الشرح:
هذا فصل من كلام يذكر فيه (ع) عمرو بن العاص و قوله: (فلا ظفرت يد البائع) يعنى معاويه.
و قوله: (و خزيت امانه المبتاع) يعنى عمرا، و خزيت، اى خسرت و هانت.
و فى اكثر النسخ (فلا ظفرت يد المبايع) بميم المفاعله، و الظاهر ما رويناه.
و فى بعض النسخ (فانه احزم للنصر) من حزمت الشى ء اذا شددته، كانه يشد النصر و يوثقه، و الروايه التى ذكرناها احسن.
و الاهبه العده و شب لظاها استعاره و اصله صعود طرف النار الاعلى و السنا بالقصر الضوء.
و استشعروا الصبر: اتخذوه شعارا، و الشعار: ما يلى الجسد فى الثياب و هو الزم الثياب للجسد يقول لازموا الصبر كما يلزم الانسان ثوبه الذى يلى جلده لا بد له منه و قد يستغنى عن غيره من الثياب.
قدوم عمرو بن العاص على معاويه لما نزل على (ع) الكوفه بعد فراغه من امر البصره، كتب الى معاويه كتابا يدعوه الى البيعه، ارسل فيه جرير بن عبدالله البجلى فقدم عليه به الشام.
فقراه و اغتم بما فيه و ذهبت به افكاره كل مذهب و طاول جريرا بالجواب عن الكتاب حتى كلم قوما من اهل الشام.
فى الطلب بدم عثمان فاجابوه و وثقوا له و احب الزياده فى الاستظهار فاستشار اخاه عتبه بن ابى سفيان فقال له: استعن بعمرو ب
ن العاص فانه من قد علمت فى دهائه و رايه، و قد اعتزل عثمان فى حياته، و هو لامرك اشد اعتزالا، الا ان يثمن له دينه فسيبيعك فانه صاحب دنيا.
فكتب اليه معاويه: اما بعد، فانه كان من امر على و طلحه و الزبير ما قد بلغك و قد سقط الينا مروان بن الحكم فى نفر من اهل البصره و قدم علينا جرير بن عبدالله فى بيعه على، و قد حبست نفسى عليك، فاقبل اذاكرك امورا لاتعدم صلاح مغبتها ان شاءالله.
فلما قدم الكتاب على عمرو استشار ابنيه: عبدالله بن عمرو و محمد بن عمرو فقال لهما: ما تريان؟ فقال عبدالله: ارى ان رسول الله (ص) قبض و هو عنك راض و الخليفتان من بعده، و قتل عثمان و انت عنه غائب فقر فى منزلك فلست مجعولا خليفه و لاتزيد على ان تكون حاشيه لمعاويه، على دنيا قليله اوشكتما ان تهلكا فتستويا فى عقابها.
و قال محمد: ارى انك شيخ قريش و صاحب امرها، و ان تصرم هذا الامر و انت فيه غافل تصاغر امرك، فالحق بجماعه اهل الشام، و كن يدا من ايديها، طالبا بدم عثمان، فانه سيقوم بذلك بنواميه.
فقال عمرو: اما انت يا عبدالله، فامرتنى بما هو خير لى فى دينى، و انت يا محمد فامرتنى بما هو خير لى فى دنياى، و انا ناظر.
فلما جنه الليل رفع صوته و اهله يسمعون، فقال: تطاول ليلى بالهموم الطوارق و خوف التى تجلو وجوه العوائق و ان ابن هند سالنى ان ازوره و تلك التى فيها بنات البوائق اتاه جرير من على بخطه امرت عليه العيش ذات مضائق فان نال منى ما يومل رده و ان لم ينله ذل ذل المطابق فو الله ما ادرى و ما كنت هكذا اكون و مهما قادنى فهو سابقى اخادعه ان الخداع دنيه ام اعطيه من نفسى نصيحه وامق ام اقعد فى بيتى و فى ذاك راحه لشيخ يخاف الموت فى كل شارق و قد قال عبدالله قولا تعلقت به النفس ان لم تقتطعنى عوائقى و خالفه فيه اخوه محمد و انى لصلب العود عند الحقائق فقال عبدالله: رحل الشيخ.
و دعا عمرو غلامه وردان و كان داهيا ماردا فقال: ارحل يا وردان ثم قال: احطط يا وردان، ثم قال: ارحل يا وردان احطط يا وردان.
