النظر قبل النكاح .و قد روي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال ( انما النساء لعب فإذا اتخذ أحدكم لعبة فليستحسنها ) و عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله أي النساء خير ؟ قال ( التي تسره إذا نظر و تطيعه إذا امر و لا تخالفه في نفسها و لا في ماله بما يكره ) رواه النسائي .و عن يحيى بن جعدة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( خير فائدة أفادها المرء المسلم بعد إسلامه إمرأة جميلة تسره إذا نظر اليها و تطيعه إذا أمرها و تحفظه في غيبته في ماله و نفسها ) رواه سعيد و يختار ذات العقل و يجتنب الحمقاء لان النكاح يراد للغشرة و لا تصلح العشرة مع الحمقاء و لا يطيب العيش معها و ربما تعدى ذلك إلى ولدها .و قد قبل اجتسوا الحمقاء فان ولدها ضياع و صحبتها بلاء ، و يختار الحسيبة ليكون ولدها نجيبا فانه ربما أشبه أهلها و نزع إليهم .و كان يقال : إذا أردت أن تتزوج إمرأة فانظر إلى أبيها و أخيها .و عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( تخيروا لنطفكم و أنكحوا الاكفاء و أنكحوا إليهم ) و يختار الاجنبية فان ولدها أنجب و لهذا يقال اغتربوا لا تضووا ، يعنى أنكحوا الغرائب كيلا تضعف أولادكم .و قال بعضهم : الغرائب أنجب و بنات العم أصبر .و لانه لا تؤمن العداوة في النكاح و إفضاؤه إلى الطلاق فإذا كان في قرابته أفضي إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها و الله أعلم
(470)
( باب ما يرحم نكاحه و الجمع بينه و غير ذلك ) التحريم للنكاح ضربان : تحريم عين و تحريم جمع ، و يتنوع أيضا نوعين تحريم نسب و تحريم سبب و الاصل في ذلك الكتاب و السنة و الاجماع ، فأما الكتاب فقول الله تعالى ( حرمت عليكم أمهاتكم و الآية التي قبلها و التي بعدها ، و أما السنة فروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال ( لا يجمع الرجل بين المرأة و عمتها و لا بينها و بين خالتها ) متفق عليه .و عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ان الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة أخرجه مسلم ، و أجمعت الامة على تحريم ما نص الله تعالى على تحريمه ( مسألة ) قال ( و المحرمات نكاحهن بالانساب : الامهات و البنات و الاخوات و العمات و الخالات و بنات الاخ و بنات الاخت ، و المحرمات بالاسباب : الامهات المرضعات و الاخوات من الرضاعة و أمهات النساء و بنات النساء الللاتي دخلف بهن و حلائل الابناء و زوجات الاب و الجمع بين الاختين ) و جملة ذلك أن المنصوص على تحريمهن في الكتاب أربع عشرة : سبع بالنسب و اثنتان بالرضاع و أربع بالمصاهرة و واحدة بالجمع ، فأما اللواني بالنسب فأولاهن الامهات وهن كل من انتسبت إليها بولادة سواء وقع عليها اسم الام حقيقة و هي التي ولدتك أو مجازا و هي التي ولدت من ولدك و إن علت من
(471)
* باب ما يحرم نكاحه والمحرمات بالانساب * أنواع المحرمات بالانساب وتحريم السبب
ذلك جدتاك أم أمك وأم أبيك وجدتا أمك وجدتا أبيك و جدات جداتك و جدات أجدادك و إن علوا وارثات كن أو وارثات كلهن أمهات محرمات ذكر أبو هريرة هاجر أم اسماعيل فقال تلك أمكم يا بني ماء السماء .و في الدعاء أللهم صل على أبينا آدم و أمنا حوا .و البنات وهن كل أنثى انتسبت إليك بولادتك كابنة الصلب و بنات البنين و البنات و إن نزلتن درجتهن وارثات أو وارثات كلهن بنات محرمات لقوله تعالى ( و بناتكم ) فان كل إمرأة بنت آدم كما أن كل رجل ابن آدم قال الله تعالى ( يا بني آدم ) و الاخوات من الجهات الثلاث من الابوين أو من الاب أو من الام لقوله تعالى ( و أخواتكم ) و لا تفريع عليهن .