شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 54
نمايش فراداده

خطبه 024-برانگيختن مردم به پيكار

الشرح:

الادهان: المصانعه و المنافقه، قال سبحانه: (ودوا لو تدهن فيدهنون).

و الايهان: مصدر اوهنته، اى اضعفته، و يجوز وهنته، بحذف الهمزه.

و نهجه: اوضحه و جعله نهجا، اى طريقا بينا.

و عصبه بكم: ناطه بكم و جعله كالعصابه التى تشد بها الراس.

و الفلج: الفوز و الظفر.

و قوله: (و خابط الغى) كانه جعله و الغى متخابطين، يخبط احدهما فى الاخر، و ذلك اشد مبالغه من ان تقول: خبط فى الغى، لان من يخبط و يخبطه غيره يكون اشد اضطرابا ممن يخبط و لايخبطه غيره.

و قوله: (و فروا الى الله من الله)، اى اهربوا الى رحمه الله من عذابه.

و قد نظر الفرزدق الى هذا فقال: اليك فررت منك و من زياد و لم احسب دمى لكم حلالا

خطبه 025-رنجش از ياران سست

الشرح:

تواترات عليه الاخبار، مثل ترادفت و تواصلت.

الناس من يطعن فى هذا، و يقول: التواتر لايكون الا مع فترات بين اوقات الاتيان، و منه قوله سبحانه: (ثم ارسلنا رسلنا تترى)، ليس المراد انهم مترادفون، بل بين كل نبيين فتره، قالوا: و اصل (تترى) من الواو، و اشتقاقها من (الوتر)، و هو الفرد: و عدوا هذا الموضع مما تغلط فيه الخاصه.

ثم نعود الى شرح الخطبه: الاعاصير: جمع اعصار، و هى الريح المستديره على نفسها، قال الله تعالى: (فاصابها اعصار فيه نار).

و الوضر: بقيه الدسم فى الاناء.

و قد اطلع اليمن، اى غشيها و غزاها و اغار عليها.

و قوله (ع): (ما هى الا الكوفه)، اى ما ملكتى الا الكوفه.

اقبضها و ابسطها، اى اتصرف فيها كما يتصرف الانسان فى ثوبه، يقبضه و يبسطه كما يريد.

ثم قال على طريق صرف الخطاب: (فان لم تكونى الا انت)، خرج من الغيبه الى خطاب الحاضر، كقوله تعالى: (الحمدلله رب العالمين.

الرحمن الرحيم.

مالك يوم الدين.

اياك نعبد و اياك نستعين)، يقول: ان لم يكن لى من الدنيا ملك الا ملك الكوفه ذات الفتن، و الاراء المختلفه، فابعدها الله! و شبه ما كان يحدث من اهلها من الاختلاف و الشقاق بالاعاصير، لاثارتها التراب و افسا دها الارض.

ثم ذكر عله اداله اهل الشام من اهل العراق، و هى اجتماع كلمتهم و طاعتهم لصاحبهم، و اداوهم الامانه و اصلاحهم بلادهم.

(نسب معاويه بن ابى سفيان و ذكر بعض اخباره) و معاويه هو ابوعبدالرحمن معاويه بن ابى سفيان صخر بن حرب بن اميه بن عبدشمس بن عبدمناف بن قصى.

و امه هند بنت عتبه بن ربيعه بن عبدشمس بن عبدمناف بن قصى.

و هى ام اخيه عتبه بن ابى سفيان.

فاما يزيد بن ابى سفيان، و محمد بن ابى سفيان، و عنبسه بن ابى سفيان، و حنظله بن ابى سفيان، و عمرو بن ابى سفيان، فمن امهات شتى.

و ابوسفيان هو الذى قاد قريشا فى حروبها الى النبى (ص)، و هو رئيس بنى عبد شمس بعد قتل عتبه بن ربيعه ببدر، ذاك صاحب العير، و هذا صاحب النفير، و بهما يضرب المثل، فيقال للخامل: (لا فى العير و لا فى النفير).

