يجز للسملم نكاحها كما لو كان أبوها و ثنيا و لانها مولودة بين من يحل و بين من لا يحل فلم يحل كالسمع والبلغ و يحتمل أن تحل بكل حال لدخولهما في عموم الآية المبيحة و لانها كتابية تقر على دينها فأشبهت من أبواها كتابيان و الحكم فيمن أبواها كتابين كالحكم فيمن أحد أبويها كذلك لانها إذا حرمت لكون أحد أبويها و ثنيا فلان ترحم إذا كانا و ثنيين أولى و الاحتمال الذي ذكرناه ثم تتحقق ههنا اعتبار الحال نفسها دون أبويها ( مسألة ) قال ( و إذا تزوج كتابية فانتقلت إلى دين آخر من الكفر دين أهل الكتاب أجبرت على الاسلام فان لم تسلم حتى انقت عدتها انفسخ نكاحها ) الكلام في هذه المسألة في فصول أربعة ( الاول ) أن الكتابي إذا انتقل إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر عليه لا نعلم في هذا خلافا فامه إذا انتقل إلى دين لا يقر أهله بالجزية كعبادة الاوثان و غيرها مما يستحسنه فالاصلي منهم لا يقر على دينه فالمنتقل اليه أولى ، و ان انتقل إلى المجوسية لم يقر أيضا لانه انتقل إلى أنقص من دينه فلم يقر عليه كالمسلم إذا ارتد فاما ان انتقل إلى دين آخر من دين أهل الكتاب كاليهودي ينتصر أو النصراني يهود ففيه روايتان ( احداهما ) لا يقر أيضا لانه انتقل إلى دين باطل قد أقر ببطلانه فلم يقر عليه كالمرتد ( و الثانية ) يقر عليه نص عليه احمد و هو ظاهر كلام الخرقي و اختيار الخلال و صاحبه و قول أبي حنيفة لانه لم يخرج عن دين أهل الكتاب فأشبه
(505)
فروع في نكاح المنتقل من دينه إلى دين آخر
المنتقل و للشافعي قولان كالروايتين فاما المجوسئ إذا انتقل إلى دين لا يقر أهله عليه لم يقركاهل ذلك الدين و ان انتقل إلى دين أهل الكتاب خرج فيه الروايتان و سواء فيما ذكرنا الرجل و المرأة لعموم قوله عليه السلام ( من بدل دينة فاقتلوه ) و لعموم المعني الذي ذكرناه فيهما جميعا ( الفصل الثاني ) ان المتنق إلى دين أهل الكتاب لا يقبل منه إلا الاسلام نص عليه احمد و اختاره الخلال و صاحبه و هو أحد أقوال الشافعي لان أديان باطلة قد أفر يبطلانها فلم يقر عليها كالمرتد ، و عن أحمد أنه لا يقبل الا الاسلام أو الدين الذي كان عليه لان دينه الاول قد أقررناه عليه مرة و لم ينتقل إلى خير منه فنقره عليه ان رجع اليه و لانه منتقل من دين يقر أهله عليه إلى دين لا يقر أهله عليه فيقبل منه الرجوع اليه كالمرتد إذا رجع إلى الاسلام ، و عن احمد رواية ثالثة أنه يقبل منه أحد ثلاثة أشياء .الاسلام أو الرجوع إلى دينه ا الاول ، أو دين يقر أهله عليه لعموم قوله تعالى ( حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون ) و ان انتقل إلى دين أهل الكتاب و قلنا لا يقر ففيه الروايتان ( احداهما ) لا يقبل منه إلا الاسلام ، و الآخرى لا يقبل منه إلا الاسلام أو الدين الذي كان عليه ( الفصل الثالث ) في صفة إجباره على ترك ما انتقل اليه و فيه روايتان ( أحدهما ) أنه يقتل ان لم يرجع رجلا كان أو امرأة لعموم قوله عليه السلام ( من بدل دينه فاقتلوه ) و لانه ذمي نقض العهد فأشبه ما لو نقضه بترك التزام الذمة و هل يستتاب ؟ يحتمل وجهين
(506)
حل الامة الكتابية لسيدها دون المجوسية
