فقه الحج

لطف الله الصافی

جلد 2 -صفحه : 33/ 12
نمايش فراداده

وفيه: أنه يتم لو كان الإتمام في أثناء العمل أو قبله.

وعن التذكرة والتحرير والمنتهى استحباب الرد في صورة الفضل تحقيقاً للإخلاص في العبادة. (2)

وفيه أيضاً: إن كان ذلك بعد العمل لا يؤثر في الإخلاص، نعم إن كان قبل العمل أو في أثنائه أو نوى ذلك حين العمل يؤثر فيه.

والله هو العالم.

استحقاق الأجير بعد ما أفسد حجه

استحقاق الأجير بعد ما أفسد حجه

مسألة 20 ـ لا ريب في ان الأجير للحج كالأصيل إن أفسد حجه بالجماع قبل المشعر يجب عليه إتمامه والحج من قابل وكفارة بدنة لإطلاق النصوص وشمولها للحاج عن نفسه وعن غيره.

ولكن يأتي الكلام في أنه هل يستحق الاُجرة على الاول اولا؟ قولان مبنيان على أن الواجب الأصلي هو الأول والثاني عقوبة، أو أن الحج الثاني هو الأصلي وإتمام الأول عقوبة.

فإن قلنا بالأول يستحق الاجير تمام الأجرة، لأنه أتى بالحج المستأجر عليه وفرغت به ذمة المنوب عنه، فإن اتفق موت الأجير قبل إتيانه بالثاني أو تركه عصياناً أو نسياناً لاحق للمستأجر عليه، لأنه لادخل لإتيانه بالثاني في صحة الأول.

وفي الجواهر قال: (التحقيق أن الفرض الثاني لا الأول الذي اُطلق عليه اسم الفاسد في النص والفتوى.

.

.

)(3).

وعلى هذا يلزم علينا النظر في النصوص سنداً ودلالة حتى يتبين الحكم إن شاء الله.

1 ـ جواهر الكلام: 17/382.

2 ـ جواهر الكلام: 17/382.

3 ـ جواهر الكلام: 17/389.

[118]

فنقول: أما ما يدل على أن الأول هو الأصل والمكلف به والثاني عليه عقوبة فمنها المضمرة التي رواها الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة قال: «سألته عن محرم غشي امرأته وهي محرمة؟ قال: جاهلين أو عالمين؟ قلت: أجبني في الوجهين جميعاً، قال: إن كانا جاهلين استغفرا ربهما ومضيا على حجهما وليس عليهما شيء وإن كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه وعليهما بدنة وعليهما الحج من قابل فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرق بينهما حتى يقضيا نسكهما ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا، قلت: فأيّ الحجتين لهما؟ قال: الأولى التي أحدثا فيها ما احدثا والاُخرى عليهما عقوبة»(1).

وإضمارها غير مضر باعتبارها بعد ما كان المضمر مثل زرارة الذي لا يسأل الحكم عن غير الإمام (عليه السلام) ودلالتها على إجزاء الأول عن التكليف ظاهر لا يحتاج إلى البيان.

وما قيل من أن صدرها وإن كان مطلقاً يشمل المحرم النائب إلا أن ذيلها يدل على أنهما حجا عن أنفسهما(2) لا يضر على ما نحن بصدده من كون الأول هو المكلف به والواقع عن المنوب عنه، لعدم إحتمال الفرق في ذلك بين الحاج عن نفسه والنايب.

ومنها: صحيحة إسحاق بن عمار التي سبق ذكرها، قال: «سألته عن الرجل يموت فيوصي بحجة فيعطى رجل دراهم يحج بها عنه ـ إلى أن قال ـ: فإن ابتلى بشىء يفسد عليه حجه حتى يصير عليه الحج من قابل أيجزي عن الأول؟ قال: نعم، قلت: لأن الأجير ضامن للحج؟ قال (عليه السلام): نعم»(3).

وصحيحته الاُخرى: «في الرجل يحج عن آخر فاجترح في حجه شيئاً يلزمه فيه الحج من قابل أو كفارة؟ قال: هي

1 ـ الكافي: 4/373.

2 ـ معتمد العروة: 2/58.

3 ـ وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب النياية ح 1.

