السعدان: نبت ذو شوك، يقال له: حسك السعدان و حسكه السعدان، و تشبه به حلمه الثدى، فيقال: سعدانه الثندوه، و هذا النبت من افضل مراعى الابل، و فى المثل (مرعى و لا كالسعدان)، و نونه زائده، لانه ليس فى الكلام (فعلال) غير مضاعف، الا (خزعال) و هو ظلع يلحق الناقه، و (قهقار)، و هو الحجر الصلب، و (قسطال) و هو الغبار.
و المسهد: الممنوع النوم، و هو السهاد.
و الاغلال: القيود.
و المصفد: المقيد.
و الحطام: عروض الدنيا و متاعها، شبه لزواله و سرعه فنائه بما يتحطم من العيدان و يتكسر.
ثم قال: كيف اظلم الناس لاجل نفس تموت سريعا- يعنى نفسه (ع)! فان قلت: اليس قوله: (عن نفس يسرع الى البلى قفولها) يشعر بمذهب من قال بقدم الانفس، لان القفول الرجوع، و لا يقال فى مذهبه للمسافره: قافله الا اذا كانت راجعه.
قلت: لا حاجه الى القول بقدم الانفس محافظه على هذه اللفظه، و ذلك لان النفس اذا كانت حادثه فقد كان اصلها العدم، فاذا مات الانسان عدمت نفسه فرجعت الى العدم الاصلى، و هو المعبر عنه بالبلى.
و املق: افتقر، قال تعالى: (و لاتقتلوا اولادكم من املاق).
و استماحنى: طلب منى ان اعطيه صاعا من الحنطه، و الصاع اربعه امداد، و المد ر طل و ثلث، فمجموع ذلك خمسه ارطال، و ثلث رطل، و جمع الصاع اصوع، و ان شئت همزت.
و الصواع لغه فى الصاع، و يقال: هو اناء يشرب فيه.
و العظلم، بالكسره فى الحرفين: نبت يصبغ به ما يراد اسوداده، و يقال: هو الوسمه: و شعث الالوان، اى غبر.
و اصغيت اليه: املت سمعى نحوه.
و اتبع قياده: اطيعه و انقاد له.
و احميت الحديده فى النار، فهى محماه، و لا يقال: حميت الحديده.
و ذى دنف، اى ذى سقم مولم.
و من ميسمها: من اثرها فى يده.
و ثكلتك الثواكل، دعاء عليه، و هو جمع ثاكله، و فواعل لا يجى ء الا جمع المونث الا فيما شذ، نحو فوارس، اى ثكلتك نساوك.
قوله: (احماها انسانها)، اى صاحبها، و لم يقل (انسان)، لانه يريد ان يقابل هذه اللفظه بقوله: (جبارها).
و سجرها، بالتخفيف: اوقدها و احماها، و السجور ما يسجر به التنور.
قوله: (بملفوفه فى وعائها)، كان اهدى له الاشعث بن قيس نوعا من الحلواء تانق فيه، و كان (ع) يبغض الاشعث، لان الاشعث كان يبغضه، و ظن الاشعث انه يستميله بالمهاداه لغرض دنيوى كان فى نفس الاشعث، و كان اميرالمومنين (ع) يفطن لذلك و يعلمه، و لذلك رد هديه الاشعث، و لولا ذلك لقبلها، لان النبى (ص) قبل الهديه، و قد قبل على (ع) هدايا جماعه من اصحابه ، و دعاء بعض من كان يانس اليه الى حلواء عملها يوم نوروز فاكل و قال: لم عملت هذا؟ فقال: لانه يوم نوروز، فصحك.
و قال نوروزا لنا فى كل يوم ان استطعتم.
و كان (ع) من لطافه الاخلاق و سجاحه الشيم على قاعده عجيبه جميله، و لكنه كان ينفر عن قوم كان يعلم من حالهم الشنان له، و عمن يحاول ان يصانعه بذلك عن مال المسلمين، و هيهات حتى يلين لضرس الماضغ الحجر! و قال: بملفوفه فى وعائها، لانه كان طبق مغطى.
