مغنی علی مختصر ابی القاسم عمربن الحسین بن عبدالله بن احمد الخرقی

ت‍ال‍ی‍ف‌: م‍وف‍ق‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍ی‌ م‍ح‍م‍د ع‍ب‍دال‍ل‍ه ‌ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ م‍ح‍م‍دب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌، وی‍ل‍ی‍ه‌ ال‍ش‍رح‌ ال‍ک‍ب‍ی‍ر ع‍ل‍ی‌ م‍ت‍ن‌ ال‍م‍ق‍ن‍ع‌ [اب‍ن‌ق‍دام‍ه‌] ت‍ال‍ی‍ف‌ ش‍م‍س‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍و ال‍ف‍رج‌ ع‍ب‍دال‍رح‍م‍ن ‌ب‍ن‌ اب‍ی‌ ع‍م‍ر م‍ح‍م‍د ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌ ال‍م‍ق‍دس‍ی‌

جلد 3 -صفحه : 86/ 53
نمايش فراداده

(357)

و لنا أنه يبيض في الماء و يفرخ فيه فأشبه السمك فاما طير الماء كالبط و نحوه فهو من صيد البر في قول عامة أهل العلم و فيه الجزاء و حكي عن عطاء أنه قال حيث يكون أكثر فهو صيده و قول عامة أهل العلم أولى لانه يبيض في البر و يفرخ فيه فكان من صيد البر كسائر طيره و انما إقامته في البحر لطلب

(358)

الرزق و المعيشة منه كالصياد فان كان جنس من الحيوان نوع منه في البحر و نوع في البر كالسلحفاة فلكل نوح حكم نفسه كالبقر منها الوحشي محرم و الاهلي مباح ( مسألة ) قال ( و صيد الحرم حرام على الحلال و المحرم ) الاصل في تحريم صيد الحرم النص و الاجماع أما النص فما روى ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم فتح مكة " إن هذا البلد حرمة الله يوم خلق السموات و الارض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة و انه لم يحل القتال فيه لاحد قبلي و لم يحل لي الا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يختلى خلالها و لا يعضد شوكها و لا ينفر صيدها و لا تلتقط لقطتها الا من عرفها " فقال العباس يا رسول الله الا الاذخر فانه لقينهم و بيوتهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الا الاذخر " متفق عليه و أجمع المسلمون على تحريم صيد الحرم على الحلال و المحرم ( فصل ) و فيه الجزاء على من يقتله و يجزى بمثل ما يجزى به الصيد في الاحرام و حكي عن داود أنه لا جزاء فيه لان الاصل براءة الذمة و لم يرد فيه نص فيبقى بحاله

(359)

و لنا أن الصحابة رضي الله عنهم قضوا في حمام الحرم بشاة شاة روي ذلك عن عمر و عثمان و ابن عمر و ابن عباس و لم ينقل عن غيرهم خلافهم فيكون إجماعا و لانه صيد ممنوع منه لحق الله تعالى أشبه الصيد في حق الحرم ( فصل ) و ما يحرم و يضمن في الاحرام يحرم و يضمن في الحرم و ما لا فلا الا شيئين ( أحدهما ) القمل مختلف في قتله في الاحرام و هو مباح في الحرم بلا اختلاف لانه حرم في الاحرام للترفه بقتله و ازالته لا لحرمته و لا يحرم الترفه في الحل فأشبه ذلك قص الشعر و تقليم الظفر ( الثاني ) صيد البحر مباح في الاحرام بغير خلاف و لا يحل صيده من آبار الحرم و عيونه و كرهه جابر بن عبد الله لعموم قوله عليه السلام " لا ينفر صيدها " و لان الحرمة تثبت للصيد كحرمة المكان و هو شامل لكل صيد و لانه صيد مؤذ فأشبه الظباء و عن احمد رواية أخرى أنه مباح لان الاحرام لا يحرمه فأشبه السباع و الحيوان الاهلي ( فصل ) و يضمن صيد الحرم في حق المسلم و الكافر و الكبير و الصغير و الحر و العبد لان الحرمة تعلقت بمحله بالنسبة إلى الجميع فوجب ضمانه كالآدمي ( فصل ) و من ملك صيدا في الحل فادخله الحرم لزمه رفع يده عنه و إرساله فان تلف في يده أو أتلفه فعليه ضمانه كصيد الحل في حق المحرم و قال عطاء إن ذبحه فعليه الجزاء و روي ذلك عن ابن عمر و ممن كره إدخال الصيد الحرم ابن عمر و ابن عباس و عائشة و عطاء و طاووس و إسحاق و أصحاب الرأي