و روى الزبير بن بكار ان عبدالله بن يزيد بن معاويه جاء الى اخيه خالد بن يزيد فى ايام عبدالملك، فقال: لقد هممت اليوم يا اخى ان افتك بالوليد بن عبدالملك، قال: بئسما هممت به فى ابن اميرالمومنين، و ولى عهد المسلمين! فما ذاك؟ قال: ان خيلى مرت به فعبث بها و اصغرنى، فقال خالد: انا اكفيك، فدخل على عبدالملك و الوليد عنده، فقال: يا اميرالمومنين، ان ال وليد مرت به خيل ابن عمه عبدالله، فعبث بها و اصغره- و كان عبدالملك مطرقا-، فرفع راسه، و قال: (ان الملوك اذا دخلوا قريه افسدوها و جعلوا اعزه اهلها اذله و كذلك يفعلون)، فقال خالد: (و اذا اردنا ان نهلك قريه امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا)، فقال عبدالملك: افى عبدالله تكلمنى! و الله لقد دخل امس على فما اقام لسانه لحنا! قال خالد: افعلى الوليد تعول يا اميرالمومنين! قال عبدالملك: ان كان الوليد يلحن فان اخاه سليمان (لا).

فقال خالد: و ان كان عبدالله يلحن، فان اخاه خالدا (لا)، فالتفت الوليد الى خالد و قال له: اسكت ويحك! فو الله ما تعد فى العير و لا فى النفير، فقال: اسمع يا اميرالمومنين، ثم التفت الى الوليد، فقال له: ويحك! فمن صاحب العير و النفير غير جدى ابى سفيان صاحب العير، و جدى عتبه صاحب النفير! و لكن لو قلت: غنيمات و حبيلات و الطائف، و رحم الله عثمان)، لقلنا: صدقت.

و هذا من الكلام المستحسن، و الالفاظ الفصيحه، و الجوابات المسكته، و انما كان ابوسفيان صاحب العير، لانه هو الذى قدم بالعير التى رام رسول الله (ص) و اصحابه ان يعترضوها، و كانت قادمه من الشام الى مكه تحمل العطر و البر، فنذر بهم ابوس فيان، فضرب وجوه العير الى البحر، فساحل بها حتى انقذها منهم، و كانت وقعه بدر العظمى لاجلها، لان قريشا اتاهم النذير بحالها، و بخروج النبى (ص) باصحابه من المدينه فى طلبها، لينفروا، و كان رئيس الجيش النافر لحمايتها عتبه بن ربيعه بن عبدشمس جد معاويه لامه.

و اما (غنيمات و حبيلات...) الى آخر الكلام، فان رسول الله (ص) لما طرد الحكم بن ابى العاص الى الطائف لامور نقمها عليه، اقام بالطائف فى حبله ابتاعها- و هى الكرمه- و كان يرعى غنيمات اتخذها، يشرب من لبنها.

فلما ولى ابوبكر، شفع اليه عثمان فى ان يرده، فلم يفعل، فلما ولى عمر شفع اليه ايضا فلم يفعل، فلما ولى هو الامر رده.

و الحكم جد عبدالملك، فعيرهم خالد بن يزيد به.

و بنواميه صنفان: الاعياص و العنابس، فالاعياص: العاص، و ابوالعاص، و العيص، و ابوالعيص.

و العنابس: حرب، و ابوحرب، و سفيان، و ابوسفيان.

فبنو مروان و عثمان من الاعياص، و معاويه و ابنه من العنابس، و لكل واحد من الصنفين المذكورين و شيعتهم كلام طويل، و اختلاف شديد فى تفضيل بعضهم على بعض.

و كانت هند تذكر فى مكه بفجور و عهر.

و قال الزمخشرى فى كتاب "ربيع الابرار": كان معاويه يعزى الى اربعه: الى مسافر بن ابى عمرو، و الى عماره بن الوليد بن المغيره، و الى العباس بن عبدالمطلب، و الى الصباح، مغن كان لعماره بن الوليد.

قال: و قد كان ابوسفيان دميما قصيرا، و كان الصباح عسيفا لابى سفيان، شابا وسيما، فدعته هند الى نفسها فغشيها.

