مغنی علی مختصر ابی القاسم عمربن الحسین بن عبدالله بن احمد الخرقی

ت‍ال‍ی‍ف‌: م‍وف‍ق‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍ی‌ م‍ح‍م‍د ع‍ب‍دال‍ل‍ه ‌ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ م‍ح‍م‍دب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌، وی‍ل‍ی‍ه‌ ال‍ش‍رح‌ ال‍ک‍ب‍ی‍ر ع‍ل‍ی‌ م‍ت‍ن‌ ال‍م‍ق‍ن‍ع‌ [اب‍ن‌ق‍دام‍ه‌] ت‍ال‍ی‍ف‌ ش‍م‍س‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍و ال‍ف‍رج‌ ع‍ب‍دال‍رح‍م‍ن ‌ب‍ن‌ اب‍ی‌ ع‍م‍ر م‍ح‍م‍د ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌ ال‍م‍ق‍دس‍ی‌

جلد 3 -صفحه : 86/ 78
نمايش فراداده

(532)

و طاووس و ابن المنذر و داود لان الله تعالى قال ( و من قتله منكم متعمدا ) فدليل خطابه انه لاجزاء على الخاطئ لان الاصل براءة الذمة فلا يشغلها إلا بدليل ، و لانه محظور للاحرام لا يفسده فيجب التفريق بين خطأه و عمده كاللبس و الطيب و وجه الاولى قول جابر جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم في الضبع يصيده المحرم كبشا و قال عليه السلام في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه و لم يفرق .

رواهما ابن ماجة .

و لانه ضمان إتلاف استوى عمده و خطؤه كمال الآدمي ( الفصل الثالث ) ان الجزاء لا يجب إلا على المحرم و لا فرق بين إحرام الحج و إحرام العمرة لعموم النص فيهما .

و لا خلاف في ذلك و لا فرق بين الاحرام بنسك واحد و بين الاحرام بنسكين و هو القارن لان الله تعالى لم يفرق بينهما ( الفصل الرابع ) ان الجزاء لا يجب إلا بقتل الصيد لانه الذي ورد به النص بقوله تعالى ( لا تقتلوا الصيد ) و الصيد ما جمع ثلاثة أشياء و هو أن يكون مباحا أكله لا مالك له ممتنعا فيخرج بالوصف الاول كل ما ليس بمأكول لا جزاء فيه كسبا ع البهائم و المستخبث من الحشرات و الطير و سائر المحرمات .

قال أحمد إنما جعلت الكفارة في الصيد المحلل أكله .

و قال كل ما يؤذي إذا أصابه المحرم يؤكل لحمه و هذا قول أكثر أهل العلم الا أنهم أوجبوا الجزاء في المتولد بين المأكول و غيره كالسبع المتولد من الضبع و الذئب تغليبا لتحريم قتله كما علقوا التحريم في أكله ، و قال بعض أصحابنا في أم حبين جدي وأم حبين دابة منتفخة البطن فهذا خلاف القياس فان أم حبين لا تؤكل لكونها مستخبثة عند العرب حكي ان رجلا من العرب سئل ما تأكلون ؟ قال ادب و درج الا أم حبين .

فقال السائل ليهن أم حبين العافية .

و إنما تبعوا فيها قضية عثمان رضي الله عنه فانه قضى فيها بحلاق و هو الجدي و الصحيح أنه لا شئ فيها .

و في القمل روايتان ذكرناهما فيما مضى و الصحيح أنه لا شيء فيه لانه مأكول و هو من المؤذيات و لا مثل له و لا قيمة ، قال ميمون بن مهران كنت عند عبد الله بن عباس فسأله رجل فقال : أخذت قملة فألقيتها ثم طلبتها فلم أجدها فقال ابن عباس تلك ضالة لا تبتغي .

و قال القاضي انما الروايتان

(533)

فيما أزاله من شعره فأما ما ألقاه من ظاهر بدنه أو ثوبه فلا شيء عليه رواية واحدة .

و من أوجب فيه الجزاء قال أي شيء تصدق به فهو خير .

و اختلفت الرواية في الثعلب فعنه فيه الجزاء و به قال طاوس و قتادة و مالك و الشافعي و قال هو صيد يؤكل و فيه الجزاء و عن أحمد لا شيء فيه و هو قول الزهري و عمرو بن دينار و ابن أبي نجيح و ابن المنذر و اختلف فيه عن عطاء لانه سبع و قد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن كل ذي ناب من السباع .

