كون الزنديق كالمرتد لايرث ولا يورث
( فصل ) و الزنديق كالمرتد لا يرث و لا يورث ، و قال مالك في الزنديق الذي يتهم بزي ورثته عند موته ماله لورثته من المسلمين مثل من يرتد إذا حضره الموت قال و ترثه زوجته سواء انقضت عدتها أو لم تنقض كالتي يطلقها زوجها في مرض موته ليحرمها الميراث لانه فار من ميراث من انعقد سبب ميراثه فورثه كالمطلقة في مرض الموت و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم ( لا يرث المسلم الكافر ) و قياس المذهب أن أحد الزوجين إذا ارتد في مرض موته يرثه الآخر لانه فعل ما يفسخ النكاح في مرض موته فأشبه الطلاق و فعل المرأة ما يفسخ نكاحها و يخرج في ميراث سائر الورثة مثل الزوجين فيكون مثل مذهب مالك ، و قال أبو يوسف إذا ارتدت المريضة فماتت في عدتها أو لحقت بدار الحرب ورثها زوجها و روى اللؤلؤي عن أبي حنيفة إذا ارتد الرجل فقتل على ردته ألحق بدار الحرب بانت منه إمرأته فان كانت مدخولا بها ورثته إذا كان ذلك قبل انقضاء عدتها ، و إن كانت مدخول بها بانت و لم ترثه ، و إن ارتدت المرأة من مرض فماتت لم يرثها زوجها لانها عندهم لا نقتل فلم تكن فارة من ميراثه بخلاف الرجلفسخ النكاح وعدم التوارث بين الزوجين بارتدادهما معا
( فصل ) و ارتداد الزوجين معا كارتداد أحدهما في فسخ نكاحهما و عدم ميراث أحدهما من الآخر سواء لحقا بدار الحرب أو أقاما بدار الاسلام ، و بهذا قال مالك و الشافعي ، و قال أبو حنيفة إذا ارتدا معا لم ينفسخ النكاح و لم يتوارثا لان المرتد لا يرث المرتد ما داما في دار الاسلام فان لحقا بدار الحرب توارثا و لنا أنهما مرتد ان فلم يتوارثا كما لو كانا في دار الاسلام .و لو ارتدا جميعا و لهما أولاد صغار لم يتبعوهم في ردتهم و لم يرثوا منهم شيئا و لم يجز استرقاقهم سواء لحقوهم بدار الحرب أو لم يلحقوهم ، و بهذا قال الشافعي رحمه الله و قال أبو حنيفة و أصحابه من ألحقوه بدار الحرب منهم يصير مرتدا يجوز سبيه و من لم يلحقوه بدار الحرب فهو في حكم الاسلام ، فأما من ولد بعد الردة بستة أشهر فذكر الخرقي رضي الله عنه ما يدل على انه يجوز استرقاقه ، و هو قول أبي حنيفة واحد قولي الشافعي و القول الثاني لا يسبون و هو منصوص الشافعي .( فصل ) فإذا لحق المرتد بدار الحرب وقف ماله فان اسلم دفع اليه و ان مات صار فيئها ، و بهذا قال مالك و الشافعي رضي الله عنهما و جعل أهل العراق لحاقه بدار الحرب كموته في زوال ملكه و صرفبيان ميراث المجوسي ومن جرى مجراهم
ماله إلى من يصرف اليه إذا مات فان عاد إلى الاسلام فله ما وجد من ماله و لا يرجع على ورثته بشيء مما أتلفوه الا أن يكونوا اقتسموه بغير حكم حاكم و لم يختلفوا فيما اكتسبوه في دار الحرب أو أخرجه من ماله إلى دار الحرب أنه فىء ، و قال أبو بكر عبد العزيز إذا ارتد المسلم زال ملكه عن ماله و لم يصح تصرفه فيه بشيء من التصرفات فان أسلم رد اليه تمليكا مستأنفا ، و قال أبو يوسف انما أحكم بموته يوم يختصمون في ماله لا يوم لحاقه بدار الحرب و لنا أنه حر من أهل التصرف و يبقى ملكه بعد اسلامه فلم يحكم بزوال ملكه كما لو لم يرتد و يجب رد ما أخذ من ماله أو أتلف عليه كغيره ( فصل ) و متى مات الذمي و لا وارث له كان ماله فيأ ، و كذلك ما فضل من ماله عن وارثه كمن ليس له وارث الا أحد الزوجين فان الفاضل عن ميراثه يكون فيأ لانه مال ليس له مستحق معين فكان فيأ كمال الميت المسلم الذي لا وارث له ( فصل ) في ميراث المجوس و من جرى مجراهم ممن ينكح ذوات المحارم إذا أسلموا و تحاكموا إلينا ، لا نعلم بين علماء المسلمين خلافا في انهم لا يرثون بنكاح ذوات المحارم ، فاما غيره من الانكحة فكلالميراث بجميع القرابات إذا أمكن
( فصل ) فأما القرابة فيرثون بجميعها إذا أمكن ذلك نص عليه أحمد و هو قول عمر و علي و ابن مسعود و ابن عباس و زيد في الصحيح عنه و به قال النخعي و الثوري و قتادة و ابن أبي ليلي و أبو حنيفة و أصحابه و يحيى بن آدم و إسحاق و داود و الشافعي رضي الله عنهم في أحد قوليه و اختاره ابن اللبان و عن زيد أنه ورثه بأقوى القرابتين و هي التي لا تسقط بحال ، و به قال الحسن و الزهري و الاوزاعي و مالك و الليث و حماد و هو الصحيح عن الشافعي ، و عن عمر بن عبد العزيز و مكحول و الشعبي القولان جميعا ، و احتجوا بأنهما قرابتان لا يورث بهما في الاسلام فلا يورث بهما في غيره كما لو أسقطت احداهما الاخرى و لنا أن الله تعالى فرض للام الثلث و للاخت النصف فإذا كانت الام أختا وجب إعطاؤها ما فرض الله لهما في الآيتين كالشخصين و لانهما قرابتان ترث بكل واحدة منهما منفردة لا تحجب احداهما الاخرى و لا ترجح بها فترث بهما مجتمعين كزوج هو ابن عم أو ابن عم هو أخ من أم و كذوي الارحام المدلين بقرابتين ، و قياسهم فاسد لان القرابتين في الاصل تسقط احداهما الاخرى إذا كانا في شخصين فكذلك إذا كانا في شخص ، و قولهم لا يورث بهما في الاسلام ممنوع فانه إذا وجد ذلك من وطء شبهة في الاسلامفروع في الميراث بجميع القرابات
ورث بهما ثم ان امتناع الارث بهما في الاسلام لعدم وجودهما ، و لو تصور وجودهما لورث بهما بدليل انه قد ورث بنظيرهما في ابن عم هو زوج أو أخ من أم قال ابن اللبان : و اعتبارهم عندي فاسد من قبل ان الجدة تكون أختا لاب ، فان ورثوها بكونها جدة لكون الابن يسقط الاخت دونها لزمهم توريثها بكونها أختا لكون الام تسقط الجدة دونها و خالفوا نص الكتاب في فرض الاخت و ورثوا الجدة التي لا نص للكتاب في فرضها ، و هو مختلف فيه فمنهم من قال هو طعمة و ليس بفرض مستحق ( 1 ) و يلزمهم ان الميت إذا خلف أمه وأم أم هي أخت ان لا يورثوها شيئا لان الجدودة محجوبة و هي أقوى القرابتين ، و ان قالوا نورثها مع الام بكونها أختا نقضوا اعتبارهم بكونها أقوى القرابتين و جعلوا الاخوة تارة أقوى و تارة أضعف ، و إن قالوا أقوى القرابتين الاخوة لان ميراثها أوفر لزمهم في أم هي اخت جعل الاخوة أقوى من جهة الامومة ، و يلزمهم في إسقاط ميراثها مع الابن و الاخ من الابوين ما لزم القائلين بتقديم الجدودة مع الام .فان قالوا توريثها باقرابتين يفضي إلى حجب الام بنفسها إذا كانت أختا و للميت أخت أخرى قلنا و ما المانع من هذا ؟ فان الله تعالى حجب الام بالاختين بقوله ( فان كان له اخوة فلامه السدس ) من تقييد بغيرها ثم هم قد حجبوها عن ميراث1 - في نسخة مسمى