مغنی علی مختصر ابی القاسم عمربن الحسین بن عبدالله بن احمد الخرقی

ت‍ال‍ی‍ف‌: م‍وف‍ق‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍ی‌ م‍ح‍م‍د ع‍ب‍دال‍ل‍ه ‌ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ م‍ح‍م‍دب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌، وی‍ل‍ی‍ه‌ ال‍ش‍رح‌ ال‍ک‍ب‍ی‍ر ع‍ل‍ی‌ م‍ت‍ن‌ ال‍م‍ق‍ن‍ع‌ [اب‍ن‌ق‍دام‍ه‌] ت‍ال‍ی‍ف‌ ش‍م‍س‌ ال‍دی‍ن‌ اب‍و ال‍ف‍رج‌ ع‍ب‍دال‍رح‍م‍ن ‌ب‍ن‌ اب‍ی‌ ع‍م‍ر م‍ح‍م‍د ب‍ن‌ اح‍م‍د ب‍ن‌ ق‍دام‍ه‌ ال‍م‍ق‍دس‍ی‌

جلد 7 -صفحه : 90/ 26
نمايش فراداده

(168)

و الثوري و الليث و شريك و مغيرة و الضبي و ابن أبي ليلي و الحسن بن صالح و وكيع ، و روي ذلك عن مالك .

و روي عن النخعي و الثوري القولان معا ، و يحتمل كلام أحمد رضي الله عنه أن يكون الكفر مللا كثيرة فتكون المجوسية ملة و عبادة الاوثان ملة أخرى و عبادة الشمس ملة فلا يرث بعضهم بعضا روي ذلك عن علي و به قال الزهري و ربيعة و طائفة من أهل المدينة و أهل البصرة و إسحاق و هو أصح الاقوال إن شاء الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه و سلم ( لا يتوارث أهل ملتين شتى ) و لان كل فريقين منهم لا موالاة بينهم و لا اتفاق في دين فلم يرث بعضهم بعضا كالمسلمين و الكفار و العمومات في التوريث مخصوصة فيخص منها محل النزاع بالخبر و القياس و لان مخالفينا قطعوا التوارث بين أهل الحرب و أهل دار الاسلام مع اتفاقهم في الملة لانقطاع الموالاة فمع اختلاف الملة أولى و قول من حصر الملة بعدم الكتاب صحيح فان هذا وصف عدمي لا يقتضي حكما و لا جمعا ثم لابد لهذا الضابط من دليل يدل على اعتباره ثم قد افترق حكمهم فان المجوس يقرون بالجزية و غيرهم لا يقر بها و هم مختلفون في معبوداتهم و معتقد انهم و آرائهم يستحل بعضهم دماء بعض و يكفر بعضهم بعضا فكانوا مللا كاليهود و النصارى .

و قد روي ذلك عن علي رضي الله عنه فان اسماعيل بن أبي خالد روى عن الشعبي عن علي عليه السلام أنه جعل الكفر مللا مختلفة و لم يعرف له مخالف في الصحابة فيكون إجماعا ( فصل ) و قياس المذهب عندي أن الملة الواحدة يتوارثون و إن اختلفت ديارهم لان العمومات من النصوص تقتضي توريثهم و لم يرد بتخصيصهم نص و لا إجماع و لا يصح فيهم قياس فيجب العمل

(169)

بعمومها و مفهوم قوله عليه السلام ( لا يتوارث أهل ملتين شتى ) ان أهل الملة الواحدة يتوارثون و ضبطه بتوارث أهل ملتين شتى ان أهل الملة الواحدة يتوارثون و ضبطه التوريث بالملة و الكفر و الاسلام دليل على أن الاعتبار به دون غيره ، و لان مقتضى التوريث موجود فيجب العمل به ما لم يقم دليل على تحقق المنافع .

