کتاب الأم

ابی عبد الله الشافعی

جلد 7 -صفحه : 387/ 317
نمايش فراداده

هل يكون مجتهدا على طلب عين و طلب العين لا يكون إلا باتباع الدلائل عليها و ذلك القياس لان محالا أن يقال اجتهد في طلب شيء من لم يطلبه باحتياله و الاستدلال عليه لا يكون طالبا لشيء من سنح على وهمه أو خطر بباله منه

( قال الشافعي ) و إنه ليلزم من ترك القياس أكثر مما ذكرت و فى بعضه ما قام عليه الحجة و أسأل الله تعالى لي و لجميع خلقه التوفيق و ليس للحاكم أن يقبل و لا للوالي أن يدع أحدا و لا ينبغى للمفتى أن يفتى أحدا إلا متى يجمع أن يكون عالما علم الكتاب و علم ناسخه و منسوخه و خاصة و عامه و أدبه و عالما بسنن رسول الله صلى الله عليه و سلم و أقاويل أهل العلم قديما و حديثا و عالما بلسان العرب عاقلا يميز بين المشتبه و يعقل القياس فإن عدم واحدا من هذه الخصال لم يحل له أن يقول قياسا و كذلك لو كان عالما بالاصول عاقل للقياس الذي هو الفرع لم يجز أن يقال لرجل قس و هو لا يعقل القياس و إن كان عاقلا للقياس و هو مضيع لعلم الاصول أو شيء منها لم يجز أن يقال له قس على ما لا تعلم كما لا يجوز أن يقال قس لاعمى وصفت له اجعل كذا عن يمينك و كذا عن يسارك فإذا بلغت كذا فانتقل متيامنا و هو لا يبصر ما قيل له يجعله يمينا و يسارا أو يقال سر بلادا و لم يسرها قط و لم يأتها قط و ليس له فيها علم يعرفه و لا يثبت له فيها قصد سمت يضبطه لانه يسير فيها عن مثال قويم و كما لا يجوز لعالم بسوق سلعة منذ زمان ثم خفيت عنه سنة أن يقال له قوم عبدا من صفته كذا لان السوق تختلف و لا لرجل أبصر بعض صنف من التجارات و جهل صنفه و الغير الذي جهل لا دلالة عليه ببعض علم الذي علم قوم كذا كما لا يقال لبناء أنظر قيمة الخياطة و لا لخياط أنظر قيمة البناء فإن قال قائل فقد حكم و أفتى من لم يجمع ما وصفت قيل فقد رأيت أحكامهم و فتياهم فرأيت كثيرا منها متضادا متباينا و رأيت كل واحد من الفريقين يخطئ صاحبه في حكمه و فتياه و الله تعالى المستعان فإن قال قائل أ رأيت ما اجتهد فيه المجتهدون كيف الحق فيه عند الله ؟ قيل لا يجوز فيه عندنا و الله تعالى أعلم أن يكون الحق فيه عند الله كله إلا واحدا لان علم الله عز و جل و أحكامه واحد لاستواء السرائر و العلانية عنده و أن علمه بكل واحد جل ثناؤه سواء فإن قيل من له أن يجتهد فيقيس على كتاب أو سنة هل يختلفون و يسعهم الاختلاف ؟ أو يقال لهم إن اختلفوا مصيبون كلهم أو مخطئون أو لبعضهم مخطئ و بعضهم مصيب ؟ قيل لا يجوز على واحد منهم إن اختلفوا إن كان ممن له الاجتهاد و ذهب مذهبا محتملا أن يقال له أخطأ مطلقا و لكن يقال لكل واحد منهم قد أطاع فيما كلف و أصاب فيه و لم يكلف علم الغيب الذي لم يطلع عليه أحد فإن قال قائل فمثل لي من هذا شيئا قيل لامثال أدل عليه من الغيب عن المسجد الحرام و استقباله فإذا اجتهد رجلان ( 3 ) بالطريقين عالمان بالنجوم و الرياح و الشمس و القمر فرأى أحدهما القبلة متيامنا منه ورأى أحدهما القبلة منحرفة عن حيث رأى صاحبه كان على كل واحد منهما أن يصلى حيث يرى و لا يتبع صاحبه إذا أداه اجتهاده إلى ما أدى صاحبه اجتهاده إليه و لم يكلف واحد منهما صواب عين البيت لانه لا يراه و قد أدى ما كلف من التوجه إليه بالدلائل عليه فإن قيل فيلزم أحدهما اسم الخطأ قيل أما فيما كلف فلا و أما خطأ عين البيت فنعم لان البيت لا يكون في جهتين فإن قيل فيكون مطيعا بالخطأ قيل هذا مثل جاهد يكون مطيعا بالصواب لما كلف من الاجتهاد و غير آثم بالخطأ إذ لم يكلف صواب المغيب العين عنه فإذا لم يكلف صوابه لم يكن عليه خطأ ما لم يجعل عليه صواب عينه فإن قيل أ فتجد سنة تدل على ما وصفت ؟ قيل نعم .

أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بسر بن سعيد عن أبى قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ( إذا حكم الحاكم