( مسألة ) قال و إذا تزوج الامة على أنها حرة فأصابها و ولدت منه فالولد حر و عليه ان يفديهم و المهر المسمى و يرجع به على من غره و يفرق بينهما ان لم يكن ممن يجوز له أن ينكح الاماء ، و ان كان ممن يجوز له أن ينكح فرضى بالمقام فما ولدت بعد الرضي فهو رقيق ) في هذه المسألة فصول ستة ( أحدها ) أن النكاح لا يفسد بالغرور ، و هو قول أبي حنيفة ، و قال الشافعي في أحد قوليه يفسد لانه عقد على حرة و لم يوجد فأشبه ما لو قال بعتك هذا الفرس فإذا هو حمار .و لنا أن المعقود عليه في النكاح الشخص دون الصفات فلا يؤثر عدمها في صحته كما لو قال زوجتك هذه البيضاء فإذا هي سوداء أو هذه الحسناء فإذا هي شوهاء و كذا يقول في الاصل الذي ذكره ان العقد الذي ذكروه صحيح لان المعقود عليه العين المشار إليها و ان سلمناه فالفرق بينهما من وجهين ( أحدهما ) أن ثم فاتت الذات فان ذات الفرس ذات الحمار و ههنا اختلفا في الصفات .و ( الثاني ) أن البيع يؤثر فيه فوات الصفات بدليل أنه يرد بفوات أي شيء كان فيه نفع منها و النكاح بخلافه .( الفصل الثاني ) ان أولاده أحرار منها بغير خلاف نعلمه لانه اعتقد حريتها فكان أولاده أحرار لاعتقاده ما يقتضي حريتهم كما لو اشترى أمة يعتقدها ملكا لبائعها فبانت مغصوبة بعد أن أولدها ( الفصل الثالث ) أن على الزوج فداء أولاده كذلك قضى عمر رضي الله عنه و علي و ابن عباس رضي الله عنهما ، و هو قول مالك و الثوري و الشافعي و أصحاب الرأي .و عن أحمد رواية أخرى ليس
(414)
عليه فداؤهم لان الولد ينعقد حرالاصل فلم يضمنه لسيد الامة لانه لم يملكه و عنه أنه يقال له أفد أولادك و الا فهم يتبعون أمهم فظاهر هذا أنه خيره بين فدائهم و بين تركهم رقيقا لانهم رقيق بحكم الاصل فلم يلزمه فداؤهم كما لو وطئها و هو يعلم رقها .و قال الخلال اتفق عن أبي عبد الله أنه يفدي ولده و قال إسحاق عنه في موضع إن الولد له و ليس عليه أن يفديهم و أحسبه قولا أول لابي عبد الله و الصحيح أن عليه فداءهم لقضاء الصحابة به و لانه نماء الامة المملوكة فسبيله أن يكون مملوكا لمالكها و قد فوت رقه باعتقاد الحرية فلزمه ضمانهم كما لو فوق رقهم بفعله و في فدائهم ثلاث مسائل ( الاولى ) في وقته و ذلك حين وضع الولد ، و قضى بذلك عمر و علي و ابن عباس رضي الله عنهم و هو قول الشافعي و قال أبو ثور و الثورى و أصحاب الرأي يضمنهم بقيمتهم يوم الخصومة لانه انما يضمنهم بالمنع و لم يمنعهم الا حال الخصومة و لنا أنه محكوم بحريته عند الوضع فوجب أن يضمنه لانه فات رقه من حينئذ و لان القيمة التي تزيد بعد الوضع لم تكن مملوكة لمالك الامة فلم يضمنها كما بعد الخصومة فان قيل فقد كان محكوما بحريته و هو حين قلنا إلا أنه لم يمكن تضمينه حينئذ لعدم قيمته و الاطلاع عليه فأوجبنا ضمانه في أول حال يمكن تضمينه و هو حال الوضع ( المسألة الثانية ) في صفة الفداء و فيها ثلاث روايات إحداهن بقيمتهم و هو قول أكثر الفقهاء لقول النبي صلى الله عليه و سلم من أعتق شقصا من عبد قوم عليه نصيب شريكه و لان الحيوان من المتقومات لامن ذوات الامثال فيجب ضمانه بقيمته كما لو أتلفه
