شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 572
نمايش فراداده

حکمت 056

الشرح:

هذا مثل قولهم: اتبع امر مبكياتك، لا امر مضحكاتك.

و مثله: صديقك من نهاك، لا من اغراك.

و مثله: رحم الله امرا اهدى الى عيوبى.

و التحذير هو النصح، و النصح واجب، و هو تعريف الانسان ما فيه صلاحه، و دفع المضره عنه، و قد جاء فى الخبر الصحيح: (الدين النصيحه)، فقيل: يا رسول الله، لمن؟ فقال: (لعامه المسلمين).

و اول ما يجب على الانسان ان يحذر نفسه و ينصحها، فمن غش نفسه فقلما يحذر غيره و ينصحه، و حق من استنصح ان يبذل غايه النصح و لو كان فى امر يضره، و الى ذلك وقعت الاشاره فى الكتاب العزيز بقوله سبحانه: (يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على انفسكم)، و قال سبحانه: (و اذا قلتم فاعدلوا و لو كان ذا قربى).

و معنى قوله (ع) (كمن بشرك) اى ينبغى لك ان تسر بتحذيره لك، كما تسر لو بشرك بامر تحبه، و ان تشكره على ذلك كما تشكره لو بشرك بامر تحبه، لانه لو لم يكن يريد بك الخير لما حذرك من الوقوع فى الشر.

حکمت 057

الشرح:

قد تقدم لنا كلام طويل فى هذا المعنى.

و كان يقال: ان كان فى الكلام درك ففى الصمت عافيه.

و قالت الحكماء: النطق اشرف ما خص به الانسان، لانه صورته المعقوله التى باين بها سائر الحيوانات، و لذلك قال سبحانه: (خلق الانسان علمه البيان) و لم يقل: (و علمه) بالواو لانه سبحانه جعل قوله: (علمه البيان) تفسيرا لقوله: (خلق الانسان)، لا عطفا عليه، تنبيها على ان خلقه له و تخصيصه بالبيان الذى لو توهم مرتفعا لارتفعت انسانيته، و لذلك قيل: ما الانسان لولا اللسان الا بهيمه مهمله، او صوره ممثله.

و قال الشاعر: لسان الفتى نصف و نصف فواده فلم يبق الا صوره اللحم و الدم قالوا: و الصمت من حيث هو صمت مذموم، و هو من صفات الجمادات، فضلا عن الحيوانات، و كلام اميرالمومنين (ع) و غيره من العلماء فى مدح الصمت محمول على من يسى ء الكلام فيقع منه جنايات عظيمه فى امور الدين و الدنيا، كما روى فى الخبر: ان الانسان اذا اصبح قالت اعضاوه للسانه: (اتق الله فينا، فانك ان استقمت نجونا، و ان زغت هلكنا) فاما اذا اعتبر النطق و الصمت بذاتيهما فقط، فمحال ان يقال فى الصمت فضل، فضلا عن ان يخاير و يقايس بينه و بين الكلام.

حکمت 058

الشرح:

اللسبه: اللسعه، لسبته العقرب بالفتح: لسعته.

و لسبت العسل بالكسر، اى لعقته.

و قيل لسقراط: اى السباع اجسر؟ قال المراه.

و نظر حكيم الى امراه مصلوبه على شجره، فقال: ليت كل شجره تحمل مثل هذه الثمره.

مرت بسقراط امراه و هى تتشوف، فقالت: يا شيخ، ما اقبحك؟ فقال: لولا انك من المرايا الصدئه لغمنى ما بان من قبح صورتى فيك.

و راى بعضهم مودبا يعلم جاريه الكتابه، فقال: لاتزد الشر شرا، انما تسقى سهما سما لترمى به يوما ما.

و راى بعضهم جاريه تحمل نارا، فقال: نار على نار، و الحامل شر من المحمول.

و تزوج بعضهم امراه نحيفه، فقيل له فى ذلك، فقال: اخترت من الشر اقله.

كتب فيلسوف على بابه: ما دخل هذا المنزل شر قط، فقال له بعضهم: اكتب: (الا المراه).

و راى بعضهم امراه غريقه فى الماء، فقال زادت الكدر كدرا، و الشر بالشر يهلك.

و فى الحديث المرفوع: استعيذوا بالله من شرار النساء، و كونوا من خيارهن على حذر.

