صحيح أنّ الاِنسان العادي بطبعه يمتلكه اليأس والقنوط عند المصائب ، كما أشار القرآن صراحة لذلك بقوله : (... وإن مسَّهُ الشرُّ فيئُوسٌ قنُوطٌ ) (1) .. ( ولئن أذقنا الاِنسانَ مِنَّا رحمةً ثمَّ نزعناها منهُ إنَّهُ ليئوسٌ كفورٌ ) (2) ، ولكن الاِنسان المؤمن المتسلح بالعقيدة وقور عند الشدائد ، صبور عند النوازل ، لا يتسرب الشك إلى نفسه : (.. لا ييئسُ من رَوحِ اللهِ إلاّ القومُ الكافِرُونَ ) (3) .
يصف مولى الموحدين عليه السلام أولياء الله فيقول : « .. وإن صُبّت عليهم المصائب لجؤوا إلى الاستجارة بك ، علماً بأنّ أزمّة الاُمور بيدك ، ومصادرها عن قضائك » (4) .
والملاحظ أنّه في الوقت الذي يركّز فيه أمير المؤمنين عليه السلام في توصياته على عدم اليأس من رَوح الله ، فإنّه يؤكد في تعاليمه التربوية العالية على اليأس عما في أيدي الناس ، لكي يكون الاِنسان متكلاً على ربِّه ، ولايكون كلاًّ على غيره ، يقول عليه السلام : « الغنى الاَكبر اليأس عمّا في أيدي الناس » (5) .
ضمن هذا السياق ، تخفف العقيدة في نفوس معتنقيها من الضغوط
(1) فصلت 41 : 49 .
(2) هود 11 : 9 .
(3) يوسف 12 : 87 .
(4) نهج البلاغة ، صبحي الصالح : 349 .
(5) نهج البلاغة ، صبحي الصالح : 534 .