بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

جلد 4 -صفحه : 33/ 8
نمايش فراداده
(42)

العمات و ان تساوين في القرب لان الخالات يدلين بقرابة الام فكن أشفق و أولى الخالات الخالة لاب وأم لانهما تدلي بقرابتين ثم الخالة لام لادلائها بقرابة الام ثم الخالة لاب ثم العمات و ذكر الحسن بن زياد في كتاب الطلاق أن أم الاب أولى من الخالة في قول أبي يوسف و قال زفر الخالة أولى وجه قول زفر قول النبي صلى الله عليه و سلم الخالة والدة وجه قول ابى يوسف ان أم الاب لها ولاد و الولاية في الاصل مستفادة بالولاد أولى لعمات العمة لاب وأم لانها تدلي بقرابتين ثم العمة لام لاتصالها بجهة الام ثم العمة لاب و أما بنات العم و الخال و العمة و الخالة فلا حق لهن في الحضانة لعدم الرحم المحرم و الله أعلم و منها أن لا تكون ذات زوج أجنبي من الصغير فان كانت فلا حق له في الحضانة و أصله ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان إمرأة أتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله ان ابني هذا كان بطني له وعاء و حجري له حواء و ثديي له سقاء و يزعم أبوه أن ينزعه مني فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنت أحق به منه ما لم تنكحي و روى عن سعيد بن المسيب أنه قال طلق عمر رضى الله عنه أم ابنه عاصم رضى الله عنه فلقيها و معها الصبي فنازعها و ارتفعا إلى أبو بكر الصديق رضى الله عنع فقضى أبو بكر رضى الله عنه بعاصم بن عمر رضى الله عنهما لامه ما لم يشب أو تتزوج و قال ان ريحها و فراشها خير له حتى يشيب أو تتزوج و ذلك بمحضر من الصحابة رضى الله عنهم و لان الصغير يلحقه الجفاء و المذلة من قبل الاب لانه يبغضه لغيرته و ينظر اليه نظر المغشى عليه من الموت و يقتر عليه النفقة فيتضرر به حتى لو تزوجت بذى رحم محرم من الصبي لا يسقط حقها في الحضانة كالجدة إذا تزوجت بجد الصبي أو الام تزوجت بعم الصبي أنه لا يلحقه الجفاء منهما لوجود المانع من ذلك و هو القرابة الباعثة على الشفقة و لو مات عنها زوجها أو أبانها عاد حقها في الحضانة لان المانع قد زال فيزول المنع و يعود حقها و تكون هى أولى ممن هى أبعد منها كما كانت و منها عدم ردتها حتى لو ارتدت عن الاسلام بطل حقها في الحضانة لان المرتدة تحبس فيتضرر به الصبي و لو ثابت و أسلمت يعود حقها لزوال المانع و سئل محمد عن النساء إذا اجتمعن و لهن أزواج قال يضعه القاضي حيث شاء لانه لا حق لهن فصار كمن لا قرابة له و منها ان تكون حرة فلا حق للامة وأم الولد في حضانة الولد الحر لان الحضانة ضرب من الولاية و هما ليستا من أهل فاما إذا اعتقتا فهما في الحضانة كالحرة لانهما استفادتا الولاية بالعتق و أهل الذمة في هذه الحضانة بمنزلة أهل الاسلام لان هذا الحق انما يثبت نظرا للصغير و أنه لا يختلف بالاسلام و الكفر و كذا اتحاد الدين ليس بشرط لثبوت هذا الحق حتى لو كانت الحاضنة كتابية و الولد مسلم كانت في الحضانة كالمسلمة كذا ذكر في الاصل لما قلنا و كان أبو بكر احمد بن على الرازي يقول انها أحق بالصغير و الصغيرة حتى يعقلا فإذا عقلا سقط حقها لانها تعود هما أخلاق الكفرة و فيه ضرر عليهما و الله عز و جل الموفق ( فصل )

و أما وقت الحضانة التي من قبل النساء فالأَم والجدتان أحق بالغلام حتى يستغنى عنهن فيأكل وحده و يشرب وحده و يلبس وحده كذا ذكر في ظاهر الرواية و ذكر أبو داود بن رشيد عن محمد و يتوضأ وحده يريد به الاستنجاء أى و يستنجى وحده و لم يقدر في ذلك تقديرا و ذكر الخصاف سبع سنين أو ثمان سنين أو نحو ذلك و أما الجارية فهي أحق بها حتى تحيض كذا ذكر في ظاهر الرواية و حكى هشام عن محمد حتى تبلغ أو تشتهى و انما اختلف حكم الغلام و الجارية لان القياس ان تتوقت الحضانة بالبلوغ في الغلام و الجارية جميعا لانها ضرب ولاية و لانها ثبتت للام فلا تنتهى الا بالبلوغ كولاية الاب في المال الا انا تركنا القياس في الغلام بإجماع الصحابة رضى الله عنهم لما روينا أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه قضى بعاصم بن عمر لامه ما لم يشب عاصم أو تتزوج أمه و كان ذلك بمحضر من الصحابة رضى الله عنهم و لم ينكر عليه أحد من الصحابة فتركنا القياس في الغلام بإجماع الصحابة رضى الله عنهم فبقى الحكم في الجارية على أصل القياس و لان الغلام إذا استغنى يحتاج إلى التأديب و التخلق بأخلاق الرجال و تحصيل أنواع الفضائل و اكتساب أسباب العلوم و الاب على ذلك أقوم و أقدر مع ما أنه لو ترك في يدها لتخلق بأخلاق النساء و تعود بشمائلهن و فيه ضرر و هذا المعنى لا يوجد في الجارية فتترك في يد الام بل تمس الحاجة إلى الترك في يدها إلى