و فى كلام الحكماء: اعص هواك و النساء، و افعل ما شئت.

دعا بعضهم لصاحبه، فقال: امات الله عدوك؟ فقال: لو قلت: زوج الله عدوك، لكان ابلغ فى الانتقام!.

و من الكنايات المشهوره عنهن: (سلاح ابليس).

و فى الحديث المرفوع: (انهن ناقصات عقل و دين).

و قد تقدم من كلام اميرالمومنين (ع) فى هذا الكتاب ما هو شرح و ايضاح لهذا المعنى و جاء فى الحديث ايضا: (شاوروهن و خالفوهن).

و فى الحديث ايضا: (النساء حبائل الشيطان).

و فى الحديث ايضا: (ما تركت بعدى فتنه اضر من النساء على الرجال).

و فى الحديث ايضا: (المراه ضلع عوجاء ان داريتها استمتعت بها، و ان رمت تقويمها كسرتها) و قال الشاعر فى هذا المعنى: هى الضلع العوجاء لست تقيمها الا ان تقويم الضلوع انكسارها ايجمعن ضعفا و اقتدارا على الفتى اليس عجيبا ضعفها و اقتدارها؟ و من كلام بعض الحكماء: ليس ينبغى للعاقل ان يمدح امراه الا بعد موتها.

و فى الامثال: لاتحمدن امه عام شرائها، و لاحره عام بنائها.

و من كلام عبدالله المامون: انهن شر كلهن، و شر ما فيهن الا غنى عنهن.

و قال بعض السلف: ان كيد النساء اعظم من كيد الشيطان، لان الله تعالى ذكر الشيطان، فقال: (ان كيد الشيطان كان ضعيفا).

و ذكر النساء فقال: (انه من كيدكن ان كيدكن عظيم).

و كان يقال: من الفواقر امراه سوء ان حضرتها لسبتك، و ان غبت عنها لم تامنها.

و قال حكيم: اضر الاشياء بالمال و النفس و الدين و العقل و العرض شده الاغرام بالنساء، و من اعظم ما يبتلى ب ه المغرم بهن انه لايقتصر على ما عنده منهن و لو كن الفا، و يطمح الى ما ليس له منهن.

و قال بعض الحكماء: من يحصى مساوى ء النساء! اجتمع فيهن نجاسه الحيض و الاستحاضه، و دم النفاس، و نقص العقل و الدين، و ترك الصوم و الصلاه فى كثير من ايام العمر، ليست عليهن جماعه و لاجمعه، و لايسلم عليهن، و لايكون منهن امام و لاقاض و لا امير و لايسافرن الا بولى.

و كان يقال: ما نهيت امراه عن امر الا اتته.

و فى هذا المعنى يقول طفيل الغنوى: ان النساء كاشجار نبتن معا هن المرار و بعض المر ماكول ان النساء متى ينهين عن خلق فانه واجب لابد مفعول

حکمت 059

الشرح:

اللفظه الاولى من القرآن العزيز، و الثانيه تتضمن معنى مشهورا.

و قوله: (و الفضل مع ذلك للبادى ء)، يقال فى الكرم و الحث على فعل الخير.

و روى المدائنى، قال: قدم على اسد بن عبدالله القشيرى بخراسان رجل، فدخل مع الناس، فقال اصلح الله الامير! ان لى عندك يدا، قال: و ما يدك؟ قال: اخذت بركابك يوم كذا قال: صدقت، حاجتك، قال: تولينى ابيورد، قال: لم؟ قال: لاكسب مائه الف درهم، قال: فانا قد امرنا لك بها الساعه، فنكون قد بلغناك ما تحب، و اقررنا صاحبنا على عمله، قال: اصلح الله الامير! انك لم تقض ذمامى، قال: و لم، و قد اعطيتك ما املت؟ قال: فاين الاماره؟ و اين حب الامر و النهى! قال: قد وليتك ابيورد، و سوغت لك ما امرت لك به، و اعفيتك من المحاسبه ان صرفتك عنها، قال: و لم تصرفنى عنها و لايكون الصرف الا من عجز او خيانه، و انا برى ء منهما؟ قال: اذهب فانت اميرها مادامت لنا خراسان، فلم يزل اميرا على ابيورد حتى عزل اسد.

