اتاك كتابى هذا فاحمل معاويه على الفصل، ثم خيره و خذه بالجواب بين حرب مخزيه او سلم محظيه، فان اختار الحرب فانبذ اليه، و ان اختار السلم فخذه ببيعته.والسلام.قال: فلما انتهى الكتاب الى جرير اتى معاويه، فاقراه الكتاب، و قال له: يا معاويه، انه لايطبع على قلب الا بذنب، و لايشرح صدر الا بتوبه، و لااظن قلبك الا مطبوعا عليه، اراك قد وقفت بين الحق و الباطل، كانك تنتظر شيئا فى يد غيرك.فقال معاويه: القاك بالفصل فى اول مجلس ان شاءالله.فلما بايع معاويه اهل الشام بعد ان ذاقهم، قال: يا جرير الحق بصاحبك، و ك
تب اليه بالحرب، و كتب فى اسفل الكتاب شعر كعب بن جعيل: ارى الشام تكره اهل العراق و اهل العراق لهم كارهونا (مجلد 3 صفحه 88( و قد ذكرنا هذا الشعر فيما تقدم.و قال ابوالعباس محمد بن يزيد المبرد فى كتاب"الكامل": ان عليا (ع) لما اراد ان يبعث جريرا الى معاويه، قال: و الله يا اميرالمومنين ما ادخرك من نصرتى شيئا، و ما اطمع لك فى معاويه.فقال على (ع): انما قصدى حجه اقيمها (عليه).فلما اتى جرير معاويه دافعه بالبيعه، فقال له جرير: ان المنافق لايصلى حتى لايجد من الصلاه بدا.فقال معاويه: انها ليست بخدعه الصبى عن اللبن، فابلغنى ريقى، انه امر له ما بعده.قال: و كتب مع جرير الى على (ع) جوابا عن كتابه اليه: من معاويه بن صخر الى على بن ابى طالب، اما بعد فلعمرى لو بايعك القوم الذين بايعوك و انت برى ء من دم عثمان كنت كابى بكر و عمر و عثمان، و لكنك اغريت بعثمان المهاجرين، و خذلت عنه الانصار، فاطاعك الجاهل، و قوى بك الضعيف، و قد ابى اهل الشام الا قتالك، حتى تدفع اليهم قتله عثمان، فان فعلت كانت شورى بين المسلمين، و لعمرى ليس حججك على كحججك على طلحه و الزبير، لانهما بايعاك و لم ابايعك، و ما حجتك على اهل الشام كحجتك على اهل الب
صره، لان اهل البصره اطاعوك و لم يطعك اهل الشام.فاما شرفك فى الاسلام، و قرابتك من النبى (ص) و موضعك من قريش، فلست ادفعه.(مجلد 3 صفحه 89( ثم كتب فى آخر الكتاب شعر كعب بن جعيل الذى اوله: ارى الشام تكره اهل العراق و اهل العراق لهم كارهونا قال ابوالعباس المبرد رحمه الله تعالى: فكتب اليه على (ع) جوابا عن كتابه هذا: من اميرالمومنين على بن ابى طالب الى معاويه بن صخر بن حرب: اما بعد، فانه اتانى منك كتاب امرى ء ليس له بصر يهديه، و لا قائد يرشده، دعاه الهوى فاجابه، و قاده الضلال فاتبعه، زعمت انك انما افسد عليك بيعتى خطيئتى فى عثمان، و لعمرى ما كنت الا رجلا من المهاجرين، اوردت كما اوردوا، و اصدرت كما اصدروا، و ما كان الله ليجمعهم على الضلال، و لاليضربهم بالعمى.و بعد، فما انت و عثمان! انما انت رجل من بنى اميه، و بنو عثمان اولى بمطالبه دمه، فان زعمت انك اقوى على ذلك، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، ثم حاكم القوم الى.و اما تمييزك بينك و بين طلحه و الزبير، و بين اهل الشام و اهل البصره، فلعمرى ما الامر فيما هناك الا سواء، لانها بيعه شامله لايستثنى فيها الخيار، و لايستانف فيها النظر.و اما شرفى فى الاسلام و قرابتى من ر
