فـقـد ظـهـر مـمـّا بـيـّنـاه انّ هـذا ايـضـا مـن المـخـالفين الّذين يتشبّثون بكلّ حشيشة في الطّعن على اءهل الحقّ.
ومـمـّا يـنـادى بـمـا بـيـّنـاه واءوضـحـناه ، ما مرّ ذكره في كثير من العبارات التى ذكرناها انفا من إشتراطه عليه ، اءن لايتسمّى اءميرالمؤ منين ، ضرورة اءنّه ، صريح في اسقاطه عن إمارة المؤ منين ، بل وشرط عدم إقامة الشّهادة عنده ينادي صريحا بإنّه قد حكم عليه عيانا باءنّه من حكّام الجور والبـاطـل ، فلا محالة لم يكن ما فعله الا مام (ع ) إلاّ محض دفع نفسه عن إرتكاب لوازم حكومة الا مـام ، المـتـمـكّن في إمامته ، المطاع فى منصبه باءطفاء نار المحاربة الّتى كانت بين الفريقين حـسـبـمـا إقـتـضـتـه المـصـلحـة فـي ذلك الوقـت ، كـمـا فـعـل اءبـوه مـع مـن تـقـدّم عـليـه ، وفعل جدّه مع طوايف عديدة منها اءهل مكّة يوم الحديبية .
وروى وغـيـره عـن الحـسـن البـصـرى قـال : سـمـعـت اءبـا بـكـرة ونـقـيـع بـن الحـارث كـلّ يـقـول راءيـت رسـول اللّه (ص ) والحـسـن بـن عـلى (ع ) إلى جـنـبـه ، وهـو يـقـبـل عـلى النـّاس مـرة وعـليـه اخرى ، ويقول : (انّ هذا إبنى سيد، ولعلّ اللّه ان يصلح به بين فئتين [عظيمتين (348)] من المسلمين ). (349) وفـي روايـة اءبـي العـلاء والخـفـّاف وسـديـر الصـيـرفـي ، عـن اءبـي سـعـيـد عـقـيـصـا قـال :
دخـلت اءنـا وجـمـاعـة مـن النـّاس عـلى الحـسن بن على (ع ) بعد المصالحة ، فلا مه بعضهم وقال : لم داهنت معاوية وصالحته ؟ وقد علمت انّ الحقّ لك دونه ، وانّ معاوية ضالّ باغ .
فقال :
(ويحكم ، ما تدرون ما عملت ، واللّه الّذى عملت خير لشيعتى ممّا طلعت عليه الشّمس وغربت ، اءلا تـعـلمـون انـّي حـجـة اللّه تعالى على خلقه وإمام مفترض الطّاعة عليهم بعد اءبي ، واءحد سيّدى شـبـاب اءهـل الجـنـّة بـنـصّ رسـول اللّه (ص )؟) قـلنـا: بـلى ، قـال : (اءلسـت الّذى قـال رسـول اللّه (ص ) لي ولاخـي الحـسين (ع ): إمامان قاما اءو قعدا؟) قلنا: بـلى ، قـال : (فـأ نا اذا إمام لوقمت ، واءنا إمام إذا قعدت ، ويحكم علّة مصالحتي لمعاوية ، هي علّة مـصـالحـة رسـول اللّه (ص ) لبـنـي ضـمـرة ، وبـنـى اءشـجـع ، ولاهـل مـكـّة حـيـن إنـصـرف مـن الحـديـبـيـة ، اءُولئك كـفـّار بالتنزيل ، ومعاوية واءصحابه كفار بالتّاءويل ).
اءيـّهـا النـاس : اذا كنت إماما من قبل اللّه تعالى ، لم يجب ان يسفّه راءيى فيما اتيته من مهادنة اءو مـحـاربـة . وإن كـان وجه الحكمة فيما اءتيته ملتبسا، اءلا ترون انّ الخضر لمّا خرق السّفينة ، وقتل الغلام ، واءقام الجدار، سخط موسى عليه فعله ، لا شتباه وجه الحكمة عليه ، وكان ذلك عند اللّه حـكـمـة وصـوابـا، ولم يـعـلم بـه مـوسـى (ع ) حـتـّى اءخبره الخضر فرضى ، فهكذا اءنتم سـخـطـتـم عـليّ بـجـهلكم لوجه الحكمة فيه ، ولو لا ما اءتيت لماترك من شيعتنا على وجه الارض اءحـدا الا قتله (350) اما علمتم انّه ما منّا اءحد الاّ ويقع في عنقه بيعة ، لطاغية زمانه ، الاّ القـائم الّذى يـصـلّى خـلفـه عـيـسـى بـن مـريـم (ع ) فـانّ اللّه عـزوجـيـل يـخـفى ولادته ، ويغيّب شخصه لئلا يكون لاحد في عنقه بيعة اذا خرج ذك التّاسع من ولد اءخي الحسين (ع ). (351) وكـفـى ما ذكرناه لصاحب البصيرة ، فاءفهم حتّى يتضح لك من هذا ايضا وجوه الحكم والمصالح الّتـى كـانـت فـي خـروج الحـسـيـن (ع )، وشـهـادتـه . ويـظـهـر سـخـافـة مـن مـوّه فـي ذلك عـلى الجهال ، باءنّه لم يكن في محلّه :
امـّا اوّلا: فـلانـّه اذا كـان إمـامـا مـن قـبـل اللّه تـعالى لا سيّما مع وضوح علمه ، وعصمته المحروس بـسـبـبـهـمـا عـن الضـّلال والخـطـاء، وكـونـه اءحـد الثـّقـليـن الّذيـن لم يـفـتـرقـا حتّى يردا على رسول اللّه (ص )، وجب اءن لايسفّه راءيه فيما اءتى به وإن لم يعلم وجه الحكمة .