مغنی علی مختصر ابی القاسم عمربن الحسین بن عبدالله بن احمد الخرقی

ت‍ال‍ی‍ف‌: م‍وف‍ق‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍ی‌ م‍ح‍م‍د ع‍ب‍دال‍ل‍ه ‌ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ م‍ح‍م‍دب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌، وی‍ل‍ی‍ه‌ ال‍ش‍رح‌ ال‍ک‍ب‍ی‍ر ع‍ل‍ی‌ م‍ت‍ن‌ ال‍م‍ق‍ن‍ع‌ [اب‍ن‌ق‍دام‍ه‌] ت‍ال‍ی‍ف‌ ش‍م‍س‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍و ال‍ف‍رج‌ ع‍ب‍دال‍رح‍م‍ن ‌ب‍ن‌ اب‍ی‌ ع‍م‍ر م‍ح‍م‍د ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌ ال‍م‍ق‍دس‍ی‌

جلد 3 -صفحه : 86/ 8
نمايش فراداده

(42)

فان الريق لا يفطر إذا لم يجمعه و ان قصد ابتلاعه فكذلك إذا جمعه بخلاف غبار الطريق فان خرج ريقه

(43)

إلى ثوبه أو بين أصابعه أو بين شفتيه ثم عاد فابتلعه أو بلع ريق أفطر لانه ابتلعه من فمه فأشبه ما لو بلغ غيره فان قيل فقد روت عائشة أن النبي صلى الله عليه و آله كان يقبلها و هو صائم و يمص لسانها رواه أبو داود قلنا قد روي عن أبي داود أنه قال هذا اسناد ليس بصحيح و يجوز أن يكون يقبل في الصوم و يمص لسانها في غيره و يجوز أن يمصه ثم لا يبتلعه و لانه لم يتحقق انفصال ما على لسانها من البلل إلى فمه فأشبه ما لو ترك حصاة مبلولة في فيه أو لم تمضمض بماء ثم مجه و لو ترك في فمه حصاة أو درهما فأخرجه و عليه بلة من الريق ثم أعاده في فيه نظرت فان كان ما عليه من الريق كثيرا فابتلعه أفطر و ان كان يسيرا لم يفطر بابتلاع ريقه و قال بعض أصحابنا يفطر لابتلاعه ذلك البلل الذي كان على الجسم و لنا أنه لا يتحقق انفصال ذلك البلل و دخوله إلى حلقه فلا يفطره كالمضمضة و التسوك بالسواك الرطب و المبلول و يقوي ذلك حديث عائشة في مص لسانها و لو أخرج لسانه و عليه بلة ثم عاد فأدخله و ابتلع ريقه لم يفطر ( فصل ) و ان ابتلع النخامة ففيها روايتان ( احداهما ) يفطر قال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول إذا تنخم ثم ازدرده فقد أفطر لان النخامة من الرأس تنزل و الريق من الفم و لو تنخع من جوفه ثم ازدرده أفطر و هذا مذهب الشافعي لانه أمكن من التحرز منها أشبه الدم و لانها من الفم أشبه القئ ، و الرواية ( الثانية ) لا يفطر قال في رواية المروزي ليس عليك قضأ إذا ابتعلت النخاعة و أنت صائم لانه معتاد في الفم واصل من خارج أشبه الريق ( فصل ) فان سأل فمه دما أو خرج اليه قلس أو قئ فأزدرده أفطر و ان كان يسيرا لان الفم في حكم الظاهر و الاصل حصول الفطر بكل واصل منه لكن عفي عن الريق لعدم إمكان التحرز منه فما عداه يبقى على الاصل و ان ألقاه من فيه و بقي فمه نجسا أو تنجس فمه بشيء من خارج ميرات ريقه فان كان معه جزء من المنجس أفطر بذلك الجزء و الا فلا

(44)

