ذخیره الدارین فیما یتعلق بمصائب الحسین و اصحابه (علیهم السلام) نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وامـّا ثـانـيـا: فـلانـّه كـمـا كـانـت المـصـلحـة في وقت صلح الحسن (ع ) في ترك المحاربة ، كانت المـصـلحـة في زمان الحسين (ع ) الاقدام في الحرب ، والاجهار بظلم طاغية زمانه ، وان علم يقينا انّ فـي ذلك شـهـادتـه وسـبـى حـريـمـه ، فـإنّ مـن تـاءمـل حـقـّ التـاءمـل فـيـمـا ذكـرنـاه ، وفـيـمـا نـقـله اءهـل السـّيـر، وغـيـرهـم ، مـن احـوال اءهـل زمـانـه ، وزمـان اءخـيـه ، وطاغية عصر كلّ منهما، علم اءنّ صلح اءخيه كان لا جتماع امور مـرجـحـة كـلّهـا للصـّلح شـرعـا وعـقـلا ولم يـكـن واحـد مـنـهـا مـوجـودا فـي عـصـره ، بل كان الامر بالعكس .فالا وّل : إنّ الحسن (ع ) صالح بعد إن اءتمّ الحجّة على القوم اءلّذين بايعوه باءنّهم كاذبون فـي دعـواهـم الطـّاعـة والنـّصـرة له خـائنون في البيعة معه ، حيث خرج معهم إلى الجهاد فخذلوه وخـانوا معه كرارا، بحيث لم يبق لهم حجّة اصلا ولا عذر مطلقا، لاعنده (ع ) ذلك اليوم ولا عند الله يوم القيمة .الاترى انّه (ع ) كما مرّ انفا، بعد ان صرّح لهم يوم بيعتهم بعد اءبيه ، انّكم كذا وكذا وما وفيتم لا بي وهو خير منّي ، فماتفون لي قال لهم : (فان كنتم صادقين فاُخرجوا معي إلى معسكر المدائن ). فـانّه صريح في اءنّه (ع ) وإن كان يعلم بينه وبين اللّه اءنّ حالهم بنحو ما اخبرهم به لكن لم يـكـن يـتـّم الحجة عليهم الا بعد بروز خيانتهم بوقوع المخالفة منهم بالنّسبة اليه . ولهذا لَمّا اتمّ الحجّة عليهم بما صدر عنهم بالنّسبة اليه عزم على الصّلح انتهى .وامـّا الحـسين (ع ) فلم يكن حاله كحال اُخيه ، لا نّ اءهل الكوفة راسلوه بالعراق بجدّ تامّ، وإهتمام تـمام ، واءيمان وكيدة ، وعهود وثيقة ، في الا طاعة والنّصرة ، حتّى إنّهم خذلوا الوالي عليهم من طـرف الجـابـر واحتجّوا عليه في مكاتيبهم ، باءنّه إن لم يتوجّه إليهم ، يؤ اخذوه يوم القيمة ، بـاءنـه اءهـمـل إعـانتهم لترويج الدّين ، ودفع الجابرين فكيف كان يتم الحجّة عليهم حينئذٍ وقد كـان هـو (ع ) فـي الحـجـاز بـعـيـدا عـنـهـم ، بـدون اءن يـاءتـيـهـم ، سـيـّمـا بـعـد اءن اءرسـل إليـهـم مـسـلم بـن عـقـيـل فـاءطاعوه وبايعوه ، وكتب إليه باتّفاقهم عليه ، وعلم الا مام بحقيقة الحال لايكفي ، كما ظهر في إتمام الحجّة على الامّة الاترى انّ اللّه تعالى بعث كثيرا من الا نـبـيـاء إلى النـّاس ، فـقـتـلوهـم ولم يـطـيـعـوهـم اءصـلا مـع عـلمـه الكامل بذلك . وكفى في ذلك قوله عزّوجلّ (لئِلاّ يَكونَ لِلنّاس عَلَى اللّهِ حُجَّة بَعَدَ الرُّسُل ) (352) وقوله (وما كنّا معدّ بين حتّى نبعث رسولا) (353) والايات من هذا القبيل كثيرة .والثـّانـى : إنّ طـاغـيـة زمـان الحـسـن (ع ) وهـو مـعـاويـة ، لم يـكـن مثل إبنه اللّعين طاغية زمان الحسين (ع ).فامّا معاوية - مع شدّة عداوته وبغضه لاهل البيت وشيعتهم -: كان ذادهاء ونكرى وحزم ، وكان يعلم انّ قـتـلهم علانية يوجب رجوع النّاس عنه ، وذهاب ملكه منه وخروج النّاس عليه ، فكان يداريهم ظاهرا على اءىّ حال .ولذا صـالح الحـسـن (ع ) ولم يـتـعـرّض له الحـسـيـن (ع ) بـعد شهادة اءخيه الحسن (ع )، حتّى إنّ اءهل الكوفة راسلوه بعد رحلة الحسن (ع ) فاءمرهم بالصّبر وعدم المصلحة في ذلك .وقـد روى جـمـاعـة مـن الفـريـقـيـن : اءنّ الحـسـين (ع ) قد كان يكاتب معاوية بالمعاتبة في بعض اءحـواله كـمـا ذكـرنـا فـى صـدر الكـتـاب ، فـى المـجـلس الا وّل ، فـلذا لم يـكـن يـردّ عـليه بسوء، ولمّا اءراد اءن ياءخذ منه البيعة ليزيد، فامتنع عنه سكت ولم يـقـل شيئا، حتّى اءوصى ولده اللّعين عند موته بعدم التعرّض للحسين (ع ) بالمحاربة كما سـيـاءتـى انـشـاء اللّه تـعـالى فـي