شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 134
نمايش فراداده

ما هذا؟ قالوا:معاويه قام الساعه، فاخذ بيد ابى سفيان، فخرجا من المسجد، فقال رسول الله (ص):(لعن الله التابع و المتبوع، رب يوم لامتى من معاويه ذى الاستاه)، قالوا:يعنى الكبير العجز.

و قال روى العلاء بن حريز القشيرى ان رسول الله (ص) قال لمعاويه:(لتتخذن يا معاويه البدعه سنه، و القبح حسنا، اكلك كثير، و ظلمك عظيم).

قال:و روى الحارث بن حصيره، عن ابى صادق، عن ربيعه بن ناجذ، قال:قال على (ع):نحن و آل ابى سفيان قوم تعادوا فى الامر، و الامر يعود كما بدا.

قلت:و قد ذكرنا نحن فى تلخيص نقض "السفيانيه" ما فيه كفايه فى هذا الباب.

و روى صاحب كتاب الغارات عن ابى صادق، عن جندب بن عبدالله، قال:ذكر المغيره بن شعبه عند على (ع) و جده مع معاويه، قال:و ما المغيره! انما كان اسلامه لفجره و غدره غدرها بنفر من قومه فتك بهم، و ركبها منهم، فهرب منهم، فاتى النبى (ص) كالعائذ بالاسلام، و الله ما راى احد ع ليه منذ ادعى الاسلام خضوعا و لاخشوعا، الا و انه يكون من ثقيف فراعنه قبل يوم القيامه يجانبون الحق، و يسعرون نيران الحرب و يوازرون الظالمين، الا ان ثقيفا قوم غدر، لايوفون بعهد، يبغضون العرب كانهم ليسوا منهم، و لرب صالح قد كان منهم.

فمنهم عروه بن مسعود و ابوعبيد بن مسعود المستشهد يوم قس الناطف.

و ان الصالح فى ثقيف لغريب.

قال شيخنا ابوالقاسم البلخى:من المعلوم الذى لاريب فيه لاشتهار الخبر به، و اطباق الناس عليه، ان الوليد بن عقبه بن ابى معيط كان يبغض عليا و يشتمه، و انه هو الذى لاحاه فى حياه رسول الله (ص) و نابذه، و قال له:انا اثبت منك جنانا، و احد سنانا، فقال له على (ع):اسكت يا فاسق، فانزل الله تعالى فيهما:(افمن كان مومنا كمن كان فاسقا لايستوون...) الايات المتلوه، و سمى الوليد بحسب ذلك فى حياه رسول الله (ص) الفاسق، فكان لايعرف الا بالوليد الفاسق.

و هذه الايه من الايات التى نزل فيها القرآن بموافقه على (ع)، كما نزل فى مواضع بموافقه عمر، و سماه الله تعالى فاسقا فى آيه اخرى، و هو قوله تعالى:(ان جاءكم فاسق بنباء فتبينوا)، و سبب نزولها مشهور، و هو كذبه على بنى المصطلق، و ادعاوه انهم منعوا الزكاه و شهروا السيف، حت ى امر النبى (ص) بالتجهز للمسير اليهم، فانزل الله تعالى فى تكذيبه و براءه ساحه القوم هذه الايه.

و كان الوليد مذموما معيبا عند رسول الله (ص) يشنوه و يعرض عنه، و كان الوليد يبغض رسول الله (ص) ايضا و يشنوه، و ابوه عقبه بن ابى معيط هو العدو الازرق بمكه، و الذى كان يوذى رسول الله (ص) فى نفسه و اهله، و اخباره فى ذلك مشهوره، فلما ظفر به يوم بدر ضرب عنقه.

و ورث ابنه الوليد الشنان و البغضه لمحمد و اهله، فلم يزل عليهما الى ان مات.

قال الشيخ ابوالقاسم:و هو احد الصبيه الذين قال ابو عقبه فيهم، و قد قدم ليضرب عنقه:من للصبيه يا محمد؟ (فقال النار، اضربوا عنقه).

قال:و للوليد شعر يقصد فيه الرد على رسول الله (ص) حيث قال:(ان تولوها عليا، تجدوه هاديا مهديا).

