ان يكون فعله علة تامة لتحقق الحرام من الغير كما هو مقتضى عنوان البحث و المثال بالمكره ( و فيه ) ان العلة التامة ما لا تكون لغيرها في تحقق المعلول دخالة ، و يكون تمام التأثير في إيجاده مستندا إليها ، و الا لا تكون تامة ، و فى المقام لا يمكن تصور كون العلة التامة هو المكره بالكسر لعدم دخالته في الايجاد الا تحصيل مورد ترجيح الفاعل المباشر بين ارتكاب الفعل و تحمل ما أوعده المكره عليه ، و بعد فهو باق على اختياره و اصطفائه احد طرفي الفعل .
فالمكره لا يسلب اختيار المكره ، فانه عبارة عن اصطفاء ما هو خير له ، و هو باق على قوة التميز و ترجيح احد طرفي الفعل و اصطفائه على الاخر ، من فرق بين الطرف المكره عليه و الطرف الاخر و ان يرجح غالبا أولهما ، لكونه اقل محذورا ، لا لكونه مسلوب الاختيار و الارادة .
و لهذا يحرم عليه مع الاكراه الاقدام على القتل ، و يعاقب عليه و يقتل قصاصا فالفرق بين الفاعل المكره و بين المختار الاصطلاحى : ليس في وجود الاختيار و عدمه بل في امر مقدم على الاختيار الواقعي ، و هو تحقق مورد الترجيح العقلي احد الطرفين ، فانه قد يحصل بعلل اكراه المكره ، كمن دار امره لاجل مرض بين الموت و قطع اليد فلا يقال انه مكره عليه بل هو مضطر فيه ، اى يلجأه العقل بترجيح المصلحة الغالبة على المفسدة ، أو بالفرار من المحذور الكثير إلى القليل من سلب قوة التميز و الاختيار و الارادة عنه ، و قد يحصل بإكراه مكره فدار امره بين تحمل ما أو عده عليه من القتل و غيره ، و بين اتيان ما امره به ، و فى هذه الصورة ايضا لم تسلب عنه المبادي المتقدمة بل يرجح اقل المحذورين و يختاره و يريده ، و ما هو كذلك شأنه كيف يمكن ان يكون علة تامة للفعل الصادر من المكره ، بل قلنا في محله ، ان إرادة الفاعل المباشر ايضا ليست علة تامة لوجود الفعل و تحققه خارجا ، ضرورة توسط مبادا خربينها و بين وجود الفعل الخارجي كالقوى المنبثة في الاوتار و الاعصاب و نفس الاوتار و الاعصاب و العضلات ، فالنفس في العالم الطبيعي فاعلة بالالة ، و ما هى شأنها : لا تكون ارادتها علة تامة للفعل الخارجي فضلا عن كونها بالنسبة إلى الفعل المكره عليه كذلك ، و