لا يوجب قرب غيره فكذلك في القرب المعنوي .
( و فيه ) ان القرب المعتبر في العبادة لو كان من الحقايق الواقعية كالكمالات الروحانية من حصول نحو تنزه و تجرد عن المادة لكان حصولها للمنوب عنه بفعل النائب ممتنعا لكن لا يعتبر ذلك فيها جزما ، و لما القرب الاعتباري و سقوط الامر أو سقوط المكلف به عن عهدته بفعل الغير بمكان من الامكان ، و يستكشف ذلك كله من ادلة النيابة فالنائب يأتى بالفعل بما انه منوب عنه فيحصل قرب المنوب عنه لا قرب نفسه ، و لا وجه لحصول القرب له في العمل عن غيره أللهم الا تفضلا ، فهذا القرب الاعتباري لا مانع من حصوله مع قصد تحصيله للغير ، كما ان سقوط التكليف أو المكلف به ممكن فقياس القرب في المقام بالقرب الحسي مع الفارق .
مضافا إلى ان اعتبار نية التقرب أو حصول القرب في العبادات ظاهر اذ لا دليل عليه فلا يعتبر فيها الا الاخلاص و كونها لله تعالى و معه يسقط التكليف أو المكلف به عن عهدة المنوب عنه و هذا موجب لامتيازه عن غيره ممن يشتغل ذمته و يمكن ان يصير ذلك موجبا للتفضل عليه بإعطاء الثواب أو سقوط العقاب عنه .
بل يمكن ان يقال : ان عمل النائب عن المنوب عنه يوجب وصول صورة عمله البهية اليه كما ورد في بعض الروايات ( 1 ) يدخل على الميت في قبره الصلوة و الصوم و الحج و الصدقة و الدعاء .
و يحتمل ان تكون النيابة في اعتبار العقلاء عبارة عن تنزيل العمل منزلة عمل المنوب عنه ، اما بان يوجد العمل نازلا منزلته و يكون بنفس وجوده عملا للمنوب عنه فلا يكون منتسبا إلى النائب في وعاء الاعتبار بوجه فيكون الاجرة للتنزيل لا للعمل ، و اما ان يكون التنزيل بعد تحقق العمل فيكون عند وجوده عملا للنائب و بالتنزيل للمنوب عنه ، فعلى الاول تندفع الاشكالات المتقدمة بنحو ما مر بل لا يرد على هذا الفرض اشكال استحقاق الاجرة بنفس التنزيل فان التنزيل ههنا تنزيل العمل فلا يمكن تحققه بغيره .
و اشكال المنافاة للاخلاض مندفع بان الاجر في مقابل التنزيل و هو العمل و ان كان موقوفا عليه بل يظهر مما تقدم عدم إمكان كون الاجر
1 - الوسائل - كتاب الحج - الباب 1 - من أبواب النيابة .