شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 284
نمايش فراداده

ثم نزل.

و من خطب داود التى خطب بها بعد قتل مروان: شكرا شكرا! اظن عدو الله ان لن يظفر به، ارخى له فى زمانه، حتى عثر فى فضل خطامه، فالان عاد الحق الى نصاب ه، و طلعت الشمس من مطلعها، و اخذ القوس باريها، و صار الامر الى النزعه، و رجع الحق الى مستقره، اهل بيت نبيكم، اهل الرافه و الرحمه.

و خطب عيسى بن على بن عبدالله بن العباس لما قتل مروان، فقال: الحمد لله الذى لايفوته من طلب، و لايعجزه من هرب، خدعت و الله الاشقر نفسه، اذ ظن ان الله ممهله، و يابى الله الا ان يتم نوره و لو كره الكافرون، فحتى متى؟ و الى متى! اما و الله لقد كرهتهم العيدان التى افترعوها، و امسكت السماء درها، و الارض ريعها و قحل الضرع، و جفز الفنيق، و اسمل جلباب الدين، و ابطلت الحدود، و اهدرت الدماء، و كان ربك بالمرصاد، فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها، و لايخاف عقباها، و ملكنا الله امركم، عباد الله لينظر كيف تعملون، فالشكر الشكر، فانه من دواعى المزيد، اعاذنا الله و اياكم من مضلات الاهواء، و بغتات الفتن فانما نحن به و له.

لما امعن داود بن على فى قتل بنى اميه بالحجاز قال له عبدالله بن الحسن (ع): يابن عمى، اذا افرطت فى قتل اكفائك فمن تباهى بسلطانك! و ما يكفيك منهم ان يروك غاديا و رائحا فيما يسرك و يسوءهم! كان داود بن على يمثل ببنى اميه، يسمل العيون، و يبقر البطون، و يجدع الانوف و يصطلم الاذان.

و كان عبدالل ه بن على بنهر ابى فطرس يصلبهم منكسين، و يسقيهم النوره و الصبر، و الرماد و الخل، و يقطع الايدى و الارجل.

و كان سليمان بن على بالبصره يضرب الاعناق.

خطب السفاح فى الجمعه الثانيه بالكوفه فقال: يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود، و الله لااعدكم شيئا و لااتوعدكم الا وفيت بالوعد و الوعيد، و لاعملن اللين حتى لاتنفع الا الشده، و لاغمدن السيف الا فى اقامه حد، او بلوغ حق، و لاعطينكم حتى ارى العطيه ضياعا.

ان اهل بيت اللعنه و الشجره الملعونه فى القرآن، كانوا لكم اعداء لايرجعون معكم من حاله الا الى ما هو اشد منها، و لايلى عليكم منهم وال الا تمنيتم من كان قبله، و ان كان لا خير فى جميعهم، منعوكم الصلاه فى اوقاتها، و طالبوكم بادائها فى غير وقتها، و اخذوا المدبر بالمقبل، و الجار بالجار، و سلطوا شراركم على خياركم، فقد محق الله جورهم، و ازهق باطلهم باهل بيت نبيكم، فما نوخر لكم عطاء، و لانضيع لاحد منكم حقا، و لانجهزكم فى بعث، و لانخاطر بكم فى قتال، و لانبذلكم دون انفسنا، و الله على ما نقول وكيل بالوفاء و الاجتهاد، و عليكم بالسمع و الطاعه.

ثم نزل.

كان يقال: لو ذهبت دوله بنى اميه على يد غير مروان بن محمد، لقيل: لو كان لها مروان لما ذهبت.

كان يقال: ان دوله بنى اميه آخرها خليفه امه امه، فلذلك كانوا لايعهدون الى بنى الاماء منهم، و لو عهدوا الى ابن امه لكان مسلمه بن عبدالملك اولاهم بها، و كان انقراض امرهم على يد مروان و امه امه، كانت لمصعب بن الزبير، وهبها من ابراهيم بن الاشتر، فاصابها محمد بن مروان يوم قتل ابن الاشتر، فاخذها من ثقله، فقيل: انها كانت حاملا بمروان، فولدته على فراش محمد بن مروان، و لذلك كان اهل خراسان ينادونه فى الحرب: يابن الاشتر.

قيل ايضا: انها كانت حاملا به من مصعب بن الزبير، و انه لم تطل مدتها عند ابراهيم بن الاشتر، حتى قتل فوضعت حملها على فراش محمد بن مروان، و لذلك كانت المسوده تصيح به فى الحرب: يابن مصعب! ثم يقولون: يابن الاشتر! فيقول: ما ابالى اى الفحلين غلب على! لما بويع ابوالعباس جاءه ابن عياش المنتوف، فقبل يده و بايعه، و قال: الحمد لله الذى ابدلنا بحمار الجزيره، و ابن امه النخع، ابن عم رسول الله (ص)، و ابن عبد المطلب.

لما صعد السفاح منبر الكوفه يوم بيعته، و خطب الناس، قام اليه السيد الحميرى، فانشده: دونكموها يا بنى هاشم فجددوا من آيها الطامسا دونكموها لا علا كعب من امسى عليكم ملكها نافسا دونكموها فالبسوا ت اجها لاتعدموا منكم له لابسا خلافه الله و سلطانه و عنصر كان لكم دارسا قد ساسها من قبلكم ساسه لم يتركوا رطبا و لا يابسا لو خير المنبر فرسانه ما اختار الا منكم فارسا و الملك لو شوور فى سائس لما ارتضى غيركم سائسا لم يبق عبدالله بالشام من آل ابى العاص امرا عاطسا فلست من ان تملكوها الى هبوط عيسى منكم آيسا قال داود بن على لاسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص بعد قتله من قتل من بنى اميه: هل علمت ما فعلت باصحابك؟ قال: نعم، كانوا يدا فقطعتها، و عضدا ففتت فيها، و مره فنقضتها، و جناحا فحصصتها، قال: انى لخليق ان الحقك فيهم، قال: انى اذا لسعيد! لما استوثق الامر لابى العباس السفاح، وفد اليه عشره من امراء الشام، فحلفوا له بالله و بطلاق نسائهم، و بايمان البيعه بانهم- لايعلمون الى ان قتل مروان- ان لرسول الله (ص) اهلا و لا قرابه الا بنى اميه.

و روى ابوالحسن المدائنى، قال: حدثنى رجل قال: كنت بالشام، فجعلت لااسمع احدا يسمى احدا او يناديه: يا على او يا حسن، او يا حسين، و انما اسمع: معاويه، و الوليد، و يزيد، حتى مررت برجل، فاستسقيته ماء، فجعل ينادى: يا على، يا حسن، يا حسين، فقلت: يا هذا، ان اهل الشام لايسمو ن بهذه الاسماء! قال: صدقت، انهم يسمون ابناءهم باسماء الخلفاء، فاذا لعن احدهم ولده او شتمه فقد لعن اسم بعد الخلفاء، و انا سميت اولادى باسماء اعداء الله، فاذا شتمت احدهم او لعنته، فانما العن اعداء الله.

كانت ام ابراهيم بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبدالله بن العباس امويه من ولد عثمان بن عفان.