مندحق البطن:بارزها، و الدحوق من النوق:التى يخرج رحمها عند الولاده.
و سيظهر:سيغلب.
و رحب البلعوم:واسعه.
و كثير من الناس يذهب الى انه (ع) عنى زيادا، و كثير منهم يقول:انه عنى الحجاج.
و قال قوم:انه عنى المغيره بن شعبه، و الاشبه عندى انه عنى معاويه، لانه كان موصوفا بالنهم و كثره الاكل، و كان بطينا، يقعد بطنه اذا جلس على فخذيه، و كان معاويه جوادا بالمال و الصلات، و بخيلا على الطعام، يقال:انه مازح اعرابيا على طعامه، و قد قدم بين يديه خروف، فامعن الاعرابى فى اكله، فقال له:ما ذنبه اليك، انطحك ابوه؟ فقال الاعرابى:و ما حنوك عليه؟ اارضعتك امه! و قال لاعرابى ياكل بين يديه، و قد استعظم اكله:الا ابغيك سكينا؟ فقال:كل امرى ء سكينه فى راسه، فقال:ما اسمك؟ قال:لقيم، قال:منها اتيت.
كان معاويه ياكل فيكثر، ثم يقول:ارفعوا، فو الله ما شبعت و لكن مللت و تعبت.
تظاهرت الاخبار ان رسول الله (ص) دعا على معاويه لما بعث اليه يستدعيه، فوجده ياكل، ثم بعث فوجده ياكل، فقال:(اللهم لاتشبع بطنه)، قال الشاعر:و صاحب لى بطنه كالهاويه كان فى احشائه معاويه.
و فى هذا الفصل مسائل:الاولى:فى تفسير قوله (ع):(فاق تلوه و لن تقتلوه) فنقول:انه لاتنافى بين الامر بالشى ء و الاخبار عن انه لايقع، كما اخبر الحكيم سبحانه عن ان ابالهب لايومن و امره بالايمان، و كما قال تعالى:(فتمنوا الموت ان كنتم صادقين)، ثم قال:(و لايتمنونه ابدا)، و اكثر التكليفات على هذا المنهاج.
(مساله كلاميه فى الامر بالشى ء مع العلم بانه لايقع) و اعلم ان اهل العدل و المجبره لم يختلفوا فى انه تعالى قد يامر بما يعلم انه لايقع، او يخبر عن انه لايقع، و انما اختلفوا:هل يصح ان يريد ما يعلم انه لايقع، او يخبر عنه انه لايقع؟ فقال اصحابنا:يصح ذلك، و قال المجبره:لايصح، لان اراده ما يعلم المريد انه لايقع قضيه متناقضه، لان تحت قولنا:(اراد) مفهوم ان ذلك المراد مما يمكن حصوله، لان اراده المحال ممتنعه.
و تحت قولنا:(انه يعلم انه لايقع) مفهوم ان ذلك المراد مما لايمكن حصوله، لاناقد فرضنا انه لايقع و ما لايقع لايمكن حصوله مع فرض كونه لايقع، فقال لهم اصحابنا:هذا يلزمكم فى الامر، لانكم قد اجزتم ان يامر بما يعلم انه لايقع، فقالوا فى الجواب:نحن عندنا انه يامر بما لايريد، فاذا امر بما يعلم انه لايقع، او يخبر عن انه لايقع، كان ذلك الامر امرا عاريا عن الاراده و المحال انما نشا من اراده ما علم المريد انه لايقع، و هاهنا لا اراده.
فقيل لهم:هب انكم ذهبتم الى ان الامر قد يعرى من الاراده مع كونه امرا، الستم تقولون:ان الامر يدل على الطلب، و الطلب شى ء آخر غير الاراده! و تقولون:ان ذلك الطلب قائم بذات البارى ء، فنحن نلزمكم فى الطلب القائم بذات البارى ء، الذى لايجوز ان يعرى الامر منه ما الزمتمونا فى الاراده.
و نقول لكم:كيف يجوز ان يطلب الطالب ما يعلم انه لايقع! اليس تحت قولنا:طلب مفهوم، ان ذلك المطلوب مما يمكن وقوعه! فالحال فى الطلب كالحال فى الاراده، حذو النعل بالنعل.
و لنا فى هذا الموضع ابحاث دقيقه ذكرناها فى كتبنا الكلاميه.
(فصل فيما روى من سب معاويه و حزبه لعلى) المساله الثانيه:فى قوله (ع):(يامركم بسبى و البراءه منى)، فنقول:ان معاويه امر الناس بالعراق و الشام و غيرهما بسب على (ع) و البراءه منه.
