المغني تأليف الشيخ الامام العلامة موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمود بن قدامة المتوفى سنة 630 ه على مختصر الامام أبي القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقي المتوفى سنة 334 ه ويليه الشرح الكبير على متن المقنع ، تأليف الشيخ الامام شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد ابن قدامة المقدسي المتوفى سنة 682 ه كلاهما على مذهب امام الائمة ( أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ) مع بيان خلاف سائر الائمة و أدلتهم رضي الله عنهم الجزء السابع ( تنبيه ) وضعنا كتاب المغني في أعلى الصحائف و الشرح الكبير في أدناها مفضولا بينهما بخط عرضي دار الكتاب العربي للنشر و التوزيع
(2)
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الفرائض روى أبو داود باسناده عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( العلم ثلاثة و ما سوى ذلك فهو فضل : آيه محكمة و سنة قائمة و فريضة عادلة ) و عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( تعلموا الفرائض و علموه فانه نصف العلم و هو ينسى و هو أول شيء ينتزع من أمتي ) أخرجه ابن ماجه .و يروى عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( تعلموا الفرائض و علموها الناس فاني امرؤ مقبوض و ان العلم سيقبض حتى يختلف الرجلان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما ) و روى سعيد عن جرير بن عبد الحميد عن الاعمش عن إبراهيم قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله
(3)
حجب الاخ والاخت بالابن وابن الابن وبالاب . أسباب التوارث
عنه : تعلموا الفرائض فانها من دينكم ، و عن جرير عن عاصم الاحول عن مورق العجلي قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعلموا الفرائض و اللحن و السنة كما تعلمون القرآن .و قال حدثنا أبو الأَحوص أخبرنا أبو إسحاق عن أبي الاحوص عن عبد الله قال : من تعلم القرآن فليتعلم الفرائض و روى جابر بن عبد الله قال : جاءت إمرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بابنتيها من سعد فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا و ان عمهما أخذ مالهما و لا ينكحان الا و لهما مال قال فنزلت آيه الميراث فأرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عمهما فقال ( اعط إبنتي سعد الثلثين و أمهما الثمن و ما بقي فهو لك ) رواه أحمد في مسنده ( مسألة ) قال أبو القاسم رحمه الله ( و لا يرث أخ و لا أخت لاب وأم أو لاب مع ابن و لا مع ابن ابن و ان سفل و لا مع أب ) أجمع أهل العلم على هذا بحمد الله و ذكر ذلك ابن المنذر و غيره ، و الاصل في هذا قول الله تعالى ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ان امرؤ هلك ليس له ولد و له أخت فلها نصف ما ترك و هو يرثها ان لم يكن لها ولد ) الآية .و المراد بذلك الاخوة و الاخوات من الابوين أو من الاب بلا خلاف بين أهل العلم ، و لانه قال و هو يرثها ان لم يكن لها ولد و هذا حكم العصبة و اقتضت الآية أنهم لا يرثون مع الولد و الوالد لان الكلالة من لا ولد له و لا والد ، خرج من ذلك البنات و الام لقيام الدليل على ميراثهم معهما بقي ما عداهما على ظاهره ، فيسقط ولد الابوين ذكرهم و أنثاهم بثلاثة بالابن و ابن الابن
(4)
حجب الاخ والاخت لام بالولد وولد الابن والاب والجد