و قد نص أحمد في رواية الاثرم في من دخل إلينا بأمان فقتل أنه يبعث بديته إلى ملكهم حتى يدفعها إلى الورثة و قد روي أن عمرو بن أمية كان مع أهل بئر معونة فسلم و رجع إلى المدينة فوجد رجلين في طريقه من الحي الذي قتلوهم و كانا أتيا النبي صلى الله عليه و سلم في أمان و لم يعلم عمرو فقتلها فوداهما النبي صلى الله عليه و سلم و لا شك في انه بعث بديتهما إلى أهلهما و قال القاضي قياس المذهب عندي انه لا يرث حربي ذميا و لا ذمي حربيا لان المولاة بينهما منقطعة ، فأما المستأمن فيرثه أهل الحرب و أهل دار الاسلام و بهذا قال الشافعي رضي الله عنه ، و به قال أبو حنيفة إلا أن المستأمن لا يرثه الذمي لان دارهما مختلفة قال القاضي و يرث أهل الحرب بعضهم بعضا سواء اتفقت ديارهم أو اختلفت و هذا قول الشافعي

(170)

المرتد لا يرث احدا إلا ان يرجع قبل قسمة التركة

رضي الله عنه ، و قال أبو حنيفة إذا اختلفت ديارهم بحيث كان لكل طائفة ملك و يرى بعضهم قتل بعض لم يتوارثا لانهم لا موالاة بينهم أشبه أهل دار الحرب فجعلوا اتفاق الدار و اختلافها ضابطا للتوريث و عدمه و لا نعلم في هذا كله حجة من كتاب و لا سنة مع مخالفته لعموم النص المقتضي للتوريث و لم يعتبروا الدين في اتفاقه و لا اختلافه مع ورود الخبر فيه و صحة العبرة فيها فان المسلمين يرث بعضهم بعضا و ان اختلفت الدار بهم فكذلك الكفار و لا يرث المسلم كافرا و لا الكافر مسلما لاختلاف الدين بهم و كذلك لا يرث مختلفا الدين أحدهما من صاحبه شيئا ( مسألة ) قال ( و المرتد لا يرث احدا الا أن يرجع قبل قسمة الميراث ) لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن المرتد لا يرث أحدا و هذا قول مالك و الشافعي و أصحاب الرأي و لا نعلم عن غيرهم خلافهم و ذلك لانه لا يرث مسلما لقول النبي صلى الله عليه و سلم ( لا يرث كافر مسلما ) و لا يرث كافرا لانه يخالفه في حكم الدين لانه لا يقر على كفره فلم يثبت له حكم أهل الدين الذي انتقل اليه و لهذا لا تحل ذبيحته و لا نكاح نسائهم و ان انتقلوا إلى دين أهل الكتاب ، و لان المرتد

(171)

كون من أسلم على ميراث قبل أن يقسم قسم له

تزول أملاكه الثابتة له و استقرارها فلان لا يثبت له ملك أولى .

و لو ارتد متوارثان فمات أحدهما لم يرثه الآخر فان المرتد لا يرث و لا يورث و ان رجع المرتد إلى الاسلام قبل قسم الميراث قسم له على ما سنذكره في المسألة التي بعدها ان شاء الله تعالى ( فصل ) و الزنديق كالمرتد فيما ذكرنا ، و الزنديق هو الذي يظهر الاسلام و يستسر بالكفر و هو المنافق كان يسمى في عصر النبي صلى الله عليه و سلم منافقا و يسمى اليوم زنديقا ، قال أحمد مال الزنديق في بيت المال ( فصل ) إذا ارتد احد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال و لم يرث أحدهما الآخر و ان كانت ردته بعد الدخول ففيه روايتان ( احداهما ) يتعجل الفرقة ( و الاخري ) يقف على انقضاء العدة و أيهما مات لم يرثة الآخر ( مسألة ) قال ( و كذلك من أسلم على ميراث قبل أن يقسم قسم له ) اختلفت الرواية فيمن أسلم قبل فقسم ميراث موروثه المسلم فنقل الاثرم و محمد بن الحكم انه يرث و روي نحو هذا عن عمرو عثمان و الحسن بن علي و ابن مسعود و به قال جابر بن زيد و الحسن و مكحول

(172)