قال:و ذلك ان عليا (ع) لما قتل قصد بنوه ان يخفوا قبره خوفا من بنى اميه ان يحدثوا فى قبره حدثا، فاوهموا الناس فى موضع قبره تلك الليله- و هى ليله دفنه- ايهامات مختلفه، فشدوا على جمل تابوتا موثقا بالحبال، يفوح منه روائح الكافور، و اخرجوه من الكوفه فى سواد الليل صحبه ثقاتهم، يوهمون انهم يحملونه الى المدينه فيدفنونه عند فاطمه (ع)، و اخرجوا بغلا و عليه جنازه مغطاه، يوهمون انهم يدفنونه بالحيره، و حفروا حفائر عده، منها بالمسجد، و منها برحبه القصر، قصر الاماره، و منها فى حجره من دور آل جعده بن هبيره المخزومى، و منها فى اصل دار عبدالله بن يزيد القسرى بحذاء باب الوراقين مما يلى قبله المسجد، و منها فى الكناسه، و منها فى الثويه، فعمى على الناس موضع قبره، و لم يعلم دفنه على الحقيقه الا بنوه و الخواص المخلصون من اصحابه، فانهم خرجوا به (ع) وقت السحر فى الليله الحاديه و العشرين من شهر رمضان، فدفنوه على النجف، بالموضع المعروف بالغرى، بوصاه منه (ع) اليهم فى ذلك، و عهد كان عهد به اليهم، و عمى موضع قبره على الناس، و اختلفت الاراجيف فى صبيحه ذلك اليوم اختلافا شديدا، و افترقت الاقوال فى موضع قبره الشريف و تشعبت، و ادعى قوم ان جماعه من طيى ء وقعوا على جمل فى تلك الليله، و قد اضله اصحابه ببلادهم، و عليه صندوق، فظنوا فيه مالا، فلما راوا ما فيه خافوا ان يطلبوا به، فدفنوا الصندوق بما فيه، و نحروا البعير و اكلوه، و شاع ذلك فى بنى اميه و شيعتهم، و اعتقدوه حقا، فقال الوليد بن عقبه من ابيات يذكره (ع) فيها:فان يك قد ضل البعير بحمله فما كان مهديا و لاكان هاديا و روى الشيخ ابوالقاسم البلخى ايضا، عن جرير ب ن عبدالحميد، عن مغيره الضبى، قال:مر ناس بالحسن بن على (ع)، و هم يريدون عياده الوليد بن عقبه، و هو فى عله له شديده، فاتاه الحسن (ع) معهم عائدا، فقال للحسن:اتوب الى الله تعالى مما كان بينى و بين جميع الناس، الا ما كان بينى و بين ابيك، فانى لااتوب منه.

قال شيخنا ابوالقاسم البلخى:و اكد بغضه له ضربه اياه الحد فى ولايه عثمان، و عزله عن الكوفه.

و قد اتفقت الاخبار الصحيحه التى لاريب فيها عند المحدثين، على ان النبى (ص) قال:(لايبغضك الا منافق، و لايحبك الا مومن).

قال:و روى حبه العرنى، عن على (ع) انه قال:ان الله عز و جل اخذ ميثاق كل مومن على حبى و ميثاق كل منافق على بغضى، فلو ضربت وجه المومن بالسيف ما ابغضنى، و لو صببت الدنيا على المنافق ما احبنى.

و روى عبدالكريم بن هلال، عن اسلم المكى، عن ابى الطفيل، قال:سمعت عليا (ع)، و هو يقول:لو ضربت خياشيم المومن بالسيف ما ابغضنى و لو نثرت على المنافق ذهبا و فضه ما احبنى، ان الله اخذ ميثاق المومنين بحبى، و ميثاق المنافقين ببغضى، فلا يبغضنى مومن، و لايحبنى منافق ابدا.

قال الشيخ ابوالقاسم البلخى:و قد روى كثير من ارباب الحديث عن جماعه من الصحابه، قالوا:ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) الا ببغض على بن ابى طالب.

ذكر ابراهيم بن هلال صاحب كتاب "الغارات" فيمن فارق عليا (ع) و التحق بمعاويه يزيد بن حجيه التيمى، من بنى تيم بن ثعلبه بن بكر بن وائل، و كان (ع) قد استعمله على الرى و دستبنى، فكسر الخوارج، و احتجن المال لنفسه، فحبسه على (ع)، و جعل معه سعدا مولاه، فقرب يزيد ركائبه، و سعد نائم، فالتحق بمعاويه، و قال:خادعت سعدا و ارتمت بى ركائبى الى الشام و اخترت الذى هو افضل و غادرت سعدا نائما فى عباءه و سعد غلام مستهام مضلل ثم خرج حتى اتى الرقه، و كذلك كان يصنع من يفارق عليا (ع)، يبدا بالرقه حتى يستاذن معاويه فى القدوم عليه، و كانت الرقه و الرها و قرقيسيا و حران من حيز معاويه، و عليها الضحاك بن قيس، و كانت هيت و عانات و نصيبين و دارا و آمد و سنجار من حيز على (ع)، و عليها الاشتر، و كانا يقتتلان فى كل شهر.