(43)

وقت البلوغ لحاجتها إلى تعلم آداب النساء و التخلق باخلاقهن و خدمة البيت و لا يحصل ذلك الا و أن تكون عند الام ثم بعد ما حاضت أو بلغت عند الام حد الشهوة تقع الحاجة إلى حمايتها و صيانتها و حفظها عمن يطمع فيها لكونها لحما على و ضم فلا بد ممن يذب عنها و الرجال ذلك أقدر و أما هؤلاء من ذوات الرحم المحرم من الاخوات و الخالات و العمات إذا كان الصغير عندهن فالحكم في الجارية كالحكم في الغلام و هو انها تترك في أيديهن إلى ان تأكل وحدها و تشرب وحدها و تلبس وحدها ثم تسلم إلى الاب و انما كان كذلك لانها و ان كانت تحتاج بعد الاستغناء إلى تعلم آداب النساء لكن في تأديبها استخدامها و ولاية الاستخدام ثابتة لغير الامهات من الاخوات و الخالات و العمات فتسليمها إلى الاب احترازا عن الوقوع في المعصية و أما التي للرجال فأما وقتها فما بعد الاستغناء في الغلام إلى وقت البلوغ و بعد الحيض في الجارية إذا كانت عند الام أو الجدتين و ان كانا عند غيرهن فما بعد الاستعناء فيهما جميعا إلى وقت البلوغ لما ذكرنا من المعنى و انما توقت هذا الحق إلى وقت بلوغ الصغير و الصغيرة لان ولاية الرجال على الصغار و الصغائر تزول بالبلوغ كولاية المال أن الغلام إذا كان مأمون عليه فللاب أن يضمه إلى نفسه و لا يخلى سبيله كيلا يكتسب شيأ عليه و ليس عليه نفقته الا أن يتطوع فاما إذا بلغ عاقلا و اجتمع رأيه و استغنى عن الاب و هو مأمون عليه فلا حق للاب في إمساكه كما ليس له أن يمنع من ماله فيخلى سبيله فيذهب حيث شاء و الجارية ان كانت ثيابا و هي مأمونة على نفسها لا يخلى سبيلها و ان كانت مأمونة على نفسها فلا حق له فيها و يخلى سبيلها و تترك حيث أحبت و ان كانت بكرا لا يخلى سبيلها و ان كانت مأمونة على نفسها لانها مطمع لكل طامع و لم تختبر الرجال فلا يؤمن عليها الخداع و أما شرطها فمن شرائطها العصوبة فلا تثبت الا للعصبة من الرجال و يتقدم الاقرب فالأَقرب الاب ثم الجد أبوه و ان علا ثم الاخ لاب وأم ثم الا خ لاب ثم ابن الاخ لاب وأم ثم ابن الاخ لاب ثم العم لاب وأم ثم العم لاب ثم ابن العم لاب وأم ثم ابن العم لاب ان كان الصبي غلاما و ان كان جارية فلا تسلم اليه لانه ليس بمحرم منها لانه يجوز له نكاحها فلا يؤتمن عليها و أما الغلام فانه عصبة أحق به ممن هو أبعد منه ثم عم الاب لاب وأم ثم عم الاب لاب ثم عم الجد لاب وأم ثم عم الجد لاب و لو كان لها ثلاثة أخو كلهم على درجة واحدة بان كانوا كله لاب وام أو لاب أو ثلاثة أعمام كلهم على درجة واحدة فأفضلهم صلاحا و ورعا أولى فان كانوا في ذلك سواء فأكبرهم سنا أولى بالحضانة فان لم يكن للجارية من عصباتها ابن العم اختار لها القاضي أفضل المواضع لان الولاية في هذه الحالة اليه فيراعى الاصلح فان رأه أصلح ضمها اليه و الا فيضعها عند إمرأة مسلمة أمينة و كل ذكر من قبل النساء فلا حق له في الولد مثل الاخ و الخال و أبو الام لانعدام العصوبة و قال محمد ان كان للجارية ابن عم و خال و كلاهما لا بأس به في دينه جعلها القاضي عند الخال لانه محرم و ابن العم ليس بمحرم فكان المحرم أولى و الاخ من الاب أحق من الخال لانه عصبة و هو أيضا أقرب لانه من أولاد الاب و الخال من أولاد الجد و ذكر الحسن ابن زياد أن الصبي إذا لم يكن له قرابة من قبل النساء فالعم أولى به من الخال و أبو الام لانه عصبته و الاخ لاب أولى من العم و كذلك ابن الاخ لانه أقرب فان لم تكن له قرابة أشفق من جهة أبيه من الرجال و النساء فان الام و النساء فان الام أولى من الخال و الاخ لام لان لها و لاداوهى أشفق ممن لا ولاد له من ذوى الارحام و منها إذا كان الصغير جارية أن تكون عصبتها ممن يؤتمن عليها فان كان لا يؤتمن لفسقه و لخيانته لم يكن له فيها حق لان في كفالته لها ضرر عليها و هذه ولاية نظر فلا تثبت مع الضرر حتى لو كانت الاخوة و الاعمام مأمونين على نفسها و مالها لا تسلم إليهم و ينظر القاضي إمرأة من المسلمين ثقة عدلة أمينة فيسلمها إليها إلى أن تبلغ فتترك حيث شاءت و ان كانت بكرا و منها اتحاد الدين فلا حق للعصبة في الصبي الا أن يكون على دينه كذا و ذكر محمد و قال هذا قول ابى حنيفة و قياسه لان هذا الحق لا يثبت الا للعصبة و اختلاف الدين يمنع التعصيب و قد قالوا في الاخوين إذا كان أحد هما مسلما و الآخر يهوديا و الصبي يهودى أن اليهودي أولى به لانه عصبة لا المسلم و الله عز و جل الموفق و لا خيار للغلام و لا جارية إذا اختلف الابوان فيهما قبل