ثم قال: (و معجونه شنئتها)، اى ابغضتها و نفرت عنها.
كانها عجنت بريق الحيه، او بقيئها، و ذلك اعظم الاسباب للنفره من الماكول.
و قال الراوندى: وصفها باللطافه فقال: كانها عجنت بريق الحيه، و هذا تفسير ابعد من الصحيح.
قوله: (اصله، ام زكاه ام صدقه، فذلك محرم علينا اهل البيت!)، الصله: العطيه لايراد بها الاجر، بل يراد وصله التقرب الى الموصول، و اكثر ما تفعل للذكر و الصيت.
و الزكاه: هى ما تجب فى النصاب من المال.
و الصدقه هاهنا هى صدقه التطوع، و قد تسمى الزكاه الواجبه صدقه، الا انها هنا هى النافله.
فان قلت: كيف قال: (فذلك محرم علينا اهل البيت)، و انما يحرم عليهم الزكاه الواجبه خاصه، و لايحرم عليهم صدقه التطوع، و لا قبول الصلات؟ قلت: اراد ب قوله: (اهل البيت) الاشخاص الخمسه: محمدا، و عليا، و فاطمه، و حسنا، و حسينا (ع)، فهولاء خاصه دون غيرهم من بنى هاشم، محرم عليهم الصله و قبول الصدقه، و اما غيرهم من بنى هاشم فلا يحرم عليهم الا الزكاه الواجبه خاصه.
فان قلت: كيف قلت: ان هولاء الخمسه يحرم عليهم قبول الصلات، و قد كان حسن و حسين (ع) يقبلان صله معاويه؟ قلت: كلا لم يقبلا صلته، و معاذ الله ان يقبلاها! و انما قبلا منه ما كان يدفعه اليهما من جمله حقهما من بيت المال، فان سهم ذوى القربى منصوص عليه فى الكتاب العزيز، و لهما غير سهم ذوى القربى سهم آخر للاسلام من الغنائم.
قوله: (هبلتك الهبول) اى ثكلتك امك، و الهبول التى لها عاده بثكل الولد.
فان قلت: ما الفرق بين مختبط، و ذى جنه، و يهجر؟ قلت: المختبط: المصروع من غلبه الاخلاط السوداويه او غيرها عليه، و ذو الجنه من به مس من الشيطان.
و الذى يهجر هو الذى يهذى فى مرض ليس بصرع كالمحموم و المبرسم و نحوهما.
و جلب الشعيره، بضم الجيم: قشرها، و الجلب و الجلبه ايضا جليده تعلو الجرح عند البرء، يقال منه: جلب الجرح يجلب و يجلب، و اجلب الجرح ايضا، و يقال للجليده التى تجعل على القتب جلبه ايضا.
و تقضمها بفتح الضاد، و الماضى قضم ب الكسر.
(نبذ من اخبار عقيل بن ابى طالب) و عقيل، هو عقيل بن ابى طالب- (ع)- بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف، اخو اميرالمومنين (ع) لامه و ابيه، و كان بنو ابى طالب اربعه: طالب، و هو اسن من عقيل بعشر سنين، و عقيل و هو اسن من جعفر بعشر سنين، و جعفر و هو اسن من على بعشر سنين، و على و هو اصغرهم سنا، و اعظمهم قدرا، بل و اعظم الناس بعد ابن عمه قدرا.
و كان ابوطالب يحب عقيلا اكثر من حبه سائر بنيه، فلذلك قال للنبى (ص) و للعباس حين اتياه لا ليقتسما بنيه عام المحل، فيخففا عنه ثقلهم: (دعوا لى عقيلا، و خذوا من شئتم)، فاخذ العباس جعفرا، و اخذ محمد (ص) عليا (ع).