( أحدهما ) يستتاب لانه يسترجع عن دين باطل انتقل اليه فيستتاب كالمرتد ( و الثاني ) لا يستتاب لانه كافرأ صلي أبيح قتله فأشبه الحربي ، فعلى هذا إن بادر و أسلم أو رجع إلى ما يقر عليه عصم دمه و إلا قتل ( و الرواية الثانية ) عن أحمد قال إذا دخل اليهودي في النصرانية رددته إلى اليهودية و لم أدعه فيما انتقل اليه فقيل له أ تقتله ؟ قال لا و لكن يضرب و يحبس قال و إن كان نصرانيا أو يهوديا فدخل في المجوسية كان أغلظ لانه لا تؤكل ذبيحته و لا تنكح له إمرأة و لا يتر ك حتى يرد إليها فقيل له تقتله إذا لم يرجع ؟ قال انه لاهل ذلك و هذا نص في أن الكتابي المنتقل إلى دين آخر من دين أهل الكتاب لا يقتل بل يكره بالضرب و الحبس ( الفصل الرابع ) ان إمرأة المسلم الذمية إذا انتقلت إلى دين دين أهل الكتاب فهي كالمرتدة لان دين أهل الكتاب لا يحل نكاح نسائهم فمتى كان قبل الدخول انفسخ نكاحها في الحال و لا مهر لها لان الفسخ من قبلها ، و إن كان بعده وقف على انقضاء العدة في إحدى الروايتين و الاخرى ينفسخ في الحال أيضا .( مسألة ) قال ( و أمته الكتابية حلال له دون أمته المجوسية ) الكلام في هذه المسألة في فصلين ( أحدهما ) أن أمته الكتابية حلال له و هذا قول عامة أهل العلم إلا السحن فانه كرهه لان الامة الكتابية يحرم نكاحها فحرم التسري بها كالمجوسية
(507)
كل ملة حرم نكاح حرائرها يحرم نكاح إمائها
و لنا قول الله تعالى ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم ملومين ) و لانها ممن يحل نكاح حرائر هم فحل له التسري بها كالمسلمة ، فأما نكاحها فيحرم لان فيه ارقاق ولده و إبقائه مع كافرة بخلاف التسري ( الفصل الثاني ) أن من حرم نكاح حرائرهم من المجوسيات و سائر الكوافر سوى أهل الكتاب لا يباح وطء الاماء منهن بملك اليمين في قول أكثر أهل العلم منهم مرة الهمذاني و الزهري و سعيد بن جبير و الاوزاعي و الثوري و أبو حنيفة و مالك و الشافعي قال ابن عبد الله على هذا جماعة فقهاء الامصار و جمهور العلماء و ما خالفه فشذوذ لا يعد خلافا و لم يبلغنا إباحة ذلك الا عن طاوس ، و وجه قوله عموم قوله تعالى ( و المحصنات من النساء الا ما ملكت أيمانكم ) و الآية الاخرى .روى أبو سعيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثا يوم حنين بعثا قبل أوطاس فأصابوا منهم سبايا وكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز و جل في ذلك ( و المحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) قال فهن لهم حلال إذا انقصت عدتهن ، و عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في سبايا أو طاس ( لا توطأ حامل حتى تضع ، و لا ذات حمل حتى تحيض حيضة ) رواهما أبو داود و هو حديث صحيح و هم عبدة أوثان و هذا ظاهر في اباحتهن و لان الصحابة في عصر النبي صلى الله عليه و سلم
(508)
تحريم الامة الكتابية على المسلم ولو كان عبدا
كان أكثر سباياهم من كفار العرب و هم عبدة أوثان فلم يكونوا يرون تحريمهن لذلك و لا نقل عن النبي صلى الله عليه و سلم تحريمهن و لا أمر الصحابة باجتنابهن .و قد دفع أبو بكر إلى سلمة بن الاكوع إمرأة من بعض السبي نفلها إياه ، و أخذ عمرو ابنه من سبي هوازن و غيرهما من الصحابة و الحنيفة أم محمد بن الحنيفة من سبي بني حنيفة و قد أخذ الصحابة سبايا فارس و هم مجوس فلم يبلغنا أنهم اجتنبوهن و هذا ظاهر في اباحتهن لو لا اتفاق أهل العلم على خلافه و قد أجبت على حديث أبي سعيد بأجوبة منها انه يحتمل أنهن أسلمن كذلك .روي عن احمد أنه سأله محمد بن الحكم قال : قلت لابي عبد الله هوازن أ ليس كانوا عبدة أوثان ؟ قال لا أدري كانوا أسلموا أولا و قال ابن عبد الله إباحة وطئهن منسوخة بقوله تعالى ( و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) ( مسألة ) قال ( و ليس للمسلم و إن كان عبدا أن يتزوج أمة كتابية ) لان الله تعالى قال ( من فتياتكم المؤمنات ) هذا ظاهر مذهب أحمد رواه عنه جماعة و هو قول الحسن و الزهري و مكحول و مالك و الشافعي و الثوري و الازواعي و الليث و إسحاق .و روي ذلك عن عمر و ابن مسعود و مجاهد ، و قال أبو ميسرة و أبو حنيفة يجوز للمسلم نكاحها لانها تحل بملك اليمين فحلت بالنكاح كالمسلمة