و العمات أخوات الاب من الجهات الثلاث و أخوات الاجداد من قبل الاب و من قبل الام قريبا كان الجد أو بعيدا وارثا أو وارث لقوله تعالى ( و عماتكم ) و الخالات أخوات الام من الجهات الثلاث و أخوات الجدات و إن علون و قد ذكرنا أن كل جدة أم فكذلك كل أخت لجدة خالة محرمة لقوله ( و خالاتكم ) و بنات الاخ كل إمرأة انتسبت إلى أخ بولادة فهي بنت أخ محرمة من أي جهة كان الاخ لقوله تعالى ( و بنات الاخ ) و بنات الاخت كذلك أيضا محرمات لقوله سبحانه ( و بنات الاخت ) فهؤلاء المحرمات بالانساب ( النوع الثاني ) المحرمات تحريم السبب و هو قسمان : رضاع و مصاهرة ، فأما الرضاع فالمنصوص على التحريم فيه اثنتان الامهات المرضعات وهن اللاتي أرضعنك و أمهاتهن و جداتهن و إن علت درجتهن على حسب
(472)
ما يحرم بالمصاهرة وأقسامه
ما ذكرنا في النسب محرمات بقوله تعالى ( و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم و أخواتكم من الرضاعة ) كل إمرأة أرضعتكك أمها أو أرضعتها أمك أو أرضعتك و إياها إمرأة واحدة أو ارتصعت أنت و هي من لبن رجل واحد كرجل له إمرأتان لهما منه لبن أرضعتك احداهما و أرضعتها الاخرى فهي أختك محرمة عليك لقوله سبحانه ( و أخواتكم من الرضاعة ) ( القسم الثاني ) تحريم المصاهرة و المنصوص عليه أربع : أمهات النساء فمن تزوج إمرأة حرم عليه كل أم لها من نسب أو رضاع قريبة أو بعيدة بمجرد العقد نص عليه احمد و هو قول أكثر أهل العلم منهم ابن مسعود و ابن عمر و جابر و عمران بن حصين و كثير من التابعين ، و به يقول مالك و الشافعي و أصحاب الرأي ، و حكي عن علي رضي الله عنه أنها لا تحرم إلا بالدخول بابنتها كما لا تحرم ابنتها إلا بالدخول و لنا قول الله تعالى ( و أمهات نسائكم ) و المعقود عليها من نسائه فتدخل أمها في عموم الآية .قال ابن عباس أيهموا ما أيهم القرآن يعنى عمموا حكمها في كل حال و لا تفصلوا بين المدخول بها و بين غيرها ، و روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( من تزوج إمرأة فطلقها قبل أن دخل بها لا بأس أن يتزوج ريبته و لا يحل له ان يتزوج أمها ) رواه أبو حفص باسناده ، و قال زيد تحرم بالدخول أو بالموت لانه يقوم مقام الخدول و قد ذكرنا ما يوجب التحريم مطلقا سواء وجد الدخول
(473)
أو الموت أولا و لانها حرمت بالمصاهرة بقول مبهم فحرمت بنفس العقد كحليلة الابن و الاب ( الثانية ) بنات النساء اللاتي دخل بهن وهن الربائب فلا يحرمن إلا بالدخول بأمهاتهن وهن كل بنت للزوجة من نسب أو رضاع قريبة أو بعيدة وارثه أو وارثه على حسب ما ذكرنا في البنات إذا دخل بالام حرمت عليه سواء كانت في حجره أو لم تكن في قول عامة الفقهاء إلا انه روي عن عمر و علي رضي الله عنهما أنهما رخصا فيها إذا لم تكن في حجره و هو قول داود لقول الله تعالى ( و ربائبكم اللاتي في حجوركم ) قال ابن المنذر و قد أجمع علماء الامصار على خلاف هذا القول و قد ذكرنا حديث عبد الله بن عمرو في هذا و قال النبي صلى الله عليه و سلم لام حبيبة ( لا تعرضن علي بناتكن و لا اخواتكن ) و لان التربية لا تأثير لها في التحريم كسائر المحرمات ، فأما الآية فلم تخرج مخرج الشرط و إنما وصفها بذلك تعريفا لها بغالب حالها و ما خرج مخرج الغالب لا يصح التمسك بمفهومه .و ان لم يدخل بالمرأة لم تحرم عليه بناتها في قول عامة علماء الامصار إذا بانت من نكاحه الا أن يموت قبل الدخول ففيه روايتان [ احداهما ] تحرم ابنتها و به قال زيد بن ثابت و هي اختيار أبي بكر لان الموت أقيم مقام الدخول في تكميل العدة و الصداق فيقوم مقامه في تحريم الربيبة ( و الثانية ) لا تحرم و هو قول علي و مذهب عامة العلماء قال ابن المنذر و أجمع عوام علماء الامصار أن الرجل إذا تزوج المرأة ثم طلقها أو ماتت قبل الدخول بها جاز له أن يتزوج ابنتها كذلك قال مالك و الثوري و الاوزاعي
