فواللّه ما اءراك الاّ قد قتلت نفسك ، وقتلتنا معك ؛ فوضع حجر رجله فـى الرِّكـاب ؛فـلم يستطيع ان ينهض ، فحمله ابوالعمّرطة على بغلته ووثب ابوالعمّرطة على فـرسـه فـمـا هـو إلاّ اءن اءسـتـوى عـليـه حـتـى انـتـهـى إليـه يـزيـد بـن طـريف المسلي وكان يغمز (136) فضرب ابا العمرطة بالعمود على فخذه ، ويخترط ابو العمرطه سيفه ، فضرب به راءس يزيد بن طريف ، فخر لوجهه . ثم انه براء بعد ذلك .
قـال : و كـان ذلك السـيـف اءوّل سـيف ضرب به فى الكوفة فى الاختلاف بين الناس . و مضى حُجر، بن عدي وابوالعمرطة حتى انتهيا إلى دار حُجر واجتمع إلى حُجر ناس كثير من اءصحابه ، و خـرج قـيـس بـن فـهـدان الكـنـّدي عـلى حـمـار له يـسـيـر فـى مـجـالس كـنـدة ، يقول : (137)
قـال ابـومـخـنـف رحـمـه الله حـدثـنـى يـحـيـى بـن سـعـيـد بـن مـخـنـف عـن مـحـمـد بـن مـخـنـف قـال : إنـي لمـع اءهـل اليـمـن فـى جـبـّانـة (138) الصـائديـيـن إذ اجـتـمـع رؤ س اءهـل اليمن يتشاورون فى اءمر حُجر، فقال لهم : عبدالرّحمن بن مخنف : اءنا مشير عليكم براءىٍ ان قبلتموه رجوت ان تسلموا من اللائمة والا ثم ، اءرى لكم اءن تلبثوا قليلاً فاءنَّ سرعان شباب هـمـذان و مـذحـج يـكـفـونـكـم مـا تـكـرهـون مـسـائة قـومـكـم فـى صـاحـبـكـم ، قـال : فـاجـمـع راءيـهـم عـلى ذلك ، قـال : فوالله ما كان الا كلا و لا (139) حتى اتينا فـقـيـل لنـا إنَّ مـذحـج و هـمـدان قـد دخـلوا فـاخـذ واكـل مـن وجـدوا مـن بـنـى جـبـلة ، قال : فمر اءهل اليمن فى نوادي دور كندة معذّره فبلغ ذلك زيادا، فاءثنى على مذحج و همدان ، و ذمّ سائر اءهل اليمن .
و إنَّ حـُجـراً لمـّا انـتهى إلى داره فنظر الى قلّة من معه من قومه ، و بلغه ان مذحج و همدان نزلوا جـبّانة كندة و سائر اءهل اليمن جبّانة الصائديين قال لاصحابه : انصرفوا فوالله مالكم طاقة بـمـن قـد اجـتـمـع عليكم من قومكم ، و ما اءحب اءن اعرّضكم للهلاك ؛ فذهبوا لينصرفوا، فلحقتهم اوائل خيل مذحج وهمدان . فعطف عليهم عمير بن يزيد، و قيس بن يزيد، و عبيدة بن عمرو البدّى ، و عـبـدالرحـمـن بـن مـحـرز الطـمّحيّ و قيس بن شمر، فتقاتلوا معهم ، فقاتلوا عنه ساعة فجرحوا، و اءُسـر قـيـس بـن يـزيـد، وافـلت سـائر القوم ، فقال لهم حُجر: لااءبالكم ! تفرّقوا لاتقاتلوا فـاءنـى آخـذ فـى بـعـض السِّكـك . ثـم آخـذ طريقا نحو بني حرب ، فسار حتى إنتهى إلى دار رجـل منهم يقال له سليم بن يزيد، فدخل داره . وجاء القوم في طلبه حتى انتهوا الى تلك الدار، فـاءخـذ سـليـم بـن يـزيـد سـيـفـه ، ثـم ذهـب ليـخـرج اليـهـم ، فـبـكـت بـنـاتـه ؛ فـقـال له حـُجـر: مـا تـريـد؟ قـال : اءريـد واللّه اءسـاءلهم ان ينصرفوا عنك ، فإن فعلوا وإلاّ ضاربتُهم بسيفي هذا ما ثبت قائمه فى يدى دونك ، فـقـال : حـُجـر لااءبـاً لغـيـرك ! بـئس مـا دخـلت بـه إذاً عـلى بـنـاتـك ! قـال إنـّي واللّه مـا امـونـُهـنّ، و لارزقـهـنّ إلاّ عـلى الحـىّ الّذي لايموت ؛ ولااشترى العار بشى ء اءبـدا، و لاتـخرج من دارى اءسيرا ابدا، وانا حىّ اءملك قائم سيفي ، فاءن قتلت دونك فاصنع ما بدالك .
قـال حـُجـر: اءمـا فـي دارك هـذه حـائط اءقـتـحمه ، اءو خوخة (140) اخرج منها، عسى اءن يـسـلمـنـى اللّه عـزوجـل مـنـهـم و يـسـلمـّك ، فـاءذا القـوم لم يـقـدروا عـلىّ عـنـدك لم يـضـروك ! قـال بـلى : هـذه خـوخـة تـخـرجك الى دور بنى العنبر والى غير هم من قومك ، فخرج حتى مرّببني ذهـل ، فـقـالوا له : مـرَّ القـوم آنـفـا فـي طـلبـك يـقـفـون اءثـرك . فـقـال : مـنهم اءهرب ؛ قال : فخرج و معه فتية منهم يتقصّون به الطريق ، ويسلكون به الا زقّة حـتـى اءفـضـى الى النـّخـع فـقـال لهـم عـنـد ذلك : انـصـرفوا رحمكم اللّه ! فانصرفوا عنه ، واقـبـل الى دار عـبـداللّه بـن الحـارث اءخـي الاشـتـر فدخلها، فاءنّه لكذلك قد القى له الفرش عـبـداللّه ، وبـسـط له البـسـط، وتـلّقـاه بـبـسـط الوجـه ، وحـسـن البـشـر، إذ اءتـي فـقـيـل له : ان الشُّرط تـسـاءل عـنـك فـي النَّخـع - وذلك ان اءمـة سـوداء يـقـال لهـا: اءدماء، لقيتهم ، فقالت : من تطلبون ؟ قالوا: نطلب حُجرا قالت : ها هو ذا قد رايته فـى النَّخـع ، - فخرج من عند عبداللّه متنكرّاً، و ركب معه عبداللّه بن الحارث ليلا حتى اءتى دار ربيعة بن ناجد الا زدي في الا زد، فنزلها يوما و ليلة ، فلما اءعجَزَ هم ان يقدروا عليه دعى زياد بـمـحـمد بن الاشعث فقال له : يا اءبا ميثاء، اءما واللّه لتاءتينّي بحُجر، اءو لااءدع لك