و قال يزيد بن حجيه و هو بالرقه يهجو عليا (ع):يا طول ليلى بالرقات لم انم من غير عشق صبت نفسى و لا سقم لكن لذكر امور جمه طرقت اخشى على الاصل منها زله القدم اخشى عليا عليهم ان يكون لهم مثل العقور الذى عفى على ارم و بعد ذلك ما لا نذكره.

قال ابراهيم بن هلال:و قد ك ان زياد بن خصفه التيمى، قال لعلى (ع) يوم هرب يزيد بن حجيه:ابعثنى يا اميرالمومنين فى اثره ارده اليك، فبلغ قوله يزيد بن حجيه، فقال فى ذلك:ابلغ زيادا اننى قد كفيته امورى و خليت الذى هو عاتبه و باب شديد موثق قد فتحته عليك، و قد اعيت عليك مذاهبه هبلت اما ترجو غنائى و مشهدى اذ الخصم لم يوجد له من يجاذبه فاقسم لولا ان امك امنا و انك مولى ما طفقت اعاتبه و اقسم لو ادركتنى ما رددتنى كلانا قد اصطفت اليه جلائبه قال ابن هلال:و كتب الى العراق شعرا يذم فيه عليا (ع)، و يخبره انه من اعدائه، فدعا عليه و قال لاصحابه عقيب الصلاه:ارفعوا ايديكم فادعوا عليه، فدعا عليه و امن اصحابه.

قال ابو الصلت التيمى:كان دعاوه عليه:اللهم ان يزيد بن حجيه هرب بمال المسلمين و لحق بالقوم الفاسقين، فاكفنا مكره و كيده و اجزه جزاء الظالمين.

قال:و رفع القوم ايديهم يومنون، و كان فى المسجد عفاق بن شرحبيل بن ابى رهم التيمى شيخا كبيرا، و كان يعد ممن شهد على حجر بن عدى حتى قتله معاويه، فقال عفاق:على من يدعو القوم؟ قالوا:على يزيد بن حجيه، فقال:تربت ايديكم! اعلى اشرافنا تدعون! فقاموا اليه فضربوه حتى كاد يهلك.

و قام زياد بن خصفه- و كان من شيعه على (ع)- فقال:دعوا لى ابن عمى، فقال على (ع):دعوا للرجل ابن عمه، فتركه الناس، فاخذ زياد بيده فاخرجه من المسجد، و جعل يمشى معه يمسح التراب عن وجهه، و عفاق يقول:و الله لااحبكم ما سعيت و مشيت، و الله لااحبكم ما اختلفت الدره و الجره، و زياد يقول:ذلك اضر لك، ذلك شر لك.

و قال زياد بن خصفه يذكر ضرب الناس عفاقا:دعوت عفاقا للهدى فاستغشنى و ولى فريا قوله و هو مغضب و لولا دفاعى عن عفاق و مشهدى هوت بعفاق- عوض- عنقاء مغرب انبئه ان الهدى فى اتباعنا فيابى، و يضريه المراء فيشغب فان لايشايعنا عفاق فاننا على الحق ما غنى الحمام المطرب سيغنى الاله عن عفاق و سعيه اذا بعثت للناس جاواء تحرب قبائل من حيى معد و مثلها يمانيه لاتنثنى حين تندب لهم عدد مثل التراب و طاعه تود، و باس فى الوغى لايونب فقال له عفاق:لو كنت شاعرا لاجبتك، و لكنى اخبركم عن ثلاث خصال كن منكم، و الله ما ارى ان تصيبوا بعدهن شيئا مما يسركم:اما واحده، فانكم سرتم الى اهل الشام حتى اذا دخلتم عليهم بلادهم قاتلتموهم، فلما ظن القوم انكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف، فسخروا بكم فردوكم عنهم، فلا و الله لاتدخلونها بمثل ذلك الجد و الحد و العدد الذى دخلتم به ابدا.

و اما الثانيه، فانكم بعثتم حكما و بعث القوم حكما، فاما حكمكم فخلعكم، و اما حكمهم فاثبتهم، فرجع صاحبهم يدعى اميرالمومنين، و رجعتم متلاعنين متباغضين، فو الله لايزال القوم فى علاء، و لاتزالون فى سفال.

