معين في الحج سنين معينة و عين لكل سنة مقدارا معينا و اتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكل سنة صرف نصيب سنتين في سنة ، أو ثلاث سنين في سنتين مثلا ، و هكذا لا لقاعدة الميسور لعدم جريانها في مجعولات الشارع ، بل لان الظاهر من حال الموصى إرادة صرف ذلك المقدار في الحج و كون تعيين مقدار كل سنة بتخيل كفايته ، و يدل عليه أيضا خبر على بن محمد الحضينى ، و خبر إبراهيم بن مهزيار ، ففى الاول تجعل حجتين في حجة ، و في الثاني تجعل ثلاث حجج في حجتين ، و كلاهما من باب المثال كما لا يخفى ، هذا و لو فضل من السنين فضلة لا تفى بحجة فهل ترجع ميراثا ، أو في وجوه البر أو تزاد على اجرة بعض السنين ؟ وجوه ، و لو كان الموصى به الحج من البلد و دار الامر بين جعل اجرة سنتين مثلا لسنة ، و بين الاستيجار بذلك المقدار من الميقات لكل سنة ففى تعيين الاول أو الثاني وجهان ، و لا يبعد التخيير بل أولوية الثاني إلا أن مقتضى إطلاق الخبرين ، الاول هذا كله إذا لم يعلم من الموصى إرادة الحج بذلك المقدار على وجه التقييد ، و إلا فتبطل الوصية إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير ، أو كانت الوصية مقيدة بسنين معينة .
( 7 مسألة ) : إذا أوصى بالحج و عين الاجرة في مقدار فإن كان الحج واجبا و لم يزد ذلك المقدار عن اجرة المثل ، أو زاد و خرجت الزيادة من الثلث تعين ، و إن زاد و لم تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصية و يرجع إلى اجرة المثل ، و إن كان الحج مندوبا فكذلك
تعين أيضا مع وفاء الثلث بذلك المقدار ، إلا فبقدر وفاء الثلث ، مع كون التعيين على وجه التقييد ، و أن لم يف الثلث بالحج أو كان التعيين على وجه التقييد بطلت الوصية ، و سقط وجوب الححج .
( 8 مسألة ) : إذا أوصى بالحج و عين أجيرا معينا تعين استيجاره بأجرة المثل ، و إن لم يقبل إلا بالازيد ، فإن خرجت الزيادة من الثلث تعين أيضا ، و إلا بطلت الوصية ، و استوجر غيره بأجرة المثل في الواجب مطلقا ، و كذا في المندوب إذا و في به الثلث و لم يكن على وجه التقييد ، و كذا إذا لم يقبل أصلا .
( 9 مسألة ) : إذا عين للحج اجرة لا يرغب فيها أحد و كان الحج مستحبا بطلت الوصية إذا لم يرج وجود راغب فيها ، و حينئذ فهل ترجع ميراثا ، أو تصرف في وجوه البر ، أو يفصل بين ما إذا كان كذلك من الاول فترجع ميراثا أو كان الراغب موجودا ثم طرأ التعذر ؟ وجوه ، و الاقوى هو الصرف في وجوه البر ، لا لقاعدة الميسور ، بدعوى أن الفصل إذا تعذر يبقى الجنس ، لانها قاعدة شرعية ، و إنما تجري في الاحكام الشرعية المجعولة للشارع ، و لا مسرح لها في مجعولات الناس ، كما أشرنا إليه سابقا ، مع أن الجنس لا يعد ميسورا للنوع ، فمحلها المركبات الخارجية إذا تعذر بعض أجزائها ، و لو كانت ارتباطية ، بل لان الظاهر من حال الموصى في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه ، و إنما عين عملا خاصا
لكونه أنفع في نظره من غيره فيكون تعيينه لمثل الحج على وجه تعدد المطلوب و إن لم يكن متذكرا لذلك حين الوصية ، نعم لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللب أيضا يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة ، و لا فرق في الصورتين بين كون التعذر طاريا أو من الاول ، و يؤيد ما ذكرنا ما ورد من الاخبار في نظائر المقام ، بل يدل عليه خبر على بن سويد عن الصادق عليه السلام قال قلت : مات رجل فأوصى بتركته أن أحج بها عنه ، فنظرت في ذلك فلم تكف للحج فسألت من عندنا من الفقهاء ، فقالوا : تصدق بها ، فقال عليه السلام : ما صنعت ؟ قلت : تصدقت بها فقال عليه السلام : ضمنت إلا أن لا تكون تبلغ أن يحج بها من مكة ، فإن كانت تبلغ أن يحج بها من مكة فأنت ضامن .