[119]

للأول تامة وعلى هذا ما اجترح».(1)

قال بعض الأعاظم (قدس سره): (هذه الروايات صريحة في صحة الحج الأول وأنه الحج الأصلي والثاني عقوبة)(2).

وظهور هذه الروايات بل صراحتها على صحة الحج الأول وإجزائه عن المنوب عنه لا يقبل الإنكار وعليه تفرغ ذمة المنوب عنه وإن لم يأت النائب بالحج الثاني عصياناً أو نسياناً.

نعم، يمكن التكلم في دلالة الثانية لقوله: «يفسد عليه حجه حتى يصير عليه الحج من قابل أيجزي عن الأول» فإنه يدل على فساد حجه وبقائه في ذمته حتى يأتي به في العالم القابل.

ومراده من قوله: «أيجزي عن الأول» يمكن أن يكون السؤال عن إجزائه عن الأول بعد اتيان النائب به ثانياً لإمكان أن لا يكون مجزياً عن الأول مطلقاً لفساد حجه الأول ولأن الثاني عقوبة عليه.

وكيف كان ففي غيرها من الروايات غنى وكفاية لذلك.

وأما ما يمكن أن يستدل به لكون الفرض الثاني فهو ظاهر قولهم(عليهم السلام) في روايات كثيرة: «فعليه الحج من قابل» فإن ظاهره أن عليه حجه الذي كان عليه يأتي به من قابل إلا أن ذيل رواية زرارة التي فيها «وعليهما الحج من قابل» تفسر هذه الروايات بأن الحج من قابل عقوبة.

نعم، أخرج الكليني عن عدة من أصحابنا(3) عن أحمد بن محمد عن الحسين بن

1 ـ وسائل الشيعة: باب 15 من أبواب النياية ح 2.

2 ـ معتمد العروة: 2/86.

3 ـ إن كان أحمد بن محمد، أحمد بن محمد بن عيسى فالمراد من العدة محمد بن يحيى العطار وعلي بن موسى الكميداني وداود بن كورة وأحمد بن إدريس وعلي بن إبراهيم، وإن كان أحمد بن محمد بن خالد فهم علي بن إبراهيم وعلي بن محمد بن عبدالله بن اُذينة وأحمد بن عبدالله وعلي بن الحسن وأحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد وهما من السابعة.

[120]

السعيد(1) عن فضالة بن أيوب(2) عن أبي المغرا(3) عن سليمان بن خالد(4) قال: «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: في الجدال شاة، وفي السباب والفسوق بقرة، والرفث فساد الحج»(5).

ولكن الظاهر بقرينة مادل صريحاً على أن الاُولى له وأنها تامة أنّ المراد بالفساد وقوع الخلل الكبير فيها بحيث يوجب عليه بدنة والحج من قابل.

ثم إنه لا فرق على القول بكون الحجة الاُولى تامة بين كونها مطلقة أو معينة.

وهل يجب عليه أن يأتي بالحج الثاني بقصد النيابة عن المنوب عنه أو بهذا العنوان الذي وجب على نفسه؟ الظاهر أنه يأتي به كذلك وإن كان يمكن أن يحتاط بإتيانه بقصد الواجب الذي عليه.

هذا كله على القول بأن الحج الأول وقع صحيحاً، وأما على القول بفساده وأن الفرض هو الثاني فالكلام فيه يقع في طي اُمور:

الأول: هل المستفاد من الأدلة وجوب الحج عليه من قابل مطلقاً وإن لم يكن الحج الأول واجباً عليه أو انفسخت الإجارة لكونها مقيدة بسنة معينة إذ المراد من قوله (عليه السلام): «عليه الحج من قابل» بيان فساد حجه وأنه حيث كان آتياً بالحج الواجب، عليه الحج من قابل فلا يجزي عنه، فإذا كان حجه مستحباً أو نيابة عن الغير بالإجارة وانفسخت إجارته بفساده أو بالإقالة لا يجب عليه الحج من قابل؟ فيه وجهان.

الثاني: هل تنفسخ الإجارة حينئذ إذا كانت مقيدة بسنة معينة؟ قيل: إن ظاهرهم ذلك.

1 ـ من كبار السابعة.

2 ـ من السادسة ثقة في حديثه مستقيماً في دينه ممن أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عنهم وتصديقهم وأقروا لهم بالعلم والفقه.