و كان عقيل يكنى ابايزيد، قال له رسول الله (ص): (يا ابايزيد، انى احبك حبين: حبا لقرابتك منى، و حبا لما كنت اعلم من حب عمى اياك).
اخرج عقيل الى بدر مكرها كما اخرج العباس، فاسر و فدى، و عاد الى مكه، ثم اقبل مسلما مهاجرا قبل الحديبيه، و شهد غزوه موته مع اخيه جعفر (ع)، و توفى فى خلافه معاويه فى سنه خمسين، و عمره ست و تسعون سنه.
و له دار بالمدينه معروفه، و خرج الى العراق، ثم الى الشام، ثم عاد الى المدينه، و لم يشهد مع اخيه اميرالمومنين (ع) شيئا من حروبه ايام خلافته، و عرض نفسه و ولده عليه فاعفاه، و لم يكلفه حضور الحرب.
و كان انسب قريش و اعلمهم بايامها، و كان مبغضا اليهم، لانه كان يعد مساوئهم.
و كانت له طنفسه تطرح فى مسجد رسول الله (ص)، فيصلى عليها، و يجتمع اليه الناس فى علم النسب و ايام العرب، و كان حينئذ قد ذهب بصره، و كان اسرع الناس جوابا؟ و اشدهم عارضه.
كان يقال: ان فى قريش اربعه يتحاكم اليهم فى علم النسب و ايام قريش، و يرجع الى قولهم: عقيل بن ابى طالب، و مخرمه بن نوفل الزهرى، و ابوالجهم بن حذيفه العدوى، و حويط بن عبدالعزى العامرى.
و اختلف الناس فى عقيل، هل التحق بمعاويه و اميرالمومنين حى؟ فقال قوم: نعم، و رووا ان معاويه قال يوما و عقيل عنده: هذا ابوزيد، لو لاعلمه انى خير له من اخيه لما اقام عندنا و تركه.
فقال عقيل: اخى خير لى فى دينى، و انت خير لى فى دنياى، و قد آثرت دنياى، اسال الله خاتمه خير.
و قال قوم: انه لم يعد الى معاويه الا بعد وفاه اميرالمومنين (ع)، و استدلوا على ذلك بالكتاب الذى كتبه اليه فى آخر خلافته، و الجواب الذى اجابه (ع)، و قد ذكرناه فيما تقدم، و سياتى ذكره ايضا فى باب كتبه (ع)، و هذا القول هو الاظهر عندى.
و روى المدائنى، قال: قال معاويه يوما لعقيل بن ابى ط الب: هل من حاجه فاقضيها لك؟ قال: نعم جاريه عرضت على و ابى اصحابها ان يبيعوها الا باربعين الفا، فاحب معاويه ان يمازحه فقال: و ما تصنع بجاريه قيمتها اربعون الفا و انت اعمى تجتزى ء بجاريه قيمتها خمسون درهما! قال: ارجو ان اطاها فتلد لى غلاما اذا اغضبته يضرب عنقك بالسيف.
فضحك معاويه: و قال: مازحناك يا ابايزيد! و امر فابتيعت له الجاريه التى اولد منها مسلما، فلما اتت على مسلم ثمانى عشره سنه- و قد مات عقيل ابوه- قال لمعاويه: يا اميرالمومنين، ان لى ارضا بمكان كذا من المدينه، و انى اعطيت بها مائه الف، و قد احببت ان ابيعك اياها، فادفع الى ثمنها، فامر معاويه بقبض الارض، و دفع الثمن اليه.
فبلغ ذلك الحسين (ع)، فكتب الى معاويه: اما بعد، فانك غررت غلاما من بنى هاشم، فابتعت منه ارضا لايملكها، فاقبض من الغلام ما دفعته اليه، و اردد الينا ارضنا.
