کتاب الأم

ابی عبد الله الشافعی

جلد 1 -صفحه : 319/ 168
نمايش فراداده

حجة أن يكون على من بعدهم حجة فإن قال قائل فكيف تقول قلت لا يقال لشيء من هذا إجماع و لكن ينسب كل شيء منه إلى فاعله فينسب إلى أبى بكر فعله و إلى عمر فعله و إلى علي فعله و لا يقال لغيرهم ممن أخذ منهم موافقة لهم و لا مخالفة و لا ينسب إلى ساكت قول قائل و لا عمل عامل إنما ينسب إلى كل قوله و عمله و فى هذا ما يدل على أن ادعاء الاجماع في كثير من خاص الاحكام ليس كما يقول من يدعيه فإن قال قائل أ فتجد مثل هذا ؟ قلنا : إنما بدأنا به لانه أشهر ما صنع الائمة و أولى أن لا يختلفوا فيه و أن لا يجهله العامة و نحن نجد كثيرا من ذلك أن ابا بكر جعل الجد أبا ثم طرح الاخوة معه ثم خالفه فيه عمر و عثمان و علي .

و من ذلك ان أبا بكر رأى على بعض أهل الردة فداء و سبيا و حبسهم لذلك فأطلقهم عمر و قال لا سبي و لا فداء مع هذا مما سكتنا عنه و نكتفي بهذا منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه أن يحيى بن حاطب حدثه قال توفى حاطب فأعتق من صلى من رقيقه و صام و كانت له أمة نوبية قد صلت و صامت و هي أعجمية لم تفقه لم ترعه إلا بحملها و كانت ثيبا فذهب إلى عمر فحدثه فقال له عمر لانت الرجل لا يأتى بخير فأفزعه ذلك فأرسل إليها عمر فقال أحبلت ؟ فقالت : نعم من مر عرس بدرهمين و إذا هى تستهل بذلك و لا تكتمه قال و صادف عليا و عثمان و عبد الرحمن بن عوف فقال أشيروا على قال : و كان عثمان جالسا فاضطجع فقال : علي و عبد الرحمن قد وقع عليها الحد فقال أشر على يا عثمان فقال قد أشار عليك أخواك فقال أشر أنت على قال أراها تستهل به كأنها لا تعلمه و ليس الحد إلا على من علمه فقال عمر صدقت صدقت و الذى نفسى بيده ما الحد إلا على من علمه فجلدها عمر مائة و غربها عاما

( قال الشافعي ) فخالف عليا و عبد الرحمن فلم يجدها حدها عندهما و هو الرجم قال و خالف عثمان أن لا يحدها بحال و جلدها مائة و غربها عاما فلم يرو عن أحد منهم من خلافه بعد حده إياها حرف و لم يعلم خلافهم له إلا بقولهم المتقدم قبل فعله ( قال ) و قال بعض من يقول ما لا ينبغى له إذ قبل حد عمر مولاة حاطب كذا لم يكن عمر ليحدها إلا بإجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم جهالة بالعلم و جرأة على قول ما لا يعلم فمن اجترأ على أن يقول : إن قول رجل أو عمله في خاص الاحكام ما لم يحك عنه و عنهم قال عندنا ما لم يعلم

( قال الشافعي ) و قضى عمر بن الخطاب في أن لا تباع أمهات الاولاد و خالفه علي و قضى عمر في الضرس بجمل و خالفه غيره فجعل الضرس سنا فيها خمسة من الابل و قال عمر و علي و ابن مسعود و أبو موسى الاشعرى و غيرهم للرجل على إمرأته الرجعة حتى تطهر من الحيضة الثالثة و خالفهم غيرهم فقال إذا طعنت في الدم من الحيضة الثالثة فقد انقطعت رجعته عنها مع أشياء كثيرة أكثر مما وصفت فدل ذلك على أن قائل السلف يقول برأيه و يخالفه غيره و يقول برأيه و لا يروى عن غيره فيما قال به شيء فلا ينسب الذي لم يرو عنه شيء إلى خلافه و لا موافقته لانه إذا لم يقل لم يعلم قوله و لو جاز أن ينسب إلى موافقته جاز أن ينسب إلى خلافه و لكن كلا كذب إذا لم يعرف قوله و لا الصدق فيه إلا أن يقال ما يعرف إذا لم يقل قولا و فى هذا دليل على أن بعضهم لا يرى قول بعض حجة تلزمه إذا رأى خلافها و أنهم لا يرون اللازم إلا الكتاب أو السنة و أنهم لم يذهبوا قط إن شاء الله إلى أن يكون خاص الاحكام كلها إجماعا كإجماعهم على الكتاب و السنة و جمل الفرائض و أنهم كانوا إذا وجدوا كتابا أو سنة اتبعوا كل واحد منهما و إذا تأولوا ما يحتمل فقد يختلفون و لذلك إذا قالوا فيما لم يعلموا فيه سنة اختلفوا

( قال الشافعي ) و هي حجة على أن دعوى الاجتماع في كل الاحكام ليس كما ادعى من ادعى ما وصفت من هذا و نظائر له أكثر منه و جملته أنه