(474)
فروع في تحريم نكاح الربيبة
و الشافعي و أحمد و إسحاق و أبو ثور و من تبعهم لان الله تعالى قال ( من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ) و هذا نص لا يترك لقياس ضعيف و حديث عبد الله ابن عمرو قد ذكرناه ، و لانها فرقة قبل الدخول فلم تحرم الربيبة كفرقة الطلاق و الموت لا يجري مجرى الدخول في الاحصان و الاحلال وعدة الاقراء ، و قيامه مقامه من وجه ليس بأولى من مفارقته إياه من وجه آخر و لو قام مقامه من كل وجه فلا يترك صريح نص الله تعالى و نص رسوله لقياس و لا غيره .إذا ثبت هذا فان الدخول بها هو وطؤها كنى عنه بالدخول فان خلا بها و لم يطأها لم تحرم ابنتها لانها مدخول بها ، و ظاهر قول الخرقي تحريمها لقوله فان خلا بها و قال لم أطأها و صدقته لم يلتفت إلى قولها وكان ن حكمها حكم الدخول في جميع أمورها إلا في الرجوع إلى زوج طلقها ثلاثا و في الزنا فانهما يجلدان و لا يرجمان و سنذكره فيما بعد ان شاء الله ( الثالثة ) حلائل الابناء يعني أزواجهم سميت إمرأة الرجل حليلة لانها محل إزار زوجها و هي محللة له ، فيحرم على الرجل أزواج أبنائه و أبناء بنانه من نسب أو رضاع قريب كان أو بعيدا بمجرد العقد لقوله تعالى ( و حلائل أبنائكم ) و لا نعلم في هذا خلافا ( الرابعة ) زوجات الاب فتحرم على الرجل إمرأة أبيه قريبا كان أو بعيدا وارثا كان أو غير وارث من نسب أو رضاع لقوله تعالى ( و لا تنكحوا ما نكح أباؤهم من النساء إلا ما قد سلف ) و قال البراء بن عازب لقيت خالي و معه الراية فقلت أين تريد ؟ قال أرسلني
(475)
بيان ما يحرم بالرضاع
رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى رجل تزوج إمرأة أبيه من بعده ان اضرب عنقه أو أقتله رواه النسائي و في رواية قال لقيت عمي الحارث بن عمرو و معه الراية فذكر الخبر كذلك رواه سعيد و غيره و سواء في هذا إمرأة أبيه أو إمرأة جده لابيه وجده لامه قرب أم بعد ، و ليس في هذا بين أهل العلم خلافا علمناه و الحمد لله ، و يحرم عليه من وطئها أبوه أو ابنه يملك يمين أو شبهة كما يحرم عليه من وطئها في عقد نكاح قال ابن المنذر الملك في هذا و الرضاع بمنزلة النسب ، و من حفظنا ذلك عنه عطاء و طاووس و لا حسن و ابن سيرين و مكحول و قتادة و الثوري و الاوزاعي و أبو عبيد و أبو ثور و أصحاب الرأي و لا نحفظ عن أحد خلافهم ( الضرب الثاني ) تحريم الجمع و المذكور في الكتاب الجمع بين الاختين سواء كانتا من نسب أو رضاع حرتين كانتا أو أمتين أو حرة و أمة من أبوين كانتا أؤمن أب أو أم و سواء في هذا ما قبل الدخول أو بعده لعموم الآية فان تزوجهما في عقد واحد فسد لانه لا مزية لاحداهما على الآخرة و سواء علم بذلك حال العقد أو بعده فاان تزوج احداهما بعد الاخرى فنكاح الاولى صحيح لانه لم يحصل فيه جمع و نكاح الثانية باطل لان به يصحل الجمع و ليس في هذا بحمد الله اختلاف و ليس عليه تفريع ( مسألة ) ( و يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) كل إمرأة حرمت من النسب حرم مثلها من الرضاع وهن الامهات و البنات و الاخوات و العمات