و يظهر مما ذكرنا حال سائر الموارد التي تبطل الوصية لجهة من الجهات ، هذا في ما إذا أوصى بالثلث و عين له مصارف و تعذر بعضها ، و أما فيه فالأَمر أوضح ، لانه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملك الوارث بذلك فلا يعود إليه .
( 10 مسألة ) : إذا صالحه داره مثلا و شرط عليه أن يحج عنه بعد موته صح و لزم و خرج من أصل التركة ، و إن كان الحج ندبيا ، و لا يلحقه حكم الوصية ، و يظهر من المحقق القمي قدس سره في نظير المقام إجراء حكم الوصية عليه ، بدعوى أنه بهذا الشرط ملك عليه الحج ، و هو عمل اجرة ، فيحسب مقدار أجرة المثل لهذا العمل ، فإن كانت زائدة عن الثلث توقف على إمضاء الورثة ، و فيه أنه لم يملك عليه الحج مطلقا في ذمته ، ثم أوصى أن يجعله عنه بل إنما ملك بالشرط الحج عنه ، و هذا ليس ما لا تملكه الورثة فليس تمليكا و وصية ، و إنما هو تمليك على نحو خاص لا ينتقل إلى الورثة ، و كذا الحال إذا ملكه داره بمائة تومان مثلا بشرط أن يصرفها في الحج
عنه أو عن غيره ، أو ملكه إياها أن يبيها و يصرف ثمنها في الحج أو نحوه ، فجميع ذلك صحيح لازم من الاصل ، و إن كان العمل المشروط عليه ندبيا ، نعم له الخيار عند تخلف الشرط ، و هذا ينتقل إلى الوارث ، بمعنى أن حق الشرط ينتقل إلى الوارث ، فلو لم يعمل المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة .
( 11 مسألة ) : لو أوصى بأن يحج عنه ماشيا أو حافيا صح و اعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيا ، و خروج الزائد عن اجرة الميقاتية عنه إن كان واجبا ، و لو نذر في حال حياته أن يحج ماشيا أو حافيا و لم يأت به حتى مات ، و أوصى
به أو لم يوص وجب الاستيجار عنه من أصل التركة كذلك ، نعم لو كان نذره مقيدا بالمشي ببدنه أمكن أن يقال بعدم وجوب الاستيجار عنه ، لان المنذور هو مشيه ببدنه فيسقط بموته ، لان مشى الاجير ليس ببدنه ، ففرق بين كون المباشرة قيدا في المأمور به أو موردا ( 12 مسألة ) : إذا أوصى بحجتين أو أزيد و قال إنها واجبة عليه صدق و تخرج من أصل التركة ، نعم لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض الموت و كان متهما في إقراره فالظاهر أنه كالاقرار بالدين فيه في خروجه من الثلث إذا كان متهما على ما هو الاقوى .
( 13 مسألة ) : لو مات الوصي بعد ما قبض من التركة أجرة الاستيجار و شك في أنه استأجر الحج قبل موته أو لا فإن مضت مدة يمكن الاستيجار فيها فالظاهر حمل أمره على الصحة مع كون الوجوب فوريا منه ، و مع كونه موسعا إشكال ، و إن لم تمض مدة يمكن الاستيجار فيها وجب الاستيجار من بقية التركة إذا كان الحج واجبا ، و من بقية الثلث إذا كان مندوبا ، و في ضمانه لما قبض و عدمه لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان وجهان نعم لو كان المال المقبوض موجودا اخذ حتى في الصورة الولى ، و إن احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان مما يحتاج إلى بيعه و صرفه في الاجرة و تملك ذلك المال بدلا عما جعله اجرة لاصالة بقاء ذلك المال على ملك الميت .