قال المدائنى: و جاء رجل الى نصر بن سيار يذكر قرابه، قال: و ما قرابتك؟ قال: ولدتنى و اياك فلانه! قال نصر: قرابه عوره، قال: ان العوره كالشن البالى، يرقعه اهله فينتفعون به، قال: حاجتك، قال: مائه ناقه لاقح، و مائه نعجه ربى- اى معها اولادها- قال: اما النعاج فخذها، و اما النوق فنامر لك باثمانها.

و روى الشعبى، قال: حضرت مجلس زياد و حضره رجل فقال: ايها الامير، ان لى حرمه افاذكرها؟ قال: هاتها، قال: رايتك بالطائف و انت غليم ذو ذوابه، و قد احاطت بك جماعه من الغلمان، و انت تركض هذا مره برجلك، و تنطح هذا مره براسك، و تكدم مره بانيابك، فكانوا مره ينثالون عليك، و هذه حالهم، و مره يندون عنك و انت تتبعهم، حتى كاثروك و استقووا عليك، فجئت حتى اخرجتك من بينهم و انت سليم و كلهم جريح، قال: صدقت، انت ذاك الرجل! قال: انا ذاك، قال حاجتك، قال: الغنى عن الطلب، قال: يا غلام، اعطه كل صفراء و بيضاء عندك، فنظر فاذا قيمه كل ما يملك ذلك اليوم من الذهب و الفضه اربعه و خمسون الف درهم.

فاخذها و انصرف، فقيل له بعد ذلك: انت رايت زيادا و هو غلام بذلك الحال؟ قال: اى و الله، لقد رايته و قد اكتنفه صبيان صغيران كانهما من سخال المعز، فلولا انى ادركته لظننت انهما ياتيان على نفسه.

و جاء رجل الى معاويه و هو فى مجلس العامه، فقال: يا اميرالمومنين، ان لى حرمه، قال: و ما هى؟ قال: دنوت من ركابك يوم صفين، و قد قربت فرسك لتفر، و اهل العراق قد راوا الفتح و الظفر، فقلت لك: و الله لو كانت هند بنت عتبه مكانك ما فرت و لااختارت الا ان تموت كريمه او تعيش حميده، اين تفر و قد قلدتك العرب ازمه امورها، و اعطتك قياد اعنتها! فقلت لى: اخفض صوتك لا ام لك! ثم تماسكت و ثبت و ثابت اليك حماتك، و تمثلت حينئذ بشعر احفظ منه: و قولى كلما جشات و جاشت مكانك تحمدى او تستريحى فقال معاويه: صدقت، وددت انك الان ايضا خفضت من صوتك، يا غلام اعطه خمسين الف درهم، فلو كنت احسنت فى الادب لاحسنا لك فى الزياده.

حکمت 060

الشرح:

جاء فى الحديث مرفوعا: (اشفعوا الى توجروا، و يقضى الله على لسان نبيه ما شاء).

و قال: المامون لابراهيم بن المهدى لما عفا عنه: ان اعظم يدا عندك من عفوى عنك انى لم اجرعك مراره امتنان الشافعين.

و من كلام قابوس بن وشمكير: بزند الشفيع تورى نار النجاح، و من كف المفيض ينتظر فوز القداح.

قال المبرد: اتانى رجل يستشفع بى فى حاجه، فانشدنى لنفسه: انى قصدتك لاادلى بمعرفه و لا بقربى و لكن قد فشت نعمك فبت حيران مكروبا يورقنى ذل الغريب و يغشينى الكرى كرمك و لو هممت بغير العرف ما علقت به يداك و لاانقادت له شيمك ما زلت انكب حتى زلزلت قدمى فاحتل لتثبيتها لازلزلت قدمك قال: فشفعت له و قمت بامره حتى بلغت له ما احب.

بزرجمهر: من لم يستغن بنفسه عن شفيعه و وسائله وهت قوى اسبابه، و كان الى الحرمان اقرب منه الى بلوغ المراد.

و مثله: من لم يرغب اوداوه فى اجتنابه لم يحظ بمدح شفعائه.

و مثله: اذا زرت الملوك فان حسبى شفيعا عندهم ان يعرفونى.

كلم الاحنف مصعب بن الزبير فى قوم حبسهم، فقال: اصلح الله الامير! ان كان هولاء حبسوا فى باطل فالحق يخرجهم، و ان كانوا حبسوا فى حق فالعفو يسعهم، فامر باخراجهم.

