، من اءليم ما بها وشدّته ، وسوف انبئك واءعلمك اءمري . كنت قد عرفت من امير المـؤ مـنـيـن اسـتـكـمـل اللّه بـقـاءه ، نـظـرا فـى خـيـار الا مـور لي ، وحـرصـا عـلى سـياقها إليّ، وافـضـل مـا عـسـيـت اءسـتـعـدّ بـعـد إسـلامـى المـراءة الصـالحـة ، وقـد كـان مـا يـحـدّث بـه مـن فـضل جمال اءُرَيْنبْ بنت إسحق و كمال اءدبها ما قد سطع وشاع في النّاس ، فوقع منّي بموقع الهـوى فيها، والرّغبة في نكاحها، فرجوت اءلاّ تدع حسن النّظر لي في اءمرها، فتركت ذلك حتّى اسـتـنـكـحـهـا بـعـلهـا، فـلم يـزل مـا وقـع فـى خـلدي يـنـمـو و يـعـظـم فـي صـدري ، حـتـّى عـيـل صـبـري ، فـبـحـت بـسـري ، فـكـان مـمـا ذكـرت تـقـصـيـرك فـى اءمـرى ، فـاللّه يـجـزيـك اءفـضـل مـن سـؤ الي وذكـري . فـقـال له مـعـاويـة : مـهـلا يـا يـزيـد، فـقـال : عـلى مـَتـاءمـرنـى بـالمـهـل وقـد انـقـطـع مـنـهـا الامـل ؟ فـقـال له مـعـاويـة : فـاءيـن حـجـاك و مـرؤ تـك وتـقـاك ؟ فـقـال يـزيـد: قـد يـغـلب الهـوى عـلى الصبر والحجى ، ولو كان اءحد ينتفع فيما يبتلى به من الهـوى يـتـقاه ، اءو يدفع ما اءقصده بحجاه ، لكان اءولى الناس بالصّبر داود(ع ) وقد خبرك القـران بـاءمـره . فـقـال مـعـاويـة : فـمـا مـنـعـك قـبـل الفـوت مـن ذكـره ؟ قال : ما كنت اءعرفه ، واثق بن من جميل نظرك ، قال : صدقت ، ولكن اكتم يا بنىّ اءمرك بحلمك ، واسـتـعـن بـاللّه عـلى غـلبـة هـواك بـصـبـرك ، فاءنّ البوح به غير فعك ، واللّه بالغ اءمره ، ولابدمّما هو كائن .
و كـانـت اءريـنـب بـنـت إسـحـق (213) مـثـلا مـن اءهـل زمـانـهـا فـي جـمـالهـا، وتـمـام كـمـالهـا وشـرفـهـا، وكـثـرة مـالهـا فـتـزوجـهـا رجـل مـن بني عمّها يقال له عبداللّه بن سلام (214) من قريش ، وكان من معاوية بالمنزلة الرّفـيـعـة فـى الفـضـل . ووقع اءمر يزيد بن معاوية موقفا ملاه هَمّاً، و اءوسعه غمّا، فاءخذ فى الحيلة والنّظر ان يصل اليها، وكيف يجمع بينه وبينها حتى يبلغ رضا يزيد فيها. فكتب معاوية إلى عـبـداللّه بـن سـلام وكـان قـد اسـتـعـمـله عـلى العـراق ، (215) اءن اءقـبـل حـيـن تـنـظـر فـى كـتـابـي هـذالا مـر حـظـّك فـيـه كـامـل ، ولاتـتـاءخـر عـنـه فـاعـد المـسير والاقـبـال . وكـان عـند معاوية بالشّام ابوهريرة (216) وابوالدرداء (217). صـاحـبـا رسـول اللّه (ص )، فـلمـّا قـدم عـبـداللّه بـن سـلام الشـّام ، اءمـر مـعـويـة ان يـنـزل مـنـزلا قـد هىّء له ، واعدله فيه نزله ، ثمّ قال لابى هريرة وصاحبه ، انّ اللّه قسم بين عـبـاده قـسـمـا، ووهـبـهـم نـعـما اوجب عليهم شكرها، وحتم عليهم حفظها، وامره برعاية حقّها، وسلطان طريقها، بجميل النّظر، وحسن التفقّد لمن طوقهم اللّه اءمره ، كما فوضّه اليهم ، حتّى يؤ دّوا الى اللّه الحـق فـيـهـم كـمـا اوجـبـه عـليـهـم ، فـحـبـانـي منها عزّوجلّ باءعزّ الشّرف ، وسموالسّلف ، واءفـضـل الذّكـر، واءغـدق اليـسـر، واءوسـع عليّ فى رزقه ، وجعلنى راعى خلقه ، واءمينه في بـلاده ، والحاكم فى اءمر عباده ، ليبلونى اءاءشكر آلاءه اءم اءكفرها. فاءيّاه اساءله اءداء شكره ، وبـلوغ مـا اءرجو بلوغه ، من عظيم اءجره ، واءوّل ما ينبغى للمرء اءن يتفقده وينظر فيه ، فيمن اسـتـرعـاه اللّه اءمره من اءهله ومن لاغنى به عنه . وقد بلغت لي ابنة اءردت إنكاحها، والنّظر فى تبعل من يريداءن يباعلها، لعل من يكون بعدي يهتدي منه يهتدى ، ويتبع فيه اءثري ، فإنّي قد تـخـوفـت اءن يـدعـو مـن يـلى هـذا الا مـر مـن بـعـدي زهـوة السـّلطـان وسـرفـه إلى عـضـل نـسـائهـم ، ولايرون لهنّ فيمن ملكوا اءمره كفؤ ا ولانظيرا، وقد رضيت لها عبداللّه بن سلام لديـنـه وفـضـله ومـرؤ تـه و اءدبـه . فـقال ابوهريرة وابوالدّرداء: إن اءولى الناس برعاية اءنـعـم اللّه وشـكـرهـا، وطـلب مـرضـاتـه فـيـهـا فـيـمـا خـصـّه بـه مـنـهـا، اءنـت صـاحـب رسول اللّه وكاتبه . فقال معاوية : اءذكروا له ذلك عنّى ، وقد كنت جعلت لها فى نفسها شورى ، غـيـر اءنـّى اءرجـو اءنـّهـا لاتـخـرج مـن راءيـى انـشـاء اللّه . فـلمـّا خـرجـا مـن عنده متوجّهين إلى منزل عبداللّه بن سلام بالّذي قال لهما.
قـال : ودخـل معوية إلى ابنته ، فقال لها: اذا دخل عليك اءبوهريرة واءبوالدرداء، فعرضا عليك اءمـر عـبـداللّه بن سلام ، وإنكاحي ايّاك منه ، ودعواك إلى مباعلته ، وحضّاك على ملائمة راءيى ، والمسارعة إلى هواى ، فقولى لهما: عبداللّه بن سلام كفؤ كريم ، وقريب حميم ، غير اءنه تحته اءريـنـب بـنـت اسـحق ، واءنا خائفة اءن يعرض لي من الغيرة ما يعرض للنساء، فاءتولّى منه ما اءسـخـط اللّه فـيـه ، فـيـعذّبني عليه ، فاءفارق الرّجاء، واءستشعر الا ذى ، ولست بفاعلة حتّى يـفـارقـهـا.