و خطب بذلك على منابر الاسلام، و صار ذلك سنه فى ايام بنى اميه الى ان قام عمر بن عبدالعزيز رضى الله تعالى عنه فازاله.
و ذكر شيخنا ابوعثمان الجاحظ ان معاويه كان يقول فى آخر خطبه الجمعه:اللهم ان اباتراب الحد فى دينك، و صد عن سبيلك فالعنه لعنا وبيلا، و عذبه عذابا اليما.
و كتب بذل ك الى الافاق، فكانت هذه الكلمات يشاربها على المنابر، الى خلافه عمر بن عبدالعزيز.
و ذكر ابوعثمان ايضا ان هشام بن عبدالملك لما حج خطب بالموسم، فقام اليه انسان، فقال:يا اميرالمومنين، ان هذا يوم كانت الخلفاء تستحب فيه لعن ابى تراب، فقال:اكفف، فما لهذا جئنا.
و ذكر المبرد فى (الكامل) ان خالد بن عبدالله القسرى لما كان امير العراق فى خلافه هشام، كان يلعن عليا (ع) على المنبر، فيقول:اللهم العن على بن ابى طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، صهر رسول الله (ص) على ابنته، و ابا الحسن و الحسين! ثم يقبل على الناس، فيقول هل كنيت! و روى ابوعثمان ايضا ان قوما من بنى اميه قالوا لمعاويه:يا اميرالمومنين، انك قد بلغت ما املت، فلو كففت عن لعن هذا الرجل! فقال:لا و الله حتى يربو عليه الصغير، و يهرم عليه الكبير، و لايذكر له ذاكر فضلا! و قال ابوعثمان ايضا:و ما كان عبدالملك- مع فضله و اناته و سداده و رجحانه- ممن يخفى عليه فضل على (ع)، و ان لعنه على رءوس الاشهاد، و فى اعطاف الخطب، و على صهوات المنابر مما يعود عليه نقصه، و يرجع اليه وهنه، لانهما جميعا من بنى عبدمناف، و الاصل واحد، و الجرثومه منبت لهما، و شرف على (ع) و فضله عائد عليه، و محسوب له، و لكنه اراد تشييد الملك و تاكيد ما فعله الاسلاف، و ان يقرر فى انفس الناس ان بنى هاشم لا حظ لهم فى هذا الامر، و ان سيدهم الذى به يصولون، و بفخره يفخرون، هذا حاله و هذا مقداره، فيكون من ينتمى اليه و يدلى به عن الامر ابعد، و عن الوصول اليه اشحط و انزح.
و روى اهل السيره ان الوليد بن عبدالملك فى خلافته ذكر عليا (ع)، فقال:لعنه (الله- بالجر- كان لص ابن لص).
فعجب الناس من لحنه فيما لايلحن فيه احد، و من نسبته عليا (ع) الى اللصوصيه و قالوا:ما ندرى ايهما اعجب! و كان الوليد لحانا.
و امر المغيره بن شعبه- و هو يومئذ امير الكوفه من قبل معاويه- حجر بن عدى ان يقوم فى الناس، فليلعن عليا (ع)، فابى ذلك، فتوعده، فقام فقال:ايها الناس، ان اميركم امرنى ان العن عليا فالعنوه فقال اهل الكوفه:لعنه الله، و اعاد الضمير الى المغيره بالنيه و القصد.
و اراد زياد ان يعرض اهل الكوفه اجمعين على البراءه من على (ع) و لعنه و ان يقتل كل من امتنع من ذلك، و يخرب منزله، فضربه الله ذلك اليوم بالطاعون، فمات- لا رحمه الله- بعد ثلاثه ايام، و ذلك فى خلافه معاويه.
و كان الحجاج- لعنه الله- يلعن عليا (ع)، و يامر بلعنه.
و قال له متعرض به يوما و هو راكب :ايها الامير، ان اهلى عقونى فسمونى عليا، فغير اسمى، وصلنى بما اتبلغ به فانى فقير.
فقال:للطف ما توصلت به قد سميتك كذا، و وليتك العمل الفلانى فاشخص اليه.
فاما عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه فانه قال:كنت غلاما اقرا القرآن على بعض ولد عتبه بن مسعود، فمر بى يوما و انا العب مع الصبيان، و نحن نلعن عليا، فكره ذلك و دخل المسجد، فتركت الصبيان و جئت اليه لادرس عليه وردى، فلما رآنى قام فصلى و اطال فى الصلاه- شبه المعرض عنى- حتى احسست منه بذلك، فلما انفتل من صلاته كلح فى وجهى، فقلت له:ما بال الشيخ؟ فقال لى:يا بنى، انت اللاعن عليا منذ اليوم؟ قلت:نعم، قال:فمتى علمت ان الله سخط على اهل بدر بعد ان رضى عنهم! فقلت:يا ابت، و هل كان على من اهل بدر! فقال:و يحك! و هل كانت بدر كلها الا له! فقلت:لااعود، فقال:الله انك لاتعود! قلت:نعم فلم العنه بعدها.