(360)

و رخص فيه جابر بن عبد الله و رويت عنه الكراهة له أخرجه سعيد و قال هشام بن عروة كان ابن الزبير تسع سنين يراها في الاقفاص و أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم لا يرون به بأسا و رخص فيه سعيد بن جبير و مجاهد و مالك و الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر لانه ملكه خارجا وحل له التصرف فيه فجاز له ذلك في الحرم كصيد المدينة إذا أدخله حرمها و لنا أن الحرم سبب محرم للصيد و يوجب ضمانه فحرم استدامة إمساكه كالاحرام و لانه صيد ذبحه في الحرم فلزمه جزاؤه كما لو صاده منه و صيد المدينة لا جزاء فيه بخلاف صيد الحرم ( فصل ) و يضمن صيد الحرم بالدلالة و الاشارة كصيد الاحرام و الواجب عليهما جزاء واحد نص على أحمد و ظاهر كلامه أنه لافرق بين كون الدال في الحل أو الحرم و قال القاضي لا جزاء على الدال إذا كان في الحل و الجزاء على المدلول وحده إذا دل محرما على صيده و لنا أن قتل الصيد الحرمي حرام على الدال فيضمنه بالدلالة كما لو كان في الحرم يحققه أن صيد الحرم محرم على كل أحد لقوله عليه السلام " لا ينفر صيدها " و في لفظ " لا يصاد صيدها " و هذا عام في حق كل واحد و لان صيد الحرم معصوم بمحله فحرم قتله عليهما كالملتجئ إلى الحرم و إذا ثبت تحريمه عليهما فيضمن بالدلالة ممن يحرم عليه قتله كما يضمن بدلالة المحرم عليه ( فصل ) و إذا رمى الحلال من الحل صيدا في الحرم فقتله أو أرسل كلبه عليه فقتله أو قتل صيدا على فرع في الحرم أصله في الحرم ضمنه و بهذا قال الثوري و الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر

(361)

و أصحاب الرأي و حكى أبو الخطاب عن احمد رواية أخرى لاجزاء عليه في جميع ذلك لان القتل حلال في الحل و هذا لا يصح فان النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا ينفر صيدها " و لم يفرق بين من هو في الحل و الحرم و قد أجمع المسلمون على تحريم صيد الحرم و هذا من صيده و لان صيد الحرم معصوم بمحله بحرمة الحرم فلا يختص تحريمه بمن في الحرم و كذلك الحكم ان أمسك طائرا في الحل فهلك فراخه في الحرم ضمن الفراخ لما ذكرنا و لا يضمن الام لانها من صيد الحل و هو حلال و ان انعكست الحال فرمى من الحرم صيدا في الحل أو أرسل كلبه عليه أو قتل صيدا على غصن في الحل أصله في الحرم أو أمسك حمامة في الحرم فهلك فراخها في الحل فلا ضمان عليه كما في الحل قال احمد فيمن أرسل كلبه في الحرم فصاد في الحل فلا شيء عليه و حكي عنه رواية أخرى في جميع الصور يضمن و عن الشافعي ما يدل عليه و ذهب الثوري و الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر فيمن قتل طائرا على غصن في الحل أصله في الحرم لا جزاء عليه و هو ظاهر قول أصحاب الرأي و قال ابن الماجشون و إسحاق عليه الجزاء لان الغصن تابع للاصل و هو في الحرم و لنا أن الاصل حل الصيد فحرم صيد الحرم بقوله عليه السلام " لا ينفر صيدها " و بالاجماع فبقى ما عداه على الاصل و لانه صيد حل صاده حلال فلم يحرم كما لو كانا في الحل و لان الجزاء انما يجب في صيد الحرم أو صيد المحرم و ليس هذا بواحد منهما