(44)

في بيان مكان الخصانة .

البلوغ عندنا و قال الشافعي يخير الغلام إذا عقل التخيير و احتج بما روى عن أبى هريرة رضى الله عنه أن إمرأة أتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت زوجي بريد أن ينتزع ابنه منى و انه قد نفعنى و سقاني من بئر أبى عتبة فقال استهما عليه فقال الرجل من يشاقنى في ابن فقال النبي صلى الله عليه و سلم للغلام اختر أيهما شئت فاخترا أمه فأعطاها إياه و لان في هذا نظر للصغير لانه يحتاج الاشفق و لنا مار و ينا عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال للام أنت حق به ما لم تنكحي و لم يخير و لان تخيير الصبي ليس بحكمة لانه لغلبة هواه يميل إلى اللذة الحاضرة من الفراغ و الكسل و الهرب من الكتاب و تعلم آداب النفس و معا لم الدين فيختار شر الابوين و هو الذي يهمله و لا يؤدبه و أما حديث أبى هريرة رضى الله عنه فالمراد منه التخيير في حق البالغ لانها قالت نفعنى و سقاني من بئر أبى عتبة و معنى قولها نفعنى أى كسب على و البالغ و هو الذي يقدر على الكسب و قد قيل ان بئر أبى عتبة بالمدينة لا يمكن الصغير الاستقاء منه فدل على ان المراد منه التخيير في حق البالغ و نحن به نقول ان الصبي إذا بلغ نخير و الدليل عليه ما روى عن عمارة بن ربيعة المخزومي انه قال غزا أبى نحو البحرين فقتل فجاء عمي ليذهب بي فخاصمته أمى إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه و معي أخ لي صغير فخيرني على رضى الله عنه ثلاثا فاخترت أمى فأبى عمي ان يرضى فوكزه على رضى الله عنه بيده و ضربه بدرته و قال لو بلغ هذا الصبي أيضا خير فهذا يدل على ان التخيير لا يكون الا بعد البلوغ ( فصل )