آخر: اذا ا نت لم تعطفك الا شفاعه فلا خير فى ود يكون بشافع خرج العطاء فى ايام المنصور، و اقام الشقرانى- من ولد شقران مولى رسول الله (ص)- ببابه اياما لايصل اليه عطاوه، فخرج جعفر بن محمد من عند المنصور، فقام الشقرانى اليه، فذكر له حاجته، فرحب به، ثم دخل ثانيا الى المنصور، و خرج و عطاء الشقرانى فى كمه فصبه فى كمه ثم قال: يا شقران، ان الحسن من كل احد حسن، و انه منك احسن لمكانك منا، و ان القبيح من كل احد قبيح، و هو منك اقبح لمكانك منا.

فاستحسن الناس ما قاله، و ذلك لان الشقرانى كان صاحب شراب.

قالوا: فانظر كيف احسن السعى فى استنجاز طلبته، و كيف رحب به و اكرمه مع معرفته بحاله، و كيف وعظه و نهاه عن المنكر على وجه التعريض! قال الزمخشرى: و ما هو الا من اخلاق الانبياء.

كتب سعيد بن حميد شفاعه لرجل: كتابى هذا كتاب معتن بمن كتب له، واثق بمن كتب اليه، و لن يضيع حامله بين الثقه و العنايه ان شاء الله.

ابوالطيب: اذا عرضت حاج اليه فنفسه الى نفسه فيها شفيع مشفع (محمد بن جعفر و المنصور) كان المنصور معجبا بمحادثه محمد بن جعفر بن عبيدالله بن العباس، و كان الناس لعظم قدره عند المنصور يفزعون اليه فى الشفاعات و قضاء الحاجات، فثقل ذلك عل ى المنصور فحجبه مده، ثم تتبعته نفسه، فحادث الربيع فيه، و قال: انه لا صبر لى عنه لكنى قد ذكرت شفاعاته، فقال الربيع: انا اشترط الا يعود، فكلمه الربيع، فقال: نعم، فمكث اياما لايشفع، ثم وقف له قوم من قريش و غيرهم برقاع و هو يريد دار المنصور، فسالوه ان ياخذ رقاعهم، فقص عليهم القصه، فضرعوا اليه و سالوه، فقال اما اذ ابيتم قبول العذر فانى لااقبضها منكم، و لكن هلموا فاجعلوها فى كمى، فقذفوها فى كمه، و دخل على المنصور و هو فى الخضراء يشرف على مدينه السلام و ما حولها بين البساتين و الضياع، فقال له: اما ترى الى حسنها! قال: بلى يا اميرالمومنين، فبارك الله لك فيما آتاك، و هناك باتمام نعمته عليك فيما اعطاك! فما بنت العرب فى دوله الاسلام، و لا العجم فى سالف الايام، احصن و لااحسن من مدينتك، و لكن سمجتها فى عينى خصله، قال: ما هى؟ قال: ليس لى فيها ضيعه، فضحك و قال: نحسنها فى عينك، ثلاث ضياع قد اقطعتكها، فقال: انت و الله يا اميرالمومنين شريف الموارد، كريم المصادر، فجعل الله باقى عمرك اكثر من ماضيه، و جعلت الرقاع تبدر من كميه فى اثناء كلامه و خطابه للمنصور، و هو يلتفت اليها و يقول: ارجعن خاسئات، ثم يعود الى حديثه، فقال المنصور: ما هذه بحقى عليك؟ الا اعلمتنى خبرها! فاعلمه، فضحك فقال: ابيت يابن معلم الخير الا كرما! ثم تمثل بقول عبدالله بن معاويه بن عبدالله بن جعفر بن ابى طالب.

لسنا و ان احسابنا كملت يوما على الاحساب نتكل نبنى كما كانت اوائلنا تبنى و نفعل مثل ما فعلوا ثم اخذها و تصفحها و وقع فيها كلها بما طلب اصحابها.

قال محمد بن جعفر: فخرجت من عنده و قد ربحت و اربحت.

