أحد الزوجين بعد الدخول فوطئها في العدة قبل اسلام الآخر .فالحكم فيه مثل الحكم ههنا لما ذكرنا من التعليل فيه ( فصل ) و إذا أسلم أحد الزوجين ثم ارتد نظرت فان لم يسلم الآخر في العدة تبينا أن وقوع الفرقة كان منذ اختلف الدينان وعدتها من حين أسلم المسلم منهما ، و ان أسلم الآخر منهما في العدة قبل ارتداد الاول اعتبر ابتداء العدة من حين ارتد لان حكم اختلاف الدين بإسلام الاول زال بإسلام الثاني في العدة و لو أسلم و تحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه ثم ارتد لم يكن له أن يختار منهن لانه لا يجوز أن يبتدئ العقد عليهن في هذه الحال و كذلك لو ارتددن دونه أو معه لم يكن له أن يختار منهن لذلك ( فصل ) فإذا تزوج الكافر بمن لا يقر على نكاحه في الاسلام مثل ان جمع بين الاختين أو بين عشره نسوة أو نكح معتدة أو مرتدة ثم طلقها ثلاثا ثم أسلما لم يكن أن ينكحها لا بنا أجرينا أحكامهم على الصحة فيما يعتقدونه في النكاح فكذلك في الطلاق و لهذا جاز له إمساك الثانية من الاختين و الخامسة المعقود عليها آخرا ( مسألة ) قال ( و إذا زوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته فلا نكاح بينهما و ان سموا مع ذلك صداقا أيضا ) هذا النكاح يسمى الشغار فقيل انما سمي شغارا لقبحه تشبيها يرفع الكلب رجله ليبول في ا لقبح
(568)
يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول ، و حكي عن الاصمعي أنه قال : الشغار الرفع فكأن كل واحد منهما رفع رجله للآخر عما يريد ، و لا تختلف الرواية عن احمد في أن نكاح الشغار فاسد رواه عنه جماعة قال احمد و روي عن عمر و زيد بن ثابت أنهما فرقا فيه و هو قول مالك و الشافعي ، و حكي عن عطاء و عمرو بن دينار و مكحول و الزهري و الثوري أنه يصح و تفسد التسمية و يجب مهر المثل لان الفساد من قبل المهر لا يوجب فساد العقد كما لو تزوج على خمر أو خنزير و هذا كذلك و لنا ما روى ابن عمر أن رسول الله صلي الله عليه و سلم نهى عن الشغار متفق عليه و روى أبو هريرة مثله أخرجه مسلم ، و روى الاثرم باسناده عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( لا جلب و لا جنب و لا شغار في الاسلام ) و لانه جعل كل واحد من العقدين سلفا في الآخر فلم يصح كما لو قال يعني ثوبك على أن أبيعك ثوبي ، و قولهم ان فساده من قبل التسمية قلنا لا بل إفساده من جهة أنه وقفه على شرط فاسد أو لانه شرط تمليك البضع لغير الزوج فانه جعل تزويجه إياها مهرا للاخرى فكان ملكه إياه بشرط انتزاعه منه ، إذا ثبت هذا فلا فرق بين أن يقول على أن صداق كل واحدة منهما بضع الاخرى أو لم يقل ذلك ، و قال الشافعي هو أن يقول ذلك و لا يسمي لكل واحدة صداقا لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الشغار و الشغار أن يقول الرجل للرجل زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك و يكون بضع كل واحدة منهما مهر الاخرى
(569)
النهى عن نكاح الشغار
و لنا ما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن الشغار و الشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته و ليس بينهما صداق .هذا لفظ الحديث الصحيح المتفق عليه ، و في حديث أبي هريرة و الشغار أن يقول الرجل للرجل زوجتي ابنتك و أزوجك إبنتي أو زوجني أختك و أزوجك أختي رواه مسلم و هذا يجب تقديمه لصحته و على انه قد أمكن الجمع بينهما بأن يعمل بالجميع و يفسد النكاح بأي ذلك كان .و لانه إذا شرط في نكاح احداهما تزويج الاخرى فقد جعل بضع كل واحدة صداق الاخرى ففسد كما لو لفظ به ، فأما إن سمعوا مع ذلك صداقا فقال زوجتك إبنتي على أن تزوجني ابنتك و مهر كل واحدة منهما مائة أو مهر إبنتي مائة و مهر ابنتك خمسون أو أقل أو أكثر فالمنصوص عن أحمد فيما وقفنا عليه صحته و هو قول الشافعي لما تقدم من حديث ابن عمر ، و لانه قد سمى صداقا فصح كما لو لم يشرط ذلك و قال الخرقي لا يصح لحديث أبي هريرة و لما روى أبو داود عن الاعرج أن العباس بن عبيد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته و أنكحه عبد الرحمن ابنته و كانا جعلا صداقا فكتب معاوية إلى مروان فأمره أن يفرق بينهما و قال في كتابه هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم و لانه شرط نكاح احداهما لنكاح الاخرى فلم يصح كما لو لم يسميا صداقا يحققه ان عدم التسمية ليس بمفسد للعقد بدليل نكاح المفوضة فدل على أن المفسد هو الشرط و قد وجد و لانه سلف في عقد فلم يصح كما لو قال بعتك ثوبي بعشرة على أن تبيعني ثوبك بعشرين ، و هذا الاختلاف فيما إذا لم يصرح بالتشريك
(570)
حكم ما اذا سميا صداقا في العقد