و أما بيان مكان الحضانة مكان الزوجين إذا كانت الزوجة بينهما قائمة حتى لو أراد الزوج أن يخرج من البلد و أراد أن يأخذ ولده الصغير ممن له الحضانة من النساء ليس له ذلك حتى يستغنى عنها لما ذكرنا انها أحق بالحضانة منه فلا يملك انتزاعه من يدها لما فيه من إبطال حقها فضلا عن الاخراج من البلد و ان أرادت المرأة أن تخرج من المصر الذي هى فيه إلى غيره فللزوج أن يمنعها من الخروج سواء كان معها ولدا و لم يكن لان عليها المقام في بيت زوجها و كذلك إذا كانت معتدة لا يجوز لها الخروج مع الولد و بدونه و لا يجوز للزوج إخراجها لقوله عز و جل تخرجوهن من بيوتهن و لا يخرجن الا أن يأتين بفاحشة مبينة و أما إذا كانت منقضية العدة فأرادت أن تخرج بولدها من البلد الذي هى فيه إلى بلد فهذا على أقسام ان أرادت أن تخرج إلى بلدها و قد وقع النكاح فيه فلها ذلك مثل ان تزوج كوفية بالكوفة ثم نقلها إلى الشام فولدت أولادا ثم وقعت الفرقة بينهما و انقضت العدة فأرادت ان تنقل أولادها إلى الكوفة فلها ذلك لان المانع هو ضرر التفريق بينه و بين ولده و قد رضى به لوجود دليل الرضا و هو التزوج بها في بلدها لان من تزوج إمرأة في بلدها فالظاهر انه يقيم فيه و الولد من ثمرات النكاح فكان راضيا بحضانة الولد في ذلك البلد فكان راضيا بالتفريق الا ان النكاح ما دام قائما يلزمها اتباع الزوج فإذا زال فقد زال المانع و ان وقع النكاح في بلدها بان لم يكن لها ان تنتقل بولدها إلى بلدها بان تزوج إمرأة كوفية بالشام فوقعت الفرقة فأرادت أن تنقل ولدها إلى الكوفة لم يكن لها ذلك لانه إذا لم يقع النكاح في بلدها لم توجد دلالة الرضا بالمقام في في بلدها فلم يكن راضيا بحضانة الولد فيه فلم يكن راضيا بضرر التفريق و لو أرادت أن تنقل الولد إلى بلد ليس ذلك ببلدها و لكن وقع النكاح فيه كما اذ تزوج كوفية بالشام فنقلها إلى البصرة فوقعت الفرقة بينهما فأرادت أن تنقل بأولادها إلى الشام ليس لها ذلك كذا ذكر في الاصل لان ذلك البلد الذي وقع فيه النكاح ليس ببلدها و لا بلد الزوج بل هو دار غربة لها كالبلد الذي فيه الزوج فلم يكن النكاح فيه دليل الرضا بالمقام فيه فلم يكن راضيا بحضانة الولد الذي هو من ثمرات النكاح فيه فلم يكن راضيا بضرر التفريق فاعتبر في الاصل شرطين أحدهما أن يكون البلد الذي تريد ان تنقل اليه الولد بلدها و الثاني وقوع النكاح فيه فما لم يوجد لا يثبت لها ولاية لا نقل و روى عن أبى يوسف ان لها ذلك و اعتبر مكان العقد فقط ولاية أشار محمد في الجامع الصغير فقال و انما أنظر في هذا إلى عقدة النكاح اين وقعت و هكذا اعتبر الطحاوي و الخصاف اتباعا لقول محمد في الجامع و هذا سديد لان محمدا و ان أجمل المسألة في الجامع فقد فصلها في الاصل على الوجه الذي وصفنا و المجمل يحمل على المفسر و قد يكون المفسر بيانا للمجمل كالنص

(45)

في بيان الاعتاق وانواعه

المجمل من الكتاب و السنة إذا لحق به التفسير انه يصير مفسرا من الاصل كذا هذا و الله عز و جل الموفق هذا إذا كانت المسافة بين البلدين بعيدة فان كانت قريبة بحيث يقدر الاب أن يزور ولده و يعود إلى منزله قبل الليل فلها ذلك لانه لا يلحق الاب كبير ضرر بالنقل بمنزلة النقل إلى أطراف البلد و أما أهل السواد فالحكم في السواد كالحكم في المصر في جميع الفصول الا في فصل واحد بيانه ان النكاح إذا وقع في الرستاق فأرادت المرأة أن تنقل الصبي إلى قريتها فان كان أصل النكاح وقع فيها فلها ذلك كما في المصر لما قلنا و ان كان وقع في غيرها فليس لها نقله إلى قريتها و لا إلى القرية التي وقع فيها النكاح إذا كانت بعيدة لما ذكرنا في المصر و ان كانت قريبة على التفسير الذي ذكرنا فلها كما في المصر و ان كان الاب متوطنا في المصر فأرادت نقل الولد إلى القرية فان كان تزوجها فيها و فى قريتها فلها ذلك و ان كانت بعيدة عن المصر لما ذكرنا في المصر و ان لم تكن تلك قريتها فان كانت قريته و وقع فيها أصل النكاح فلها ذلك كما في المصر و ان كان لم يقع النكاح فيها فليس لها ذلك و ان كانت قريبة من المصر بخلاف المصرين لان أخلاق أهل السواد لا تكون مثل أخلاق أهل المصر أجفى فيتخلق الصبي بأخلاقهم فيتضرر به و لم يوجد من الاب دليل الرضا بهذا الضرر اذا لم يقع أصل النكاح في القرية و الله عز و جل أعلم و ليس للمرأة أن تنقل ولدها إلى دار الحرب و ان كان قد تزوجها هناك و كانت حربية بعد ان يكون زوجها مسلما أو ذميا لان في ذلك اضرار بالصبي لانه يتخلق بأخلاق الكفرة فيتضرر به و ان كان كلاهما حر بيين فلها ذلك لان الصبي تبع لهما و هما من أهل دار الحرب و الله عز و جل أعلم و هو الموفق ( كتاب الاعتاق )