( فصل ) و لا يفطر بالمضمضة بغير خلاف سواء كان في الطهارة أو غيرها و قد روي عن النبي صلى الله عليه و آله أن عمر سأله عن القبلة للصائم فقال النبي صلى الله عليه و آله " أ رأيت لو تمضمضت من إناء و أنت صائم " قلت لا بأس قال " فمه " ( 1 ) و لان الفم في حكم الظاهر لا يبطل الصوم بالواصل اليه كالانف و العين و ان تمضمض أو استنشق في الطاهرة فسبق الماء إلى حلقه من قصد و لا إسراف فلا شيء عليه و به قال الاوزاعي و إسحاق و الشافعي في أحد قوليه و روي ذلك عن ابن عباس و قال مالك و أبو حنيفة يفطر لانه أوصل الماء إلى جوفه ذاكرا لصومه فأفطر كما لو تعمد شربه و لنا أنه وصل إلى حلقه من إسراف و لا قصد فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه و بهذا فارق المتعمد ، فاما ان أسرف فزاد على الثلاث أو بالغ في الاستنشاق فقد فعل مكروها لقول النبي صلى الله عليه و آله للقيط بن صبرة " و بالغ في الاستنشاق الا أن تكون صائما " حديث صحيح و لانه يتعرض بذلك لايصال الماء إلى حلقه فان وصل إلى حلقه فقال احمد يعجبني أن يعيد الصوم و هل يفطر بذلك ؟ على وجهين ( أحدهما ) يفطر لان النبي صلى الله عليه و آله نهى عن المبالغة حفظاللصوم فدل ذلك على أنه يفطر به و لانه وصل بفعل منهي عنه فأشبه التعمد ( و الثاني ) لا يفطر به لانه وصل من قصد فأشبه غبار الدقيق إذا نخله فاما المضمضة لغير الطهارة فان كانت لحاجة كغسل فمه عند الحاجة اليه و نحوه

(45)

فحكمه حكم المضمضة للطهارة و ان كان عابثا أو تمضمض من أجل العطش كره و سئل احمد عن الصائم يعطش فيتمضمض ثم يمجه قال يرش على صدره أحب إلى فان فعل فوصل الماء إلى حلقه أو ترك الماء في فيه عابثا أو للتبرد فالحكم فيه كالحكم في الزائد على الثلاث لانه مكروه و لا بأس أن يصب الماء على رأسه من الحر و العطش لما روي عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله أنه قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله بالعرج يصب الماء على رأسه و هو صائم من العطش أو من الحر رواه أبو داود ( 1 ) ( فصل ) و لا بأس أن يغتسل الصائم فان عائشة وأم سلمة قالتا : نشهد على رسول الله صلى الله عليه و آله ان كان ليصبح جنبا من احتلام ثم يغتسل ثم يصوم متفق عليه و روى أبو بكر باسناده أن ابن عباس دخل الحمام و هو صائم هو و أصحاب له في شهر رمضان ، فاما الغوص في الماء فقال احمد في الصائم يغتمس في الماء إذا لم يخف أن يدخل في مسامعه و كره الحسن و الشعبي أن ينغمس في الماء خوفا أن يدخل في مسامعه فان دخل في مسامعه فوصل إلى دماغه من الغسل المشروع من إسراف و لا قصد فلا شيء عليه كما لو دخل إلى حلقه من المضمضة في الوضوء و إن غاص في الماء أو أسرف أو كان عابثا فحكمه حكم الداخل إلى الحلق من المبالغة في المضمضة و الاستنشاق و الزائد على الثلاث و الله أعلم ( فصل ) قال إسحاق بن منصور قلت لاحمد الصائم يمضغ العلك قال لا ، قال أصحابنا العلك ضربان ( أحدهما ) ما يتحلل منه أجزاء و هو الردي الذي إذا مضغه يتحلل فلا يجوز مضغه الا أن

(46)

لا يبلع ريقه فان فعل فنزل إلى حلقه منه شيء أفطر به كما لو تعمد أكله ( و الثاني ) العلك القوي الذي كلما مضغه صلب و قوي فهذا يكره مضغه و لا يحرم و ممن كره الشعبي و النخعي و محمد بن علي و قتادة و الشافعي و أصحاب الرأي و ذلك لانه يحلب الفم و يجمع الريق و يورث العطش و رخصت عائشة في مضغه و به قال عطاء لانه لا يصل إلى الجوف فهو كالحصاة يضعها في فيه و متى مضغه و لم يجد طعمه في حلقه لم يفطر و ان وجد طعمه في حلقه ففيه وجهان ( أحدهما ) يفطره كالكحل إذا وجد طعمه في حلقه ( و الثاني ) لا يفطره لانه لم ينزل منه شيء و مجرد الطعم لا يفطر بدليل أنه قد قيل من لطخ باطن قدمه بالحنظل وجد طعمه و لا يفطر بخلاف الكحل فان أجزاءه تصل إلى الحلق و يشاهد إذا تنخع قال احمد : من وضع في فيه درهما أو دينارا و هو صائم ما لم يجد طعمه في حلقه فلا بأس به و ما يجد طعمه فلا يعجبني .

