شرح نهج البلاغه

ابن ابی الحدید معتزلی

نسخه متنی -صفحه : 614/ 61
نمايش فراداده

على على اذا مال معكم العباس.

فانطلقوا حتى دخلوا على العباس فى الليله الثانيه من وفاه رسول الله (ص).

ثم ذكر خطبه ابى بكر و كلام عمر و ما اجابهما العباس به، و قد ذكرناه فيما تقدم من هذا الكتاب فى الجزء الاول.

و روى ابوبكر، قال: اخبرنا احمد بن اسحاق بن صالح، قال: حدثنا عبدالله بن عمر عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد، قال: لما توفى النبى (ص) اجتمعت الانصار الى سعد بن عباده، فاتاهم ابوبكر و عمر و ابوعبيده فقال الحباب: ابن المنذر: منا امير و منكم امير، انا و الله ما ننفس هذا الامر عليكم ايها الرهط و لكنا نخاف ان يليه بعدكم من قتلنا ابناءهم و آباءهم و اخوانهم، فقال عمر بن الخطاب: اذا كان ذلك قمت ان استطعت.

فتكلم ابوبكر فقال: نحن الامراء و انتم الوزراء و الامر بيننا نصفان كشق الابلمه.

فبويع و كان اول من بايعه بشير بن سعد والد النعمان ابن بشير.

فلما اجتمع الناس على ابى بكر، قسم قسما بين نساء المهاجرين و الانصار، فبعث الى امراه من بنى عدى بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت فقالت: ما هذا؟ قال: قسم قسمه ابوبكر للنساء قالت: اتراشوننى عن دينى و لله لااقبل منه شيئا فردته عليه.

قلت: قرات هذا الخبر على ابى جعفر ي حيى بن محمد العلوى الحسينى المعروف بابن ابى زيد نقيب البصره رحمه الله تعالى فى سنه عشر و ستمائه من كتاب السقيفه لاحمد بن عبدالعزيز الجوهرى، قال: لقد صدقت فراسه الحباب، فان الذى خافه وقع يوم الحره و اخذ من الانصار ثار المشركين يوم بدر.

ثم قال لى رحمه الله تعالى: و من هذا خاف ايضا رسول الله (ص) على ذريته و اهله فانه كان (ع) قد وتر الناس و علم انه ان مات و ترك ابنته و ولدها سوقه و رعيه تحت ايدى الولاه كانوا بعرض خطر عظيم فما زال يقرر لابن عمه قاعده الامر بعده حفظا لدمه و دماء اهل بيته فانهم اذا كانوا ولاه الامر كانت دماوهم اقرب الى الصيانه و العصمه مما اذا كانوا سوقه تحت يدوال من غيرهم، فلم يساعده القضاء و القدر، و كان من الامر ما كان.

ثم افضى امر ذريته فيما بعد الى ما قد علمت.

قال ابوبكر احمد بن عبدالعزيز: حدثنى يعقوب بن شيبه باسناد رفعه الى طلحه بن مصرف قال: قلت لهذيل بن شرحبيل: ان الناس يقولون: ان رسول الله (ص) اوصى الى على (ع)، فقال: ابوبكر يتامر على وصى رسول الله (ص).

ود ابوبكر انه وجد من رسول الله (ص) عهدا فخزم انفه.

قلت: هذا الحديث قد خرجه الشيخان: محمد بن اسماعيل البخارى و مسلم بن الحجاج القشيرى فى صحيح يهما عن طلحه بن مصرف، قال: سالت عبدالله بن ابى اوفى: اوصى رسول الله (ص)؟ قال: لاقلت فكيف كتب على المسلمين الوصيه او كيف امر بالوصيه و لم يوص؟ قال: اوصى بكتاب الله قال طلحه: ثم قال ابن اوفى: ما كان ابوبكر يتامر على وصى رسول الله (ص) ود ابوبكر انه وجد من رسول الله (ص) عهدا فخزم انفه بخزامه.

و روى الشيخان فى الصحيحين عن عائشه انه ذكر عندها ان رسول الله (ص) اوصى قالت: و متى اوصى؟ و من يقول ذلك قيل: انهم يقولون قالت: من يقوله؟ لقد دعا بطست ليبول و انه بين سحرى و نحرى فانخنث فى صدرى فمات و ما شعرت.