الكلام في هذا الكتاب في الاصل في مواضع في بيان أنواع الاعتاق و في بيان ركن الاعتاق و في بيان شرائط الركن و في بيان صفة الاعتاق و في بيان حكم الاعتاق و في بيان وقت ثبوت حكمه و في بيان ما يظهر به الاعتاق أما الاول فالإِعتاق في القسمة الاولى ينقسم إلى أربعة أقسام واجب و مندوب اليه و مباح و محظور أما الواجب فالإِعتاق في كفارة القتل و الظهار و اليمين و الافطار الا انه في باب القتل و الظهار و الافطار واجب على التعيين عند القدرة عليه و في اليمين واجب على التخيير قال الله تعالى في كفارة القتل و إظهار فتحرير رقبة و في كفارة اليمين أو تحرير رقبة و انه أمر بصيغة المصدر كقوله عز و جل فضرب الرقاب و قوله عز و جل و الوالدات يرضعن أو لا دهن و قوله تعالى و المطلقات يتربصن بأنفسهن و نحو ذلك و قال النبي صلى الله عليه و سلم في كفارة الافطار أعتق رقبة و أما المندوب اليه فهو الاعتاق لوجه الله تعالى من إيجاب لان الشرع ندب إلى ذلك لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال أيما مؤمن أعتق مؤمنا في الدينا أعتق الله تعالى بكل عضو منه عضوا منه من النار و عن واثلة بن الاسقع قال أتينا رسول الله صلى الله صلى الله عليه و سلم في صاحب لنا قد أوجب فقال صلى الله عليه و سلم أعتقوا عنه يعتق الله تعالى بكل عضو منه عضوا منه من النار و عن أبى نجيح السلمى قال كنا مع رسول الله عليه و سلم بالطائف فسمعته يقول من رمى بسهم في سبيل الله فله درجة في الجنة و من شاب شبيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة و أيما رجل مسلم أعتق رجلا مسلما كان به وقاء كل عظم من عظام محرره من النار و أيما إمرأة مسلمة أعتقت إمرأة مسلمة كان بها وقاء كل عظم محررتها من النار و عن البراء بن عازب قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة فقال صلى الله عليه و سلم أعتق النسمة و فك الرقبة فقال أو ليسا واحدا فقال صلى الله عليه و سلم لا عتق النسمة ان تنفرد بعتقها و فك الرقبة ان تعين في افكاكها و في بعض الروايات ان تعين في قثمنها و أما المباح فهو الاعتاق من نية لوجود معنى الاباحة فيه و فيه تخيير العاقل بين تحصيل الفعل و تركه شرعا و أما المحظور فهو ان يقول لعبده أنت حر لوجه الشيطان

(46)

في اركان الاعتاق .

و يقع العتق لوجود ركن الاعتاق و شرطه و قوله لوجه الشيطان لبيان الغرض و نقسمه أيضا أقساما أخذ نذكرها في مواضعها ان شاء الله تعالى ( فصل )