3 ـ حميد بن مثنى من الخامسة ثقة ثقة له أصل.

4 ـ من الرابعة كان قارياً وجيهاً وجهاً.

5 ـ الكافي: 4/339، ح 6.

[121]

وفيه: أن الإجارة تنفسخ إذا صار الأجير معذوراً من إتياته وانتفى موضوعها بأسباب قهرية غير اختيارية، أما إذا صار الأجير عاجزاً عن الإتيان بالمستأجر عليه بتقصيره واختياره فالظاهر أنه لا وجه لانفساخ الإجارة بنفسها، فللمستأجر مطالبة الأجير بالقيمة ورد الاجرة السماة أو الفسخ واسترداد الاُجرة المسماة، وإذا كانت الإجارة مطلقة يبقى المستأجر عليه في ذمة الأجير.

الثالث: على البناء على فساد الحج الأول، لاريب في عدم استحقاق الأجير الاُجرة عليه، وهل يستحقها إذا أتى بالحج الثاني أم لا؟ حكي عن جماعة أنه لا يستحق الاُجرة عليه وإن أتى به بقصد النيابة، وذلك لعدم إتيان العمل المستأجر عليه في السنة المعينة والحج الذي أتى به لم يأت به بأمر المستأجر حتى يوجب الضمان.

بل أتاه بأمر الله تعالى عقوبة عليه.

وفيه: أن كون الثاني عقوبة معناه الإتيان به لأمره الخاص به ولازمه كون الأول مجزياً، فإذا كان الأول فاسداً يجب أن يكون الثاني صحيحاً مجزياً بدلا عن الأول ولو شرعاً وتعبداً ومقتضى ذلك استحقاق الأجير للاُجرة.

نعم: إن قلنا بأن الأول إذا كان مقيداً بسنة معينة ولم يكن مطلقاً وفسد بالرفث لا يجب عليه الحج من قابل، لأن وجوبه يدور مدار بقاء الإجارة وبعد انفساخها بالرفث لا يجب عليه الحج من قابل فلا يستحق الأجير الاُجرة حينئذ.

وبالجملة: فالظاهر أن الحج الثاني إن كان عقوبة فيجب أن يكون الأول مجزياً صحيحاً وإن كان هو الحج الأصلي فيستحق الأجير عليه الاُجرة المسماة شرعاً وما قيل من أنه لا ملازمة بين وجوبه في القابل وكونه عوضاً(1) صحيح لامكان كون وجوبه في القابل عقوبة ولكن ندعي الملازمة بين عدم كونه عقوبة وكونه بدلا وعوضاً.

والحاصل: لا ريب في أن إحدى الحجتين تجزي عن التكليف الأصلي فإن كانت هي الحجة الاُولى يستحق الأجير الاُجرة، وإن كانت الثانية لكونها بدلا وعوضاً عن الاُولى فيستحق الاُجرة شرعاً بحكم الشارع.

1 ـ معتمد العروة: 2/90.

[122]

الرابع: هل تفرغ ذمة المنوب عنه إن قلنا بعدم استحقاق الأجير للاُجرة فلا يجب عليه الحج ثانياً أم لا؟.

الظاهر أنه لو قلنا باستحقاق الأجير للاُجرة، لا كلام في فراغة ذمة المنوب عنه، وأما لو قلنا بعدم استحقاقه للاُجرة فهل يوجب إتيان الأجير بالحج من قابل براءة ذمة المنوب عنه أم لا؟

الظاهر أنه يوجب ذلك فإن قوله(عليه السلام): «عليه الحج من قابل» يعني الحج الذي كان عليه فكما أنه إذا كان حاجاً عن نفسه يجزيه ذلك عن حجة الإسلام ولايجب عليه الثالث، كذلك في الحج النيابي ما يلزم عليه هو الحج الأول من قابل، فلا يجب عليه في صورة الإطلاق حج ثالث ولو كان على الحاج عن نفسه حج ثالث يكون هو حجة إسلامه التي قصدها في الحج الأول وكذلك لو كان على النائب حج ثالث أو المنوب عنه لكان اللازم الإيعاز إليه في الروايات وحيث لم يوعزوا إلى ذلك يعلم منه كفايته عن الحج الأول.