و فى الصحيحين ايضا خرجاه معا عن ابن عباس انه كان يقول: يوم الخميس و ما يوم الخميس.

ثم بكى حتى بل دمعه الحصى فقلنا: يابن عباس و ما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله (ص) وجعه، فقال: ائتونى بكتاب اكتبه لكم لاتضلوا بعدى ابدا.

فتنازعوا، فقال: انه لاينبغى عندى تنازع فقال قائل ما شانه؟ اهجر استفهموه فذهبوا يعيدون عليه فقال: دعونى و الذى انا فيه خير من الذى انتم فيه، ثم امر بثلاثه اشياء فقال: اخرجوا المشركين من جزيره العرب، و اجيزوا الوفد بنحو ما كنت اجيزهم.

و سئل ابن عباس عن الثالثه فقال: اما الا يكون تكلم بها و اما ان يكون قال ها فنسيت.

و فى الصحيحين ايضا خرجاه معا عن ابن عباس رحمه الله تعالى قال: لما احتضر رسول الله (ص) و فى البيت رجال منهم عمر بن الخطاب قال النبى (ص): هلم اكتب لكم كتابا لاتضلون بعده فقال عمر: ان رسول الله (ص) قد غلب عليه الوجع و عندكم القرآن حسبنا كتاب الله.

فاختلف القوم و اختصموا فمنهم من يقول: قربوا اليه يكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده و منهم من يقول: القول ما قاله عمر فلما اكثروا اللغو و الاختلاف عنده (ع)، قال لهم: قوموا فقاموا فكان ابن عباس يقول: ان الرزيه كل الرزيه ما حال بين رسول الله (ص) و بين ان يكتب لكم ذلك الكتاب.

قال ابوبكر احمد بن عبدالعزيز الجوهرى: و حدثنى احمد بن اسحاق بن صالح، قال: حدثنى عبدالله بن عمر بن معاذ، عن ابن عون، قال: حدثنى رجل من زريق ان عمر كان يومئذ- قال: يعنى يوم بويع ابوبكر- محتجزا يهرول بين يدى ابى بكر، و يقول: الا ان الناس قد بايعوا ابابكر، قال: فجاء ابوبكر حتى جلس على منبر رسول الله (ص) فحمد الله و اثنى عليه ثم قال: اما بعد، فانى وليتكم و لست بخيركم و لكنه نزل القرآن، و سنت السنن، و علمنا فتعلمنا ان اكيس الكيس التقى و احمق الحمق الفجور.

و ان اقواكم عندى الضعيف حتى آخذ له بالحق و اضع فكم عندى القوى حتى آخذ منه الحق.

ايها الناس انما انا متبع و لست بمبتدع، اذا احسنت فاعينونى و اذا زغت فقومونى.

قال ابوبكر: و حدثنى ابوزيد عمر بن شبه قال: حدثنا احمد بن معاويه قال: حدثنى النضر بن شميل قال: حدثنا محمد بن عمرو عن سلمه بن عبدالرحمن قال: لما جلس ابوبكر على المنبر كان على (ع) و الزبير و ناس من بنى هاشم فى بيت فاطمه فجاء عمر اليهم فقال: و الذى نفسى بيده لتخرجن الى البيعه او لاحرقن البيت عليكم فخرج الزبير مصلتا سيفه فاعتنقه رجل من الانصار و زياد بن لبيد.

فبدر السيف فصاح به ابوبكر و هو على المنبر: اضرب به الحجر فدق به قال ابوعمرو بن حماس: فلقد رايت الحجر فيه تلك الضربه و يقال: هذه ضربه سيف الزبير ثم قال ابوبكر: دعوهم فسياتى الله بهم قال: فخرجوا اليه بعد ذلك فبايعوه.

قال ابوبكر: و قد روى فى روايه اخرى ان سعد بن ابى وقاص كان معهم فى بيت فاطمه (ع) و المقداد بن الاسود ايضا، و انهم اجتمعوا على ان يبايعوا عليا (ع) فاتاهم عمر ليحرق عليهم البيت فخرج اليه الزبير بالسيف و خرجت فاطمه (ع) تبكى و تصيح فنهنهت من الناس و قالوا: ليس عندنا معصيه و لاخلاف فى خير اجتمع عليه الناس، و انما اجتمعنا لنولف القرآن فى مصحف واحد .