فقال له وردان: خلطت اباعبدالله اما انك ان شئت انباتك بما فى قلبك قال: هات ويحك قال: اعتركت الدنيا و الاخره على قلبك فقلت: على معه الاخره فى غير دنيا و فى الاخره عوض من الدنيا و معاويه معه الدنيا بغير آخره و ليس فى الدنيا عوض من الاخره و انت واقف بينهما قال: قاتلك الله ما اخطات ما فى قلبى فما ترى يا وردان؟ قال: ارى ان تقيم فى بيتك فان ظهر اهل الدين عشت فى
عفو دينهم و ان ظهر اهل الدنيا لم يستغنوا عنك قال: الان لما اشهرت العرب سيرى الى معاويه! فارتحل و هو يقول: يا قاتل الله وردانا و قدحته ابدى لعمرك ما فى النفس وردان لما تعرضت الدنيا عرضت لها بحرص نفسى و فى الاطباع ادهان نفس تعف و اخرى الحرص يغلبها و المرء ياكل تبنا و هو غرثان اما على فدين ليس يشركه دنيا و ذاك له دنيا و سلطان فاخترت من طمعى دنيا على بصر و ما معى بالذى اختار برهان انى لاعرف ما فيها و ابصره و فى ايضا لما اهواه الوان لكن نفسى تحب العيش فى شرف و ليس يرضى بذل العيش انسان فسار حتى قدم على معاويه، و عرف حاجه معاويه اليه، فباعده من نفسه و كايد كل واحد منهما صاحبه.
فقال له معاويه يوم دخل عليه: ابا عبدالله طرقتنا فى ليلتنا ثلاثه اخبار ليس فيها ورد و لا صدر قال: و ما ذاك؟ قال: منها ان محمد بن ابى حذيفه كسر سجن مصر فخرج هو و اصحابه، و هو من آفات هذا الدين.
و منها ان قيصر زحف بجماعه الروم ليغلب على الشام.
و منها ان عليا نزل الكوفه و تهيا للمسير الينا.
فقال عمرو: ليس كل ما ذكرت عظيما، اما ابن ابى حذيفه فما يتعاظمك من رجل خرج فى اشباهه ان تبعث اليه رجلا يقتله او ياتيك به و ان قاتل
لم يضرك.
و اما قيصر فاهد له الوصائف و آنيه الذهب و الفضه و سله الموادعه فانه اليها سريع.
و اما على فلا و الله يا معاويه ما يسوى العرب بينك و بينه فى شى ء من الاشياء و ان له فى الحرب لحظا ما هو لاحد من قريش و انه لصاحب ما هو فيه الا ان تظلمه.
هكذا فى روايه نصر بن مزاحم عن محمد بن عبيدالله.
و روى نصر ايضا عن عمر بن سعد قال: قال معاويه لعمرو: يا اباعبدالله، انى ادعوك الى جهاد هذا الرجل الذى عصى الله و شق عصا المسلمين، و قتل الخليفه و اظهر الفتنه و فرق الجماعه و قطع الرحم، فقال عمرو: من هو؟ قال: على قال: و الله يا معاويه ما انت و على بحملى بعير، ليس لك هجرته و لاسابقته و لاصحبته و لاجهاده، و لافقهه و لاعلمه و و الله ان له مع ذلك لحظا فى الحرب ليس لاحد غيره، و لكنى قد تعودت من الله تعالى احسانا و بلاء جميلا فما تجعل لى ان شايعتك على حربه و انت تعلم ما فيه من الغرر و الخطر؟ قال: حكمك فقال: مصر طعمه فتلكا عليه معاويه.
قال نصر: و فى حديث غير عمر بن سعد فقال له معاويه: يا اباعبدالله انى اكره لك ان تتحدث العرب عنك انك انما دخلت فى هذا الامر لغرض الدنيا قال عمرو: دعنى عنك فقال معاويه: انى لو شئت ان امنيك و اخدعك لفعلت
قال عمرو: لا، لعمر الله ما مثلى يخدع لانا اكيس من ذلك قال معاويه: ادن منى اسارك فدنا منه عمرو ليساره فعض معاويه اذنه و قال: هذه خدعه هل ترى فى البيت احدا؟ ليس غيرى و غيرك.
قلت: قال شيخنا ابوالقاسم البلخى رحمه الله تعالى: قول عمرو له: دعنى عنك كنايه عن الالحاد بل تصريح به اى دع هذا الكلام لا اصل له فان اعتقاد الاخره و انها لاتباع بعرض الدنيا من الخرافات.
