شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
قال ابوجعفر: فاما ابوهاشم، فانه قد كان افضى بالامر الى محمد بن على بن عبدالله بن العباس و اطلعه عليه، و اوضحه له، فلما حضرته الوفاه عقيب انصرافه من عند الوليد بن عبدالملك مر بالشراه، و هو مريض و محمد بن على بها، فدفع اليه كتبه، و جعله وصيه، و امر الشيعه بالاختلاف اليه.قال ابوجعفر: و حضر وفاه ابى هاشم ثلاثه نفر من بنى هاشم: محمد بن على هذا، و معاويه بن عبدالله بن جعفر بن ابى طالب، و عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب، فلما مات خرج محمد بن معاويه بن عبدالله بن جعفر من عنده، و كل واحد منهما يدعى وصايته، فام
ا عبدالله بن الحارث فلم يقل شيئا.قال ابوجعفر رحمه الله تعالى: و صدق محمد بن على، انه اليه اوصى ابوهاشم، و اليه دفع كتاب الدوله، و كذب معاويه بن عبدالله بن جعفر، لكنه قرا الكتاب، فوجد لهم فيه ذكرا يسيرا، فادعى الوصيه بذلك، فمات و خرج ابنه عبدالله بن معاويه يدعى وصايه ابيه، و يدعى لابيه وصايه ابى هاشم، و يظهر الانكار على بنى اميه، و كان له فى ذلك شيعه يقولون بامامته سرا حتى قتل.دخلت احدى نساء بنى اميه على سليمان بن على، و هو يقتل بنى اميه بالبصره، فقالت: ايها الامير، ان العدل ليمل من الاكثار منه، و الاسراف فيه، فكيف لاتمل انت من الجور و قطيعه الرحم! فاطرق ثم قال لها: سننتم علينا القتل لاتنكرونه فذوقوا كما ذقنا على سالف الدهر ثم قال: يا امه الله و اول راض سنه من يسيرها الم تحاربوا عليا و تدفعوا حقه؟ الم تسموا حسنا و تنقضوا شرطه؟ الم تقتلوا حسينا و تسيروا راسه؟ الم تقتلوا زيدا و تصلبوا جسده؟ الم تقتلوا يحيى و تمثلوا به؟ الم تلعنوا عليا على منابركم؟ الم تضربوا ابانا على بن عبدالله بسياطكم؟ الم تخنقوا الامام بجراب النوره فى حبسكم؟ ثم قال: الك حاجه؟ قالت: قبض عمالك اموالى، فامر برد اموالها عليها.لما سار مر
وان الى الزاب، حفر خندقا، فسار اليه ابوعون عبدالله بن يزيد الازدى، و كان قحطبه بن شبيب قد وجهه و امد ابوسلمه الخلال بامداد كثيره، فكان بازاء مروان.ثم ان اباالعباس السفاح قال لاهله و هو بالكوفه حينئذ: من يسير الى مروان من اهل بيتى و له ولايه العهد ان قتله؟ فقال عبدالله عمه: انا، قال: سر على بركه الله، فسار فقدم على ابى عون، فتحول له ابوعون عن سرادقه و خلاه له بما فيه.ثم سال عبدالله عن مخاضه فى الزاب، فدل عليها، فامر قائدا من قواده فعبرها فى خمسه آلاف، فانتهى الى عسكر مروان فقاتلهم، حتى امسوا و تحاجزوا، و رجع القائد باصحابه، فعبر المخاضه الى عسكر عبدالله بن على، و اصبح مروان، فعقد جسرا، و عبر بالجيش كله الى عبدالله بن على، فكان ابنه عبدالله بن مروان فى مقدمته، و على الميمنه الوليد بن معاويه بن عبدالملك بن مروان، و على الميسره عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز ابن مروان، و عبا عبدالله بن على جيشه، و تراءى الجمعان، فقال مروان لعبدالعزيز ابن عمر: انظر، فان زالت الشمس اليوم و لم يقاتلونا كنا نحن الذين ندفعها الى عيسى ابن مريم، و ان قاتلونا قبل الزوال، فانا لله و انا اليه راجعون! ثم ارسل الى عبدالله ابن على يساله الك
ف عن القتال نهار ذلك اليوم، فقال عبدالله: كذب ابن زربى انما يريد المدافعه الى الزوال، لا و الله لاتزول الشمس حتى اوطئه الخيل ان شاءالله.ثم حرك اصحابه للقتال، فنادى مروان فى اهل الشام: لاتبدءوهم بالحرب، فلم يسمع الوليد بن معاويه منه، و حمل على ميسره عبدالله بن على، فغضب مروان و شتمه، فلم يسمع له و اضطرمت الحرب، فامر عبدالله الرماه ان ينزلوا، و نادى: الارض الارض! فنزل الناس، و رمت الرماه، و اشرعت الرماح و جثوا على الركب، فاشتد القتال، فقال مروان لقضاعه: انزلوا، قالوا: حتى تنزل كنده، فقال لكنده: انزلوا، فقالوا: حتى تنزل السكاسك، فقال لبنى سليم: انزلوا، فقالوا: حتى تنزل عامر، فقال لتميم: احملوا، فقالوا: حتى تحمل بنواسد، فقال لهوازن: احملوا، قالوا: حتى تحمل غطفان، فقال لصاحب شرطته: احمل ويلك! قال: ما كنت لاجعل نفسى غرضا، قال: اما و الله لاسوانك، قال: وددت ان اميرالمومنين يقدر على ذلك! فانهزم عسكر مروان و انهزم مروان معهم، و قطع الجسر، فكان من هلك غرقا اكثر ممن هلك تحت السيف، و احتوى عبدالله بن على على عسكر مروان بما فيه، و كتب الى ابى العباس يخبره الواقعه.كان مروان سديد الراى، ميمون النقيبه، حازما، فلما ظهرت الم
