مما لا تتعذر اقامة البينة عليه لانه أمر ظاهر فإذا ثبت ذلك كان القول قوله في التلف مع يمينه و لا يحتاج إلي بينة لانه تتعذر اقامة البينة فلم يطالب بها كما لو ادعى التلف بأمر خفي و هذا قول الشافعي و الحكم في إخراجها من الخريطة و الصندوق حكم إخراجها من البيت على ما مضى من التفصيل فيه ( فصل ) و لو أمره أن يجعلها في منزله فتركها في ثيابه و خرج بها ضمنها لان البيت أحرز لها ، و ان جاءه بها في السوق فقال احفظها في بيتك فقام بها في الحال فتلفت فلا ضمان عليه ، و ان تركها في دكانه أو ثيابه و لم يحملها إلى بيته مع إمكانه فتلفت ضمنها لان بيته أحرز لها هكذا قال أصحابنا ، و يحتمل أنه متى تركها عنده إلى وقت مضيه إلى منزله في العادة فتلفت لم يضمنها لان العادة أن الانسان إذا أودع شيئا و هو في دكانه أمسكه في دكانه أو في ثيابه إلى وقت مضيه إلى منزله فيستصحبه معه و المودع عالم بهذه الحالة راض بها و لو لم يرض بها لشرط عليه خلافها و أمره بتعجيل حملها فاما أن يقبلها بهذا الشرط أو يردها و ان قال اجعلها في كمك فجعلها في جيبه لم يضمنها لان الجيب أحرز لها لانه انما ربما نسي فيسقط الشيء من كمه بخلاف الجيب و ان قال اجعلها في جيبك فتركها في كمه ضمنها لذلك و ان جعلها في يده ضمن أيضا كذلك و ان قال اجعلها في كمك فتركها في يده ففيه وجهان أحدهما يضمن لان سقوط الشيء من اليد مع النسيان أكثر من سقوطه من الكم و الثاني لا يضمن لان اليد لا يتسلط عليها الطرار بالبط و الحكم بخلافه و لان كل واحد منهما أحرز من وجه فيتساويان و لمن نصر الوجه الاول أن يقول متى كان كل واحد منهما أحرز من وجه وجب أن يضمن لانه فوت الوجه المأمور بالحفظ به و أتى بما لم يؤمر به فضمن لمخالفته و على هذا لو أمر بتركها في يده فجعلها في كمه ضمن لذلك ، و قال القاضي اليد أحرز عند المغالبة فعلى هذا إن أمر بتركها في يده فشدها في كمه عند المغالبة فلا ضمان عليه ، و إن فعل ذلك عند المغالبة ضمن و إن أمره بشدها في كمه فأمسكها في يده عند المغالبة لم يضمن و ان فعل ذلك عند المطالبة ضمن و إن أمره بحفظها مطلقا فتركها في جيبه أو شدها في كمه لم يضمنها و ان تركها في كمه مشدودة و كانت خفيفة لا يشعر بها إذا سقطت ضمنها لانه مفرط و ان كانت ثفيلة يشعر بها لم يضمنها لان هذا عادة
(288)
الناس في حفظ أموالهم فان شدها على عضده لم يضمنها لان ذلك أحفظ لها ، و قال القاضي ان شدها من جانب الجيب لم يضمن و إن شدها من الجانب الآخر ضمنها لان الطرار يقدر على بطها بخلاف ما إذا شدها مما بلي الجيب و هذا يبطل بما إذا تركها في جيبه أو شدها في كمه فان الطرار يقدر على بطها و لا يضمن و ليس إمكان إحرازها بأحفظ الحرزين مانعا من إحرازها بما دونه إذا كان حرزا بمثلها و شدها على العضد حرز لها كيفما كان لان الناس يحرزون به أموالهم فأشبه شدها في الكم و تركها في الجيب و لكن لو أمره بشدها مما يلي الجيب فشدها من الجانب الآخر ضمن و ان أمره بشدها مما يلي الجانب الآخر فشدها مما يلي الجيب لم يضمن لانه احرز و ان أمره بشدها على عضده مطلقا أو امره بحفظها معه فشدها من أي الجانبين كان لم يضمن لانه ممنثل أمر مالكها محرز لها بحرز مثلها و ان شدها على وسطه فهو أحرز لها و كذلك ان تركها في بيته في حرزها .