(415)
مسائل في الفداء والضمان
( و الثانية ) يضمنهم بمثلهم عبيد الذكر بذكر و الانثى بأنثى لما روى سعيد بن المسيب قال أبقت جارية لرجل من العرب و انتمت إلى بعض العرب فتزوجها رجل من بني عذرة ثم إن سيدها دب فاستاقها و استاق ولدها فاختصموا إلى عمر رضي الله عنه فقضى للعذري بفداء ولده بغرة غرة مكان كل غلام و مكان كل جارية بجارية و كان عمر يقوم الغرة على أهل القرى و من لم يجد غرة ستين دينارا و لان ولد المغرور حر فلا يضمن بقيمته كسائر الاحرار فعلى هذه الرواية ينبغي أن ينظر إلى مثلهم في الصفات تقريبا لان الحيوان ليس من ذوات الامثال و يحتمل أن يجب مثله في القيمة و هو قول أبي بكر ( الثالثة ) هو مخبرين فدائهم بمثلهم أو قيمتهم قال أحمد في رواية الميموني إما القيمة أو رأس برأس لانهما جميعا يروينا عن عمر و لكن لا أدري أي الاسنادين أقوى و هذا اختيار أبي بكر و قال في المقنع الفدية غرة بغرة بقدر القيمة أو القيمة و أيها أعطى أجزأه و وجه ذلك أنه تردد بين الجنين الذي يضمن بغرة و بين الحاقة بغيره من المضمونات فاقتضي التخيير بينهما و الصحيح أنه يضمن بالقيمة كسائر المضمونات المتقومات و قول عمر قد اختلف عنه فيه قال أحمد في رواية أبي طالب و عليه قيمتهم مثل قول عمر و إذا تعارضت الروايات عنه وجب الرجوع إلى القياس ( المسألة الثالثة ) فيمن يضمن منهم و هو من ولد حيا لوقت يعيش لمثله سواء عاش أو مات بعد ذلك و قال مالك و الثوري و أبو ثور و أصحاب الرأي لا ضمان على الاب لمن مات منهم قبل الخصومة و هذا مبنى على وقت المضان و قد ذكرناه فأما السقط و من ولد لوقت لا يعيش في مثله و هو دون ستة أشهر فلا ضمان لانه لا قيمة له .
(416)
الفصل الرابع في المهر
( الفصل الرابع ) في المهر و لا يخلو أن يكون ممن يجوز له نكاح الاماء أولا فان كان ممن يجوز له نكاح الاماء و قد نكحها نكاحا صحيحا فلها المسمى و ان لم يدخل بها و اختار الفسخ فلا مهر لها لان الفسخ تعذر من جهتها فهي كالمعيبة يفسخ نكاحها و ان كان ممن لا يجوز له نكاح الاماء فالعقد فاسد من أصله و لا مهر فيه قبل الدخول فان دخل بها فعليه مهرها و هل يجب المسمي أو مهر المثل ؟ على روايتين ذكرناهما فيما مضى و كذلك ان كان ممن يجوز له نكاح الاماء لكن تزوجها بغير إذن سيدها أو نحو ذلك مما يفسد به النكاح ( الفصل الخامس ) أنه يرجع بما غرمه على من غره في المهر و قيمة الاولاد و هذا اختاره الخرقى و رواية عن أحمد قال ابن المنذر كذلك قضى عمر و علي و ابن عباس و به قال الشافعي في القديم و الرواية الاخرى لا يرجع بالمهر و هو اختيار أبي بكر قال و هو قول علي و به قال الثوري و أبو ثور و أصحاب الرأي و الشافعي في الجديد لانه وجب عليه في مقابلة نفع وصل اليه و هو الوطء فلم يرجع به كما لو اشترى مغصوبا فأكله بخلاف قيمة الولد فانها لم تحصل في مقابلة عوض لانها وجبت بحرية الولد و حرية الولد للولد لا لابيه قال القاضي و المذهب أنه يرجع بالمهر