و قال عبد الله سألت ابي عن الصائم يفتل الخيوط قال يعجبني أن يبزق ( فصل ) قال أحمد أحب إلي أن يجتنب دوق الطعام فان فعل لم يضره و لا بأس به .

قال ابن عباس : لا بأس أن يذوق الطعام الخل و الشئ يريد شراءه ، و الحسن كان يمضع الجوز لا بن ابنه و هو صائم و رخص فيه إبراهيم ، قال ابن عقيل يكره من حاجة و لا بأس به مع الحاجة فان فعل فوجد طعمه في حلقه أفطر و إلا لم يفطر ( فصل ) قال احمد لا بأس بالسواك للصائم .

قال عامر بن ربيعة : رأيت النبي صلى الله عليه و آله ما لا أحصي يتسوك و هو صائم .

قال الترمذي هذا حديث حسن ، و قال زياد بن حدير ما رأيت أحدا كان أدوم لسواك رطب و هو صائم من عمر بن الخطاب و لكنه يكون عودا ذاويا ، و لم ير أهل العلم بالسواك أول النهار بأسا إذا كان العود يابسا ، و استحب أحمد و إسحاق ترك السواك بالعشي .

قال أحمد : قال رسول الله صلى الله عليه و آله " خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك الاذفر " لتلك الرائحة لا يعجبني للصائم أن يستاك بالعشي ، و اختلفت الرواية عنه في التسوك بالعود الرطب فرويت عنه الكراهة و هو قول قتادة و الشعبي و الحكم و اسحق و مالك في رواية لانه مغرر بصومه لاحتمال أن يتحلل منه أجزاء إلى حلقه فيفطره ، و روي عنه لا يكره ، و به قال الثوري و الاوزاعي و أبو حنيفة ، و روي ذلك عن علي و ابن عمر و عروة و مجاهد لما رويناه من حديث عمر و غيره من الصحابة ( فصل ) و من أصبح بين أسنانه طعام لم يخل من حالين ( أحدهما ) أن يكون يسيرا لا يمكنه

(47)

لفظه فازدرده فانه لا يفطر به لانه لا يمكن التحرز منه فأشبه الريق .

و قال ابن المنذر : أجمع على ذلك أهل العلم ( الثاني ) أن يكون كثيرا يمكن لفظه فان لفظه فلا شيء عليه ، و إن ازدرده عامدا فسد صومه في قول أكثر أهل العلم ، و قال أبو حنيفة : لا يفطر لانه لابد أن يبقى بين أسنانه شيء مما يأكله فلا يمكن التحرز منه فأشبه ما يجري به الريق و لنا أنه بلع طعاما يمكنه لفظه باختياره ذاكرا لصومه فأفطر به كما لو ابتدأ الاكل ، و يخالف ما يجري به الريق فانه لا يمكنه لفظه ، فان قيل يمكنه أن يبصق قلنا لا يخرج جميع الريق ببصاقه ، و إن منع من ابتلاع ريقه كله لم يمكنه ( فصل ) فان قطر في احليله دهنا لم يفطر به سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل ، و به قال أبو حنيفة و قال الشافعي : يفطر لانه أوصل الدهن إلى جوف في جسده فأفطر كما لو داوى الجائفة ، و لان المني يخرج من الذكر فيفطره و ما أفطر بالخارج منه جاز أن يفطر بالداخل منه كالفم و لنا أنه ليس بين باطن الذكر و الجوف منفذ ، و انما يخرج البول رشحا فالذي يتركه فيه لا يصل إلى الجوف فلا يفطره كالذي يتركه في فيه و لم يبتلعه ( الفصل الرابع ) إذا قبل فأمنى أو أمذى و لا يخلو المقبل من ثلاثة أحوال ( أحدها ) أن لا ينزل فلا يفسد صومه بذلك ، لا نعم فيه خلافا لما روت عائشة : ان النبي صلى الله عليه و آله كان يقبل و هو صائم و كان أملككم لا ربه .