ثم بايعوا ابابكر، فاستمر الامر و اطمان الناس.

قال ابوبكر: و حدثنا ابوزيد عمر بن شبه، قال: اخبرنا ابوبكر الباهلى، قال: حدثنا اسماعيل بن مجالد، عن الشعبى قال: سال ابوبكر فقال: اين الزبير؟ فقيل: عند على و قد تقلد سيفه فقال: قم يا عمر قم يا خالد بن الوليد، انطلقا حتى تاتيانى بهما فانطلقا، فدخل عمر و قام خالد على باب البيت من خارج فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ فقال: نبايع عليا فاخترطه عمر فضرب به حجرا فكسره ثم اخذ بيد الزبير فاقامه ثم دفعه و قال: يا خالد دونكه فامسكه، ثم قال لعلى: قم فبايع لابى بكر، فتلكا و احتبس، فاخذ بيده، و قال: قم فابى ان يقوم، فحمله و دفعه كما دفع الزبير فاخرجه و رات فاطمه ما صنع بهما فقامت على باب الحجره، و قالت: يا ابابكر، ما اسرع ما اغرتم على اهل بيت رسول الله و الله لااكلم عمر حتى القى الله.

قال: فمشى اليها ابوبكر بعد ذلك و شفع لعمر، و طلب اليها فرضيت عنه.

قال ابوبكر: و حدثنا ابوزيد قال: حدثنا محمد بن حاتم قال: حدثنا الحرامى، قال: حدثنا الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن ابيه عن ابن عباس قال: مر عمر بعلى و عنده ابن عباس بفناء داره، فسلم فسالاه: اين تريد؟ فقال: مالى بينبع قال: على افلا ن صل جناحك و نقوم معك فقال: بلى فقال لابن عباس قم معه قال: فشبك اصابعه فى اصابعى و مضى حتى اذا خلفنا البقيع قال: يا بن عباس اما و الله ان كان صاحبك هذا اولى الناس بالامر بعد وفاه رسول الله الا انا خفناه على اثنتين.

قال ابن عباس: فجاء بمنطق لم اجد بدا معه من مسالته عنه فقلت: يا اميرالمومنين ما هما؟ قال خشيناه على حداثه سنه و حبه بنى عبدالمطلب.

قال ابوبكر: و حدثنى ابوزيد، قال: حدثنا هارون بن عمر، باسناد رفعه الى ابن عباس رحمه الله تعالى، قال: تفرق الناس ليله الجابيه عن عمر، فسار كل واحد مع الفه، ثم صادفت عمر تلك الليله فى مسيرنا، فحادثته فشكا الى تخلف على عنه.

فقلت: الم يعتذر اليك؟ قال: بلى فقلت هو ما اعتذر به قال يابن عباس، ان اول من ريثكم عن هذا الامر ابوبكر ان قومكم كرهوا ان يجمعوا لكم الخلافه و النبوه، قلت: لم ذاك يا اميرالمومنين؟ الم ننلهم خيرا؟ قال: بلى، و لكنهم لو فعلوا لكنتم عليهم جحفا جحفا.

قال ابوبكر: و اخبرنا ابوزيد، قال: حدثنا عبدالعزيز بن الخطاب قال: حدثنا على بن هشام مرفوعا الى عاصم بن عمرو بن قتاده قال: لقى على (ع) عمر فقال له على (ع): انشدك الله هل استخلفك رسول الله (ص) قال لا قال: فكيف تصنع انت و صاحبك؟ قال: اما صاحبى فقد مضى لسبيله، و اما انا فساخلعها من عنقى الى عنقك فقال: جدع الله انف من ينقذك منها! لا و لكن جعلنى الله علما فاذا قمت فمن خالفنى ضل.

