اعلاما، اى يستدل بها.
و الفجاج: جمع فج، و هو الطريق فى الجبل.
ثم قال: ان ادلهمام سواد الليل- اى شده ظلمته- لم يمنع الكواكب من الاضائه، و كذلك ايضا لم يمنع ظلام الليل القمر من تلالو نوره، و انما خص القمر بالذكر و ان كان من جمله الكواكب، لشرفه بما يظهر للابصار من عظم حجمه، و شده اضائته، فصار كقوله تعالى: (فيهما فاكهه و نخل و رمان)، و قد روى بعض الرواه (ادلهمام) بالنصب، و جعله مفعولا، (و ضوء نورها) بالرفع و جعله فاعلا، و هذه الروايه احسن فى صناعه الكتابه لمكان الازدواج، اى لا القمر و لا الكواكب تمنع الليل من الظلمه، و لا الليل يمنع الكواكب و القمر من الاضائه.
و السجف: جمع سجف، و هو الستر، و يجوز فتح السين.
و شاع: تفرق، و التلا لو: اللمعان.
و الجلابيب: الثياب.
و الغسق: الظلمه، و الساجى.
الساكن.
و الداجى: المظلم، و المتطاطى ء: المنخفض.
و السفع المتجاورات هاهنا: الجبال، و سماها سفعا لان السفعه سواد مشرب بحمره، و كذلك لونها فى الاكثر.
و اليفاع الارض المرتفعه و التجلجل صوت الرعد.
و ما تلاشت عنه بروق الغمام، هذه الكلمه اهمل بنائها كثير من ائمه اللغه، و هى صحيحه و قد جائت و وردت.
قال ابن الاعرابى: لشا الرجل، اذا اتضع، و خس بعد رفعه، و اذا صح اصلها صح استعمال الناس، تلاشى الشى ء، بمعنى اضمحل.
و قال القطب الراوندى: تلاشى مركب من (لا شى ء)، و لم يقف على اصل الكلمه، و قد ظهر الان ان معنى كلامه (ع) انه سبحانه يعلم ما يصوت به الرعد، و يعلم ما يضمحل عنه البرق.
فان قلت: و هل يقصد الرعد بجلجلته معنى معقولا ليقال: ان البارى ء يعلمه! ثم ما المراد بكونه عالما بما يضمحل البرق عنه؟ قلت: قد يكون تعالى يحدث فى الرعد جلجله، اى صوتا ليهلك به قوما، او لينفع به قوما، فعلمه بما تتضمنه تلك الجلجله هو معنى قولنا: يعلم ما يصوت به الرعد، و لاريب ان البرق يلمع فيضى ء، اقطارا مخصوصه، ثم يتلاشى عنها، فالبارى ء سبحانه عالم بتلك الاقطار التى يتلاشى البرق عنها.
فان قلت: هو سبحانه عالم بما يضيئه البرق، و بما لايضيئه، فلما ذا خص بالعالميه ما يتلاشى عنه البرق؟ قلت: لان علمه بما ليس بمضى ء بالبرق اعجب و اغرب، لان ما يضيئه البرق يمكن ان يعلمه اولو الابصار الصحيحه، فاراد (ع) ان يشرح من صفاته سبحانه ما هو بخلاف المعتاد بين البشر، ليكون اعظام السامعين له سبحانه اتم و اكمل.
و العواصف: الرياح الشديده، و اضافها الى الانواء، لان اكثر ما يكون عصفانها فى الانواء، و هى جمع نوء، و هو سقوط النجم من منازل القمر الثمانيه و العشرين فى المغرب مع الفجر و طلوع رقيبه من المشرق مقابلا له من ساعته، و مده النوء ثلاثه عشر يوما، الا الجبهه فان لها اربعه عشر يوما.
قال ابوعبيد: و لم يسمع فى النوء انه المسقوط الا فى هذا الموضع و كانت العرب نضيف الرياح و الامطار و الحر و البرد الى الساقط منها.
و قال الاصمعى: بل الى الطالع فى سلطانه، فتقول: مطرنا بنوء كذا و كذا، و نهى النبى (ص) عن ذلك، و الجمع انواء و نوآن ايضا، مثل بطن و بطنان و عبد و عبدان، قال حسان بن ثابت: و يثرب تعلم انا بها اذا قحط القطر نوآنها و الانهطال: الانصباب .
و مسقط القطره من المطر: موضع سقوطها، و مقرها: موضع قرارها، و مسحب الذره الصغيره من النمل و مجرها: موضع سحبها و جرها.
و هذا الفصل من فصيح الكلام و نادره، و يتضمن من توحيد الله تعالى و تمجيده و الثناء عليه ما يشهد لنفسه.