قال الرضى رحمه الله تعالى- و قد قال على (ع) فى مثل ذلك: الحكمه ضاله المومن، فخذ الحكمه و لو من اهل النفاق.
خطب الحجاج فقال: ان الله امرنا بطلب الاخره، و كفانا مئونه الدنيا، فليتنا كفينا مئونه الاخره، و امرنا بطلب الدنيا!.
فسمعها الحسن فقال: هذه ضاله المومن خرجت من قلب المنافق.
و كان سفيان الثورى يعجبه كلام ابى حمزه الخارجى و يقول: ضاله المومن على لسان المنافق.
تقوى الله اكرم سريره، و افضل ذخيره، منها ثقه الواثق، و عليها مقه الوامق.
ليعمل كل امرى ء فى مكان نفسه و هو رخى اللبب، طويل السبب، ليعرف ممد يده، و موضع قدمه، و ليحذر الزلل، و العلل المانعه من العمل.
رحم الله عبدا آثر التقوى، و استشعر شعارها، و اجتنى ثمارها، باع دار البقاء بدار الاباد، الدنيا كروضه يونق مرعاها، و تعجب من رآها.
تمج عروقها الثرى، و تنطف فروعها بالندى، حتى اذا بلغ العشب اناه، و انتهى الزبرج منتهاه، ضعف العمود، و ذوى العود، و تولى من الزمان ما لايعود، فحتت الرياح الورق، و فرقت ما كان اتسق، فاصبحت هشيما، و امست رميما.
قال الرضى رحمه الله تعالى- و قد قال على (ع) فى مثل ذلك: الحكمه ضاله المومن، فخذ الحكمه و لو من اهل النفاق.
خطب الحجاج فقال: ان الله امرنا بطلب الاخره، و كفانا مئونه الدنيا، فليتنا كفينا مئونه الاخره، و امرنا بطلب الدنيا!.
فسمعها الحسن فقال: هذه ضاله المومن خرجت من قلب المنافق.
و كان سفيان الثورى يعجبه كلام ابى حمزه الخارجى و يقول: ضاله المومن على لسان المنافق.
تقوى الله اكرم سريره، و افضل ذخيره، منها ثقه الواثق، و عليها مقه الوامق.
ليعمل كل امرى ء فى مكان نفسه و هو رخى اللبب، طويل السبب، ليعرف ممد يده، و موضع قدمه، و ليحذر الزلل، و العلل المانعه من العمل.
رحم الله عبدا آثر التقوى، و استشعر شعارها، و اجتنى ثمارها، باع دار البقاء بدار الاباد، الدنيا كروضه يونق مرعاها، و تعجب من رآها.
تمج عروقها الثرى، و تنطف فروعها بالندى، حتى اذا بلغ العشب اناه، و انتهى الزبرج منتهاه، ضعف العمود، و ذوى العود، و تولى من الزمان ما لايعود، فحتت الرياح الورق، و فرقت ما كان اتسق، فاصبحت هشيما، و امست رميما.
قال الرضى رحمه الله تعالى: و هذه الكلمه التى لاتصاب لها قيمه، و لاتوزن بها حكمه، و لاتقرن اليها كلمه.
قد سلف لنا فى فضل العلم اقوال شافيه، و نحن نذكر هاهنا نكتا اخرى.
يقال: ان من كلام اردشير بن بابك فى رسالته الى ابناء الملوك: بحسبكم دلاله على فضل العلم انه ممدوح بكل لسان، يتزين به غير اهله، و يدعيه من لايصلق به.
قال: و بحسبكم دلاله على عيب الجهل ان كل احد ينتفى منه، و يغضب ان يسمى به.
و قيل لانوشروان: ما بالكم لاتستفيدون من العلم شيئا الا زادكم ذلك عليه حرصا؟ قال: لانا لانستفيد منه شيئا الا ازددنا به رفعه و عزا.
و قيل له: ما بالكم لاتانفون من التعلم من كل احد؟ قال: لعلمنا بان العلم نافع من حيث اخذ.