متى يملك الاجير الاجرة

متى يملك الاجير الاجرة

مسألة 21 ـ يملك الأجير الاُجرة بمجرد الإجارة، كما أن المستأجر أيضا يملك العمل فى ذمته كذلك.

و قد ذكروا هنا فروعا لابأس بالإشارة إليها:

أحدها: أنه لايجب على المستأجر تسليم الاُجرة إلا بعد العمل لبناء المعاملات على التسليم والتسلم، إلا إذا كان هناك شرط مذكور بينهما أو انصراف إلى صورة متعارفة.

ثانيها: أنه لو كانت الإجارة مطلقة و تبرع الوكيل أو الوصي بإعطاء الاُجرة قبل العمل يكون ضامنا، لأنه لم يكن له ذلك إلا إذا كانت وكالته أو وصايته على ذلك، و أما إذن الوارث فلا أثر له في جواز الإعطاء ولايخرج به الوصي عن الضمان لأنه أجنبي عن المال.

ثالثها: أنه لو لم يقدر الأجير على العمل قبل تسليم الاُجرة إليه هل لكل من المستأجر و الأجير فسخ الإجارة، أو أن ذلك يوجب بطلان العقد لعدم قدرة الأجير على التسليم؟ و أما الفسخ فهو متوقف على بقاء الإجارة في صورة عدمه و مع عدم القدرة على التسليم لاتبقى الإجارة و لا موضوع لجوازها و ترتب

[123]

آثارها عليها.

وبذلك يجىء الإشكال فيما هو المتعارف من استيجار من ليس قادرا على الحج بالاُجرة، فإنه إذا كان الأجير بنفسه عاجزا عن الإتيان بالعمل إلا بالاُجرة فليس العمل مقدوراً بنفسه من أول الأمر، فإذا كانت صحة الإجارة متوقفة على كون العمل مقدوراً للأجير فلا تنعقد هذه الإجارة، لأنه يجب أن يكون الأجير متمكنا من إتيان العمل بنفسه و قبل الإجارة، إذاً فكيف يصح استيجار من لايتمكن من الحج بنفسه؟

ثم على الوجه الأول ما معنى كون خيار الفسخ للأجير كالمستأجر؟ فإنه يمكن أن يقال: إن المستأجر له الخيار فإما يفسخ المعاملة فلا حق للأجير عليه، و إما يختار البقاء عليها فتبقى ذمة الأجير مشغولة له بالحج أو بقيمته، و أما الأجير فهو لا يقدر على تسليم العمل فلا حق له على المستأجر ولايجوز له مطالبة الاُجرة فسخ أم لم يفسخ.

رابعها: إذا كانت الاُجرة عينا فنمت قبل العمل و قبل تسليمها فالنماء يكون للأجير و إن حصل عند المستأجر، لأنه بعقد الإجارة صار مالكاً لها فهو تابع للأصل.

المباشرة والتسبيب في الاجارة

المباشرة والتسبيب في الاجارة

مسألة 22 ـ مقتضى إطلاق الإجارة المباشرة، لأن ظاهر قوله: آجرتك على أن تفعل كذا، صدور الفعل عن الأجير بالمباشرة و منتسبا إليه بنفسه، فلا ترفع اليد عن هذا الظاهر إلا بالقرينة، إذاً فلا يكفي التسبيب في تحصيله، و ليس هذا مثل قولهم: «بنى الأمير المدينة» فإنه مجاز معلوم بالقرينة، لأن الأمير لايباشر بنفسه أمر بناء المدينة، فعلى هذا لايجوز للأجير استيجار الغير إلا بإذن المستأجر.

وهنا رواية عن مولانا أبي الحسن الرضا(عليه السلام) رواها في الكافي عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن جعفر الأحول، عن عثمان بن عيسى، قال: «قلت لأبي الحسن الرضا(عليه السلام): ما تقول في الرجل يعطى الحج فيدفعها إلى غيره؟ قال: لا

[124]

بأس به».(1)

ورواها الشيخ في التهذيب تارة عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي سعيد عن يعقوب بن يزيد عن جعفر الأحول عن عثمان بن عيسى بلفظ الكافي(2) و أُخرى عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن الأحول عن عثمان بن عيسى عن أبي الحسن(عليه السلام): «في الرجل يعطى الحج فيدفعها إلى غيره قال: لا بأس».(3)

