( فصل ) إذا أكلت بهيمة حشيش قوم و يد صاحبها عليها لكونه معها ضمن و ان لم يكن معها لم يضمن ما أكلته ، و إذا استعار من رجل بهيمته فأتلفت شيئا و هي في يد المستعير فضمانه على المستعير سواء أتلفت شيئا لمالكها أو لغيره لان ضمانه يجب باليد و اليد للمستعير و ان كانت البهيمة في يد الراعي
فأتلفت زرعا فالضمان على الراعي دون صاحبها لان إتلافها للزرع في النهار لا يضمن الا بثبوت اليد عليها و اليد للراعي دون المالك فكان الضمان عليه كالمستعير ، و ان كان الزرع للمالك فان كان ليلا ضمن أيضا لان ضمان اليد أقوى بدليل أنه يضمن به في الليل و النهار جميعا
( فصل ) إذا شهد بالغصب شاهدان فشهد احداهما انه غصبه يوم الخميس و شهد آخر أنه غصبه يوم الجمعة لم تتم البينة و له أن يحلف مع أحدهما ، و ان شهد احدهما انه اقر بالغصب يوم الخميس و شهد
الآخر انه اقر ببعضه يوم الجمعة ثبتت البينة لان الاقرار و ان اختلف رجع إلى امر واحد ، و ان شهد انه اقر انه غصبه يوم الخميس و شهد الآخر انه غصبه يوم الجمعة لم تثبت البينة ايضا ، و ان شهد له واحد
و حلف معه ثبت الغصب فلو كان الغاصب حلف بالطلاق انه لم يغصبه لم نوقع طلاقه لان الشاهد و اليمين بينة في المال لا في الطلاق و الله أعلم كتاب الشفعة و هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت اليه ، و هي ثابتة بالسنة و الاجماع اما السنة فما روي عن جابر رضي الله عنه قال قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت
الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة .
متفق عليه و لمسلم قال : قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالشفعة في كل شرك يقسم ربعة أو حائط لا يحل له ان يبيع حتى يستأذن شريكه فان شاء أخذ و ان شاء ترك فان باع و لم يستأذنه فهو احق به .
و للبخاري : انما جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة .
و اما الاجماع فقال ابن المنذر اجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من ارض أو دار أو حائط .
و المعنى في ذلك ان احد الشريكين إذا أراد ان يبيع نصيبه و تمكن من بيعه لشريكه و تخليصه مما كان بصدده من توقع الخلاص و الاستخلاص فالذي يقتضيه حسن العشرة ان يبيعه منه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه و تخليص شريكه من الضرر فإذا لم يفعل ذلك و باعه لاجنبي سلط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه و لا نعلم احدا خالف هذا الا الاصم فانه قال لا تثبت الشفعة لان في ذلك اضرار بأرباب الاملاك فان المشتري إذا علم انه يؤخذ منه إذا ابتاعه لم يبتعة و يتقاعد الشريك عن الشراء فيستضر المالك و هذا ليس بشيء لمخالفته الآثار الثاتبة و الاجماع المنعقد قبله ، و الجواب عما ذكره من وجهين ( أحدهما ) انا نشاهد الشركاء يبيعون و لا يعدم من يشتري منهم شركائهم و لم يمنعهم استحقاق الشفعة من الشراء ( الثاني ) انه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة ان يقاسم فيسقط استحقاق الشفعة ، و اشتقاق الشفعة من الشفع و هو الزوج فان الشفيع كان نصيبه منفردا في ملكه فبالشفعة يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به و قيل اشتقاقها من الزيادة لان الشفيع يزيد المبيع في ملكه
( مسألة ) قال أبو القاسم ( و لا يجب الشفعة الاللشريك المقاسم فإذا وقعت الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة ) و جملة ذلك ان الشفعة تثبت على خلاف الاصل اذ هي انتزاع ملك المشتري بغير رضاء منه و إجبار له على المعاوضة مع ما ذكره الاصم لكن أثبتها الشرع لمصلحة راجحة فلا تثبت الا بشروط أربعة ( أحدها ) ان يكون الملك مشاعا مقسوم فاما الجار فلا شفعة له و به قال عمر و عثمان و عمر بن عبد العزيز و سعيد بن المسيب و سليمان بن يسار و الزهري و يحيي الانصاري و أبو الزناد و ربيعة و المغيرة بن عبد الرحمن و مالك و الاوزاعي و الشافعي و إسحاق و أبو ثور و ابن المنذر و قال ابن شبرمة و الثوري و ابن ابي ليلي و أصحاب الرأي الشفعة بالشركة ثم بالشركة في الطريق ثم بالجوار ، و قال أبو حنيفة يقدم الشريك فان لم يكن و كان الطريق مشتركا كدرب لا ينفذ تثبت الشفعة لجميع أهل الدرب الاقرب فالأَقرب فان لم يأخذوا ثبتت للملاصق من درب آخر خاصة ، و قال العنبري و سوار تثبت بالشركة في المال و بالشركة في الطريق ، و احتجوا بما روى أبو رافع قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الجار أحق بصقبه ( 1 ) ) رواه البخاري و أبو داود و روى الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه و سلم
1 - كذا في الاصل بالصاد و في صحيح البخارى بالسين و معناه القرب يعنى ان الجار بسبب قربه أحق بالشفعة