و قالوا: ان عتبه بن ابى سفيان من الصباح ايضا، و قالوا: انها كرهت ان تدعه فى منزلها، فخرجت الى اجياد، فوضعته هناك.

و فى هذا المعنى يقول حسان ايام المهاجاه بين المسلمين و المشركين فى حياه رسول الله (ص) قبل عام الفتح: لمن الصبى بجانب البطحا فى الترب ملقى غير ذى مهد نجلت به بيضاء آنسه من عبدشمس صلته الخد و الذين نزهوا هند عن هذا القذف رووا غير هذا.

فروى ابوعبيده معمر بن المثنى ان هندا كانت تحت الفاكه بن المغيره المخزومى، و كان له بيت ضيافه يغشاه الناس، فيدخلونه من غير اذن، فخلا ذلك البيت يوما، فاضطجع فيه الفاكه و هند، ثم قام الفاكه و ترك هندا فى البيت لامر عرض له، ثم عاد الى البيت، فاذا رجل قد خرج من البيت، فاقبل الى هند فركلها برجله، و قال: من الذى كان عندك؟ فقالت: لم يكن عندى احد، و انما كنت نائمه.

فقال: الحقى باهلك، فقامت من فورها الى اهلها، فتكلم الناس فى ذلك، فقال لها عتبه ابوها: يا بنيه، ان الناس قد اكثروا فى امرك، فاخبرينى بقصتك على الصحه، فان كان لك ذنب دسست الى الفاكه من يقتله، فتنقطع عنك القاله.

فحلفت انها لاتعرف لنفسها جرما، و انه لكاذب عليها.

فقال عتبه للفاكه: انك قد رميت ابنتى بامر عظيم، فهل لك ان تحاكمنى الى بعض الكهنه؟ فخرج الفاكه فى جماعه من بنى مخزوم، و خرج عتبه فى جماعه من بنى عبدمناف، و اخرج معه هندا و نسوه معها، فلما شارفوا بلاد الكاهن تغيرت حال هند، و تنكر امرها، و اختطف لونها.

فراى ذلك ابوها، فقال لها: انى ارى ما بك، و ما ذاك الا لمكروه عندك! فهلا كان هذا قبل ان يشتهر عند الناس مسيرنا! قالت: يا ابت، ان الذى رايت منى ليس لمكروه عندى، و لكنى اعلم انكم تاتون بشرا يخطى ء و يصيب، و لا آمن ان يسمنى ميسما يكون على عارا عند نساء مكه.

قال لها: فانى سامتحنه قبل المساله بامر.

ثم صفر بفرس له فادلى، ثم اخذ حبه بر فادخلها فى احليله، و شده بسير و تركه، حتى اذا وردوا على الكاهن اكرمهم و نحر لهم، فقال عتبه: انا قد جئناك لامر، و قد خبات لك خبيئا اختبرك به، فانظر ما هو؟ فقال: ثمره فى كمره، فقال: ابين من هذا، قال: حبه بر، فى احليل مهر، قال: صدقت، انظر الان فى امر هولاء النسوه.

فجعل يدنو من واحده واحده منهن، و يقول: انهضى، حتى صار الى هند، فضرب على كتفها، و قال: انهضى غير رقحاء و لا زانيه، و لتلدن ملكا يقال له معاويه.

فوثب اليها الفاكه، فاخذها بيده و قال: قومى الى بيتك، فجذبت يدها من يده، و قالت: اليك عنى، فو الله لا كان منك، و لا كان الا من غيرك! فتزوجها ابوسفيان بن حرب.

الرقحاء: البغى التى تكتسب بالفجور، و الرقاحه: التجاره.

و ولى معاويه اثنتين و اربعين سنه منها اثنتان و عشرون سنه ولى فيها اماره الشام منذ مات اخوه يزيد بن ابى سفيان، بعد خمس سنين من خلافه عمر، الى ان قتل اميرالمومنين على (ع) فى سنه اربعين.

و منها عشرون سنه خليفه الى ان مات فى سنه ستين.