و اما الثالثه، فانه خالفكم قراوكم و فرسانكم فعدوتم عليهم فذبحتموهم بايديكم، فو الله لاتزالون بعدها متضعضعين.

قال:و كان يمر عليهم بعد، فيقول:اللهم انى منهم برى ء، و لابن عفان ولى فيقولون:اللهم انا لعلى اولياء، و من ابن عفان برآء، و منك يا عفاق! قال:فاخذ لايقلع، فدعوا رجلا منهم له سجاعه كسجاعه الكهان، فقالوا:و يحك! اما تكفينا بسجعك و خطبك هذا! فقال:كفيتكم، فمر عفاق عليهم، فقال كما كان يقول، فلم يمهله ان قال له:اللهم اقتل عفاقا، فانه اسر نفاقا، و اظهر شقاقا، و بين فراقا، و تلون اخلاقا.

فقال عفاق:و يحكم! من سلط على هذا؟ قال:الله بعثنى اليك، و سلطنى عليك لاقطع لسانك، و انصل سنامك، و اطرد شيطانك.

قال:فلم يك يمر عليهم بعد، انما يمر على مزينه.

و ممن فارقه (ع) عبدالله بن عبدالرحمن بن مسعود بن اوس بن ادريس بن معتب الثقفى، شهد مع على (ع) صفين، و كان فى اول امره مع معاويه، ثم صار الى على (ع)، ثم رجع بعد الى معاويه، و كان على (ع) يسميه الهجنع، و الهجنع:الطويل.

و منهم القعقاع بن شور، استعمله على (ع) على كسكر، فنقم منه امورا، منها انه تزوج امراه فاصدقها مائه الف درهم، فهرب الى معاويه.

و منهم النجاشى الشاعر من بنى الحارث بن كعب، كان شاعر اهل العراق بصفين، و كان على (ع) يامره بمحاربه شعراء اهل الشام، مثل كعب بن جعيل و غيره، فشرب الخمر بالكوفه، فحده على (ع)، فغضب و لحق بمعاويه، و هجا عليا (ع).

حدث ابن الكلبى عن عوانه، قال:خرج النجاشى فى اول يوم من شهر رمضان، فمر بابى سمال الاسدى، و هو قاعد بفناء داره، فقال له:اين تريد؟ قال:اردت الكناسه، فقال:هل لك فى رءوس و اليات قد وضعت فى التنور من اول الليل، فاصبحت قد اينعت و قد تهرات؟ قال:ويحك! فى اول يوم من رمضان! قال:دعنا مما لانعرف، قال:ثم مه، قال:اسقيك من شراب كالورس، يطيب النفس، و يجرى فى العرق، و يزيد فى الطرق، يهضم الطعام، و يسهل للفدم الكلام، فنزل، فتغديا، ثم اتاه بنبيذ فشرباه، فلما كان آخر النهار علت اصواتهما، و لهما جار من شيعه على (ع)، فاتاه فاخبره بقصتهما، فارسل اليهما قوما فاحاطوا بالدار، فاما ابوسمال فوثب الى دور بنى اسد فافلت، و اخذ الن جاشى فاتى (ع) به، فلما اصبح اقامه فى سراويل، فضربه ثمانين، ثم زاده عشرين سوطا، فقال:يا اميرالمومنين، اما الحد فقد عرفته، فما هذه العلاوه؟ قال:لجراءتك على الله، و افطارك فى شهر رمضان.

ثم اقامه فى سراويله للناس، فجعل الصبيان يصيحون به:خرى النجاشى، خرى النجاشى! و جعل يقول:كلا انها يمانيه وكاوها شعر.

قال:و مر به هند بن عاصم السلولى، فطرح عليه مطرفا، فجعل الناس يمرون به و يطرحون عليه المطارف، حتى اجتمعت عليه مطارف كثيره، فمدح بنى سلول فقال:اذا الله حيا صالحا من عباده تقيا فحيا الله هند بن عاصم و كل سلولى اذا ما دعوته سريع الى داعى العلا و المكارم هم البيض اقداما و ديباج اوجه جلوها اذا اسودت وجوه الملائم و لاياكل الكلب السروق نعالهم و لايبتغى المخ الذى فى الجماجم ثم لحق معاويه، و هجا عليا (ع)، فقال:الا من مبلغ عنى عليا بانى قد امنت فلا اخاف عمدت لمستقر الحق لما رايت اموركم فيها اختلاف و روى عبدالملك بن قريب الاصمعى، عن ابن ابى الزناد، قال: