ثم أسلم البواقي فله أن يختار من الاماء لان العبرة بحال الاختيار و هي حالة اجتماعهم على الاسلام و حالة اجتماعهما على الاسلام كانت أمة ( فصل ) و لو أسلم و تحته أربع إماء هو عادم للطول خائف للعنت فأسلمن معه فله أن يختار منهن واحدة فان كانت لا تعفه فله أن يختار منهن من تعفه في احدى الروايتين ، و الاخرى لا يختار إلا واحدة و هذا مذهب الشافعي و توجيههما قد مضى في ابتداء نكاح الاماء ، و ان عدم فيه الشرطان انفسخ النكاح في الكل و لم يكن له خيار و بهذا قال الشافعي و قال أبو ثور له أن يختار منهن لانه استدامة للعقد لا ابتداء له بدليل أنه لا يشترط له شروط العقد فأشبه الرجعة .و لنا أن هذه إمرأة لا يجوز ابتداء العقد عليها حال الاسلام فلم يلمك اختيارها كالمعتدة من غيره و كذوات محارمه ، و أما الرجعة فهي قطع جريان النكاح إلى البينونة و هذا إثبات النكاح في إمرأة و ان كان دخل بهن ثم أسلم ثم أسلمن في عدتهن فالحكم كذلك ، و قال أبو بكر لا يجوز له ههنا اختيار بل بين بمجرد اسلامه لئلا يفضي إلى استدامة نكاح مسلم في أمة كافرة .و لنا أن اسلامهن في العدة بمنزلة اسلامهن معه و لهذا لو كن حرائر مجوسيات أو وثنيات فأسلمن في عدتهن كان ذلك كاسلامهن معه و ان لم يسلمن حتى انقضت عدتهن انفسخ نكاحهن سواء كن كتابيات أو كتابيات لانه لا يجوز له استدامة النكاح في أمة كتابية
(554)
( فصل ) و لو أسلم و هو واجد للطول فلم يسلمن حتى أعسر ثم أسلمن فله أن يختار منهن لان شرائط النكاح تعتبر في وقت الاختيار و هو وقت اجتماعهم على الاسلام و هو حينئذ عادم للطول خائف للعنت فكان له الاختيار ، و ان أسلم و هو معسر فلم يسلمن حتى أيسر لم يكن له الاختيار لذلك و ان أسلمت واحدة منهن و هو موسر ثم أسلم البواقي بعد اعساره لم يكن له أن يختار منهن شيئا لان وقت الاختيار دخل بإسلام الاولى الا ترى انه لو كان معسرا كان له اختيارها فإذا كان موسرا بطل اختياره و ان أسلمت الاولى و هو معسر فلم تسلم البواقي حتى أيسرلزم نكاح الاولى و لم يكن له اختيار من البواقي لان الاولى اجتمعت معه في حالة يجوز له ابتداء نكاحها بخلاف البواقي و لو أسلم و أسلمن معه و هو معسر فلم يختر حتى أيسر كان له أن يختار لان حال ثبوت الاختيار كان له ذلك فبغيرحاله لا يسقط ما ثبت له كما لو تزوج أو اختار ثم أيسر لم يحرم عليه استدامة النكاح ( فصل ) فان أسلم و أسلمت معه واحدة منهن و هو ممن يجوز له نكاح الاماء فله أن يختار من أسلمت معه لان له أن يختارها لو أسلمن كلهن فكذلك إذا أسلمت وحدها ، و ان أحب انتظار البواقي جاز لان له غرضا صحيحا و هو أن يكون منهن من هي أبر عنده من هذه فان انتظر هن فلم يسلمن حتى انقضت عدتهن تبين أن نكاح هذه كان لازما و بان البواقي منذ اختلف الدينان و ان اسلمن في العدة اختار منهن واحدة و انفسخ نكاح الباقيات من حين الاختيار ، و عددهن من حين الاختيار و ان أسلم
(555)
فروع في اسلام الرجل وتحته اماء وحرة
بعضهن دون بعض بان اللائي لم يسلمن منذ اختلف الدينان و البواقي من حين اختار ، و ان اختار التي أسلمت معه حين أسلمت انقضت عصمة البواقي و ثبت نكاحها فان اسلم البواقي في العدة تبين انهن بن منه باختياره و عدتهن من حينئذ و ان لم يسلمن بن باختلاف الدين و عدتهن منه و ان طلق التي أسلمت معه طلقت و كان اختيار لها و حكم ذلك حكم ما لو اختارها صريحا لان إيقاع طلاقه عليها يتضمن اختيارها فاما ان اختارفسخ نكاحها لم يكن له لان الباقيات لم يسلمن معه فما زاد العدد على ماله إمساكه في هذه الحال و لا ينفسخ النكاح ثم ننظر فان لم يسلم البواقي لزمه نكاحها و ان أسلمن فاختار منهن واحدة انفسخ نكاح البواقي و الاولى معهن و ان اختار الاولى التي فسخ نكاحها صح اختياره لها لان فسخه لنكاحها لم يصح و فيه وجه آخر ذكره القاضي انه لا يصح اختياره لها لان فسخ انما لم يصح مع اقامة البواقي على الكفر حتى تنقضي العدة لاننا نتبين أن نكاحها كان لازما فإذا أسملن لحق اسلامهن بتلك الحال و صار كأنهن أسلمن في ذلك الوقت فإذا فسخ نكاح إحداهن صح الفسخ و لم يكن له أن يختارها و هذا يبطل مما لو فسخ نكاح إحداهن قبل اسلامها فانه لا يصح و لا يجعل إسلامهن الموجود في الثاني كالموجود سابقا كذلك ههنا ( فصل ) فان أسلم و تحته إماء و حرة ففيه ثلاث مسائل ( إحداهن ) أسلم و أسلمن معه كلهن فانه يلزم نكاح الحرة و بنفسخ نكاح الاماء لانه قادر على الحرة فلا يختار أمة و قال أبو ثور له أن يختار و قد مضى الكلام معه ( الثانية ) أسلمت الحرة معه دون الاماء فقد ثبت نكاحها و انقطعت عصمة الاماء
(556)
فان لم يسلمن حتى انقضت عدتهن به باختلاف الدين و ابتداء عدتهن من حين أسلم و ان أسلمن في عددهن ابن من حين اسلام الحرة و عددهن من حين اسلامها فان ماتت الحرة بعد اسلامها لم يتغير الحكم بموتها لان موتها بعد ثبوت نكاحها و انفساخ نكاح الاماء لا يؤثر في إباحتهن ( الثالثة ) أسلم الاماء دو ن الحرة و هو معسر فلا يخلو إما أن تنقضي عدتها قبل اسلامها فتبين باختلاف الدين و له أن يختار من الاماء لانه لمك يقدر على الحرة أو يسلم في عدتها فيقبت نكاحها و يبطل نكاح الاماء كما لو أسلمن دفعة واحدة و ليس له أن يختار من الاماء قبل اسلامها و قضاء عدتها لاننا لا نعلم أنها لا تسلم فان طلق الحرة ثلاثا قبل اسلامها ثم لم تسلم لم يعق الطلاق لانا تبينا أن النكاح انفسخ باختلاف الدين و له الاختيار من الاماء و ان أسلمت في عدتها بان أن نكاحها كان ثابتا و ان الطلاق وقع فيه و الامام ابن بثبوت نكاحها قبل الطلاق .( فصل ) و ان أسلم و تحته إماء و حرة فأسلمن ثم عتقن قبل اسلامها لم يكن له أن يختار منهن لان نكاح الامة لا يجوز لقادر على حرة و انما يعتبر حالهن حال ثبوت الاختيار و هو حالة اجتماع اسلامه و إسلامهن ثم ننظر فان لم تسلم الحرة فله الاختيار منهن فلا يختار الا واحدة اعتبارا الحالة اجتماع اسلامه و إسلامهن و ان أسلمت في عدتها ثبت نكاحها و انقطعت عصمتهن فان كان قد اختار واحدة من المعتقات في عدة الحرة ثم لم تسلم فلا عبرة باختياره و له أن يختار غيرها لان الاختيار لا يكون موقوفا فأما إن
(557)
اسلام الرجل وتحته خمس حراثر
عتقن قبل أن يسلمن ثم أسلمن و اجتمعن معه على الاسلام وهن حرائر فان كان جميع الزوجات أربعا فما دون ثبت نكاحهن و ان كن زائدات على أربع فله أن يختار منهن أربعا و تبطل عصمة الخامسة لانهن صرن حرائر في حالة الاختيار و هي حالة اجتماع اسلامه و إسلامهن فصار حكمهن حكم الحرائر الاصليات و كما لو أعتقن قبل إسلامه و إسلامهن و لو أسلمن قبله ثم أسلم فكذلك و يون الحكم في هذا كما لو أسلم و تحته خمس حرائر أو أكثر على ما مر تفصيله ( فصل ) و لو أسلم و تحته خمس حرائر فأسلم معه منهن اثنتان احتمل أن يجبر على اختيار احداهما لانه لابد أن يلزمه نكاح واحدة منهما فلا معنى لانتظار البواقي فإذا اختار واحدة و لم يسلم البواقي لزمه نكاح الثانية و كذلك ان لم يسلم من البواقي إلا اثنتان لزمه نكاح الاربع و ان أسلم الجميع في العدة كلف أن يختار ثلاثا مع التي اختارها أولا و ينفسخ نكاح الباقية ، و على هذا لو أسلم معه ثلاث كلف اختيار اثنتين و ان أسلم معه أربع كلف اختيار ثلاث منهن إذ لا معنى لانتظاره الخامسة و نكاح ثلاث منهن لازم له على كل حال .