و قال رحمه الله تعالى: و ما زال عمرو بن العاص ملحدا ما تردد قط فى الالحاد و الزندقه و كان معاويه مثله و يكفى من تلاعبهما بالاسلام حديث السرار المروى و ان معاويه عض اذن عمرو، اين هذا من سيره عمر؟ و اين هذا من اخلاق على (ع) و شدته فى ذات الله، و هما مع ذلك يعيبانه بالدعابه! قال نصر: فانشا عمرو يقول: معاوى لااعطيك دينى و لم انل به منك دنيا فانظرن كيف تصنع (فان تعطنى مصرا فاربح بصفقه اخذت بها شيخا يضر و ينفع) و ما الدين و الدنيا سواء و اننى لاخذ ما تعطى و راسى مقنع و لكننى اغضى الجفون و اننى لاخدع نفسى و المخادع يخدع و اعطيك امرا فيه للملك قوه و الفى به ان زلت النعل اصرع و تمنعنى مصرا و ليست برغبه و انى بذا الممنوع قدما لمولع قال شيخنا ابو
عثمان الجاحظ: كانت مصر فى نفس عمرو بن العاص، لانه هو الذى فتحها فى سنه تسع عشره من الهجره فى خلافه عمر فكان لعظمها فى نفسه و جلالتها فى صدره، و ما قد عرفه من اموالها و سعه الدنيا لايستعظم ان يجعلها ثمنا من دينه، و هذا معنى قوله: و انى بذا الممنوع قدما لمولع قال نصر: فقال له معاويه: يا اباعبدالله، اما تعلم ان مصر مثل العراق! قال: بلى، و لكنها انما تكون لى اذا كانت لك و انما تكون لك اذا غلبت عليا على العراق.
قال: و قد كان اهل مصر بعثوا بطاعتهم الى على (ع).
فلما حضر عتبه بن ابى سفيان قال لمعاويه: اما ترضى ان تشترى عمرا بمصر ان هى صفت لك ليتك لاتغلب على الشام.
فقال معاويه: يا عتبه، بت عندنا الليله، فلما جن الليل على عتبه رفع صوته ليسمع معاويه، و قال: ايها المانع سيفا لم يهز انما ملت على خز و قز انما انت خروف ماثل بين ضرعين و صوف لم يجز اعط عمرا ان عمرا تارك دينه اليوم لدنيا لم تحز يا لك الخير فخذ من دره شخبه الاول و ابعد ما غرز و اسحب الذيل و بادر فوقها و انتهزها ان عمرا ينتهز اعطه مصرا و زده مثلها انما مصر لمن عز فبز و اترك الحرص عليها ضله و اشبب النار لمقرور يكز ان مصرا لعلى او
لنا يغلب اليوم عليها من عجز قال: فلما سمع معاويه قول عتبه، ارسل الى عمرو، فاعطاه مصر، فقال عمرو: لى الله عليك بذلك شاهد؟ قال: نعم، لك الله على بذلك ان فتح الله علينا الكوفه فقال عمرو: "و الله على ما نقول وكيل".
فخرج عمرو من عنده، فقال له ابناه: ما صنعت؟ قال: اعطانا مصر طعمه قالا: و ما مصر فى ملك العرب قال: لااشبع الله بطونكما ان لم تشبعكما (مصر).
قال: و كتب معاويه له بمصر كتابه، و كتب: (على الا ينقض شرط طاعه) فكتب عمرو: (على الا تنقض طاعه شرطا).
فكايد كل واحد منهما صاحبه.
قلت: قد ذكر هذا اللفظ ابوالعباس محمد بن يزيد المبرد فى كتابه "الكامل" و لم يفسره، و تفسيره ان معاويه قال للكاتب: (اكتب على الا ينقض شرط طاعه) يريد اخذ اقرار عمرو له انه قد بايعه على الطاعه بيعه مطلقه غير مشروطه بشى ء، و هذه مكايده، له لانه لو كتب ذلك لكان لمعاويه ان يرجع فى اعطائه مصر، و لم يكن لعمرو ان يرجع عن طاعته، و يحتج عليه برجوعه عن اعطائه مصر، لان مقتضى المشارطه المذكوره ان طاعه معاويه واجبه عليه مطلقا، سواء اكانت مصر مسلمه اليه ام لا.