قال المبرد لعبدالله بن يحيى بن خاقان: انا اشفع اليك اصلحك الله فى امر فلان، فقال له: قد سمعت و اطعت، و سافعل فى امره كذا، فما كان من نقص فعلى، و ما كان من زياده فله، قال المبرد: انت- اطال الله بقائك- كما قال زهير: و جار سار معتمدا الينا اجائته المخافه و الرجاء ضمنا ماله فغدا سليما علينا نقصه و له النماء و قال دعبل: و ان امرا اسدى الى بشافع اليه و يرجو الشكر منى لاحمق شفيعك يا شكر الحوائج انه يصونك عن مكروهها و هو يخلق آخر: مضى زمنى و الناس يستشفعون بى فهل لى الى ليلى الغداه شفيع! آخر: و نبئت ليلى ارسلت بشفاعه الى فهلا نفس ليلى شفيعها! ااكرم من ليلى على فتبتغى به الجاه، ام كنت امرا لااطيعها! آخر: و من يكن الفضل بن يحيى بن خالد شفيعا له عند الخليفه ينجح آخر: و اذا امرو اسدى اليك صنيعه من جاهه فكانها من ماله و هذا مثل قول الاخر: و عطاء غيرك ان بذل ت عنايه فيه عطاوك ابن الرومى: ينام الذى استسعاك فى الامر انه اذا ايقظ الملهوف مثلك ناما كفى العود منك البدء فى كل موقف و جردت للجلى فكنت حساما فما لك تنبو فى يدى عن ضريبتى و لم ارث من هز و كنت كهاما!

حکمت 061

الشرح:

هذا التشبيه واقع و هو صوره الحال لامحاله.

و قد اتيت بهذا المعنى فى رساله لى كتبتها الى بعض الاصدقاء تعزيه، فقلت: (و لو تامل الناس احوالهم، و تبينوا مالهم، لعلموا ان المقيم منهم بوطنه، و الساكن الى سكنه، اخو سفر يسرى به و هو لايسرى، و راكب بحر يجرى به و هو لايدرى).

حکمت 062

الشرح:

مثل هذا قول الشاعر: فلا تحسبى ان الغريب الذى ناى و لكن من تناين عنه غريب و مثله قوله (ع): (الغريب من ليس له حبيب).

و قال الشاعر: اسره المرء والداه و فيما بين حضنيهما الحياه تطيب و اذا وليا عن المرء يوما فهو فى الناس اجنبى غريب و قال آخر: اذا ما مضى القرن الذى كنت فيهم و خلفت فى قرن فانت غريب

حکمت 063

الشرح:

قد سبق هذا المعنى، و ذكرنا كثيرا مما قيل فيه.

و كان يقال: لاتطلبوا الحوائج الى ثلاثه: الى عبد يقول: الامر الى غيرى، و الى رجل حديث الغنى، و الى تاجر همته ان يستربح فى كل عشرين دينارا حبه واحده.

حکمت 064

الشرح:

هذا نوع من الحث على الافضال و الجود لطيف، و قد استعمل كثيرا فى الهديه و الاعتذار لقلتها، و قد تقدم منا قول شاف فى مدح السخاء و الجود.

و كان يقال: افضل على من شئت تكن اميره، و احتج الى من شئت تكن اسيره، و استغن عمن شئت تكن نظيره.

و سئل ارسطو: هل من جود يستطاع ان يتناول به كل احد؟ قال: نعم، ان تنوى الخير لكل احد.

حکمت 065

الشرح:

من الابيات المشهوره: فاذا افتقرت فلا تكن متخشعا و تجمل و من امثالهم المشهوره: (تجوع الحره و لاتاكل بثدييها).

و انشد الاصمعى لبعضهم: اقسم بالله لمص النوى و شرب ماء القلب المالحه احسن بالانسان من ذله و من سوال الاوجه الكالحه فاستغن بالله تكن ذا غنى مغتبطا بالصفقه الرابحه طوبى لمن تصبح ميزانه يوم يلاقى ربه راجحه و قال بعضهم: وقفت على كنيف و فى اسفله كناف، و هو ينشد: و اكرم نفسى عن امور كثيره الا ان اكرام النفوس من العقل و ابخل بالفضل المبين على الالى رايتهم لايكرمون ذوى الفضل و ما شاننى كنس الكنيف و انما يشين الفتى ان يجتدى نائل النذل و اقبح مما بى وقوفى موملا نوال فتى مثلى و اى فتى مثلى! و اما كون الشكر زينه الغنى، فقد تقدم من القول ما هو كاف.

و كان يقال: العلم بغير عمل قول باطل، و النعمه بغير شكر جيد عاطل.