و يحتمل أن لا يجبر على الاختيار لانه انما يكن عند زيادة العدد على أربع و ما وجد ذلك .و كذلك أو أسلمت معه واحدة من الاماء لم يجبر على اختيارها كذا ههنا و الصحيح ههنا أن يجبر على اختيارها لما ذكرنا من المعنى و أما الامة فقد يكون له غرض في اختيار غيرها بخلاف مسئلتنا
(558)
اسلام زوج الكتابية قبل الدخول
( مسألة ) قال ( و إذا تزوجها و هما كتابيان فأسلم قبل الدخول أو بعده فهي زوجته و ان كانت هي المسلمة قبله و قبل الدخول انفسخ النكاح و لا مهر لها ) و جملة ذلك انه إذا أسلم زوج الكتابية قبل الدخول أو بعده أو اسلما معا فالنكاح باق بحاله سواء كان زوجها كتابيا أو غير كتابي لان للمسلم أن يبتدي نكاح كتابية فاستدامته أولى و لا خلاف في هذا بين القائلين بإجازة نكاح الكتابية ، فأما ان اسلمت الكتابية قبله و قبل الدخول تعجلت الفرقة سواء كان زوجها كتابيا أو كتابي اذ لا يجوز لكافرنكاح مسلمة .قال ابن المنذر اجمع على هذا كل من تحفظ عنه من أهل العلم ، و ان كان اسلامها بعد الدخول فالحكم فيه كالحكم فيما لو أسلم أحد الزوجين الوثنيين على ما تقدم فإذا كانت هي المسلمة قبل الدخول فلا مهر لها لان الفسخ منها و قد مضى الكلام في هذا ايضا بما فيه كفاية ( فصل ) و إذا تزوج المجوسي كتابية ثم ترافعا إلينا قبل الاسلام فرق بينهما .قال احمد في مجوسي تزوج كتابية يحال بينه و بينها قيل من يحول بينه و بين ذلك ؟ قال الامام و يحتمل هذا الكلام أن يحال بينهما و ان لم يترافعا إلينا لانها أعلى دينا منه فيمنع نكاحها كما يمنع الذمي نكاح المسلمة .و ان تزوج الذمي وثنية أو مجوسية ثم ترافعوا إلينا ففيه وجهان [ أحدهما ] بقر على نكاحها لانها ليست أعلى دينا منه فيقر على
(559)
تحاكم الكفار في عقود انكحتهم بعد اسلامهم
نكاحها كما يقر المسلم على نكاح الكتابية [ و الثاني ] لا يقر على نكاحها لانها ممن لا يقر المسلم على نكاحها فلا يقر الذمي على نكاحها كالمرتدة ( مسألة ) قال ( و ما سمي لها و هما كافران فقبضته ثم أسلما فليس لها غيره و ان كان حراما و لو لم تقبضه و هو حرام فلها عليه مهر مثلها أو نصفه حيث أوجب ذلك ) و جملته ان الكفار إذا أسلموا و تحاكموا إلينا بعد العقد و القبض لم نتعرض إلى ما فعلوه و ما قبضت من المهر نفذ و ليس لها غيره حلالا كان أو حراما بدليل قوله تعالى [ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا ] فأمر بترك ما بقي دون ما قبض و قال تعالى [ فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف و أمره إلى الله ] و لان التعرض للمقبوض بإبطاله يشق لتطاول الزمان و كثرة تصرفاتهم في الحرام ففيه تنفيرهم عن الاسلام فعفي عنه كما عفي عما تركوه من الفرائض و الواجبات ، و لانهما تقابضا بحكم الشرك فبرئت ذمة من هو عليه منه كما لو تبايعا بيعا فاسدا و تقابضا و ان لم يتقابضا فان كان المسمى حلا لا وجب ما سمياه لانه مسمى صحيح في نكاح صحيح فوجب كتسمية المسلم و ان كان حراما كالخمر و الخنزير بطل و لم يحكم به لان ما سمياه لا يجوز إيجابه في الحكم و لا يجوز أن يكون صداقا لمسلمة و لا في نكاح مسلم و يجب مهر المثل ان كان بعد الدخول ، و نصفه ان وقعت الفرقة قبل الدخول و هذا معنى قوله حيث أوجب ذلك و بهذا قال الشافعي و أبو يوسف