فلما انتبه عمرو الى هذه المكيده منع الكاتب من ان يكتب ذلك، و قال: بل اكتب: (على الا تنقض طاعه ش
رطا) يريد اخذ اقرار معاويه له: بانه اذا كان اطاعه لاتنقض طاعته اياه ما شارطه عليه من تسليم مصر اليه.
و هذا ايضا مكايده من عمرو لمعاويه و منع له من ان يغدر بما اعطاه من مصر.
قال نصر: و كان لعمرو بن العاص عم من بنى سهم، اريب فلما جاء عمرو بالكتاب مسرورا عجب الفتى و قال: الا تخبرنى يا عمرو باى راى تعيش فى قريش.
اعطيت دينك و تمنيت دنيا غيرك اترى اهل مصر- و هم قتله عثمان يدفعونها الى معاويه و على حى.
و اتراها ان صارت لمعاويه لا ياخذها بالحرف الذى قدمه فى الكتاب؟ فقال عمرو يابن اخى، ان الامر لله دون على و معاويه فقال الفتى: الا يا هند اخت بنى زياد رمى عمرو بداهيه البلاد رمى عمرو باعور عبشمى بعيد القعر مخشى الكياد له خدع يحار العقل منها مزخرفه صوائد للفواد فشرط فى الكتاب عليه حرفا يناديه بخدعته المنادى و اثبت مثله عمرو عليه كلا المراين حيه بطن واد الا يا عمرو ما احرزت مصرا و لا ملت الغداه الى الرشاد ابعت الدين بالدنيا خسارا فانت بذاك من شر العباد فلو كنت الغداه اخذت مصرا و لكن دونها خرط القتاد و فدت الى معاويه بن حرب فكنت بها كوافد قوم عاد و اعطيت الذى اعطيت منها بطرس فيه نضح
من مداد الم تعرف اباحسن عليا و ما نالت يداه من الاعادى عدلت به معاويه بن حرب فيا بعد البياض من السواد و يا بعد الاصابع من سهيل و يا بعد الصلاح من الفساد اتامن ان تدال على خدب يحث الخيل بالاسل الحداد ينادى بالنزال و انت منه قريب فانظرن من ذا تعادى فقال عمرو: يابن اخى، لو كنت عند على لوسعنى، و لكنى الان عند معاويه.
قال الفتى: انك لو لم ترد معاويه لم يردك، و لكنك تريد دنياه و هو يريد دينك.
و بلغ معاويه قول الفتى فطلبه فهرب فلحق بعلى (ع) فحدثه امره فسر به و قربه.
قال: و غضب مروان و قال: ما بالى لا اشترى (كما اشترى عمرو) فقال معاويه: انما يشترى الرجال لك.
فلما بلغ عليا (ع) ما صنع معاويه قال: يا عجبا لقد سمعت منكرا كذبا على الله يشيب الشعرا يسترق السمع و يعشى البصرا ما كان يرضى احمد لو اخبرا ان يقرنوا وصيه و الابترا شانى الرسول و اللعين الاخزرا كلاهما فى جنده قد عسكرا قد باع هذا دينه فافجرا من ذا بدنيا بيعه قد خسرا بملك مصر ان اصاب الظفرا انى اذا الموت دنا و حضرا شمرت ثوبى و دعوت قنبرا قدم لوائى لاتوخر حذرا لايدفع الحذار ما قد قدرا لما رايت الموت موتا احمرا عبات
همدان و عبوا حميرا حى يمان يعظمون الخطرا قرن اذا ناطح قرنا كسرا قل لابن حرب لا تدب الخمرا ارود قليلا ابد منك الضجرا لاتحسبنى يابن هند غمرا و سل بنا بدرا معا و خيبرا يوم جعلناكم ببدر جزرا لو ان عندى يابن هند جعفرا او حمزه القرم الهمام الازهرا رات قريش نجم ليل ظهرا قال نصر: فلما كتب الكتاب قال معاويه لعمرو: ما ترى الان؟ قال: امض الراى الاول.
فبعث مالك بن هبيره الكندى فى طلب محمد بن ابى حذيفه، فادركه فقتله و بعث الى قيصر بالهدايا فوادعه، ثم قال: ما ترى فى على؟ قال: (ارى فيه خيرا)، انه قد اتاك فى طلب البيعه، خير اهل العراق، و من عند خير الناس فى انفس الناس و دعواك اهل الشام الى رد هذه البيعه خطر شديد، و راس اهل الشام شرحبيل بن السمط الكندى، و هو عدو لجرير المرسل اليك فابعث اليه و وطن له ثقاتك، فليفشوا فى الناس ان عليا قتل عثمان، و ليكونوا اهل رضا عند شرحبيل، فانها كلمه جامعه لك اهل الشام على ما تحب، و ان تعلقت بقلب شرحبيل لم تخرج منه بشى ء ابدا.