( فصل ) و ان أمره أن يجعلها في صندوق و قال لا تقفل عليها و لا تنم فوقها فخالفه في ذلك أو قال لا تقفل عليها الا قفلا واحدا فجعل عليها قفلين فلا ضمان عليه ذكره القاضي و هو ظاهر مذهب الشافعي و حكي عن مالك أنه يضمن لانه خالف ربها في شيء له فيه غرض يتعلق بحفظها فأشبه ما لو نهاه عن إخراجها عن منزله فأخرجها لغير حاجة و ذلك لان النوم عليها و ترك قفلين عليها و زيادة الاحتفاظ بها ينبه اللص عليها و يحثه على الجد في سرقتها و الاحتيال لاخذها و لنا أن ذلك احرز لها فلا يضمن بفعله كما لو أمره بتركها في صحن الدار فتركها في البيت بهذا ينتقض ما ذكروه .( فصل ) إذا قال اجعلها في هذا البيت و لا تدخله أحدا فأدخل اليه قوما فسرقها أحدهم ضمنها لانها ذهبت بتعديه و مخالفته و سواء سرقها حال إدخالهم أو بعده لانه ربما شاهد الوديعة في دخوله البيت و علم موضعها و طريق الوصول إليها و ان سرقها من لم يدخل البيت فقال القاضي لا يضمن لان فعله لم يكن سببا xلاتلافها و يحتمل ان يلزمه الضمان لان الداخل ربما دل عليها من لم يدخل و لانها
(289)
مخالفة فوجب الضمان إذا كانت سببا xلاتلافها فأوجبته و ان لم تكن سببا كما لو نهاه عن إخراجها فأخرجها لغير حاجة .( فصل ) إذا قال ضع هذا الخاتم في الخنصر فوضعه في البنصر لم يضمنه لانها أغلظ و أحفظ له إلا أن لا يدخل فيها فيضعه في أنملتها العليا فيضمنه أو ينكسر بها لغلظها عليه فيضمنه أيضا لان مخالفته سبب لتلفه .( مسألة ) قال ( و إذا أودعه شيئا ثم سأله دفعه اليه في وقت أمكنه ذلك فلم يفعل حتى تلف فهو ضامن ) لا خلاف في وجوب رد الوديعة على مالكها إذا طلبها فأمكن أداؤها اليه بغير ضرورة و قد أمر الله تعالى بذلك فقال تعالى ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها ) و امر به رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ( أد الامانة إلى من ائتمنك و لا تخن من خانك ) يعني عند طلبها و لانها حق لمالكها لم يتعلق بها حق غيره فلزم أداؤها اليه كالمغصوب و الدين الحال فان امتنع من دفعها في هذه الحال فتلفت ضمنها لانه صار غاصبا لكونه أمسك مال غيره بغير إذنه بفعل محرم فأشبه الغاصب فأما ان طلبها في وقت لم يمكن دفعها اليه لبعدها أو لمخافة في طريقها أو للعجز عن حملها أو ذلك لم يكن متعديا بترك تسليمها لان الله تعالى لا يكلف نفسا الا وسعها و إن تلفت لم يضمنها لعدم عدوانه و ان قال أمهلوني حتى أقضي صلاتي أو آكل فاني جائع أو أنام فأني ناعس أو ينهضم عني الطعام فاني ممتل أمهل بقدر ذلك .( فصل ) و ليس على المستودع مؤنة الرد و حملها إلى ربها إذا كانت مما لحمله مؤنة قلت المؤنة أو كثرت لانه قبض العين لمنفعة مالكها على الخصوص فلم تلزمه الغرامة عليها كما لو وكله في حفظها في ملك صاحبها و انما عليه التمكين من أخذها و ان سافر بها تغير إذن ربها فعليه ردها إلى بلدها لانه بعدها بغير اذن ربها فلزمه ردها كالغصب ( مسألة ) قال ( و إذا مات و عنده وديعة لا تتميز من ماله فصاحبها غريم بها ) و جملته أن الرجل إذا مات و ثبت أن عنده وديعة لم توجد بعينها فهي دين عليه يغرم من تركته فان كان عليه دين سواها فهي و الدين سواء فان وفت تركته بهما و إلا اقتسماها بالحصص و بهذا قال