لان أحمد قال كنت أذهب إلى حديث علي ثم كاني هبته و كأني أميل إلى حديث عمر يعني في الرجوع و لان العاقد ضمن له سلامة الوطء كما ضمن له سلامة الولد فكما يرجع عليه بقيمة الولد كذلك يرجع بالمهر قال و على هذا الاصل يرجع بأجرة الخدمة إذا غرمها كما يرجع بالمهر و لا أعرف عن أصحابنا بينهما فرقا و قال إذا ثبت هذا فان كان الغرور من السيد فقال هي حرة عتقت و إن كان بلفظ هذا لم تثبت به الحرية فلا شيء له لانه لا فائدة في أن يجب له ما يرجع به عليه ، و إن كان
(417)
فروع في الغرور
الغرور من وكيله رجع عليه في الحال ، و إن كان من أجنبي رجع عليه أيضا ، و إن كان منها فليس لها في الحال مال فيتخرج فيها وجهان بناء على دين العبد بغير اذن سيده هل يتعلق برقبته أو بذمته يتبع به بعد العتق ؟ قال القاضي قياس قول الخرقي أنه يتعلق بذمتها لانه قال في الامة إذا خالعت زوجها بغير إذن سيدها يتبعها به إذا عتقت كذا ههنا و يتبعها بجميعه و ظاهر كلام أحمد أن الغرور إذا كان من الامة لم يرجع على أحد فانه قال إذا جاءت الامة فقالت اني حرة فولت أمرها رجلا فزوجها من رجل ثم ظهر عليها مولاها قال فكاك ولده على الاب لانه لم يغره أحد ، و اما إذا غره رجل فزوجها على أنها حرة فالفداء على من غره .يروى هذا عن علي و إبراهيم و حماد و كذلك قال الشعبي ، و إن قلنا يتعلق برقبتها فالسيد مخير بين فدائها بقيمتها إن كانت أقل مما يرجع به عليها أو يسلمها فان اختار فداءها بقيمتها سقط قدر ذلك عن الزوج فانه لا فائدة في أن نوجبه عليه ثم ترده اليه ، و إن اختار تسليمها سلمها و أخذ ما وجب له و ذكر القاضي أن الغرور الموجب للرجوع أن يكون اشتراط الحرية مقارنا للعقد فيقول زوجتكها على أنها حرة فان لم تكن كذلك لم تملك الفسخ و هذا مذهب الشافعي و الصحيح خلاف هذا قال لان الصحابة الذين قضوا بالرجوع لم يفرقوا بين أنواع الغرور و لم يستفصلوا و الظاهر أن العقد لم يقع هكذا و لم تجر العادة به في العقود فلا يجوز حمل قضائهم المطلق على صورة نادرة لم تنقل و لان الغرور قد يكون من المرأة و لا لفظ لها في العقد و لانه متى أخبره بحريتها أو أوهمه ذلك بقرائن تغلب على ظنه حريتها فنكحها على ذلك و رغب فيها بناء عليه و أصدقها صداق الحرائر ثم لزمه الغرم فقد استضر بناء على قول المخبر له و الغار فتجب إزالة الضرر
(418)
حكم المدبرة وأم الولد
عنه بإثبات الرجوع على من غره و أضربه فعلى هذا إن كان الغرور من اثنين أو أكثر فالرجوع على جميعهم و إن كان الغرر منها و من الوكيل فعلى كل واحد منهما نصفه و الله أعلم ( الفصل السادس ) ان الزوج ان كان ممن يحرم عليه نكاح الاماء و هو ممن يجد الطول أو لا يخشى العنت فانه يفرق بينهما لاننا بينا أن النكاح فاسد من أصله لعدم شرطه و هكذا لو كان تزويجها بغير اذن سيدها أو اختل شرط من شروط النكاح فهو فاسد يفرق بينهما و الحكم في الرجوع على ما ذكرنا ، و إن كان ممن يجوز له نكاح الاماء و كانت شرائط النكاح مجتمعة فالعقد صحيح و للزوج الخيار بين الفسخ و المقام على