منهاج الصالحین

السید محمدسعید الحکیم

جلد 2 -صفحه : 82/ 6
نمايش فراداده

المقام الثاني

في آداب التجارة

(مسألة 68): يستحب ذكر الله تعالى في الأسواق، وطلب الخيرة منه، والدعاء بالمأثور، ومنه الشهادتان. كما يستحب عند الشراء التكبير ثلاثاً، والدعاء بالمأثور أيضاً، وأن يستدر الرزق بالدعاء، وأن يرجو في نفسه الرزق من حيث لا يحتسب، ولا يعتمد على حذقه وكده ولا يطمئن إليهما.

(مسألة 69): ينبغي للمتكسب أن يقصد بكسبه الاستعفاف عن الناس، والتوسعة على العيال، والقيام بأعمال الخير والبر، فإن ذلك من طلب الآخرة. ولا ينبغي له أن يكون يهمه الجمع والادخار.

(مسألة 70): يستحب الإجمال في الطلب، فإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، وفي حديث الإمام الصادق (عليه السلام): «ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيّع ودون طلب الحريص».

(مسألة 71): يستحب التعامل مع من نشأ في الخير. ويكره التعامل مع مستجد النعمة، ومخالطة السفلة.

(مسألة 72): يستحب التوثق بالكتابة عند المعاملة.

(مسألة 73): يستحب الإحسان في البيع والتسامح فيه، وأن يعطي زائداً، وأن يبادر للبيع عند حصول الربح، وأن لا يزهد في الربح والاسترزاق به وإن قل.

(مسألة 74): يستحب إقالة النادم. وهي رفع اليد عن البيع وفسخه عند طلب أحد المتبايعين. ففي الحديث: «أيما عبد أقال مسلماً في بيع أقاله الله عثرته يوم القيامة». ويأتي الكلام في أحكامها في الفصل الرابع عشر إن شاء الله تعالى.

(مسألة 75): يستحب للمشتري المماكسة والتحفظ من الغبن، إلا في شراء الأضحية والكفن والعبيد ومصارف الحج فإنه يكره المماكسة فيها.

(مسألة 76): صاحب السلعة أولى بالسوم بأن يبدأ ببيان الثمن الذي يطلبه، ولا يكون المشتري هو البادي ببيان الثمن الذي يدفعه.

(مسألة 77): ينبغي للتاجر أن لا يشتغل بتجارته عن أداء الصلاة في أول وقتها، بل ينبغي ذلك لجميع أهل الأعمال، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «ليس عمل أحب إلى الله عز وجل من الصلاة فلا يشغلنّكم عن أوقاتها شيء من اُمور الدنيا، فإن الله عز وجل ذم أقواماً فقال: (الذين هم عن صلاتهم ساهون) يعني: أنهم غافلون، استهانوا بأوقاتها».

(مسألة 78): يكره للإنسان أن يكون أول داخل للسوق وآخر خارج منه، كما يكره السوم ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس.

(مسألة 79): يكره للبائع أن يمدح سلعته، وللمشتري أن يذمها، وكذا كتمان العيب إذا لم يؤد إلى الغش، وإلا حرم، والحلف في البيع والشراء صدقاً، وإن كان كذباً حرم.

(مسألة 80): يكره للبائع الربح بمثل الثمن فما زاد، ويستحب الرفق في الربح على المؤمن إذا اشترى للتجارة، ويكره الربح عليه فيما يشتريه لغيرها إلا بمقدار الحاجة، كما يكره ربح البائع على من يعده بالإحسان إن اشترى منه، ويكره أيضاً التفريق بين المشتري المماكس وغيره في الربح.

(مسألة 81): يكره للمشتري طلب الوضيعة من الثمن بعد العقد، وقبولها إذا ردها عليه البائع.

(مسألة 82): يكره الشكوى من عدم الربح ومن الإنفاق من رأس المال، ففي الحديث: «إن من شكا من ذلك فقد شكا الله تعالى». ولا بأس ببيانه كحقيقة واقعة من دون أن يتضمن الشكوى، خصوصاً مع استدراك ذلك بحمده تعالى وشكره على ما رزق ويسّر، فإن نعمه لا تحصى ولا ينبغي أن تنسى.

(مسألة 83): يكره الدخول في سوم المؤمن. والمراد به أن يرى اثنين يتساومان في بيع وشراء فيدخل قبل أن ينتهي الأمر بينهما بالقبول أو الرد، ويطلب أن يكون هو المشتري أو البائع بدلاً من أحدهما. ولا بأس به إذا ابتنى بيع المتاع على طلب الزيادة، وهو البيع في المزاد.

(مسألة 84): يكره أن يتوكل أحد من أهل المدينة للأعراب وأهل البوادي في بيع ما يأتون به للمدينة من البضائع. بل يتركون ليبيعوها بأنفسهم.

(مسألة 85): يكره تلقي الركبان، وهم الذين يجلبون البضائع للبلد، والمراد بتلقيهم الخروج لاستقبالهم، ومبادرتهم بالشراء منهم قبل دخول البلد. ولا يكره ذلك لو صادف لقاءهم خارج البلد من دون قصد. وحد التلقي أربعة فراسخ، فإن زاد على ذلك كان من جلب البضاعة المستحب.

(مسألة 86): يكره الاحتكار، وهو حبس الطعام لطلب الزيادة في الخصب أربعين يوماً وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام، بل يحرم حبس الطعام مطلقاً مع حاجة الناس له وعدم الباذل، بحيث يوجب الضيق على الناس، والمراد بالطعام الحنطة والشعير والتمر والزبيب والزيت والسمن.

(مسألة 87): في مورد الاحتكار المحرّم يجبر المحتكر على البيع من دون أن يحدد السعر عليه، إلا أن يكون السعر الذي يطلبه مجحفاً بالعامة، فيحدد السعر عليه بنحو لا يجحف به ولا بهم.

(مسألة 88): الذي يجبر المحتكر ويحدد السعر عليه في مورد الإجحاف هو الحاكم الشرعي مع تيسر الرجوع إليه، ومع عدم تيسر الرجوع إليه يقوم بذلك عدول المؤمنين.

(مسألة 89): يحرم الاحتكار إذا كان موجباً لتلف النفوس المحترمة، أو الضرر المهم بهم الذي يجب دفعه ـ كالأمراض الصعبة وتعطيل بعض الأعضاء ـ أو كان موجباً للهرج والمرج واختلال النظام. من دون فرق بين الطعام وغيره كالدواء واللباس وغيرهما. بل حتى الأعمال ـ كعلاج الأمراض والنقل وغيرهما ـ فيحرم الامتناع عنها إذا أوجب ذلك. ولابد في الثمن حينئذٍ من أن يكون بنحو لا يلزم منه أحد المحذورين المذكورين.