و أما ركن الاعتاق فهو الذي جعل دلالة على العتق في جعملة أو ما يقوم مقام اللفظ فيحتاج فيه إلى بيان الالفاظ التي يثبت بها العتق في الجملة اما مع النية أو بدون النية و إلى بيان ما لا يثبت به العتق من الالفاظ رأسا أما الاول فالأَلفاظ التي يثبت بها العتق في الجملة فتنقسم ثلاثة أقسام صريح و ملحق بالصريح و كناية و أما الصريح فهو اللفظ المشتق من العتق أو الحرية أو الولاء نحو قوله أعتقتك أو حررتك أو أنت عتيق أو معتق أو أنت مولاى لان لا صريح في اللغة اسم لما هو ظاهر المعنى مكشوف المراد عند السامع و هذه الالفاظ بهذه الصفة أما لفظ العتق و الحرية فلا شك فيه لانه لا يستعمل الا في العتق فكان ظاهر المراد عند السامع فكان صريحا فلا يفتقر إلى النية كصريح الطلاق اذ النية لتعيين المحتمل و أما لفظ الولاء فالمولى و ان كان من الالفاظ المشتركة في الاصل لوقوعه على مسميات مختلفة الحدود و الحقائق بمنزلة اسم العين و القرء و غيرهما فانه يقع على الناصر قال الله تعالى ذلك بان الله مولى الذين آمنوا و ان الكافرين لا مولى لهم و يقع على ابن العم قال الله تبارك و تعالى خبرا عن نبيه زكريا عليه الصلاة و السلام وانى خفت المولى من ورائي و يقع على المعتق و المعتق لكن ههنا لا يحمل معنى الناصر لان المولى لا يستنصر بعبده و لا ابن العم إذا كان العبد معروف النست و لا المعتق إذا العبد لا يعتق مولاه فتعين المعتق مرادا به و اللفظ المشترك يتعين بعض الوجوه الذي يحتمل مراده بدليل معين فكان صريحا في العتق فلا يحتاج إلى النية كقوله أنت حر أو عتيق و كذا إذا ذكره هذه الالفاظ بصيغة النداء بان قال يا حر يا عتيق يا معتق لانه ناداه بما هو صريح في الدلالة على العتق لكون اللفظ موضوعا للعتق و الحرية و لا يعتبر المعنى بالموضوعات فيثبت العتق من نية كقوله أنت حر أو عتيق أو معتق و ذكر محمد انه لو كان اسم العبد حرا و عرف بذلك الاسم فقال له يا حر لا يعتق لانه ذا كان مسمى بذلك الا سم معروفا به لندائه يحمل على الاسم لا على الصفة فلا يعتق و كذا إذا قال له مولاى يعتق عليه عند أصحابنا الثلاثة و قال زفر لا يعتق من نية وجه قوله يا مولاى يحتمل التعظيم و يحتمل العتق فلا يحتمل على التحقيق الا بالنية كقوله يا سيدي و يا مالكي و لنا ان النداء للعبد بإسم المولى لا يراد به التعظيم للعبد و أكرمه عادة و انما يراد به الاعتاق فيحمل عليه كان قال أنت مولاى و لو قال ذلك يعتق عليه كذا هذا بخلاف قوله يا سيدي و يا مالكي لان هذا قد يذكر على وجه التعظيم و الاكرام فلا يثبت به العتق من قرينة و علل محمد لهذا فقال لانا انما أعتقناه في قوله يا مولاى لاجل الولاء لاجل الملك و معناه ما ذكرنا و الله عز و جل أعلم و لو قال في شيء من هذه الالفاظ من قوله أعتقتك أو نحوه عنيت به الخبر كذبا لا يصدق في القضاء لعدوله عن الظاهر لانه يستعمل في انشاء العتق في عرف اللغة و الشرع كما يستعمل في الاخبار فان العرب قبل ورود الشرع كانوا يعتقون عبيدهم بهذه الصيغة و في الحمل على الخبر حمل على الكذب و ظاهر حال العاقل بخلافه فلا يصدق في القضاء كما لو قال لامرأته طلقتك نوى به الاخبار كذبا لا يصدق في القضاء و يصدق به فيما بينه و بين الله عز و جل لانه نوى ما يحتمله كلامه لانه يحتمل الاخبار و ان كان ارادته الخبر خلاف الظاهر و لو قال عنيت به انه كان خبرا فان كان موكدا لا يصدق أصلا كذب محض و ان كان انشاء لا يصدق قضأ لان الظاهر إرادة الانشاء من هذه الالفاظ فلا يصدق في العدول عن الظاهر و يصدق ديانة اللفظ يحتمل عن الماضي و لو قال أنت حر من عمل كذا أو أنت حر اليوم من هذا العمل عتق في القضاء لان العتق بالنسبة إلى الاعمال و الازمان لا يتجزأ لاستحالة ان يعتق اليوم و يسترق غدا أو يعتق في عمل و يرق في عمل فكان الاعتاق في عمل دون عمل و في زمان دون زمان اعتاقا من الاعمال كلها و في الازمان بأسرها فإذا نوى بعض الاعمال و الازمان فقد نوى خلاف الظاهر فلا يصدقه القاضي و كذا إذا قال أنت مولاى و قال عنيت به الموالاة في الدين لا يصدق في القضايا لانه خلاف الظاهر اذ هو يستعمل لولاء العتق ظاهرا

(47)