سوده، و لقيهم كان ما يدبر امرا الا كان فيه خلل، و لقد وقف يوم الزاب، و امر بالاموال فاخرجت، و قال للناس: اصبروا و قاتلوا، و هذه الاموال لكم، فجعل ناس يصيبون من ذلك المال و يشتغلون به عن الحرب، فقال لابنه عبدالله: سر فى اصحابك فامنع من يتعرض لاخذ المال، فمال عبدالله برايته، و معه اصحابه، فتنادى الناس: الهزيمه! الهزيمه! فانهزموا، و ركب اصحاب عبدالله بن على اكتافهم.لما قتل مروان ببوصير، قال الحسن بن قحطبه: اخرجوا الى احدى بنات مروان، فاخرجوها اليه و هى ترعد، قال: لاباس عليك! قالت: و اى باس اعظم من اخراجك اياى حاسره، و لم ار رجلا قبلك قط! فاجلسها، و وضع راس مروان فى حجرها، فصرخت و اضطربت فقيل له: ما اردت بهذا؟ قال: فعلت بهم فعلهم بزيد بن على لما قتلوه، جعلوا راسه فى حجر زينب بنت على بن الحسين (ع).دخلت زوجه مروان بن محمد، و هى عجوز كبيره، على الخيزران فى خلافه المهدى، و عندها زينب بنت سليمان بن على، فقالت لها زينب: الحمد لله الذى ازال نعمتك، و صيرك عبره! اتذكرين يا عدوه الله، حين اتاك نساونا يسالنك ان تكلمى صاحبك فى امر ابراهيم بن محمد، فلقيتهن ذلك اللقاء، و اخرجتهن ذلك الاخراج! فضحكت، و قالت: اى بنت عمى! و اى
شى ء اعجبك من حسن صنيع الله بى عقيب ذلك، حتى اردت ان تتاسى بى فيه! ثم ولت خارجه.بويع ابوالعباس السفاح بالخلافه يوم الجمعه، لثلاث عشره ليله خلون من شهر ربيع الاول سنه اثنتين و ثلاثين و مائه، فصعد المنبر بالكوفه فخطب، فقال: الحمد لله الذى اصطفى الاسلام لنفسه، و كرمه و شرفه و عظمه، و اختاره لنا، و ايده بنا، و جعلنا اهله و كهفه، و حصنه و القوام به، و الذابين عنه، و الناصرين له، و خصنا برحم رسول الله (ص)، و انبتنا من شجرته، و اشتقنا من نبعته، و انزل بذلك كتابا يتلى، فقال سبحانه: (قل لا اسالكم عليه اجرا الا الموده فى القربى)، فلما قبض رسول الله (ص)، قام بالامر اصحابه (و امرهم شورى بينهم) فعدلوا، و خرجوا خماصا، ثم وثب بنوحرب و بنومروان فابتزوها و تداولوها، و استاثروا بها، و ظلموا اهلها، فاملى الله لهم حينا، فلما آسفوه انتقم منهم بايدينا، و رد علينا حقنا، فانا السفاح المبيح، و الثائر المبير.و كان موعوكا فاشتدت عليه الوعكه، فجلس على المنبر و لم يستطع الكلام فقام عمه داود بن على و كان بين يديه، فقال: يا اهل العراق، انا و الله ما خرجنا لنحفر نهرا، و لا لنكنز لجينا و لا عقيانا، و انما اخرجتنا الانفه من ابتزاز الظالمين
حقنا، و لقد كانت اموركم تتصل بنا فترمضنا و نحن على فرشنا، لكم ذمه الله و ذمه رسوله، و ذمه العباس، ان نحكم فيكم بما انزل الله، و نعمل فيكم بكتاب الله، و نسير فيكم بسنه رسول الله (ص).و اعلموا ان هذا الامر ليس بخارج عنا حتى نسلمه الى عيسى بن مريم.يا اهل الكوفه، انه لم يخطب على منبركم هذا خليفه حق الا على بن ابى طالب و اميرالمومنين هذا، فاحمد الله الذى رد اليكم اموركم.ثم نزل.و قد روى حديث خطبه داود بن على بروايه اخرى، و هى الاشهر، قالوا: لما صعد ابوالعباس منبر الكوفه، حصر فلم يتكلم، فقام داود بن على، و كان تحت منبره حتى قام بين يديه تحته بمرقاه، فاستقبل الناس، و قال: ايها الناس، ان اميرالمومنين يكره ان يتقدم قوله فعله، و لاثر الفعال اجدى عليكم من تشقيق المقال، و حسبكم كتاب الله تمثلا فيكم، و ابن عم رسول الله (ص) خليفه عليكم، اقسم بالله قسما برا ما قام هذا المقام احد بعد رسول الله (ص) احق به من على بن ابى طالب و اميرالمومنين هذا فليهمس هامسكم، و لينطق ناطقكم.