و إذا أوجبنا فيه الجزاء ففيه شاة لانه روي ذلك عن عطاء .

و اختلفت الرواية في السنور أهليا كان أو وحشيا و الصحيح انه لاجزاء فيه و هو اختيار القاضي لانه سبع و ليس بمأكول ، و قال الثوري و إسحاق في الوحشي حكومة و لا شيء في الاهلي لان الصيد ما كان وحشيا .

و اختلفت الرواية في الهدهد و الصرد لاختلاف الروايتين في إباحتهما و كل ما اختلف في إباحته يختلف في جزائه فأما ما يحرم فالصحيح أنه لا جزاء فيه لانه مخالف للقياس و لا نص فيه ( الوصف الثاني ) أن يكون وحشيا و ما ليس بوحشي لا يحرم على المحرم ذبحه و لا أكله كبهيمة الانعام كلها و الخيل و الدجاج و نحوها لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافا و الاعتبار في ذلك بالاصل لا بالحال فلو استأنس الوحشي وجب فيه الجزاء ، و كذلك وجب الجزاء في الحمام أهلية و وحشيه اعتبارا بأصله و لو توحش الاهلي لم يجب فيه شيء .

قال أحمد في بقرة صارت وحشية لا شيء فيها لان الاصل فيها الانسي ، و ان تولد من الوحشي و الاهلي ولد ففيه الجزاء تغليبا للتحريم كقولنا في المتولد بين المباح و المحرم ، و اختلفت الرواية في الدجاج السندي هل فيه جزاء ؟ على روايتين و روى مهنا عن أحمد في البط يذبحه المحرم إذا لم يكن صيدا و الصحيح انه يحرم عليه ذبحه و فيه الجزاء لان الاصل فيه الوحشي فهو كالحمام ( الفصل الخامس ) ان الجزاء إنما يجب في صيد البر دون صيد البحر بغير خلاف لقول الله تعالى ( أحل لكم صيد البحر و طعامه متاعا لكم و للسيارة ، و حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) قال ابن عباس طعامه ما لفظه ، و لا فرق بين حيوان البحر الملح و بين ما في الانهار و العيون فان اسم البحر

(534)

يتناول الكل قال الله تعالى ( و ما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه ، و هذا ملح أجاج ، و من كل تأكلون لحما طريا ) و لان الله تعالى قابله بصيد البر بقوله ( و حرم عليكم صيد البر ) فدل على أن ما ليس من صيد البر فهو من صيد البحر ، و حيوان البحر ما كان يعيش في الماء و يفرخ و يبيض فيه ، فان كان مما لا يعيش إلا في الماء كالسمك و نحوه فهذا مما لا خلاف فيه ، و ان كان مما يعيش في البر كالسلحفاة و السرطان فهو كالسمك لاجزاء فيه ، و قال عطاء فيه الجزاء و في الضفدع و كل ما يعيش في البر و لنا أنه يفرخ في الماء و يبيض فيه فكان من حيوانه كالسمك ، فأما طير الماء ففيه الجزاء في قول عامة أهل العلم منهم الاوزاعي و الشافعي و أصحاب الرأي و غيرهم لا نعلم فيه مخالفا ما حكي عن عطاء أنه قال : حيثما يكون أكثر فهو من صيده ، و لنا ان هذا إنما يفرخ في البر و يبيض فيه و إنما يدخل الماء ليعيش فيه و يكتسب منه فهو كالصياد من الآدميين ، و اختلفت الرواية في الجراد فعنه هو من صيد البحر لا جزاء فيه و هو مذهب أبي سعيد ، قال ابن المنذر قال ابن عباس و كعب هو من صيد البحر و قال عروة هو نثرة حوت ، و روي عن أبي هريرة قال .

أصحابنا ضرب من جراد فكان رجل منا يضرب بسوطه و هو محرم فقيل ان هذا لا يصلح فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال " هذا من صيد البحر " و عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال " الجراد من صيد البحر " رواهما أبو داود ، و روي عن أحمد انه من صيد البر و فيه الجزاء و هو قول الاكثرين لما روي ان عمر رضي الله عنه قال لكعب في جرادتين : ما جعلت في نفسك ؟ قال درهمان ، قال بخ درهمان خير من مائة جرادة ، رواه الشافعي في مسنده و لانه طير يشاهد طيرانه في البر و يهلكه الماء إذا وقع فيه فأشبه العصافير .