قال ابوبكر: و اخبرنا ابوزيد، عن هارون بن عمر عن محمد بن سعيد بن الفضل عن ابيه، عن الحارث بن كعب، عن عبدالله بن ابى اوفى الخزاعى، قال: كان خالد بن سعيد بن العاص من عمال رسول الله (ص) على اليمن فلما قبض رسول الله (ص) جاء المدينه، و قد بايع الناس ابابكر فاحتبس عن ابى بكر فلم يبايعه اياما و قد بايع الناس و اتى بنى هاشم فقال: انتم الظهر و البطن و الشعار دون الدثار و العصا دون اللحا فاذا رضيتم رضينا و اذا سخطتم سخطنا.

حدثونى ان كنتم قد بايعتم هذا الرجل؟ قالوا: نعم قال على برد و رضا من جماعتكم؟ قالوا: نعم قال: فانا ارضى و ابايع اذا بايعتم.

اما و الله يا بنى هاشم انكم الطوال الشجر الطيبو الثمر.

ثم انه بايع ابابكر و بلغت ابابكر فلم يحفل بها و ضطغنها عليه عمر فلما ولاه ابوبكر الجند الذى استنفر الى الشام قال له عمر: اتولى خالدا و قد حبس عليك بيعته و قال لبنى هاشم ما قال و قد جاء بورق من اليمن و عبيد و حبشان و دروع و رماح ما ارى ان توليه و ما آمن خلافه.

فانصرف عنه ابوبكر و ولى اباعبيده بن الجراح و يزيد بن ابى سفيان و شرحبيل بن حسنه.

و اعلم ان الاثار و الاخبار فى هذا الباب كثيره جدا و من تاملها و انصف علم انه لم يكن هناك نص صريح و مقطوع به لاتختلجه الشكوك و لاتتطرق اليه الاحتمالات كما تزعم الاماميه فانهم يقولون: ان الرسول (ص) نص على اميرالمومنين (ع) نصا صريحا جليا ليس بنص يوم الغدير و لا خبر المنزله و لا ما شابهما من الاخبار الوارده من طرق العامه و غيرها بل نص عليه بالخلافه و بامره المومنين و امر المسلمين ان يسلموا عليه بذلك فسلموا عليه بها و صرح لهم فى كثير من المقامات بانه خليفه عليهم من بعده و امرهم بالسمع و الطاعه له.

و لاريب ان المنصف اذا سمع ما جرى لهم بعد وفاه رسول الله (ص) يعلم قطعا انه لم يكن هذا النص و لكن قد سبق الى النفوس و العقول انه قد كان هناك تعريض و تلويح و كنايه و قول غير صريح و حكم غير مبتوت و لعله (ص) كان يصده عن التصريح بذلك امر يعلمه و مصلحه يراعيها او وقوف مع اذن الله تعالى فى ذلك.

فاما امتناع على (ع) من البيعه حتى اخرج على الوجه الذى اخرج عليه، فقد ذكره المحدثون و رواه اهل السير و قد ذكرنا ما قاله الجوهرى فى هذا الباب، و هو من رجال الحديث و من ا لثقات المامونين، و قد ذكر غيره من هذا النحو ما لايحصى كثره.

فاما الامور الشنيعه المستهجنه التى تذكرها الشيعه من ارسال قنفذ الى بيت فاطمه (ع)، و انه ضربها بالسوط فصار فى عضدها كالدملج و بقى اثره الى ان ماتت و ان عمر اضغطها بين الباب و الجدار، فصاحت: يا ابتاه يا رسول الله و القت جنينا ميتا، و جعل فى عنق على (ع) حبل يقاد به هو يعتل و فاطمه خلفه تصرخ و تنادى بالويل و الثبور و ابناه حسن و حسين معهما يبكيان و ان عليا لما احضر سالوه البيعه فامتنع فتهدد بالقتل فقال: اذن تقتلون عبدالله و اخا رسول الله فقالوا: اما عبدالله فنعم و اما اخو رسول الله فلا و انه طعن فيهم فى اوجههم بالنفاق و سطر صحيفه الغدر التى اجتمعوا عليها و بانهم ارادوا ان ينفروا ناقه رسول الله (ص) ليله العقبه.

فكله لا اصل له عند اصحابنا، و لايثبته احد منهم و لا رواه اهل الحديث و لايعرفونه، و انما هو شى ء تنفرد الشيعه بنقله.