نقمت على زيد بالفتح، انقم فانا ناقم، اذا عتبت عليه.
و قال الكسائى: نقمت بالكسر ايضا، انقم لغه، و هذه اللفظه تجى ء لازمه و متعديه، قالوا: نقمت الامر اى كرهته.
و استعتبت فلانا، طلبت منه العتبى و هى الرضا، و استعتابهم عثمان: طلبهم منه ما يرضيهم عنه.
و استسفرونى: جعلونى سفيرا و وسيطا بينك و بينهم.
ثم قال له و اقسم على ذلك: انه لايعلم ماذا يقول له! لانه لايعرف امرا يجهله اى من هذه الاحداث خاصه.
و هذا حق، لان عليا (ع) لم يكن يعلم منها ما يجهله عثمان، بل كان احداث الصبيان فضلا عن العقلاء المميزين، يعلمون وجهى الصواب و الخطا فيها.
ثم شرع معه فى مسلك الملاطفه و القول اللين، فقال: ما سبقنا الى الصحبه، و لا انفردنا بالرسول دونك، و انت مثلنا و نحن مثلك.
ثم خرج الى ذكر الشيخين، فقال قولا معناه انهما ليسا خيرا منك، فانك مخصوص دونهما بقرب النسب، يعنى المنافيه و بالصهر، و هذا كلام هو موضع المثل: (يسر حسوا فى ارتغاء)، و مراده تفضيل نفسه (ع) عليهما، لان العله التى باعتبارها فضل عثمان عليهما محققه فيه و زياده، لان له مع المنافيه الهاشميه، فهو اقرب.
و الوشيجه: عروق الشجره.
ثم حذره جانب الله تعالى و نبهه ع لى ان الطريق واضحه، و اعلام الهدى قائمه، و ان الامام العادل افضل الناس عند الله، و ان الامام الجائر شر الناس عند الله.
ثم روى له الخبر المذكور، و روى: (ثم يرتبك فى قعرها)، اى ينشب.
و خوفه ان يكون الامام المقتول الذى يفتح الفتن بقتله، و قد كان رسول الله (ص) قال كلاما هو هذا، او يشبه هذا.
و مرج الدين، اى فسد.
و السيقه: ما استاقه العدو من الدواب، مثل الوسيقه، قال الشاعر: فما انا الا مثل سيقه العدا ان استقدمت بحر و ان جبات عقر و الجلال، بالضم: الجليل، كالطوال و الطويل، اى بعد السن الجليل، اى العمر الطويل.
و قوله: (ما كان بالمدينه فلا اجل فيه، و ما غاب فاجله وصول امرك اليه)، كلام شريف فصيح، لان الحاضر اى معنى لتاجيله! و الغائب فلا عذر بعد وصول الامر فى تاخيره، لان السلطان لايوخر امره.
و قد ذكرنا من الاحداث التى نقمت على عثمان فيما تقدم ما فيه كفايه و قد ذكر ابوجعفر محمد بن جرير الطبرى رحمه الله فى "التاريخ الكبير" هذا الكلام، فقال: ان نفرا من اصحاب رسول الله (ص) تكاتبوا، فكتب بعضهم الى بعض: ان اقدموا، فان الجهاد بالمدينه لا بالروم، و استطال الناس على عثمان، و نالوا منه، و ذلك فى سنه اربع و ثلاثين، و لم يكن اح د من الصحابه يذب عنه و لاينهى الا نفر، منهم زيد بن ثابت، و ابواسيد الساعدى و كعب بن مالك، و حسان بن ثابت، فاجتمع الناس فكلموا على بن ابى طالب (ع)، و سالوه ان يكلم عثمان، فدخل عليه، و قال له ان الناس... و روى الكلام الى آخره بالفاظه فقال عثمان: و قد علمت انك لتقولن ما قلت! اما و الله لو كنت مكانى ما عنفتك، و لاعتبت عليك.
و لم آت منكرا انما وصلت رحما، و سددت خله و آويت ضائعا، و وليت شبيها بمن كان عمر يوليه انشدك الله يا على الاتعلم ان المغيره بن شعبه ليس هناك! قال: بلى، قال: افلا تعلم ان عمر ولاه! قال: بلى، قال: فلم تلومنى ان وليت ابن عامر فى رحمه و قرابته! فقال على (ع) ان عمر كان يطا على صماخ من يوليه، ثم يبلغ منه ان انكر منه امرا اقصى العقوبه، و انت فلا تفعل، ضعفت و رققت على اقربائك.
(قال عثمان: هم اقرباوك ايضا، فقال على: لعمرى ان رحمهم منى لقريبه: و لكن الفضل فى غيرهم).
فقال عثمان: افلا تعلم ان عمر ولى معاويه! فقد وليته.
قال على: انشدك الله الا تعلم ان معاويه كان اخوف لعمر من يرفا غلامه له؟ قال: بلى، قال: فان معاويه يقطع الامور دونك و يقول للناس: هذا بامر عثمان، و انت تعلم ذلك فلا تغير عليه! ثم قام على، فخر ج عثمان على اثره، فجلس على المنبر، فخطب الناس و قال: اما بعد فان لكل شى ء آفه و لكل امر عاهه، و ان آفه هذه الامه، و عاهه هذه النعمه عيابون طعانون يرونكم ما تحبون، و يسرون عنكم ما تكرهون، يقولون لكم و تقولون امثال النعام يتبع اول ناعق احب مواردها اليها البعيد لايشربون الا نغصا و لايردون الا عكرا.
اما و الله لقد عبتم على ما اقررتم لابن الخطاب بمثله، و لكنه وطئكم برجله و ضربكم بيده، و قمعكم بلسانه، فدنتم له على ما احببتم و كرهتم و لنت لكم و اوطاتكم كتفى، و كففت يدى و لسانى عنكم، فاجتراتم على.
اما و الله لانا اقرب ناصرا، و اعز نفرا، و اكثر عددا و احرى ان قلت: هلم ان يجاب صوتى.
و لقد اعددت لكم اقرانا، و كشرت لكم عن نابى، و اخرجتم منى خلقا لم اكن احسنه، و منطقا لم اكن انطق به.
فكفوا عنى السنتكم و طعنكم و عيبكم على ولاتكم، فما الذى تفقدون من حقكم! و الله ما قصرت عن بلوغ من كان قبلى (يبلغ)، و ما وجدتكم تختلفون عليه، فما بالكم! فقام مروان بن الحكم، فقال: و ان شئتم حكمنا بيننا و بينكم السيف.
فقال عثمان: اسكت لاسكت! دعنى و اصحابى، ما منطقك فى هذا! الم اتقدم اليك الا تنطق! فسكت مروان، و نزل عثمان.