فبعث معاويه الى مسلم، فاخبره ذلك، و اقراه كتاب الحسين (ع)، و قال: اردد علينا مالنا، و خذ ارضك، فانك بعت ما لاتملك، فقال مسلم: اما دون ان اضرب راسك بالسيف فلا، فاستلقى معاويه ضاحكا يضرب برجليه، فقال: يا بنى، هذا و الله كلام قاله لى ابوك حين ابتعت له امك.
ثم كتب الى الحسين: انى قد رددت عل يكم الارض، و سوغت مسلما ما اخذ.
فقال الحسين (ع): ابيتم يا آل ابى سفيان الا كرما! و قال معاويه لعقيل: يا ابايزيد، اين يكون عمك ابولهب اليوم؟ قال: اذا دخلت جهنم، فاطلبه تجده مضاجعا لعمتك ام جميل بنت حرب بن اميه.
و قالت له زوجته ابنه عتبه بن ربيعه: يا بنى هاشم، لايحبكم قلبى ابدا، ابن عمى؟ اين اخى؟ كان اعناقهم اباريق الفضه، ترى آنافهم الماء قبل شفاههم، قال: اذا دخلت جهنم، فخذى على شمالك.
سال معاويه عقيلا عن قصه الحديده المحماه المذكوره، فبكى و قال: انا احدثك يا معاويه عنه، ثم احدثك عما سالت، نزل بالحسين ابنه ضيف، فاستسلف درهما اشترى به خبزا، و احتاج الى الادام فطلب من قنبر خادمهم، ان يفتح له زقا من زقاق عسل جائتهم من اليمن، فاخذ منه رطلا، فلما طلبها (ع) ليقسمها، قال: يا قنبر، اظن انه حدث بهذا الزق حدث! فاخبره، فغضب (ع)، و قال: على بحسين! فرفع عليه الدره، فقال: بحق عمى جعفر- و كان اذا سئل بحق جعفر سكن- فقال له: ما حملك ان اخذت منه قبل القسمه؟ قال: ان لنا فيه حقا، فاذا اعطيناه رددناه، قال: فداك ابوك! و ان كان لك فيه حق، فليس لك ان تنتفع بحقك قبل ان ينتفع المسلمون بحقوقهم! اما لو لا انى رايت رسول الله (ص) يقبل ثنيت ك لاوجعتك ضربا.
ثم دفع الى قنبر درهما كان مصرورا فى ردائه، و قال: اشتر به خير عسل تقدر عليه.
قال عقيل: و الله لكانى انظر الى يدى على، و هى على فم الزق، و قنبر يقلب العسل فيه، ثم شده و جعل يبكى، و يقول: اللهم اغفر لحسين فانه لم يعلم! فقال معاويه: ذكرت من لاينكر فضله، رحم الله اباحسن، فلقد سبق من كان قبله، و اعجز من ياتى بعده! هلم حديث الحديده.
قال: نعم، اقويت و اصابتنى مخمصه شديده، فسالته فلم تند صفاته، فجمعت صبيانى و جئته بهم، و البوس و الضر ظاهران عليهم، فقال: ائتنى عشيه لادفع اليك شيئا، فجئته يقودنى احد ولدى، فامره بالتنحى، ثم قال: الا فدونك، فاوهيت- حريصا قد غلبنى الجشع، اظنها صره- فوضعت يدى على حديده تلتهب نارا، فلما قبضتها نبذتها، و خرت كما يخور الثور تحت يد جازره، فقال لى: ثكلتك امك! هذا من حديده اوقدت لها نار الدنيا، فكيف بك و بى غدا ان سلكنا فى سلاسل جهنم! ثم قرا: (اذ الاغلال فى اعناقهم و السلاسل يسحبون).
ثم قال: ليس لك عندى فوق حقك الذى فرضه الله لك الا ما ترى، فانصرف الى اهلك.
فجعل معاويه يتعجب، و يقول: هيهات هيهات! عقمت النساء ان يلدن مثله!