(362)

( فصل ) فان كان الصيد و الصائد في الحل فرمى الصيد بسهمه أو أرسل عليه كلبه فدخل الحرم ثم خرج فقتل الصيد في الحل فلا جزاء فيه و بهذا قال أصحاب الرأي و أبو ثور و ابن المنذر و حكي أبو ثور عن الشافعي أن فعليه الجزاء و لنا ما ذكرنانه قال القاضي لا يزيد سهمه على نفسه و لو عدا بنفسه فسلك الحرم في طريقه ثم قتل صيدا في الحرم لم يكن عليه شيء فسهمه أولى ( فصل ) و ان رمى من الحل صيدا في الحل فقتل صيدا في الحرم فعليه جزاؤه و بهذا قال الثوري و إسحاق و أصحاب الرأي و قال أبو ثور لا جزاء عليه و ليس بصحيح لانه قتل صيدا حرميا فلزمه جزاؤه كما لو رمى حجرا فقتل صيدا ، يحققه أن الخطأ كالعمد في وجوب الجزاء و هذا لا يخرج عن كونه واحدا منهما ، فاما أن أرسل كلبه على صيد في الحل فدخل الكلب الحرم فقتل صيدا آخر لم يضمنه و هذا قول الثوري و الشافعي و أصحاب الرأي و أبي ثور و ابن المنذر لانه لم يرسل الكلب على ذلك الصيد و انما دخل باختيار نفسه فهو كما لو استرسل بنفسه من إرسال و ان أرسله على صيد فدخل الصيد الحرم و دخل الكلب خلفه فقتله في الحرم فكذلك نص عليه احمد و هو قول الشافعي و أبي ثور و ابن المنذر و قال عطاء و أبو حنيفة و صاحباه عليه الجزاء لانه قتل صيدا حرميا بإرسال كلبه عليه فضمنه كما لو قتله بسهمه و اختاره أبو بكر عبد العزيز و حكى صالح عن احمد أنه قال

(363)

ان كان صيدا قريبا من الحرم ضمنه لانه فرط بإرساله في موضع يظهر أنه يدخل الحرم و ان كان بعيدا لم يضمن لعدم التفريط و هذا قول مالك و لنا أنه أرسل الكلب على صيد مباح فلم يضمن كما لو قتل صيدا سواه و فارق السهم لان الكلب له قصد و اختيار و لهذا يسترسل بنفسه و يرسله إلى جهة فيمضي إلى غيرها و السهم بخلافه إذا ثبت هذا فانه لا يأكل الصيد في هذه المواضع كلها ضمنه أو لم يضمنه لانه صيد حرمي قتل في الحرم فحرم كما لو ضمنه و لاننا إذا قطعنا فعل الادمي صار كأن الكلب استرسل بنفسه فقتله و لكن لو رمى الحلال من الحل صيدا في الحل فجرحه و تحامل الصيد فدخل الحرم فمات فيه حل أكله و لا جزاء فيه لان الزكاة حصلت في الحل فأشبه ما لو جرح صيدا ثم أحرم فمات الصيد بعد إحرامه و يكره أكله لموته في الحرم ( فصل ) و ان وقف صيد بعض قوائمه في الحل و بعضها في الحرم فقتله قاتل ضمنه تغليبا للحرم و به قال أبو ثور و أصحاب الرأي و ان نفر صيدا من الحرم فأصابه بشيء في حال نفوره ضمنه لانه تسبب إلى إتلافه فأشبه ما لو تلف بشركة أو شبكته و ان سكن من نفوره ثم أصابه شيء فلا شيء على من نفره نص عليه احمد و هو قول الثوري لانه لم يكن سببا xلاتلافه و قد روي عن عمر أنه وقعت على ردائه حمامة فاطارها فوقعت على واقف فانتهزتها حية فاستشار في ذلك عثمان و نافع بن