سول الله (ص)، و موضعى من قريش، فلعمرى لو استطعت دفعه لدفعته.قال: ثم دعا النجاشى، احد بنى الحارث بن كعب، فقال له: ان ابن جعيل شاعر اهل الشام، و انت شاعر اهل العراق، فاجب الرجل.فقال: يا اميرالمومنين، اسمعنى قوله، قال: اذن اسمعك شعر شاعر، ثم اسمعه، فقال النجاشى يجيبه: (مجلد 3 صفحه 90( دعا يا معاوى ما لن يكونا فقد حقق الله ما تحذرونا اتاكم على باهل العراق و اهل الحجاز فما تصنعونا على كل جرداء خيفانه و اشعث نهد يسر العيونا عليها فوارس مخشيه كاسد العرين حمين العرينا يرون الطعان خلال العجاج و ضرب الفوارس فى النقع دينا هم هزموا الجمع جمع الزبير و طلحه و المعشر النا كثينا و آلوا يمينا على حلفه لنهدى الى الشام حربا زبونا تشيب النواهد قبل المشيب و تلقى الحوامل منها الجنينا فان تكرهوا الملك ملك العراق فقد رضى القوم ما تكرهونا فقل للمضلل من وائل و من جعل الغث يوما سمينا جعلتم عليا و اشياعه نظير ابن هند، اما تستحونا! الى افضل الناس بعد الرسول و صنو الرسول من العالمينا و صهر الرسول و من مثله اذا كان يوم يشيب القرونا! قلت: ابيات كعب بن جعيل خير من هذه الابيات، و اخبث م
قصدا و ادهى و احسن.و زاد نصر بن مزاحم فى هذه الرساله بعد قوله: (و لاليضربهم بالعمى): (و ما البت فتلزمنى خطيئه الامر، و لاقتلت فيجب على القصاص.و اما قولك ان (مجلد 3 صفحه 91( اهل الشام هم الحكام على اهل الحجاز، فهات رجلا من اهل الشام يقبل فى الشورى، او تحل له الخلافه، فان زعمت ذلك كذبك المهاجرون و الانصار، و الا اتيتك به من قريش الحجاز.و اما ولوعك بى فى امر عثمان، فما قلت ذلك عن حق العيان، و لايقين الخبر.و هذه الزياده التى ذكرها نصر بن مزاحم تقتضى انه كان فى كتاب معاويه اليه (ع) ان اهل الشام هم الحكام على اهل الحجاز، و ما وجدنا هذا الكلام فى كتابه.(اخبار متفرقه) و روى نصر بن مزاحم، قال: لما قتل عثمان ضربت الركبان الى الشام بقتله، فبينا معاويه يوما اذا اقبل رجل متلفف، فكشف عن وجهه، و قال لمعاويه: يا اميرالمومنين، اتعرفنى؟ قال: نعم، انت الحجاج بن خزيمه بن الصمه، فاين تريد؟ قال اليك القربان، نعى ابن عفان، ثم قال: ان بنى عمك عبدالمطلب هم قتلوا شيخكم غير كذب و انت اولى الناس بالوثب فثب و اغضب معاوى للاله و احتسب و سر بنا سير الجرير المتلئب و انهض باهل الشام ترشد و تصب ثم اهزز الصعده للشاس ال
شغب قال: يعنى عليا (ع) قلت: المتلئب المستقيم المطرد، يقال: هذا قياس متلئب، اى مستمر مطرد.(مجلد 3 صفحه 92( و يقال: مكان شاس، اى غليظ صلب.و الشغب: الهائج للشر، و من رواه: (للشاسى) بالياء فاصله (الشاصى) بالصاد، و هو المرتفع، يقال: شصا السحاب اذا ارتفع، فابدل الصاد سينا، و مراده هنا نسبه على (ع) الى التيه و الترفع عن الناس.قال نصر: فقال له معاويه: افيك مهز؟ فقال: نعم، فقال اخبر الناس، فقال الحجاج: يا اميرالمومنين- و لم يخاطب معاويه (بامير المومنين) قبلها- انى كنت فيمن خرج مع يزيد بن اسد القسرى، مغيثا لعثمان، فقدمت انا و زفر بن الحارث، فلقينا رجلا زعم انه ممن قتل عثمان، فقتلناه، و انى اخبرك يا اميرالمومنين انك لتقوى على على بدون ما يقوى به عليك، لان معك قوما لايقولون اذا قلت، و لايسالون اذا امرت، و ان مع على قوما يقولون اذا قال، و يسالون اذا امر، فقليل ممن معك خير من كثير ممن معه.و اعلم انه لايرضى على الا بالرضا، و ان رضاه سخطك، و لست و على سواء، على لايرضى بالعراق دون الشام، و انت ترضى بالشام دون العراق.قال نصر: فضاق معاويه صدرا بما اتاه، و ندم على خذلان عثمان و قال: اتانى امر فيه للنفس غمه و فيه بكاء