فأما الحديثان اللذان ذكرناهما للرواية الاولى فوهم قاله أبو داود .

فعلى هذا يضمنه بقيمته لانه لامثل له و هو قول الشافعي و عن أحمد يتصدق بتمرة عن الجرادة و هذا يروى عن عمر و عبد الله بن عمر و قال ابن عباس قبضة من طعام .

قال القاضي هذا محمول على أنه أوجب ذلك على طريق القيمة و الظاهر أنهم لم يريدوا بذلك التقدير و انما أرادوا ان فيه أقل شيء .

و ان افترش الجراد في طريقه فقتله بالمشي عليه على وجه لم يمكنه التحرز منه ففيه وجهان

(535)

( أحدهما ) وجوب جزائه لانه أتلفه لنفع نفسه فضمنه كالمضطر يقتل صيدا يأكله ( و الثاني ) لا يضمنه لانه اضطره إلى إتلافه أشبه ما لو صال عليه ( الفصل السادس ) ان جزاء ما كان دابة من الصيد نظيره من النعم .

هذا قول أكثر أهل العلم منهم الشافعي .

و قال أبو حنيفة : الواجب القيمة و يجوز فيها المثل لان الصيد ليس بمثلي ، و لنا قول الله تعالى ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) و جعل النبي صلى الله عليه و سلم في الضبع كبشا و أجمع الصحابة على إيجاب المثل فقال عمر و عثمان و علي و زيد بن ثابت و ابن عباس و معاوية في النعامة بدنة ، و حكم أبو عبيد و ابن عباس في حمار الوحش ببدنة ، و حكم عمر فيه ببقرة و حكم عمر و علي في الظبي بشاة ، و إذا حكموا بذلك في الازمنة المختلفة و البلدان المتفرقة دل ذلك على انه ليس على وجه القيمة ، و لانه كان على وجه القيمة لاعتبر واصفة المتلف التي تختلف بها القيمة إما بروية أو اخبار ، و لم ينقل عنهم السوأل عن ذلك حال الحكم ، و لانهم حكموا في الحمام بشاة و لا يبلغ قيمة شاة في الغالب .

إذا ثبت هذا فليس المراد حقيقة المماثلة فانها لا تتحقق بين النعم و الصيد لكن أريدت المماثلة من حيث الصورة ، و المتلف من الصيد قسمان ( أحدهما ) قضت فيه الصحابة فيجب فيه ما قضت و بهذا قال عطاء و الشافعي و إسحاق ، و قال مالك : يستأنف الحكم فيه لان الله تعالى قال ( يحكم به ذوا عدل منكم ) و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " و قال " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر و عمر " و لانهم أقرب إلى الصواب و أبصر بالعلم فكان حكمهم حجة على غيرهم كالعالم مع العامي ، و الذي بلغنا قضاؤهم في الضبع كبش قضى به عمر و علي و جابر و ابن عباس .

و فيه عن جابر ان النبي صلى الله عليه و سلم جعل في الضبع يصيدها المحرم كبشا رواه أبو داود و ابن ماجة ، و روي عن جابر ان النبي صلى الله عليه و سلم قال " في الضبع كبش إذا أصاب المحرم و في الظبي شاة و في الارنب عناق و في اليربوع جفرة " قال أبو الزبير الجفرة التي قد فطمت ورعت رواه الدارقطني .

قال أحمد حكم رسول الله صلى الله عليه و سلم في الضبع بكبش ، و به قال عطاء و الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر ، و قال الاوزاعي ان كان العلماء بالشام يعدونها من السباع و يكرهون أكلها و هو القياس لا

(536)