(290)
الشعبي و النخعي و داود بن أبي هند و مالك و الشافعي و أبو حنيفة و أصحابه و إسحاق و روى ذلك عن شريح و مسروق و عطاء و طاووس و الزهري و أبي جعفر محمد بن علي ، و روي عن النخعي الامانة قبل الدين و قال الحارث العكلي : الدين قبل الامانة و لنا أنهما حقان وجبا في ذمته فتساويا كالدينين و سواء وجد في تركته من جنس الوديعة أو لم يوجد و هذا إذا أقر المودع ان عندي وديعة أو علي وديعة لفلان أو ثبت بينة أنه مات و عنده وديعة فأما إن كانت عنده وديعة في حياته و لم توجد بعينها و لم يعلم هل هي باقية عنده أو تلفت ؟ ففيه وجهان ( أحدهما ) وجوب ضمانها لان الوديعة يجب ردها الا أن يثبت سقوط الرد بالتلف من تعد و لم يثبت ذلك و لان الجهل بعينها كالجهل بها و ذلك لا يسقط الرد ( و الثاني ) لا ضمان عليه لان الوديعة أمانة و الاصل عدم إتلافها و التعدي فيها فلم يحب ضمانها و هذا قول ابن أبي ليلي واحد الوجهين لاصحاب الشافعي و ظاهر المذهب الاول لان الاصل وجوب الرد فيبقى عليه ما لم يوجد ما يزيله ( فصل ) و ان مات و عنده وديعة معلومة بعينها فعلى ورثته تمكين صاحبها من أخذها فان لم يعلم بمو ت صاحبها من أ خدها وجب عليهم إعلامه بها و ليس لهم إمساكها قبل أن يعلم بها ربها لانه لم يأتمنهم عليها و انما حصل مال غيرهم في أيديهم بمنزلة من أطار ت الريح إلى داره ثوبا و علم به فعليه إعلام صاحبه به فان أخر ذلك مع الامكان ضمن كذا هاهنا و لا تثبت الوديعة إلا بإقرار من الميت أو ورثته أو ببينة تشهد بها و ان وجد عليها مكتوب وديعة لم يكن حجة عليهم لجواز أن يكون الظرف كانت فيه وديعة قبل هذا أو كان وديعة لموروثهم عند غيره أو كانت وديعة فابتاعها و كذلك لو وجد في رز مانج أبيه ان لفلان عندي وديعة لم يلزمه بذلك لجواز أن يكون قد ردها و نسي الضرب على ما كتب أو ذلك .( مسألة ) قال ( و إذا طالبه بالوديعة فقال ما أودعتني ثم قال ضاعت من حرز كان ضامنا لانه خرج من حال الامانة و لو قال مالك عندي شيء ثم قال ضاعت من حرز كان القول قوله و لا ضمان عليه و جملة ذلك أنه إذا ادعى على رجل وديعة فقال ما أودعتني ثم ثبت أنه أودعه فقل أودعتني و هلكت من حرزي لم يقل قوله و لزمه ضمانها و بهذا قال مالك و الاوزاعي و الشافعي و إسحاق و أصحاب الرأي لانه مكذب لانكاره الاول و معترف على نفسه بالكذب المنافي للامانة و ان أقر له بتلفها من حرزه قبل جحده فلا ضمان عليه و ان أقر أنها تلفت بعد جحوده لم يسقط عنه
(291)
الضمان لانه خرج بالجحود عن الامانة فصار ضامنا كمن طولب بالوديعة فامتنع من ردها و ان أقام البينة بتلفها بعد الجحود لم يسقط عنه الضمان لذلك و ان شهدت بتلفها قبل الجحود من الحرز فهل تسمع بينته ؟ ففيه وجهان ( أحدهما ) لا تسمع لانه مكذب لها بإنكاره الايداع ( و الثاني ) تسمع بينته لان المودع لو اعترف بذلك سقط حقه فتسمع البينة به فان شهدت بالتلف من الحرز و لم تعين قبل الجحود و لا بعده و احتمل الامرين لم يسقط الضمان لان الاصل وجوبه فلا ينتفي بأمر متردد و أما إذا ادعى الوديعة فقال مالك عندي شيء أولا تستحق علي شيئا فقالت البينة بالايداع أو أقر به المودع ثم قال ضاعت من حرز كان القول قوله مع يمينه و لا ضمان عليه لان قوله لا ينافي ما شهدت به البينة و لا يكذبها فان من تلفت الوديعة من حرزه بغير تفريطه فلا شيء لمالكها عنده و لا يستحق عليه شيئا لكن ان ادعى تلفها بعد جحوده أو قامت بينة بتلفها بعد الجحود و انها كانت عنده حال جحوده فعليه ضمانها لان جحوده أوجب الضمان عليه فصار كالغاصب ( فصل ) إذا نوى الخيانة في الوديعة بالجحود أو الاستعمال و لم يفعل لم يصر ضامنا لانه لم يحدث في الوديعة قولا و لا فعلا فلم يضمن كما لو لم ينو و قال ابن شريح يضمنها لانه أمسكها بينة الخيانة فيضمها كالملتقط بقصد التمليك و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم ( عفي عن أمتي الخطأ و النسيان و ما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل به ) و لانه لم يخن فيها بقول و لا فعل فلم يضمنها كالذي لم ينو و فارق الملتقط بقصد التملك فانه عمل فيها بأخذها ناويا للخيانة فيها فوجب الضمان بفعله المنوي لا بمجرد النية و لو التقطها قاصدا لتعريفها ثم نوى بعد ذلك إمساكها لنفسه كانت كمسئلتنا و لو أخرجها بنية الاستعمال و لم يستعملها ضمنها و بهذا قال الشافعي و قال أبو حنيفة لا يضمنها الا بالاستعمال لانه لو أخرجها لنقلها لم يضمنها و لنا انه تعدى بإخراجها اشبه ما لو استعملها بخلاف ما إذا نقلها ( فصل ) و المودع أمين و القول قوله فيما يدعيه من تلف الوديعة بغير خلاف قال بن المنذر أجمع
(292)
كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة ثم ذكر انها ضاعت أن القول قوله و قال أكثرهم مع يمينه و ان ادعى ردها على صاحبها فالقول قوله مع يمينة أيضا و به قال الثوري و الشافعي و إسحاق و أصحاب الرأي و قال مالك ان كان دفعها اليه بغير بينة و ان كان أودعه إياها ببينة لم يقبل قوله في الرد إلا ببينة .و لنا أنه أمين لا منفعة له في قبضها فقبل قوله في الرد بغير بينة كما لو أودع بغير بينة و ان قال دفعتها إلى فلان بأمرك فأنكر مالكها الاذن في دفعها فالقول قول المودع نص عليه أحمد في رواية ابن منصور و هو قول بن أبي ليلي و قال مالك و الثوري و العنبري و الشافعي و أصحاب الرأي القول قول المالك لان الاصل عدم الاذن و له تضمينه و لنا أنه ادعى دفعا يبرأ به من الوديعة فكان القول قوله كما لو ادعى ردها على مالكها و لو اعترف المالك بالاذن و لكن قال لم يدفعها فالقول قول المستودع أيضا ثم ننظر في المدفوع اليه فان أقر أنه قبضه و كان الدفع في دين فقد بري الكل و ان أنكر فالقول قوله مع يمينه و قد ذكر أصحابنا أن الدافع يضمن لكونه قضى الدين بغير بينة و لا يجب اليمين على صاحب الوديعة لان المودع مفرط لكونه أذن في قضأ يبرئه من الحق و لم يبرأ بدفعه فكان ضامنا سوا صدقه أو كذبه ، و إن أمره بدفعه وديعة لم يحتج