عنه و لا يكون هذا من معاني الاكراه التي نطرحها عمن أكره عليها لان الاكراه موضوع عن العبد فيما بينه و بين الله و في الحكم و ليس هذا إكراها قد كان يظهر له بعد التغيب و يعدى عليه في التغيب و يظن أنه غاب عنه و لم يغب .
و لو قال الطالب إن ظهر لي فله وضع كذا فظهر له لم يكن له وضع لانه عطية مخاطرة .
و إذا باع الرجل الرجل بيعا إلى العطاء فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول في ذلك البيع فاسد .
و كان ابن أبى ليلي يقول البيع جائز و المال حال و كذلك قولهما في كل مبيع إلى أجل لا يعرف فإن استهلكه المشترى فعليه القيمة في قول أبى حنيفة و إن حدث به عيب رده ورد ما نقصه العيب و إن كان قائما بعينه فقال المشترى لا أريد الاجل و أنا أنقد لك المال جاز ذلك له في هذا كله في قول أبى حنيفة و به يأخذ
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : و إذا باع الرجل الرجل بيعا إلى العطاء فالبيع فاسد من قبل أن الله عز و جل أذن بالدين إلى أجل مسمى و المسمى الموقت بالاهلة التي سمى الله عز و جل فإنه يقول ( يسألونك عن الاهلة قل هى مواقيت للناس و الحج ) و الاهلة معروفة المواقيت و ما كان في معناها من الايام المعلومات فإنه يقول ( في أيام معلومات ) و السنين فإنه يقول ( حولين كاملين ) و كل هذا الذي لا يتقدم و لا يتأخر و العطاء لم يكن قط فيما علمت و لا نرى أن يكون أبدا إلا يتقدم و يتأخر و لو اجتهد الامام غاية جهده لدخله التقدم و التأخر ( أخبرنا الربيع ) أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس قال لا تبايعوا إلى العطاء و لا إلى الاندر و لا إلى العصير
( قال الشافعي ) و هذا كله كما قال لان هذا يتقدم و يتأخر و كل بيع إلى أجل معلوم فالبيع فيه فاسد
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فإن هلكت السلعة التي ابتيعت إلى أجل معلوم في يدى المشترى رد القيمة و إن نقصت في يديه بعيب ردها و ما نقصها العيب فإن قال المشترى أنا أرضى السلعة بثمن حال و أبطل الشرط بالاجل لم يكن ذلك له إذا انعقد البيع فاسدا لم يكن لاحدهما أن يصلحه دون الآخر و يقال لمن قال قول أبى حنيفة أ رأيت إذا زعمت أن البيع فاسد فمتى صلح فإن قال صلح بإبطال هذا شرطه قيل له فلهذا أن يكون بائعا مشتر أو إنما هذا مشتر و رب السلعة بائع .
فإن قال بل رب السلعة بائع قيل له فهل أحدث رب السلعة بيعا البيع الاول ؟ فإن قال : لا ، قيل فقولك متناقض تزعم أن بيعا فاسدا حكمه كما لم يصر فيه بيع يصير بيعا من أن يبيعه مالكه .
باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ( أخبرنا الربيع ) قال
( قال الشافعي ) و إذا اشترى الرجل ثمرا قبل أن يبلغ من أصناف الغلة كلها فإن ابا حنيفة رحمه الله تعالى قال إذا لم يشترط ترك ذلك الثمر إلى أن يبلغ فإن البيع جائز ألا ترى أنه لو اشترى قصيلا يقصله على دوابه قبل أن يبلغ كان ذلك جائزا ؟ قل و لو اشترى شيئا من الطلع حين يخرج فقطعه كان جائزا و إذا اشتراه و لم يشترط تركه فعليه أن يقطعه فإذا استأذن صاحبه في تركه فأذن له في ذلك فلا بأس بذلك و به يأخذ و كان ابن أبى ليلي يقول لا خير في بيع شيء من ذلك حتى يبلغ و لا بأس إذا اشترى شيئا من ذلك قد بلغ أن يشترط على البائع تركه إلى أجل و كان أبو حنيفة رضى الله تعالى عنه يقول لا خير في هذا الشرط
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : و إذا اشترى الرجل أصنافا من الثمار قبل أن يبدو صلاحها فالبيع فاسد لان النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها و لو اشتراه و لم يسم قطعه و لا تركه قبل أن يبدو صلاحه كان البيع فيه فاسدا لانه إنما يشترى ثم