وهذه الرواية ساقطة عن الإحتجاج بها بما في سندها من بعض العلل:

أما سندها في الكافي فسهل بن زياد من الطبقة السابعة و جعفر الأحول إن كان من الخامسة فهو مجهول و روايته عمن هو في الطبقة المتأخرة عنه لا يستقيم، وإن كان جعفر بن بشير فهو من السادسة، ثقة، جليل القدر، غير أنه لم يوصف بالأحول و عثمان بن عيسى أيضاً من السادسة يروي عن مولانا الرضا(عليه السلام) وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.

وأما سند التهذيب الأول فمحمد بن أحمد بن يحيى من السابعةثقة، إلا أنه قيل: إنه يروي عن الضعفاء و أبو سعيد أيضا من السابعة و لعله هو سهل بن زياد أبو سعيد الآدمى، و يعقوب بن يزيد من السابعة كاتب المنتصر، هو و أبوه ثقتان و جعفر الأحول ففيه ما ذكر.

وأما سنده الثاني فجعفر بن بشير من السادسة و أما الأحول فإن كان من الخامسة ففيه الإشكال المذكور و إن كان من السادسة فهو مجهول، والحاصل إن السند مضطرب جداً والظاهر إن أسد الثلاثة سند الكافي و لكنه هو ضعيف بجعفر الأحول.

وأما دلالتها فيمكن أن يقال: إن مورد السؤال فيها هو إعطاء الحج ليأتي بها بالمباشرة فدفعها إلى غيره، فأجاب الإمام(عليه السلام): «لا بأس به» و أما إذا أعطاها مباشرة أو بالتسبيب فلاحاجة فيه إلى السؤال.

1 ـ الكافى: 4 / 309.

2 ـ تهذيب الاحكام: 5 / 17.

3 ـ تهذيب الاحكام: 5 / 462

[125]

ويمكن أن يقال بالعكس: فإنه اُعطي الحجة ليأتي بها بالمباشرة لامحل للسؤال عن جواز دفعها إلى غيره، فلابد أن يكون السؤال عما إذا لم يكن هنا ما يدل على المباشرة أو الأعم منها و من التسبيب، فنفى الإمام(عليه السلام) البأس عن دفعها إلى غيره.

وكيف كان ليست للرواية دلالة ظاهرة على إطلاق جواز الدفع إلى الغير ولو كان كلام المستأجر ظاهرا في المباشرة.

والله العالم.

استيجار من ضاق وقته عن إتمام الحج تمتعاً للافراد

استيجار من ضاق وقته عن إتمام الحج تمتعاً للافراد

مسألة 23 ـ لا يجوز استيجار من ضاق و قته عن إتمام الحج تمتعاً لأن يحج حج الإفراد عمن عليه حج التمتع.

وذلك لعدم الدليل على كون ذلك بدلاً اضطراريا عن التمتع وإن انحصر الأجير بهذا الشخص، ولا يكفي في ذلك، القول به في من حج عن نفسه وضاق وقته عن إتمامه تمتعاً، و إن كان فيه أيضاً إشكال، لأن ما يدل على بدلية الإفراد عن التمتع إذا حج عن نفسه لايكفى في إثبات بدلية حج النائب، و تمام الكلام يأتي إنشاء الله في محله.

وأما لو استأجره في سعة الوقت و اتفق ضيق الوقت في الأثناء، ففي جواز العدول إلى الإفراد و إجزائه عن المنوب عنه و عدمه قولان، أقواهما الجواز و الإجزاء، وذلك لإطلاق طائفة من أخبار العدول المذكورة في الوسائل. (1)

ولا وجه لانصرافها إلى الحاج عن نفسه، غير كون الحج عن نفسه متيقناً منه، و لكن ذلك لا يوجب الإنصراف و اختصاص المطلق به كما في سائر الموارد وإلا فلا يبقى إطلاق لمطلق، لأن في كل مطلق يوجد قسم خاص شمول المطلق له يقيني أو أظهر فيه من سائر الأفراد.

وبعبارة اُخرى: المطلق يدل عليه بالنص وفي غيره يكون بالظهور و هذا لايوجب صرف حجية المطلق عن سائر أفراده و اختصاصه بالمتيقن.