فكتب الى شرحبيل: ان جرير بن عبدالله قدم علينا من عند على بن ابى طالب بامر مفظع، فاقدم.
و دعا معاويه يزيد بن اسد، و بسر بن ارطاه، و عمرو بن سفيان، و
مخارق بن الحارث الزبيدى، و حمزه بن مالك، و حابس بن سعد الطائى- و هولاء رءوس قحطان و اليمن، و كانوا ثقات معاويه و خاصته و بنى عم شرحبيل بن السمط- فامرهم ان يلقوه و يخبروه ان عليا قتل عثمان.
فلما قدم كتاب معاويه على شرحبيل و هو بحمص، استشار اهل اليمن فاختلفوا عليه، فقام اليه عبدالرحمن بن غنم الازدى- و هو صاحب معاذ بن جبل و ختنه، و كان افقه اهل الشام- فقال: يا شرحبيل بن السمط، ان الله لم يزل يزيدك خيرا منذ هاجرت الى اليوم و انه لاينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من الناس، و ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم.
انه قد القى الى معاويه ان عليا قتل عثمان، و لهذا يريدك فان كان قتله فقد بايعه المهاجرون و الانصار، و هم الحكام على الناس، و ان لم يكن قتله فعلام تصدق معاويه عليه لاتهلكن نفسك و قومك فان كرهت ان يذهب بحظها جرير فسر الى على فبايعه عن شامك و قومك فابى شرحبيل الا ان يسير الى معاويه، فكتب اليه عياض الثمالى- و كان ناسكا: يا شرح يابن السمط انك بالغ بود على ما تريد من الامر و يا شرح ان الشام شامك ما بها سواك فدع عنك المضلل من فهر فان ابن هند ناصب لك خدعه تكون علينا مثل راغيه البكر فان نا
ل ما يرجو بنا كان ملكنا هنيئا له و الحرب قاصمه الظهر فلا تبغين حرب العراق فانها تحرم اطهار النساء من الذعر و ان عليا خير من وطى ء الثرى من الهاشميين المداريك للوتر له فى رقاب الناس عهد و ذمه كعهد ابى حفص و عهد ابى بكر فبايع و لاترجع على العقب كافرا اعيذك بالله العزيز من الكفر و لاتسمعن قول الطغاه فانهم يريدون ان يلقوك فى لجه البحر و ماذا عليهم ان تطاعن دونهم عليا باطراف المثقفه السمر فان غلبوا كانوا علينا ائمه و كنا بحمد الله من ولد الطهر و ان غلبوا لم يصل بالخطب غيرنا و كان على حربنا آخر الدهر يهون على عليا لوى بن غالب دماء بنى قحطان فى ملكهم تجرى فدع عنك عثمان بن عفان انما لك الخبر لا تدرى بانك لا تدرى على اى حال كان مصرع جنبه فلا تسمعن قول الاعيور او عمرو قال: فلما قدم شرحبيل على معاويه، امر الناس ان يتلقوه و يعظموه، فلما دخل على معاويه، تكلم معاويه فحمد الله و اثنى عليه، ثم قال: يا شرحبيل، ان جرير بن عبدالله قدم علينا يدعونا الى بيعه على، و على خير الناس لولا انه قتل عثمان بن عفان، و قد حبست نفسى عليك، و انما انا رجل من اهل الشام، ارضى ما رضوا و اكره ما كرهو
ا.
فقال شرحبيل: اخرج فانظر.
فلقيه هولاء النفر الموطئون له، فكلهم اخبره ان عليا قتل عثمان، فرجع مغضبا الى معاويه، فقال: يا معاويه، ان عليا قتل عثمان و الله ان بايعت له لنخرجنك من شامنا او لنقتلنك.
فقال معاويه: ما كنت لاخالف عليكم ما انا الا رجل من اهل الشام.
قال: فرد هذا الرجل الى صاحبه اذن.
فعرف معاويه ان شرحبيل قد نفذت بصيرته فى حرب اهل العراق، و ان الشام كله مع شرحبيل، و كتب الى على (ع) ما سنورده فيما بعد، ان شاءالله تعالى.