(509)
حكم تزوج المسلم الامة المسلمة وما يشترط له
و نقل ذلك عن أحمد قال لا بأس بتزويجها الا أن الخلال رد هذه الرواية و قال توقف احمد فيها و لم ينفذ له قول و مذهبه انها لا تحل لقول الله ( فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ) نشرط في إباحة نكاحهن الايمان و لم يوجد ، و تفارق المسلمة لانه لا يؤذي إلى استرقاق الكافر ولدها لان الكافر لا يقر ملكه على مسلمة و الكافرة تكون ملكا لكافر و بقر ملكه عليها و ولدها مملوك لسيدها و لانه عقد اعتوره نقصان نقص الكفر و الملك فإذا اجتمعا منعا كالمجوسية لما اجتمع فيها نقص الكفر و عدم الكتاب لم يبح نكاحها ، و لا فرق بين الحر و العبد في تحريم نكاحها لعموم ما ذكرنا من الدليل و لان ما حرم على الحر تزويجه لاجل دينه حرم على العبد كالمجوسية ( مسألة ) قال ( و لا لحر مسلم أن يتزوج أمة مسلمة الا أن لا يجد طولا لحرة مسلمة و يخاف العنت ) الكلام في هذه المسألة في شيئين ( أحدهما ) انه يحل له نكاح الامة المسلمة إذا وجد فيه الشرطان عدم الطول و خوف العنت ، و هذا قول عامة العلماء لا نعلم بينهم اختلافا فيه ، و الاصل فيه قول الله سبحانه ( و من لم يستطع منكم طولا ) الآية ، و الصبر عنها مع ذلك خير و أفضل لقول الله تعالى ( و ان تصبروا خير لكم ) [ و الثاني ] إذا عدم الشرطان أو أحدهما لم يحل نكاحها لحر ، روي ذلك عن جابر و ابن عباس و به قال عطاء و طاووس و الزهري و عمرو بن دينار و مكحول و مالك و الشافعي و إسحاق
(510)
و قال مجاهد مما وسع الله على هذه الامة نكاح الامة و ان كان موسرا و به قال أبو حنيفة الا أن يكون تحته حرة لان القدرة على النكاح لا تمنع النكاح كما يمنعه وجود النكاح كنكاح الاخت و الخامسة و قال قتادة و الثوري إذا خاف العنت حل له نكاح الامة و ان وجد الطول لان إباحتها لضرورة خوف العنت و قد وجدت فلا يندفع إلا بنكاح الامة فأشبه عادم الطول و لنا قول الله تعالى ( و من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات - إلى قوله - ذلك لمن خشي العنت منكم ) فشرط في نكاحها عدم استطاعة الطول فلم يجز مع الاستطاعة كالصوم في كفارة الظهار مع عدم استطاعة الاعتاق و لان في تزويج الامة إرقاق ولده مع الغنى عنه فلم يجز كما لو كان تحته حرة ، و قياسهم ليس بصحيح فان نكاح الخامسة و الاخت انما حرم لا جل الجمع و بالقدرة على الجمع لا يصير جامعا و العلة ههنا هو الغنى عن إرقاق ولده و ذلك يحصل بالقدرة على نكاح الحرة ، و أما من يجد الطول و يخاف العنت فان كان ذلك لكونه لا يجد إلا حرة صغيرة أو غائبة أو مريضة لا يمكن وطؤها أو وجد ما لا و لم يتزوج لقصور نسبه فله نكاح الامة لانه عاجز عن حرة تعفه ، و ان كانت الحرة في حبالة غيره فله نكاح أمة نص عليه أحمد في الغائبة و هو ظاهر مذهب الشافعي .و قال بعضهم لا يجوز لوجدان الطول و لنا انه مستطيع الطول إلى حرة تفعه فأشبه من لا يجد شيئا ، ألا ترى ان الله سبحانه جعل ابن