و مر به انسان و هو غلام يلعب مع الغلمان، فقال: انى اظن هذا الغلام سيسود قومه، فقالت هند: ثكلته ان كان لايسود الا قومه! و لم يزل معاويه ذا همه عاليه، يطلب معالى الامور، و يرشح نفسه للرياسه، و كان احد كتاب رسول الله (ص).

و اختلف فى كتابته له كيف كانت، فالذى عليه المحققون من اهل السيره ان الوحى كان يكتبه على (ع) و زيد بن ثابت، و زيد بن ارقم، و ان حنظله بن الربيع التيمى و معاويه بن ابى سفيان كانا يكتبان له الى الملوك و الى روساء القبائل، و يكتبان حوائجه بين يديه، و يك تبان ما يجبى من اموال الصدقات و ما يقسم فى اربابها.

و كان معاويه على اس الدهر مبغضا لعلى (ع)، شديد الانحراف عنه، و كيف لايبغضه و قد قتل اخاه حنظله يوم بدر، و خاله الوليد بن عتبه، و شرك عمه فى جده و هو عتبه- او فى عمه، و هو شيبه، على اختلاف الروايه- و قتل من بنى عمه عبدشمس نفرا كثيرا من اعيانهم و اماثلهم، ثم جاءت الطامه الكبرى واقعه عثمان، فنسبها كلها اليه بشبهه امساكه عنه، و انضواء كثير من قتلته اليه (ع)، فتاكدت البغضه، و ثارت الاحقاد، و تذكرت تلك الترات الاولى، حتى افضى الامر الى ما افضى اليه.

و قد كان معاويه، مع عظم قدر على (ع) فى النفوس، و اعتراف العرب بشجاعته، و انه البطل الذى لايقام له، يتهدده- و عثمان بعد حى- بالحرب و المنابذه، و يراسله من الشام رسائل خشنه، حتى قال له فى وجهه ما رواه ابوهلال العسكرى فى كتاب "الاوائل"، قال: قدم معاويه المدينه قدمه ايام عثمان فى اواخر خلافته، فجلس عثمان يوما للناس، فاعتذر من امور نقمت عليه، فقال: ان رسول الله (ص) قبل توبه الكافر، و انى رددت الحكم عمى لانه تاب، فقبلت توبته، و لو كان بينه و بين ابى بكر و عمر من الرحم ما بينى و بينه لاوياه.

فاما ما نقمتم على انى اعطيت من ما ل الله، فان الامر الى، احكم فى هذا المال بما اراه صلاحا للامه، و الا فلماذا كنت خليفه! فقطع عليه الكلام معاويه و قال للمسلمين الحاضرين عنده: ايها المهاجرون، قد علمتم انه ليس منكم رجل الا و قد كان قبل الاسلام مغمورا فى قومه، تقطع الامور من دونه، حتى بعث الله رسوله فسبقتم اليه، و ابطا عنه اهل الشرف و الرياسه، فسدتم بالسبق لابغيره، حتى انه ليقال اليوم: رهط فلان، و آل فلان، و لم يكونوا قبل شيئا مذكورا، و سيدوم لكم هذا الامر ما استقمتم، فان تركتم شيخنا هذا يموت على فراشه و الا خرج منكم، و لاينفعكم سبقكم و هجرتكم.

فقال له على (ع): ما انت و هذا يا بن اللخناء! فقال معاويه: مهلا يا اباالحسن عن ذكر امى، فما كانت باخس نسائكم، و لقد صافحها رسول الله (ص) يوم اسلمت و لم يصافح امراه غيرها، اما لو قالها غيرك! فنهض على (ع) ليخرج مغضبا، فقال عثمان: اجلس، فقال له: لااجلس، فقال: عزمت عليك لتجلسن، فابى و ولى، فاخذ عثمان طرف ردائه فترك الرداء فى يده و خرج، فاتبعه عثمان بصره، فقال: و الله لاتصل اليك و لا الى احد من ولدك.

قال اسامه بن زيد: كنت حاضرا هذا المجلس، فعجبت فى نفسى من تالى عثمان، فذكرته لسعد بن ابى وقاص، فقال: لاتعجب، فانى