إلى بينة لان المودع يقبل قوله في التلف و الرد فلا فائدة في الاشهاد عليه فعلى هذا يحلف المودع و يبرأ و يحلف الآخر و يبرأ أيضا و يكون ذهابها من مالكها ( فصل ) و إذا أودع بهيمة فأمره صاحبها بعلفها و سقيها لزمه ذلك لوجهين ( أحدهما ) لحرمة صاحبها لانه أخذها منه على ذلك ( و الثاني ) لحرمة البهيمة فان الحيوان يجب احياؤه بالعلف و السقي و يحتمل أن لا يلزمه علفها إلا أن يقبل ذلك لان هذا تبرع منه فلا يلزمه بمجرد أمر صاحبها كغير الوديعة ، و إن أطلق و لم يأمره بعلفها لزمه ذلك أيضا و بهذا قال الشافعي و يحتمل أن لا يلزمه ذلك ، و به قال أبو حنيفة لانه استحفظه إياها و لم يأمره بعلفها و العلف على مالكها فإذا لم يعلفها كان هو المفرط في ماله و لنا أنه لا يجوز أتلافها و لا التفريط فيها فإذا أمره بحفظها تضمن ذلك علفها و سقيها ثم ننظر فان
(293)
قدر المستودع على صاحبها أو وكيله طالبه بالانفاق عليها أو بردها عليه أو يأذن له في الانفاق عليها ليرجع به ، فإذا عجز عن صاحبها أو وكيله رفع الامر إلى الحاكم فان وجد لصاحبها ما لا أنفق عليها منه و إن لم يجد ما لا فعل ما يرى لصاحبها الحظ فيه من بيعها أو بيع بعضها و إنفاقه عليها أو اجارتها أو الاستدانة على صاحبها من بيت المال أو من غيره و يدفع ذلك إلى المودع إن أراد ذلك لينفقة عليها و إن رأى دفعه إلى غيره ليتولى الانفاق عليها جاز ، و إن استدان من المودع جاز أن يدفعه اليه ليتولى الانفاق عليها لانه أمين عليها و يجوز أن يأذن له الحاكم في أن ينفق عليها من ماله و يكون قابضا لنفسه من نفسه و يكل ذلك إلى اجتهاده في قدر ما ينفق و يرجع به على صاحبها فان اختلفا في قدر النفقة فالقول قول المودع إذا ادعى النفقة بالمعروف ، و إن ادعى أكثر من ذلك لم يثبت له ، و إن اختلفا في قدر المدة التي أنفق فيها فالقول قول صاحبها لان الاصل عدم ذلك فان لم يقدر على الحاكم فأنفق عليها محتسبا بالرجوع على صاحبها و أشهد على الرجوع رجع بما أنفق رواية واحدة لانه مأذون فيه عرفا و لا تفريط منه إذا لم يجد حاكما ، و إن فعل ذلك مع إمكان استئذان الحاكم من اذنه فهل له الرجوع ؟ يخرج على روايتين نص عليهما فيما إذا أنفق على البهيمة المرهونة من اذن الراهن و في الضامن إذا ضمن و أذن بغير اذن المضمون عنه هل يرجع به ؟ على روايتين ( احداهما ) يرجع به لانه مأذون فيه عرفا ( و الثانية ) لا يرجع لانه مفرط بترك استئذان الحاكم ، و إن أنفق من إشهاد مع العجز عن استئذان الحاكم أو مع إمكانه ففي الرجوع وجهان أيضا كذلك و متى علف البهيمة أو سقاها في داره أو غيرها بنفسه أو أمر غلامه أو صاحبه ففعل ذلك كما يفعل في بهائمه على ما جرت به العادة فلا ضمان عليه لان هذا مأذون فيه عرفا لجريان العادة به فأشبه المصرح به ( فصل ) و إن أودعه البهيمة و قال لا تعلفها و لا تسقها لم يجز له ترك علفها لان للحيوان حرمة في نفسه يجب احياؤه لحق الله تعالى ، فان علفها و سقاها كان كالقسم الذي قبله ، و إن تركها حتى تلفت لم يضمنها و هذا قول عامة أصحاب الشافعي ، و قال بعضهم يضمن لانه تعدى بترك علفها أشبه إذا لم