و قتادة و حميد و إياس بن معاوية و إسحاق ، فعلى هذا ان أسلم قبل قسم بعض المال ورث مما بقي ، و به قال الحسن ، و نقل أبو طالب فيمن أسلم بعد الموت لا يرث قد وجبت المواريث لاهلها ، و هذا المشهور عن علي رضي الله عنه و به قال سعيد بن المسيب و عطاء و طاووس و الزهري و سليمان بن يسار و النخعي و الحكم و أبو الزناد و أبو حنيفة و مالك و الشافعي رضي الله عنه و عامة الفقهاء لقول النبي صلى الله عليه و سلم ( لا يرث الكافر المسلم ) و لان الملك قد انتقل بالموت إلى المسلمين فلم يشاركهم من أسلم كما لو اقتسموا و لان المانع من الارث متحقق حال وجود الموت فلم يرث كما لو كان رقيقا فأعتق أو كما لو بقي على كفره و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم ( من أسلم على شيء فهو له ) رواه سعيد من طريقين عن عروة و ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه و سلم : و روى أبو داود باسناده عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم و كل قسم أدركه الاسلام فهو على قسم الاسلام ) و روى ابن عبد الله باسناده في التمهيد عن زيد بن قتادة العنبري ان إنسانا من أهله مات على دين الاسلام فورثته أختي دوني و كانت على دينه ثم ان جدي اسلم و شهد مع النبي صلى الله عليه و سلم حنينا فتوفي فلبثت سنة و كان ترك ميراثا ثم ان أختي أسلمت فخاصمتني في الميراث إلى عثمان رضي الله عنه فحدثه عبد الله بن أرقم ان عمر قضى انه

(173)

من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله نصيبه فقضى به عثمان فذهبت بذلك لاول و شاركتني في هذا و هذه قضية انتشرت فلم تنكر فكانت إجماعا و لانه لو تجدد له صيد بعد موته وقع في شبكته التي نصبها في حياته لثبت له الملك فيه ، و لو وقع إنسان في بئر حفرها لتعلق ضمانه بتركته بعد موته فجاز أن يتجدد حق من أسلم من ورثته بتركته ترغيبا في الاسلام و حثا عليه ، فأما إذا قسمت التركة و تعين حق كل وارث ثم أسلم فلا شيء له و إن كان الوارث واحدا فإذا تصرف في التركة و احتازها كان بمنزلة قسمتها ( فصل ) و من كان رقيقا حين موت موروثه فأعتق قبل القسمة لم يرث : نص عليه أحمد رضي الله عنه في رواية محمد بن الحكم و فرق بين الاسلام و العتق و على هذا جمهور الفقهاء من الصحابة و من بعدهم .

و روي عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل مات و ترك أباه عبدا فأعتق قبل أن يقسم ميراثه فقال له ميراثه .

و حكي عن محكول و قتادة أنهما ورثا من أعتق قبل القسمة لان المانع من الميراث زال قبل القسمة فأشبه ما لو أسلم ، قال أبو الحسن التميمي يخرج على قول من ورث المسلم أن يورث العبد إذا أعتق و ليس بصحيح فان الاسلام قربة و هو أعظم الطاعات ، و القرب ورد الشرع بالتأليف عليها

(174)

جعل مال المرتد ميتا إذا مات على ردته

فورد الشرع بتوريثه ترغيبا له في الاسلام و حثا عليه و العتق لا صنع له فيه و لا يحمد عليه فلم يصح قياسه عليه و لو لا ما ورد من الاثر من توريث من أسلم لكان النظر يقتضي أن لا يرث من لم يكن من أهل الميراث حين الموت لان الملك ينتقل به إلى الورثة فيستحقونه فلا يبقى لمن حدث شيء ، لكن خالفناه في الاسلام للاثر ، و ليس في العتق أثر يجب التسليم له و لا هو في معنى ما فيه الاثر فيبقى على موجب القياس .

( مسألة ) قال ( و متى قتل المرتد على ردته فماله فىء ) اختلفت الرواية عن أحمد في مال المرتد إذا مات أو قتل على ردته فروي عنه أن يكون فيئا في بيت مال المسلمين ، قال القاضي هو صحيح في المذهب و هو قول ابن عباس و ربيعة و مالك و ابن أبي ليلي و الشافعي رضي الله عنه و أبي ثور و ابن المنذر ، و عن أحمد ما يدل على أنه لورثته من المسلمين ، و روي ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه و علي و ابن مسعود رضي الله عنهم ، و به قال ابن المسيب و جابر بن زيد و الحسن و عمر بن عبد العزيز و عطاء و الشعبي و الحكم و الاوزاعي و الثوري و ابن شبرمة و أهل