أن اتباع السنة و الآثار أولى ، و في حمار الوحش بقرة روي ذلك عن عمر رضي الله عنه و به قال عروة و مجاهد و الشافعي و عن أحمد فيه بدنة ، روي ذلك عن أبي عبيدة و ابن عباس و به قال عطاء و النخعي و في بقرة الوحش بقرة روي ذلك عن ابن مسعود و عطاء و عروة و قتادة و الشافعي ، و الابل فيه بقرة قاله ابن عباس ، قال أصحابنا في الوعل و التيثل بقرة كالأَبل ، و الا روى فيه بقرة قال ذلك بن عمر ، و قال القاضي فيها عصب و هي من أولاد البقر ما بلغ أن يقبض على قرنه و لم يبلغ أن يكون جذعا ، و حكي ذلك عن الازهري ، و في الظبي شاة ثبت ذلك عن عمر ، و روي عن علي و به قال عطاء و عروة و الشافعي و ابن المنذر و لا نحفظ عن غيرهم خلافهم ، و في الوبر شاة روي ذلك عن مجاهد و عطاء ، و قال القاضي فيه جفرة لانه ليس بأكبر منها و كذلك قال الشافعي ان كانت العرب تأكله ، و الجفرة من أولاد المعز ما أتى عليها أربعة أشهر و فصلت عن أمها و الذكر جفر ، و في اليربوع جفرة قال ذلك عمر رضي الله عنه و روي ذلك عن ابن مسعود و به قال عطاء و الشافعي و أبو ثور ، و قال النخعي فيه ثمنه و قال مالك قيمته طعاما ، و قال عمرو بن دينار ما سمعنا ان الضب و اليربوع يوديان ، و اتباع الآثار أولى ، و في الضب جدي قضى به عمر و أربد و به قال الشافعي ، و عن أحمد فيه شاة لان جابر بن عبد الله و عطاء قالا فيه ذلك ، و قال مجاهد حفنة من طعام و قال قتادة صاع و قال مالك قيمته من الطعام و الاول أولى فان قضأ عمر أولى من قضأ غيره و الجدي أقرب اليه من الشاة ، و في الارنب عناق قضى به عمر و به قال الشافعي و قال ابن عباس فيه حمل ، و قال عطاء فيه شاة و قضاء عمر أولى ، و العناق الانثى من ولد المعز في أول سنة و الذكر جدي ( القسم الثاني ) ما لم تقض فيه الصحابة فيرجع إلى قول عدلين من أهل الخبرة لقول الله تعالى ( يحكم به ذوا عدل منكم ) فيحكمان فيه باشبه الاشياء به من النعم من حيث الخلقة لا من حيث القيمة بدليل أن قضأ الصحابة لم يكن بالمثل في القيمة : و ليس من شرط الحكم أن يكون فقيها لان ذلك زيادة على أمر الله تعالى به و قد أمر عمر أن يحكم في الضب و لم يسأل أ فقيه هو أم لا ، لكن تعتبر العدالة لانها منصوص عليها ، و لانها شرط في قبول القول على الغير في سائر الاماكن ، و تعتبر الخبرة لانه لا يتمكن من الحكم بالمثل إلا من له خبرة ، و لان الخبرة بما يحكم به شرط في سائر الحكام و يجوز أن يكون القاتل أحد العدلين و بهذا قال الشافعي و إسحاق و ابن المنذر ، و قال النخعي ليس له

(537)

ذلك لان الانسان لا يحكم لنفسه .

و لنا عموم قوله تعالى ( يحكم به ذوا عدل منكم ) و القاتل مع غيره ذوا عدل منا .

و قد روي سعيد في سننه و الشافعي في مسنده عن طارق بن شهاب قال : خرجنا حجاجا فأرطأ رجل منا يقال أربد ضبا ففزر ظهره فقدمنا على عمر رضي الله عنه فسألنا أربد فقال له احكم يا أربد فيه .

قال : أنت خير مني يا أمير المؤمنين .

قال انما أمرتك أن تحكم ، و لم آمرك أن تزكيني فقال أربد أرى فيه جديا قد جمع الماء و الشجر .

قال عمر فذلك فيه ، فأمره عمر أن يحكم فيه و هو القاتل و أمر أيضا كعب الاحبار أن يحكم على نفسه في الجرادتين التين صادهما و هو محرم ، و لانه مال يخرج في حق الله تعالى فجاز أن يكون من وجب عليه أمينا فيه كالزكاة ( فصل ) قال أصحابنا في كبير الصيد مثله من النعم ، و في الصغير صغير ، و في الذكر ذكر ، و في الانثى أنثى ، و في الصحيح صحيح ، و في المعيب معيب ، و بهذا قال الشافعي و قال مالك في الصغير كبير ، و في المعيب صحيح لان الله تعالى قال ( هديا بالغا الكعبة ) و لا يجزئ في الهدي صغير و لا معيب و لانها كفارة متعلقة بقتل حيوان فلم تختلف بصغيرة و كبيرة كقتل الآدمي و لنا قول الله تعالى ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) و مثل الصغير صغير ، و لان ما ضمن باليد و الجناية اختلف ضمانه بالصغر و الكبر كالبهيمة ، و الهدي في الآية معتبر بالمثل ، و قد أجمع الصحابة على الضمان بما لا يصح هديا كالجفرة و العناق و الجدي .