و يصدق ديانة لان اللفظ يحتمل ما نوى و لو قال ما أنت الا حر عتق لان قوله ما أنت الا حرآكد من قوله أنت حر لانه إثبات بعد النفي كقولنا لا اله الا الله و لو قال أنت حر لوجه الله تعالى عتق لان اللام في قوله لوجه الله تعالى لام الغرض فقد نجز الحرية و بين ان غرضه من التحرير وجه الله عز و جل و كذا لو قال لعبده أنت حر لوجه الشيطان عتق ذكره محمد في الاصل لانه أعتقه بقوله أنت حر و بين غرضه الفاسد من الاعتاق فلا يقدح في العتق و لو دعى عبده سالما فقال يا سالم فأجابه مرزوق فقال أنت حر و لا نية له عتق الذي أجابه لان قوله أنت حر خطاب و المتكلم أولى بصرف الخطاب اليه من الساكت و لو قال عنيت سالما عتقا في القضاء أما مرزوق فلان الاشارة مصروفة اليه لما بينا فلا يصدق في انه ما عناه و أما سالم فباقراره و أما فيما بينه و بين الله تعالى فانما يعتق الذي عناه خاصة لان الله تعالى يطلع على سره و لو قال يا سالم أنت حر فإذا هو عبد آخر له أو لغيره عتق سالم لانه لا مخاطب ههنا الا سالم فيصرف قوله أنت حر اليه و الله عز وجل أعلم و أما الذي هو ملحق بالصريح فهو ان يقول لعبده وهبت لك نفسك أو وهبت لك نفسك أو وهبت نفسك منك أو بعت نفسك منك و يعتق سواء قبل أو لم يقبل نوى أو لم ينو لان الايجاب من الواهب أو البائع ازالة الملك من الموهوب أو المبيع و انما الحاجة إلى القبول من الموهوب له و المشترى لثبوت الملك لهما و ههنا لا يثبت للعبد في نفسه لانه لا يصلح مملوكا لنفسه فتبقى الهبة و البيع ازالة الملك عن الرقيق لا إلى أحد و هذا معنى الاعتاق و لهذا لا يفتقر إلى القبول فلا يحتاج إلى النية أيضا لان اللفظ صريح في الدلالة على زوال الملك عن الموهوب و المبيع و الاعتاق ازالة الملك و قد قال أبو حنيفة إذا قال لعبده وهبت لك نفسك و قال أردت وهبت له عتقه أى لا أعتقه لم يصدق في القضاء لان الهبة وضعت لازالة الملك عن الموهوب وهبة العتق استبقاء الملك على الموهوب فقد عدل عن ظاهر الكلام فلا يصدق في القضاء و يصدق فيما بينه و بين الله عز و جل لانه نوى ما يحتمله كلامه و روى عن أبى يوسف فيمن قال لعبده أنت مولى فلان أو عتيق فلان انه يعتق في القضاء لانه أخبر انه معتق فلان و لا يكون معتق فلان الا و ان يكون مملوكا لفلان فاعتقه فان أعتقك فلان فليس بشيء لان قوله أعتقك فان أعتقك فلان فليس بشيء لان قوله أعتقك فلان يحتمل انه أراد أن فلانا أنشأ العتق فيك و لا يكون ذلك الا بعد الملك و يحتمل انه أراد به انه قال لك للحال أنت حر و لا ملك له فيه فلا يعتق بالشك و الله عز وجل أعلم و من هذا القبيل اذا اشترى أباه أو أمه أو ابنه عتق عليه نوى أو لم ينو عند عامة العلماء لان شراءه جعل اعتاقا شرعا حتى تتأدى به الكفارة إذا اشترى أباه ناويا عن الكفارة في قول أصحاينا الثلاثة خلافا لزفر و الشافعي و عند مالك لا يعتق الا بإعتاق مبتدأ و الاصل ان كل من يملك ذا رحم محرم منه بالشراء أو بقبول الهبة و الصدقة أو الوصية أو بالارث يعتق عليه و قال مالك لا يعتق ما لم يعتقه و قال الشافعي لا يعتق بالملك الا من له ولاد فاما من لا ولاد له فلا يعتق الا بإعتاق مبتدأ أما مالك فانه احتج بما روى أبو داود في سننه باسناده عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال لن يجزى ولد والدة الا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه حقق صلى الله عليه و سلم الاعتاق عقيب الشراء و لو كان الشراء نفسه اعتاقا لم يتحقق الاعتاق عقيبه لان إعتاق المعتق لا يتصور فدل ان شراء القريب ليس بإعتاق و لان الشراء إثبات الملك الاعتاق ازالة الملك و بينهما منافاة فكيف يكون اللفظ الواحد إثباتا و ازالة و لنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر و عن ابن عباس رضى الله عنهما قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله انى دخلت السوق فوجدت أخى يباع فاشتريته و أنا أريد أعتقه فقال له صلى الله عليه و سلم ان الله تعالى قد أعتقه و الحديثان حجة على مالك و الشافعي و معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم في حديث أبى هريرة فتعتقه أى تعتقه بالشراء يحمل على هذا عملا بالاحاديث كلها صيانة لها عن التناقض و اما قوله الشراء إثبات الملك و الاعتاق ازالة الملك فنعم و لكن الممتنع إثبات حكم و ضده بلفظ واحد في زمان واحد و أما في زمانين فلا لان علل الشرع في الحقيقة دلائل و اعلام على المحكومات الشرعية فيجوز ان يكون لفظ الشراء السابق علما على ثيوت الملك في الزمان الاول و ذلك اللفظ بعينه علما على ثبوت العتق في الزمان الثاني اذ لا تنافي عند اختلاف الزمان و أما

(48)