ثم كنت احضر تحت منبر المدينه، و ابى يخطب يوم الجمعه- و هو حينئذ امير المدينه- فكنت اسمع ابى يمر فى خطبه تهدر شقاشقه، حتى ياتى الى لعن على (ع) فيجمجم، و يعرض له من الفهاهه و الحصر ما الله عالم به، فكنت اعجب من ذلك، فقلت له يوما:يا ابت، انت افصح الناس و اخطبهم، فما بالى اراك اف صح خطيب يوم حفلك، حتى اذا مررت بلعن هذا الرجل، صرت الكن عليا! فقال:يا بنى، ان من ترى تحت منبرنا من اهل الشام و غيرهم، لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه ابوك لم يتبعنا منهم احد.
فوقرت كلمته فى صدرى، مع ما كان قاله لى معلمى ايام صغرى، فاعطيت الله عهدا، لئن كان لى فى هذا الامر نصيب لاغيرنه، فلما من الله على بالخلافه اسقطت ذلك، و جعلت مكانه:(ان الله يامر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذى القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغى يعظكم لعلكم تذكرون)، و كتب به الى الافاق فصار سنه.
و قال كثير بن عبدالرحمن يمدح عمر و يذكر قطعه السب:وليت فلم تشتم عليا و لم تخف بريا و لم تقبل اساءه مجرم و كفرت بالعفو الذنوب مع الذى اتيت فاضحى راضيا كل مسلم الا انما يكفى الفتى بعد زيغه من الاود البادى ثقاف المقوم و ما زلت تواقا الى كل غايه بلغت بها اعلى العلاء المقدم فلما اتاك الامر عفوا و لم يكن لطالب دنيا بعده من تكلم تركت الذى يفنى لان كان بائدا و آثرت ما يبقى براى مصمم و قال الرضى ابوالحسن رحمه الله تعالى:يابن عبدالعزيز لو بكت العين فتى من اميه لبكيتك غير انى اقول انك قد طبت و ان لم يطب و لم يزك بيتك انت نزهتنا عن السب و القذ ف، فلو امكن الجزاء جزيتك و لو انى رايت قبرك لاستحييت من ان ارى و ما حييتك و قيل ان لو بذلت داماء البدن صرفا على الذرا و سقيتك دير سمعان:فيك ماوى ابى حف ص بودى لو اننى آويتك دير سمعان، لااغبك غيث خير ميت من آل مروان ميتك انت بالذكر بين عينى و قلبى ان تدانيت منك او ان نايتك و اذا حرك الحشا خاطر منك توهمت اننى قد رايتك و عجيب انى قليت بنى مر و ان طرا و اننى ما قليتك قرب العدل منك لما ناى الجو ر بهم فاجتويتهم و اجتبيتك فلو انى ملكت دفعا لما نا بك من طارق الردى لفديتك.
و روى ابن الكلبى، عن ابيه، عن عبدالرحمن بن السائب، قال:قال الحجاج يوما لعبد الله بن هانى ء، و هو رجل من بنى اود- حى من قحطان- و كان شريفا فى قومه، قد شهد مع الحجاج مشاهده كلها، و كان من انصاره و شيعته:و الله ما كافاتك بعد! ثم ارسل الى اسماء بن خارجه سيد بنى فزاره:ان زوج عبدالله بن هانى ء بابنتك، فقال:لا و الله و لا كرامه! فدعا بالسياط، فلما راى الشر قال:نعم ازوجه، ثم بعث الى سعيد بن قيس الهمدانى رئيس اليمانيه:زوج ابنتك من عبدالله بن اود، فقال:و من اود! لا و الله لاازوجه و لا كرامه ! فقال:على بالسيف، فقال:دعنى حتى اشاور اهلى، فشاورهم، فقالوا:زوجه و لاتعرض نفسك لهذا الفاسق، فزوجه.
فقال الحجاج لعبد الله:قد زوجتك بنت سيد فزاره و بنت سيد همدان، و عظيم كهلان و ما اود هناك! فقال:لاتقل اصلح الله الامير ذاك! فان لنا مناقب ليست لاحد من العرب، قال:و ما هى؟ قال: