ان الروايات الواردة فيه انما هى في مقام بيان أحكام اخر ، فقوله في الكلب : انه رجس نجس لا يتوضأ بفضله ، و اصبب ذلك الماء ، و اغسله بالتراب ( 1 ) في مقام بيان عدم جواز التوضى به ، و طريق تطهير الانآء ، لا عدم جواز ساير الانتفاعات ، سيما مثل تطيين التراب به ، و كذا حال ساير الروايات .
و اما ما فيها الامر باهراق المرق ، فمضافا إلى عدم نفع له الا الاكل الممنوع ، فالأَمر باهراقه في رواية السكوني ( 2 ) لذلك ، و الظاهر انه كناية عن حرمة أكله ، كما يدل عليه قوله و يغسل اللحم و يؤكل : ان في رواية زكريا بن آدم ( 3 ) بهراق المرق ، أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب ، و اللحم اغسله وكله ، و اطعامهما نحو انتفاع به ، سيما إذا كان الذمي ضيفا له ، و الكلب لماشيته و حراسته ، و فيها ايضا تجويز بيع العجين النجس من المستحل ، و كذا في مرسلة ابن ابى عمير ( 4 ) و اما روايات إلقاء ما حول الجامد من الدهن و غيره فتدل على جواز الانتفاع .
ففى موثقة ابى بصير ( 5 ) قال : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الفأرة تقع في السمن أو في الزيت فتموت فيه ، فقال : ان كان جامدا فتطرحها و ما حولها ، و يؤكل ما بقي ، و ان كان ذائبا فاسرج به و أعلمهم إذا بعته ، و الظاهر منها جواز الاسراج و لو بالجامد الذي حولها ، و انما قال تطرحها ، لعدم كونه معتدا به ، مع قوة احتمال ان يكون كناية عن عدم أكله و نحوها غيرها .
فتحصل مما ذكرناه جواز الانتفاع بصنوف النجاسات ، و لا دليل عام على حرمة جميع الانتفاعات بها ، كما لا دليل كذلك على حرمة بيعها ، بل مقتضى إطلاق الادلة جوازه فيما ينتفع به ، فلا بد من التماس دليل على الخروج من الكليتين المتقدمتين ،
1 - الوسائل - كتاب الطهارة - الباب 12 - من أبواب النجاسات 2 - الوسائل - كتاب الاطعمة و الاشربة - الباب 44 - من أبواب الاطعمة المحرمة - موثقة 3 - الوسائل كتاب الاطعمه و الاشربة - الباب - 26 من أبواب الاشربة - المحرمة 4 - و 5 - الوسائل - كتاب التجارة - الباب - 7 - 6 من أبواب ما يكتسب به الظاهر ان ابن رباط الذي يكون في سند رواية ابى بصير هو حسن بن على بن رباط و هو ثقة