الكلام الشافعي فمبنى على ان القرابة المحرمة للنكاح فيما سوى الولاد و هي قرابة الاخوة و العمومة و الخؤولة حرام القطع عندنا و عنده لا يحرم قطعها و على هذا يبنى وجوب القطع بالسرقة و وجوب النفقة في هذه القربة انه لا يقطع و يجب النفقة عندنا خلافا له و لا خلاف في ان القرابة الولاد حرام القطع و لا خلاف أيضا في ان القرابة التي لا تحرم النكاح كقرابة بين الاعمام محرمة القطع فالشافعي يلحق هذه القرابة بقرابة بني الاعمام و نحن نلحقها بقرابة الولاد وجه قوله ان العتق انما يثبت بالقرابة لكون العتق صلة و كون القرابة مستدعية للصلة و الاحسان إلى القريب و العتق من أعلى الصلات فلا يثبت الا بأعلى على القرابات و هي قرابة بني الاعمام و لهذا الحق بها في كثير من الاحكام و هي جريان القصاص في نفس و الطرف و قبول الشهادة و الحبس بالدين و جواز الاستئجار و نكاح الحليلة و عدم التكاتب و لنا ان قرابة الولاد انما اوجبت العتق عند الملك لكونها محرمة القطع و إبقاء الملك في القريب يفضى إلى قطع الرحم لان الملك نفسه من باب الذل و الهوان فيورث وحشة و انها توجب التباعد بين القريبين و هو تفسير قطعية الرحم و شرع السبب المفضي إلى القطع مع تحريم القطع متناقض فلا يبقى الملك دفعا للتناقض فلا يبقى الرق ضرورة لانه لم يشرع بقاؤه في المسلم و الذمى الا لاجل الملك المحترم للمالك المعصوم و إذا زال الرق ثبت العتق ضرورة و القرابة المحترمة للنكاح محرمة القطع لان النصوص المقتضية لحرمة قطع الرحم عامة أو مطلقة قال الله تبارك و تعالى و اتقوا الله الذي تساءلون به و الارحام معناه و اتقوا الله الذي تساءلون به فلا تعصوه و اتقوا الارحام فلا تقطعوها و يحتمل ان يكون معناه و اتقوا الله وصلوا الارحام و قد روى في الاخبار عن رسول الله صلى الله و سلم انه قال صلوا الارحام فانه أبقى لكم في الدنيا و خير لكم في الآخرة و الامر بالوصل يكون نهيا عن القطع لانه ضده و الامر بلا فعل نهى عن ضده و روى عنه صلى الله عليه و سلم انه قال الرحم شجنة من الله تعالى معلقة بالعرش تقول يا رب هذا مقام العائذ بك قطعت و لم أوصل فيقول الله تبارك و تعالى أما يكفيك انى شققت لك اسما من اسمى أنا الرحمن و أنت الرحم فمن وصلك وصلته و من قطعك بتته و مثل هذا الوعيد لا يكون الا بارتكاب المحرم فدل ان قطع الرحم حرام و الرحم هو القرابة سميت القرابة رحما اما باعتبار ان الرحم مشتق من الرحمة كما جاء في الحديث و القرابة سبب الرحم و الشفقة على القريب طبعا و اما باعتبار العضو المخصوص من النساء المسمى بالرحم محل السبب الذي يتعلق به وجود القرابات فكان كل قرابة أو مطلق القرابة محرمة القطع بظاهر النصوص الا ما خص أو قيد دليل ثم نخرج الاحكام أما جريان القصاص فلا يفضى إلى قطع الرحم لان القصاص جزاء الفعل و جزاء الفعل يضاف إلى الفاعل فكان الاخ القاتل أو القاطع هو قاطع الرحم فكانه قتل نفسه أو فقطع طرفه باختياره و كذا الحبس بالدين لانه جزاء المطل الذي هو جناية فكان مضافا اليه و أما الاجارة فهي عقد معاوضة و هو تمليك المنفعة بالمال و انه حصل باختيارة فلا يفضى إلى القطع الا انه لا يجوز استئجار الاب ابنه في الخدمة التي يحتاج إليها الاب لا لانه يفضى إلى قطعية الرحم بل لا ن ذلك يستحق على الابن شرعا فلا يجوز ان يستحق الا جر في مقابلته فلا يدخل في العقد و لو استأجر الابن أباه يصح و لكن يفسخ احتراما للاب و نحن نسلم ان للاب زيادة احترام شرعا يظهر في حق هذا و في حق القصاص و الحبس و لا كلام فيه و أما نكاح الحليلة فانه و ان كان فيه نوع من الغضاضة لكن هذا النوع من الغضاضة معتبر في تحريم القطع فلان الجمع بين الاختين حرم للصيانة عن قطيعة الرحم ثم يجوز نكاح الاخت بعد طلاق أختها و انقضاء عدتها و ان كان لا يخلو عن نوع غضاضة و أما التكاتب فعند أبى يوسف و محمد يتكاتب الاخ كما في قرابة الولاد و عن أبى حنيفة فيه روايتان ثم نقول عدم تكاتيب الاخ لا يفضى إلى قطعية الرحم لان ملكه لا يصلح للتكاتب لانه من باب الصلة و التبرع و ملك المكاتب ملك ضروري لا يظهر في حق التبرع و العتق فإذا لم يكاتب عليه لم يقدر الاخ على ازالة الذل عنه و هو الملك فلا يفضى إلى الغضاضة بخلاف الولد لان ملك المكاتب و ان كان ضروريا لم يشرع الا في حق حرية نفسه لكن