ثم إن لازم القول بجواز العدول إلى الإفراد بل بوجوبه هو الإجزاء عن المنوب عنه لأن البناء على شمول الروايات للحج النيابي و عدم اختصاصه بالحج عن

1 وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج

[126]

نفسه ذلك فكما يجزيه العدول في الحج النفسي يجزيه عن النيابي.

و هذا نظير النيابة في الصلاة فمن شك فيها بين الثلاث و الأربع يبني على الأربع و يأتي بصلاة الإحتياط ويجزي ذلك عن المنوب عنه.

و إن علم بعد ذلك نقصان صلاته واقعاً.

فلا فرق في ذلك بين صلاة نفسه و صلاته نيابة عن غيره.

وأما استحقاق الأجير للاُجرة فإن كان أجيراً على الحج المفرغ للذمة، فلاشك في استحقاقه، لأنه أتى بما يجب عليه بحسب الإجارة.

نعم إن كان أجيراً لخصوص حج التمتع أو لأفعال حج التمتع لايكون مستحقاً للاُجرة في الصورة الاُولى، وفي الثانية يكون مستحقا لها بنسبة ما أتى به من الأعمال إن لم تكن الإجارة واقعة على كل منها بوصف كونه سابقا على الأعمال المترتبة عليه وإلا فلا يستحق شيئا.

التبرع عن احد في الحج

التبرع عن احد في الحج

مسألة 24 ـ لا إشكال و لا خلاف ظاهراً في جواز التبرع عن الميت فى الحج الواجب سواء كان حجة الإسلام أو غيرها.

قال في الجواهر: (بلاخلاف أجده في شيء من ذلك بل الإجماع بقسميه عليه، بل النصوص مستفيضة أو متواترة فيه من غير فرق في الميت بين أن يكون عنده ما يحج به عنه أم لا و بين إيصائه به و عدمه و بين قرب المتبرع للميت و عدمه وبين وجود المأذون من الميت أو وليه وعدمه، كل ذلك لإطلاق النصوص و معاقد الإجماعات).(1)

أقول: من تلك الروايات التي أشار إليها صاحب الجواهر (قدس سره) ما رواه في الكافي بإسناده عن ابن مسكان عن عامر بن عميرة قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): بلغني عنك أنك قلت: لو أن رجلاً مات و لم يحج حجة الإسلام فحج عنه بعض أهله أجزأ ذلك عنه؟ فقال: نعم اُشهد بها عن أبي أنه حدثني أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أتاه رجل فقال: يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إن أبي مات ولم يحج فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يجزي

1 ـ الجواهر: 17 / 387.

[127]

منه».(1)

ودلالته على إطلاق جواز النيابة عن الميت و إن لم يكن النائب من أهله، إنما تكون بإلغاء الخصوصية وعدم الفرق في التبرع عن الميت بين أهله و غيره.

كما أن الإمام(عليه السلام) لم يفرق بين الولد و غيره من أهله و لم يختص الحكم بالولد عن والده.

وروى الحديث الشيخ في التهذيب إلا أنه قال:«عن عبد الله بن مسكان عن عمار بن عمير».(2) ولذلك أسند بعض الأعاظم من المعاصرين السهو إلى قلمه الشريف لعدم وجود هذا الإسم في الرواة و أنه لم يذكره في رجاله و ذكر عامر بن عمير و حيث إن الظاهر اتحادهما و الكافي أضبط منه فهو عامر بن عميرة.(3)

أقول: الرجل من الخامسة و يكفي في الإعتماد عليه كون الراوي عنه ابن مسكان الذي هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم و تصديقهم لما يقولون وأقروا لهم بالفقه والراوي عن ابن مسكان في سند التهذيب صفوان بن يحيى الجليل و الراوي عنه موسى بن القاسم الذي هو أيضا من الأجلاء، إذا فلانحتاج في الإعتماد على مثل هذا أن يكون الرجل من رجال كامل الزيارات حتى يرد على المعتمد عليه عدوله عن البناء على كون رجال كامل الزيارات كلهم من الثقات.