و قيل لبزرجمهر: بم ادركت ما ادركت من العلم؟ قال: ببكور كبكور الغراب، و حرص كحرص الخنزير، و صبر كصبر الحمار.
و قيل له: العلم افضل ام المال؟ فقال: العلم، قيل: فما بالنا نرى اهل العلم على ابواب اهل المال اكثر مما نرى اصحاب الاموال على ابواب العلماء! قال: ذاك ايضا عائد الى العلم و الجهل، و انما كان كما رايتم، لعلم العلماء بالحاجه الى المال، و جهل اصحاب المال بفضيله العلم.
و قال الشاعر: تعلم فل يس المرء يخلق عالما و ليس اخو علم كمن هو جاهل و ان كبير القوم لا علم عنده صغير اذا التفت عليه المحافل
قد تقدم الكلام فى جميع الحكم المنطوى عليها هذا الفصل، و قال ابوالعتاهيه: و الله لاارجو سوا ك و لااخاف سوى ذنوبى فاغفر ذنوبى يا رحي م فانت ستار العيوب و كان يقال: من استحيا من قول: (لاادرى) كان كمن يستحيى من كشف ركبته، ثم يكشف سوئته، و ذلك لان من امتنع من قول: (لاادرى)، و اجاب بالجهل و الخطا فقد واقع ما يجب فى الحقيقه ان يستحيا منه و كف عما ليس بواجب ان يستحيا منه، فكان شبيها بما ذكرناه فى الركبه و العوره.
و كان يقال: يحسن بالانسان التعلم مادام يقبح منه الجهل، و كما يقبح منه الجهل مادام حيا كذلك يحسن به التعلم مادام حيا.
و اما الصبر فقد سبق فيه كلام مقنع، و سياتى فيما بعد جمله من ذلك.
قد سبق منا قول مقنع فى كراهيه مدح الانسان فى وجهه.
و كان عمر جالسا و عنده الدره، اذ اقبل الجارود العبدى، فقال رجل: هذا الجارود سيد ربيعه، فسمعها عمر و من حوله، و سمعها الجارود، فلما دنا منه خفقه بالدره فقال: ما لى و لك يا اميرالمومنين! قال: ما لى و لك! اما لقد سمعتها، قال: و ما سمعتها فمه! قال: ليخالطن قلبك منها شى ء، و انا احب ان اطاطى منك.
و قالت الحكماء: انه يحدث للممدوح فى وجهه امران مهلكان: احدهما الاعجاب بنفسه، و الثانى اذا اثنى عليه بالدين او العلم فتر و قل اجتهاده، و رضى عن نفسه، و نقص تشميره و جده فى طلب العلم و الدين، فانه انما يتشمر من راى نفسه مقصرا فاما من اطلقت الالسن بالثناء عليه، فانه يظن انه قد وصل و ادرك، فيقل اجتهاده، و يتكل على ما قد حصل له عند الناس، و لهذا قال النبى (ص) لمن مدح انسانا كاد يسمعه: (ويحك! قطعت عنق صاحبك، لو سمعها لما افلح).
فاما قوله (ع) له: (و فوق ما فى نفسك)، فانه انما اراد ان ينبهه على انه قد عرف انه كان يقع فيه، و ينحرف عنه، و انما اراد تعريفه ذلك لما رآه من المصلحه، اما لظنه انه يقلع عما كان يذمه به، او ليعلمه بتعريفه انه قد عرف ذلك، او ليخوفه و يزجره، او لغير ذلك.
قال شيخنا ابوعثمان: ليته لما ذكر الحكم ذكر العله!.
ثم قال: قد وجدنا مصداق قوله فى اولاده و اولاد الزبير و بنى المهلب و امثالهم ممن اسرع القتل فيهم.
و اتى زياد بامراه من الخوارج فقال لها: اما و الله لاحصدنكم حصدا، و لافنينكم عدا، فقالت: كلا ان القتل ليزرعنا، فلما هم بقتلها تسترت بثوبها، فقال: اهتكوا سترها لحاها الله! فقالت: ان الله لايهتك ستر اوليائه، و لكن التى هتك سترها على يد ابنها سميه، فقال: عجلوا قتلها ابعدها الله! فقتلت.
