الماهيّات آثار توحيده ؛ حسبما يرشدك إليه قوله سبحانه : « سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ » 1 ألا كلّ شيء ما خلا اللّه باطل .
ثمّ لا يخفى أنّ المراد من المعرفة حينئذٍ مطلق العلم به وإن كان في ضمن التصديق به .
ثمّ ذكر ذلك الفاضل الماجد :
ومنها أنّ إدراك حقيقة النفس متعذّر أو متعسّر ـ إلى قوله ـ وإذا كان هذا حال النفس مع أنّها أدنى 2 الأشياء إلى نفسها فكيف يطمع في إدراك الواجب ، انتهى .
والظاهر من المعرفة عند أربابها هو هذا ؛ حيث إنّها الإدراك التصوّري سيّما بالبسيط الحقيقي كما لا يخفى ، فيناسب هذا التقرير غاية المناسبة ذاتها ونهاية المعانقة أسناها ، وإن صحّ إطلاقها على العلم التصديقي ـ كما مرّ ـ كما لا يخفى على الفلسفي .
وإذا تقرّر هذا فنقول : سرّ عدم تعقّل النفس نفسها بساطة جوهر ذاتها وعدم تركّبها من الأجزاء المعنويّة 3 وإن تركّبت من الأجزاء العقليّة كما لا يخفى ، فمَن عجز عن معرفة نفسه فأخلقُ به أن يعجز عن معرفة ربّه ؛ شعر :
ثمّ قال :
والغرض امتناع إدراك حقيقة الواجب بتعليقه على ما علم استحالته ، لا الاستدلال على امتناعه ليرد عليه أنّ استثناء نقيض المقدم لا ينتج .
1 - سورة فصّلت ، الآية 53 . 2 - أي أقربها . «م» . 3 - أي الأجزاء الخارجية على اصطلاح الحكماء . «م» . 4 - إشارة إلى الأحمدية . «م» . 5 - إشارة إلى مرتبة الصمدية . «م» . 6 - إشارة إلى عينية الصفات . «م» .