ثم إن هنا رواية رواها الشيخ في موضعين من التهذيب عن موسى بن القاسم(4)عن عثمان بن عيسى(5) عن وزرعة بن محمد(6) عن سماعة بن مهران(7) قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الرجل يموت و لم يحج حجة الإسلام ولم يوص بها و

1 ـ الكافي: 4 / 277.

2 ـ تهذيب الاحكام: 5 / 404 3 ـ معتمد العروة: 2/101.

4 ـ من السابعة ثقة جليل واضح الحديث له ثلاثون كتاباً.

5 ـ من السادسة ثقة واقفي رجع عن الوقف.

6 ـ من السادسة ثقة واقفي له أصل .

7 ـ من الخامسة واقفي ثقة له كتاب.

[128]

هو موسر؟ فقال: يحج عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك».(1)

وقد يتوهم دلالتها على أن الحج عن الميت إذا كان موسراً لايجزي عنه إلا من ماله.

وفيه: إن من المحتمل أن يكون المراد أنه لا يجوز التصرف في ماله قبل إخراج حجه منه أو لايجوز غير الحج ولا يكفي له.

وربما يشهد لذلك صحيحة حكم بن حكيم قال: «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): إنسان هلك و لم يحج و لم يوص بالحج فأحج عنه بعض أهله رجلا أو امرأة هل يجزي ذلك و يكون قضاءاً عنه؟ و يكون الحج لمن حج و يؤجر من أحج عنه؟ فقال(عليه السلام): إن كان الحاج غير صرورة أجزأ عنهما جميعاً و اجر الذي أحجه».(2)

وجه الإستشهاد بها أن قوله: «ولم يوص بالحج» يدل على أن الميت له مال و لم يوص بالحج و إلا فلا أثر للوصية وعدمها(3).

وفيه: أن السائل ربما كان يحتمل دخل الوصية بالحج في إجزائه عن الميت.

و بعبارة اُخرى: كان سؤاله عن جواز النيابة عن الميت ابتداء و إن لم يوص هو به و كيف كان لاخلاف بينهم في جواز التبرع عن الميت بالحج و إن كان هو موسراً.

و الله هو العالم.

هذا كله في التبرع عن الميت و أما التبرع عن الحي فقد ادعي الإجماع على عدم جواز النيابة عنه في الحج الواجب و ذلك مقتضى الأصل و ظاهر أدلة تشريع الحج.

نعم قد مر في الحي المستطيع مالاً العاجز عن المباشرة وجوب الإستنابة عليه الذي لم يكن عليه حج واجب أو كان ولا يستطيع أن يأتى به.(4)

وأما الحج المندوب فيجوز الاستيجار والتبرع فيه حتى بغير إذنه، لظاهر الأخبار

1 ـ تهذيب الاحكام: 5 / 15 ح 41 و 404 / ح 1406 و52.

2 ـ وسائل الشيعة: باب 28 من أبواب وجوب الحج ح 8.

3راجع المعتمد العروة: 2 / 101.

4 ـ فقه الحج: 1/271.

[129]

المذكورة(1)، فما عن المنتهى من التصريح بعدم جواز الحج ندباً عن الحي إلا بإذنه، مردود بهذه الأخبار.

وأما إذا كان عليه حج واجب يستطيع أن يأتي به فجواز استيجار الحج المندوب له أو النيابة عنه تبرعاً محل إشكال، لأن النيابة إنما تصح إذا كان المنوب عنه مأموراً بالعمل الذي ينوب عنه النائب و من كان عليه حجة الإسلام أو حج واجب آخر ليس مأموراً بغيره.

اللهم إلا أن يقال: إنه مأمور به بالأمر الترتبي.

وفيه: إن ذلك فرع إثبات الأمر بالمندوب كالأمر بالمهم.

أما الإستدلال للجواز بإطلاق بعض الروايات مثل مارواه في الكافي في حديث عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام): «من حج فجعل حجته عن ذي قرابته كانت حجته كاملة و كان للذي حج عنه مثل أجره إن الله عزوجل واسع لذلك».(2)

فهو ضعيف بابن أبي حمزه، مضافا إلى ما في دلالته فإن الظاهر أن المراد منه جعل الثواب لذي قرابته لا نيابته عنه، وعلى فرض دلالته شموله للنيابة عمن عليه الحج الواجب محل المنع.

نيابة واحد عن اثنين أو أكثر