جائت امراه الى بزرجمهر، فسالته عن مساله فقال: لاادرى، فقالت: ايعطيك الملك كل سنه كذا كذا و تقول: لاادرى، فقال: انما يعطينى الملك على ما ادرى، و لو اعطانى على ما لاادرى لما كفانى بيت ماله.
و كان يقول: قول (لااعلم) نصف العلم.
و قال بعض الفضلاء: اذا قال لنا انسان: (لاادرى) علمناه حتى يدرى، و ان قال: ادرى، امتحناه حتى لايدرى.
انما قال كذلك لان الشيخ كثير التجربه، فيبلغ من العدو برايه ما لايبلغ بشجاعته الغلام الحدث غير المجرب، لانه قد يغرر بنفسه فيهلك و يهلك اصحابه، و لاريب ان الراى مقدم على الشجاعه، و لذلك قال ابوالطيب: الراى قبل شجاعه الشجعان هو اول و هى المحل الثانى فاذا هما اجتمعا لنفس مره بلغت من العلياء كل مكان و لربما طعن الفتى اقرانه بالراى قبل تطاعن الاقران لولا العقول لكان ادنى ضيغم ادنى الى شرف من الانسان و لما تفاضلت الرجال و دبرت ايدى الكماه عوالى المران و من وصايا ابرويز الى ابنه شيرويه: لاتستعمل على جيشك غلاما غمرا ترفا، قد كثر اعجابه بنفسه، و قلت تجاربه فى غيره، و لاهرما كبيرا مدبرا قد اخذ الدهر من عقله، كما اخذت السن من جسمه، و عليك بالكهول ذوى الراى!.
و قال لقيط بن يعمر الايادى فى هذا المعنى: و قلدوا امركم لله دركم رحب الذراع بامر الحرب مضطلعا لامترفا ان رخاء العيش ساعده و لا اذا عض مكروه به خشعا ما زال يحلب هذا الدهر اشطره يكون متبعا طورا و متبعا حتى استمر على شزر مريرته مستحكم الراى لاقحما و لاضرعا
قالوا: الاستغفار حوارس الذنوب.
و قال بعضهم: العبد بين ذنب و نعمه لايصلحهما الا الشكر و الاستغفار.
و قال الربيع بن خثعم: (لايقولن احدكم استغفر الله و اتوب اليه) فيكون ذنبا و كذبا ان لم يفعل، و لكن ليقل: اللهم اغفر لى و تب على.
و قال الفضيل: الاستغفار بلا اقلاع توبه الكذابين.
و قيل: من قدم الاستغفار على الندم، كان مستهزئا بالله و هو لايعلم.
قال قوم من المفسرين: (و هم يستغفرون)، فى موضع الحال: و المراد نفى الاستغفار عنهم، اى لو كانوا ممن يستغفرون لما عذبهم، و هذا مثل قوله تعالى: (و ما كان ربك ليهلك القرى بظلم و اهلها مصلحون)، فكانه قال: لكنهم لايستغفرون فلا انتفاء للعذاب عنهم.
و قال قوم: معناه، و ما كان الله معذبهم و فيهم من يستغفروهم المسلمون بين اظهرهم ممن تخلف عن رسول الله (ص) من المستضعفين.
ثم قال: (و ما لهم الا يعذبهم الله)، اى و لاى سبب لايعذبهم الله مع وجود ما يقتضى العذاب، و هو صدهم المسلمين و الرسول عن البيت فى عام الحديبيه!.
و هذا يدل على ان ترتيب القرآن ليس على ترتيب الوقائع و الحوادث، لان سوره الانفال نزلت عقيب وقعه بدر فى السنه الثانيه من الهجره، و صد الرسول (ص) عن البيت كان فى السنه السادسه، فكيف يجعل آيه نزلت فى السنه السادسه فى سوره نزلت فى السنه الثانيه1!.
و فى القرآن كثير من ذلك و انما رتبه قوم من الصحابه فى ايام عثمان.