( 14 مسألة ) : إذا قبض الوصي الاجرة و تلف في يده بلا تقصير لم يكن ضامنا ، و وجب الاستيجار من بقية التركة أو بقية الثلث ، و إن اقتسمت على الورثة استرجع منهم ، و إن شك في كون التلف عن تقصير أولا فالظاهر عدم
الضمان أيضا ، و كذا الحال إن استأجر و مات الاجير و لم يكن له تركة أو لم يمكن الاخذ من ورثته ( 15 مسألة ) : إذا أوصى بما عنده من المال للحج ندبا و لم يعلم أنه يخرج من الثلث أولا ، لم يجز صرف جميعه ، نعم لو ادعي أدعى أن عند الورثة ضعف هذا أو أنه أوصى سابقا بذلك و الورثة أجازوا وصيته ففى سماع دعواه و عدمه وجهان .
( 16 مسألة ) : من المعلوم أن الطواف مستحب مستقلا من أن يكون في ضمن الحج و يجوز النيابة فيه عن الميت ، و كذا عن الحى إذا كان غائبا عن مكة أو حاضرا و كان معذورا في الطواف بنفسه ، و أما مع كونه حاضرا و معذور فلا تصح النيابة عنه ، أما سائر أفعال الحج فاستحبابها مستقلا معلوم ، حتى مثل السعي بين الصفا و المروة .
( 17 مسألة ) : لو كان عند شخص وديعة و مات صاحبها و كان عليه حجة الاسلام و علم أو ظن أن الورثة لا يؤدون عنه إن ردها إليهم ، جاز بل وجب عليه عليه أن يحج بها عنه ، و إن زادت عن اجرة الحج رد الزيادة إليهم لصحيحة بريد عن رجل استودعني ما لا فهلك و ليس لوارثه شيء و لم يحج حجة الاسلام ، قال عليه السلام حج عنه و ما فضل فأعطهم .
و هي و إن كانت مطلقة إلا أن الاصحاب قيدوها بما إذا علم أو ظن بعدم تأديتهم لو
دفعها إليهم ، و مقتضى إطلاقها عدم الحاجة إلى الاستيذان من الحاكم الشرعي ، و دعوى أن ذلك للاذن من الامام عليه السلام كما ترى ، لان الظاهر من كلام الامام عليه السلام بيان الحكم الشرعي ، ففى مورد الصحيحة لا حاجة إلى الاذن من الحاكم ، و الظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شيء ، و كذا عدم الاختصاص بحج الودعي بنفسه لانفهام الاعم من ذلك منها ، و هل يلحق بحجة الاسلام غيرها من أقسام الحج الواجب أو الحج من سائر ما يجب عليه مثل الخمس و الزكاة و المظالم و الكفارات و الدين أو لا ؟ و كذا هل يلحق بالوديعة غيرها مثل العارية و العين المستأجرة و المغصوبة و الدين في ذمته أو لا ؟ وجهان ، قد يقال بالثاني ، لان الحكم على خلاف القاعدة إذا قلنا : إن التركة مع الدين تنتقل إلى الوارث و إن كانوا مكلفين بأداء الدين ، و محجورين عن التصرف قبله ، بل و كذا على القول ببقائها معه على حكم مال الميت لان أمر الوفاء إليهم ، فلعلهم أرادوا الوفاء من هذا المال ، أو أرادوا أن يباشروا العمل الذي على الميت بأنفسهم ، و الاقوى مع العلم بأن الورثة لا يؤدون بل مع الظن القوي أيضا جواز الصرف فيما عليه ، لا لما ذكره في المستند من أن وفاء ما على الميت من الدين أو نحوه واجب كفائى على كل من قدر على ذلك ، و أولوية الورثة بالتركة إنما هي ما دامت موجودة ، و أما إذا بادر احد إلى صرف المال فيما عليه لا يبقى مال حتى تكون الورثة أولى به ، إذ هذه الدعوي فاسدة جدا ، بل لامكان فهم المثال من الصحيحة ، أو دعوى تنقيح المناط ، أو أن المال إذا كان بحكم مال الميت فيجب صرفه عليه ، و لا يجوز دفعه إلى من لا يصرفه عليه ، بل و كذا على القول بالانتقال إلى الورثة ، حيث إنه يجب صرفه في دينه ، فمن باب الحسبة يجب على من عنده صرفه عليه ، و يضمن لو دفعه إلى الوارث لتفويته على الميت ، نعم يجب الاستيذان من الحاكم لانه ولي من لا ولي له ، و يكفى الاذن الاجمالى ، فلا يحتاج إلى إثبات وجوب ذلك الواجب عليه ، كما قد