و انما يجريان في حقوق العباد و كذا يصح توكيل الذمي باداء الزكاة و الذمى ليس من أهل العبادة و أما الحقيقة فان الزكاة تمليك المال من الفقير و المنتفع بها هو الفقير فكانت حق الفقير و الصبا لا يمنع حقوق العباد على ما بينا و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم بني الاسلام على خمس شهادة أن لا اله الا الله و اقام الصلاة و إيتاء الزكاة وصوم رمضان و حج البيت من استطاع اليه سبيلا و ما بني عليه الاسلام يكون عبادة و العبادات التي تحتمل السقوط تقدر في الجملة فلا تجب على الصبيان كالصوم و الصلاة و أما الآية فالمراد من الصدقة المذكورة فيها محل الصدقة و هو المال لانفس الصدقة لانها اسم للفعل و هو إخراج المال إلى الله تعالى و ذلك حق الله تعالى لا حق الفقير و كذلك الحق المذكور في الآية الاخرى المراد منه المال و ذا ليس عنت بل هو محل الزكاة و سقوط الزكاة بهبة النصاب من الفقير لوجود النية دلالة و الجبر على الاداء ليؤدى من عليه بنفسه لا ينافى العبادة حتى لو مد يده و أخذه من أداء من عليه لا تسقط عنه الزكاة عندنا و جريان الاستخلاف لثبوت ولاية المطالبة للساعي ليؤدى من عليه باختياره و هذا لا يقتضى كون الزكاة حق العبد و انما جازت باداء الوكيل لان المؤدى في الحقيقة هو الموكل و الخراج ليس بعبادة بل هو مؤنة الارض و صدقة الفطر ممنوعة على قول محمد و أما على قول أبى حنيفة و أبى يوسف فلانها مؤنة من وجه قال النبي صلى الله عليه و سلم أدوا عمن تمونون فتجب بوصف المؤنة لا بوصف العبادة و هو الجواب عن العشر و أما الكلام في المسألة على وجه الابتداء فالشافعي احتج بما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال ابتغوا في أموال اليتامى خيرا كيلا تأكلها الصدقة و لو لم تجب الزكاة في مال اليتيم ما كانت الصدقة تأكلها و روى عنه صلى الله عليه و سلم انه قال من ولي يتيما فليؤد زكاة ماله و روى من ولي يتيما فليزك ماله و لعمومات الزكاة من فصل بين البالغين و الصبيان و لان سبب وجوب الزكاة ملك النصاب و قد وجد فتجب الزكاة فيه كالبالغ ( و لنا )
انه لا سبيل إلى الايجاب على الصبي لانه مرفوع القلم بالحديث و لان إيجاب الزكاة إيجاب الفعل و إيجاب الفعل على العاجز عن الفعل تكليف ما ليس في الوسع و لا سبيل إلى الايجاب على الولى ليؤدى من مال الصبي لان الولى منهى عن قربان مال اليتيم الا على وجه الاحسن بنص الكتاب و أداء الزكاة من ماله قربان ماله لا على وجه الاحسن لما ذكرنا في الخلافيات و الحديثان غريبان أو من الآحاد فلا يعارضان الكتاب مع ما ان اسم الصدقة يطلق على النفقة قال صلى الله عليه و سلم نفقة الرجل على نفسه صدقة و على عياله صدقة و فى الحديث ما يدل عليه لانه أضاف الاكل إلى جميع المال و النفقة هى التي تأكل الجميع لا الزكاة أو تحمل الصدقة و الزكاة على صدقة الفطر لانها تسمى زكاة و أما قوله من ولي يتيما فليزك ماله أى ليتصرف في ماله كى ينمو ماله اذ التزكية هى التنمية توفيقا بين الدلائل و عمومات الزكاة لا تتناول الصبيان أو هى مخصوصة فتخص المتنازع فيه بما ذكرنا و الله أعلم ( و منها )
العقل عندنا فلا تجب الزكاة في مال المجنون جنونا أصليا و جملة الكلام فيه ان الجنون نوعان أصلي و طارئ أما الاصلى و هو أن يبلغ مجنونا فلا خلاف بين أصحابنا انه يمنع انعقاد الحول على النصاب حتى لا يجب عليه اداء زكاة ما مضى من الاحوال بعد الافاقة و انما يعتبر ابتداء الحول من وقت الافاقة لانه الآن صار أهلا لان ينعقد الحول على ماله كالصبى إذا بلغ أنه لا يجب عليه أداء زكاة ما مضى من زمان الصبا و انما يعتبر ابتداء الحول على ماله من وقت البلوغ عندنا كذا هذا و لهذا منع وجوب الصلاة و الصوم كذا الزكاة و أما الجنون الطاري فان دام سنة كاملة فهو في حكم الاصلى ألا ترى انه في حق الصوم كذلك كذا في حق الزكاة لان السنة في الزكاة كالشهر في الصوم و الجنون المستوعب للشهر يمنع وجوب الصوم فالمستوعب للسنة يمنع وجوب الزكاة و لهذا يمنع وجوب الصلاة و الحج فكذا الزكاة و ان كان في بعض السنة ثم أفاق روى عن محمد في النوادر انه ان أفاق في شيء من السنة و ان كان ساعة من الحول من أوله أو وسطه أو آخره تجب زكاة ذلك الحول هو رواية ابن سماعة عن أبى يوسف أيضا و روى هشام عنه أنه قال ان أفاق أكثر السنة وجبت و الا فلا وجه هذه الرواية انه إذا كان في أكثر السنة مغيقا فكانه كان مفيقا في جميع السنة لان للاكثر حكم الكل في كثير من الاحكام خصوصا فيما يحتاط فيه وجه الرواية الاخرى و هو قول محمد هو اعتبار