النكاح و هذا معنى قول الخرقي فرضي بالمقام معها و هذا الظاهر من مذهب الشافعي و قال أبو حنيفة لا خيار له لان الكفاءة غير معتبرة في جانب المرأة لانه يملك الطلاق و لنا أنه عقد غر فيه أحد الزوجين بحرية الآخر فثبت له الخيار كالاخر فان الكفاءة و إن لم تعتبر فان عليه ضررا في استرقاق ولده ورق إمرأته و ذلك أعظم من فقد الكفاءة ، فأما الطلاق فلا يندفع به الضرر فانه سقط نصف المسمى و الفسخ يسقط جميعه فإذا فسخ قبل الدخول فلا مهر لها ، و إن رضي بالمقام معها فله ذلك لانه يحل له نكاح الاماء و ما ولدت بعد ذلك فهو رقيق لسيدها لان المانع من رقهم في الغرور اعتقاد الزوج حريتها و قد زال ذلك بالعلم ، و لو وطئها قبل علمه فعلقت منه ثم علم قبل الوضع فهو حر لانه وطئها يعتقد حريتها ( فصل ) و الحكم في المدبرة وأم الولد و المعتقة بصفة كالأَمة القن لانها ناقصة بالرق إلا أن ولد أم الولد و المدبرة يقوم كأنه عبد له حكم أمه و كذلك من أعتق بعضها إلا أنه إذا فدى الولد لم يلزمه إلا فداء ما فيه من الرق لان بقيته حر بحرية أمه لا باعتقاد الوطي فان كانت مكاتبة فكذلك إلا أن
(419)
لا يثبت أنها أمة بمجرد الدعوى
مهرها لها لانه من كسبها و كسبها لها و تجب قيمة ولدها على الرواية المشهورة ، قال أبو بكر و يكون ذلك لها تستعين به في كتابتها ، فان كان الغرور منها فلا شيء لها إذ لا فائدة في إيجاب شيء لها يرجع به عليها و إن كان الغرور من غيرها غرمه لها و يرجع به على من غره ( فصل ) و لا يثبت انها أمة بمجرد الدعوي فان قام بذلك بينة ثبت ، و ان أقرت أنها أمة فقال احمد في رواية أبي الحارث لا يستحقها بإقرارها و ذلك لان إقرارها يزيل النكاح عنها و يثبت حقا على غيرها فلم يقبل كإقرارها بمال على غيرها ، و قال في رواية حنبل لا شيء له حتى يثبت أو تقر هي أنها أمة فظاهر هذا أنه يقبل إقرارها لانها مقرة على نفسها بالرق أشبه الزوجة و الاول أولى و لا نسلم أنه يقبل من ذات الزوج إقرارها بالرق بعد إقرارها بالحرية لانها أقرت بما يتعلق به حق الله تعالى ( فصل ) إذا حملت المغرور بها فضرب بطنها ضارب فألقت جنينا ميتا فعلى الضارب غرة لان هذا الجنين محكوم بحريته و يرثها ورثته من كانوا ، و على الضارب كفارة القتل و إن كان الضارب أباه لم يرثه و ورثه أقاربه و لا يجب بذل هذا الولد للسيد لانه انما يستحق بذل حي و هذا ميت ، و يحتمل أن يجب له عشر قيمة أمه لان الواطي فوت ذلك عليه باعتقاد الحرية و لولاه لوجب له ذلك ( فصل ) إذا تزوجت المرأة عبدا على أنه حر فالنكاح صحيح و هذا قول أبي حنيفة واحد قولي الشافعي لان اختلاف الصفة لا يمنع صحة العقد كما لو تزوج أمة على أنها حرة و هذا إذا كملت شروط النكاح و كان ذلك باذن سيده ، و ان كانت المرأة حرة و قلنا الحرية ليست من شروط الكفاءة أو ان فقد الكفاءة لا يبطل النكاح فهو صحيح و للمرأة الخيار بين الفسخ و الامضاء فان اختارت امضاءه فلاوليائها الاعتراض عليها لعدم الكفاءة ، و ان كانت أمة فينبغي أن يكون لها الخيار أيضا لانه لما ثبت