و ان سفل و بالاب ، و يسقط ولد الاب بهؤلاء الثلاثة و بالاخ من الابوين لما روي عن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قضى بالدين قبل الوصية و لان أعيان بني الام يتوارثون دون بني العلات يرث الرجل أخاه لابيه و أمه دون أخيه لابيه .أخرجه الترمذي ( مسألة ) قال ( و لا يرث أخ و لا أخت لام مع ولد ذكرا كان الولد أو أنثى و لا مع ولد الابن و لا مع أب و لا مع جد ) و جملة ذلك أن ولد الام ذكرهم و أنثاهم يسقطون بأربعة بالولد و ولد الابن و الاب و الجد أب الاب و ان علا ، أجمع على هذا أهل العلم فلا نعلم أحدا منهم خالف هذا الا رواية شذت عن ابن عباس في أبوين و أخوين لام للام الثلث و للاخوين الثلث ، و قيل عنه لهما ثلث الباقي و هذا بعيد جدا قال ابن عباس يسقط الاخوة كلهم بالجد فكيف يورث ولد الام مع الاب ؟ و لا خلاف بين أهل العلم في أن ولد الام يسقطون بالجد فكيف يرثون مع الاب ؟ و الاصل في هذه الجملة قول الله تعالى ( و ان كان رجل يورث كلالة أو إمرأة و له أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ، فان كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ) و المراد بهذه الآية الاخ و الاخت من الام بإجماع أهل العلم ، و في قراءة سعد بن أبي وقاص و له أخ أو أخت من أم ، و الكلالة في قول الجمهور من ليس له ولد و لا والد فشرط في توريثهم عدم الولد و الوالد ، و الولد يشمل الذكر و الانثى و الوالد يشمل الاب و الجد
(5)
بيان الكلالة ومعناها وقول أهل العلم فيها
( فصل ) اختلف أهل العلم في الكلالة فقبل : الكلالة اسم للورثة ما عدا الوالدين و المولودين نص احمد على هذا ، و روي عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : الكلالة من عدا الولد و الوالد و احتج من ذهب إلى هذا بقول الفرزدق في بني أمية ورثتم قناة المجد لا عن كلالة عن ابني مناف عبد شمس و هاشم و اشتقاقه من الاكليل الذي يحيط بالرأس و لا يعلو عليه فكأن الورثة ما عدا الولد و الوالد قد أحاطوا بالميت من حوله لا من طرفيه أعلاه و أسفله كاحاطة الاكليل بالرأس فأما الوالد و الولد فهما طرفا الرجل فإذا ذهبا كان بقية النسب كلالة قال الشاعر فيكف باطرافي إذا ما شتمتنى و ما بعد شتم الوالدين صلوح و قالت طائفة الكلالة اسم للميت نفسه الذي لا ولد له و لا والد يروى ذلك عن عمر و علي و ابن مسعود ، و قيل الكلالة قرابة الام و احتجوا بقول الفرزدق الذي أنشدناه عني انكم ورثتم الملك عن آبائكم لا عن أمهاتكم ، و يروى عن الزهري أنه قال الميت الذي لا ولد له و لا والد كلالة و يسمى وارثه كلالة و الآيتان في سورة النساء و المراد بالكلالة فيهما الميت و لا خلاف في أن اسم الكلالة يقع على الاخوة من الجهات كلها ، و قد دل على صحة ذلك قول جابر يا رسول الله كيف الميراث ؟ انما يرثني كلالة فجعل الوارث هو الكلالة و لم يكن لجابر يومئذ ولد و لا والد ، و ممن ذهب إلى أنه يشترط في الكلالة عدم الولد و الوالد زيد و ابن عباس و جابر بن زيد و الحسن و قتادة و النخعي و أهل المدينة
(6)
تعصيب الاخوات للبنات . ميراث ذوي الفروض
و البصرة و الكوفة ، و يروى عن ابن عباس أنه قال الكلالة من لا ولد له ، و يروى ذلك عن عمر و الصحيح عنهما كقول الجماعة ( مسألة ) قال ( و الاخوات مع البنات عصبة لهن ما فضل و ليست لهن معهن فريضة مسماة ) العصبة هو الوارث بغير تقدير و إذا كان معه ذو فرض أخذ ما فضل عنه قل أو كثر و ان انفرد أخذ الكل ، و ان استغرقت الفروض المال سقط ، و المراد بالاخوات ههنا الاخوات من الابوين أو من الاب لانه قد ذكر أن ولد الام لا ميراث لهم مع الولد و هذا قول عامة أهل العلم يروى ذلك عن عمر و علي و زيد و ابن مسعود و معاذ و عائشة رضي الله عنهم و اليه ذهب عامة الفقهاء الا ابن عباس و من تابعه فانه يروى عنه أنه كان لا يجعل الاخوات مع البنات عصبة فقال في بنت و أخت : للبنت النصف و لا شيء للاخت فقيل له ان عمر قضى بخلاف ذلك جعل للاخت النصف فقال ابن عباس أنتم أعلم أم الله ؟ يريد قول الله سبحانه ( ان امرؤ هلك ليس له ولد و له اخت فلها نصف ما ترك ) فانما جعل لها الميراث بشرط عدم الولد ، و الحق فيما ذهب اليه الجمهور فان ابن مسعود قال في بنت و بنت ابن و أخت لاقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه و سلم للبنت النصف و لبنت الابن السدس و ما بقي فللاخت رواه