رواه البخاري و مسلم ، و يروي بتحريك الراء و سكونها ، قال الخطابي معناهما واحد و هو حاجة النفس و وطرها ، و قيل بالتسكين العضو و بالفتح الحاجة ، و روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : هششت فقبلت و أنا صائم فقلت يا رسول الله : صنعت اليوم أمرا عظيما قبلت و أنا صائم ، فقال " أ رأيت لو تمضمضت من إناء و أنت صائم " قلت لا بأس به ، قال " فمه " رواه أبو داود ، شبه القبلة بالمضمضة من حيث أنها من مقدمات الشهوة ، و أن المضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم يفطر و إن كان معها نزوله أفطر ، إلا أن أحمد ضعف هذا الحديث و قال هذا ريح ليس من هذا شيء ( الحال الثاني ) أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه لما ذكرناه من إيماء الخبرين و لانه إنزال بمباشرة فأشبه الانزال بالجماع دون الفرج

(48)

( الحال الثالث ) أن يمذي فيفطر عند امامنا و مالك و قال أبو حنيفة و الشافعي لا يفطر و روي ذلك عن الحسن و الشعبي و الاوزاعي لانه خارج لا يوجب الغسل أشبه بالبول و لنا انه خارج تخلله الشهوة خرج بالمباشرة فأفسد الصوم كالمني و فارق البول بهذا و اللمس لشهوة كالقبلة في هذا : إذا ثبت هذا فان المقبل اذ كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه انه إذا قبل أنزل لم تحل له القبلة لانها مفسدة لصومه فحرمت كالاكل و إن كان ذا شهوة لكنه لا يغلب على ظنه ذلك كره له التقبيل لانه يعرض صومه للفطر و لا يأمن عليه الفساد و قد روي عن عمر انه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله في المنام فأعرض عني فقلت له مالي ؟ فقال " انك تقبل و أنت صائم " و لان العبادة إذا منعت الوطء منعت القبلة كالاحرام و لا تحرم القبلة في هذه الحال لما روي أن رجلا قبل و هو صائم فأرسل إمرأته فسألت النبي صلى الله عليه و آله فأخبرها النبي صلى الله عليه و آله انه يقبل و هو صائم فقال الرجل ان رسول الله صلى الله عليه و آله ليس مثلنا قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر فغضب النبي صلى الله عليه و آله و قال " اني لاخشاكم الله و أعلمكم بما اتقي " رواه مسلم بمعناه و لان افضاءه إلى إفساد الصوم مشكوك فيه و لا يثبت التحريم بالشك فأما ان كان ممن لا تحركك القبلة شهوته كالشيخ الهم ففيه روايتان ( احداهما ) لا يكره له ذلك و هو مذهب أبي حنيفة و الشافعي لان النبي صلى الله عليه و آله كان يقبل و هو صائم لما كان مالكا لا ربه و غير ذي الشهوة في معناه و قد روى أبو هريرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و آله عن المباشرة للصائم فرخص له فأتاه آخر فسأله فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ و إذا الذي نهاه شاب أخرجه أبو داود و لانها مباشرة لغير شهوة فأشبهت لمس اليد لحاجة و الثانية يكره لانه لا يأمن حدوث الشهوة و لان الصوم عبادة تمنع الوطء فاستوى في القبلة فيها من تحرك شهوته و غيره كالاحرام ، فأما اللمس لغير شهوة كلمس يدها ليعرف مرضها فليس بمكروه بحال لان ذلك لا يكره في الاحرام فلا يكره في الصيام كلمس ثوبها ( فصل ) و لو استمنى بيده فقد فعل محرما و لا يفسد صومه به إلا أن ينزل فان أنزل فسد صومه لانه في معنى القبلة في اثارة الشهوة فأما ان أنزل لغير شهوة كالذي يخرج منه المني أو المذي لمرض فلا شيء عليه لانه خارج لغير شهوة أشبه البول و لانه يخرج عن اختبار منه و لا تسبب اليه