و كفارة الآدمي ليست بدلا عنه و لا تجري مجرى الضمان بدليل أنها لا تتبعض في أبعاضه فان فدا المعيب بصحيح فهو أفضل ، و ان فداه بمعيب مثله جاز ، و ان اختلف العيب مثل أن فدا الاعرج بأعور و الاعور بأعرج لم يجز لانه ليس بمثله ، و ان فدا أعور من إحدى العينين بأعور من أخرى أو أعرج من قائمة بأعرج من أخرى جاز لان هذا اختلاف يسير و نوع العيب واحد و انما اختلف محله .

و ان فدا الذكر بأنثى جاز لان لحمها أطيب و أرطب .

و ان فداها بذكر جاز في أحد الوجهين .

لان لحمه أوفر فتساويا ، و الآخر لا يجوز لان زيادته عليها ليس هي من جنس زيادتها فأشبه فداء المعيب من نوع بمعيب من نوع

(538)

( فصل ) فان قتل ماخضا فقال القاضي يضمنها بقيمة مثلها ، و هو مذهب الشافعي لان قيمته أكثر من قيمة لحمه ، و قال أبو الخطاب يضمنها بماخض مثلها لان الله تعالى قال ( فجزا مثل ما قتل من النعم ) و إيجاب القيمة عدول عن المثل مع إمكانه .

فان فداها بغير ماخض احتمل الجواز لان هذه الصفة لا تزيد في لحمها بل ربما نقصها فلا يشترط وجودها في المثل كاللون و العيب ، و ان جنى على ماخض فأتلف جنينها و خرج ميتا ففيه ما نقصت أمه كما لو جرحها ، و ان خرج حيا لوقت يعيش لمثله ثم مات ضمنه بمثله و إن كان لوقت لا يعيش لمثله فهو كالميت كجنين الآدمية ( فصل ) و ان أتلف جزءا من الصيد وجب ضمانه .

لان جملته مضمونة ، فكان بعضه مضمونا كالآدمي و الاموال ، و لان النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا ينفر صيدها " فالجرح أولى بالنهي ، و النهي يقتضي تحريمه ، و ما كان محرما من الصيد وجب ضمانه كنفسه ، و يضمن بمثله من مثله في أحد الوجهين لان ما وجب ضمان جملته بالمثل وجب في بعضه مثله كالمكيلات ، و الآخر يجب فيمة مقداره من مثله لان الجزاء يشق إخراجه فيمنع إيجابه ، و لهذا عدل الشارع عن إيجاب جزء من بعير في خمس من الابل إلى إيجاب شاة من جنس الابل ، و الاولى أولى .

لان المشقة ههنا غير ثابتة لوجود الخيرة له في العدول عن المثل إلى عدله من الطعام أو الصيام فينتفي المانع فيثبت مقتضي الاصل ، و هذا إذا اندمل الصيد ممتنعا ، فان اندمل ممتنع ضمنه جميعه لانه عطله فصار كالتالف ، و لانه مفض إلى تلفه فصار كالجارح له جرحا يتيقن به موته ، و هذا مذهب أبي حنيفة و يتخرج أن يضمنه بما نقص لانه لا يضمن ما لم يتلف ، و لم يتلف جميعه بدليل ما لو قتله محرم آخر لزمه الجزاء و من أصلنا أن على المشتركين جزاء واحد و ضمانه بجزاء كامل يفضي إلى إيجاب جزاءين و ان غاب مندمل و لم يعلم خبره و الجراحة موجبة فعليه ضمان جميعه كما لو قتله و ان كانت موجبة فعليه ضمان ما نقص و لا يضمن جميعه لاننا لا نعلم حصول التلف بفعله فلم يضمن كما لو رمى سهما إلى صيد فلم يعلم أوقع به أم لا ، و كذلك ان وجده ميتا و لم يعلم أمات من الجناية أم من غيرها ، و يحتمل أن يلزمه ضمانه ههنا