فأما إذا قال زوجتك إبنتي على أن تزوجني ابنتك و مهر كل واحدة منهما مائة و بضع الاخرى فالنكاح فاسد لانه صرح بالتشريك فلم يصح العقد كما لو لم يذكر مسمى ( فصل ) و متى قلنا بصحة العقد إذا سميا صداقا ففيه وجهان [ أحدهما ] تفسد التسمية و يجب مهر المثل و هذا قول الشافعي لان كل واحد منهما لم يرض بالمسمى إلا بشرط أن يزوج وليه صاحبه فينقص المهر لهذا الشرط و هو باطل فإذا احتجنا إلى ضمان النقص صار المسمى مجهولا فبطل ، و الوجه الذي ذكره القاضي في الجامع انه يجب المسمى لانه ذكر قدرا معلوما يصح أن يكون مهرا فصح كما لو قال زوجتك إبنتي على ألف على أن لي منها مائة و الله أعلم ( فصل ) و ان سمى لاحداهما مهرا دون الاخرى فقال أبو بكر يفسد النكاح فيهما لانه فسد في احداهما ففسد في الاخرى و الاولى أنه يفسد في التي لم يسم لها صداقا لان نكاحها خلا من صداق سوى نكاح الاخرى و يكون في التي سمى لها صداقا روايتان لان فيه تسمية و شرطا فأشبه ما لو سمي لكن واحدة منهما مهرا ذكره القاضي هكذا ( فصل ) فان قال زوجتك جاريتي هذه على أن تزوجني ابنتك و تكون رقبتها صداقا لابنتك لم يصح تزويج الجارية في قياس المذهب لانه لم يجعل لها صداقا سوى تزويج ابنته ، و إذا زوجه ابنته على أن يجعل رقبة الجارية صداقا لها صح لان الجارية تصلح أن تكون صداقا ، و ان زوج عبده
(571)
نكاح المتعة غير جائز
إمرأة و جعل رقبته صداقا لها لم يصح الصداق لان ملك المرأة زوجها يمنع صحة النكاح فيسفد الصداق و يصح النكاح و يجب مهر المثل ( مسألة ) قال رحمه الله تعالى ( و لا يجوز نكاح المتعة ) معنى نكاح المتعة أن يتزوج المرأة مدة مثل أن يقول زوجتك إبنتي شهرا أو سنة أو إلى انقضاء الموسم أو قدوم الحاج و شبهه سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة فهذا نكاح باطل نص عليه أحمد فقال نكاح المتعة حرام .و قال أبو بكر فيها رواية أخرى انها مكروهة حرام لان ابن منصور سأل أحمد عنها فقال يجتنبها أحب إلى ، قال فظاهر هذا الكراهة دون التحريم ، و غير أبي بكر من أصحابنا يمنع هذا و يقول في المسألة رواية واحدة في تحريمها و هذا قول عامة الصحابة و الفقهاء ، و ممن روي عنه تحريمها عمر و علي و ابن عمر و ابن مسعود و ابن الزبير ، قال ابن عبد الله و على تحريم المتعة مالك و أهل المدينة و أبو حنيفة في أهل الكوفة و الازواعي في أهل الشام و الليث في أهل مصر و الشافعي و سائر أصحاب الآثار و قال زفريصح النكاح و يبطل الشرط و حكي عن ابن عباس انها جائزة و عليه أكثر أصحابه عطاء و طاووس و به قال ابن جريج و حكي ذلك عن أبي سعيد الخدري و جابر و اليه ذهب الشيعة لانه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم أذن فيها ، و روي
(572)
نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء
أن عمر قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم أفأنهى عنهما و أعاقب عليهما ؟ متعة النساء و متعة الحج و لانه عقد على منفعة فيكون مؤقتا كالاجارة و لنا ما روى الربيع بن سبرة أنه قال : أشهد على أبي انه حدث أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عنه في حجة الوداع ، و في لفظ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حرم متعة النساء رواه أبو داود .و في لفظ رواه ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم و حرم المتعة فقال ( يأ أيها الناس اني كنت أذنت لكم في الاستمتاع الاوان الله قد حرمها إلى يوم القيامة ) و روي عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر و عن لحوم الحمر الاهلية .رواه مالك في الموطأ و أخرجه الائمة النسائي و غيره و اختلف أهل العلم في الجمع بين هذين الخبرين فقال قوم في حديث على تقديم و تأخير و تقديره أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن لحوم الحمر الاهلية يوم خيبر و نهى عن متعة النساء و لم يذكر ميقات النهي عنها و قد بينه الربيع بن سبرة في حديثه انه كان في حجة الوداع حكاء الامام احمد عن قوم و ذكره بن عبد الله و قال الشافعي لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه الا المتعة فحمل الامر على ظاهره و ان النبي صلى الله عليه و سلم حرمها يوم خيبر ثم أباحها في حجة الوداع ثلاثة أيام ثم حرمها و لانه لا تتعلق به أحكام النكاح من الطلاق و الظهار و اللعان و التوارث فكان باطلا كسائر الانكحة الباطلة ، و أما قول ابن عباس فقد حكي عنه الرجوع عنه .و روى أبو بكر باسناده عن سعيد بن جبير قال : قلت لا بن عباس لقد كثرت في المتعة حتى قال فيها الشاعر :
(573)
حكم ما اذا تزوج المرأة على ان يطلقها في وقت بعينه
أقول و قد طال الثواء بنا معا يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس هل لك في رخصة الاطراف آنسة تكون مثواك حتى مصدر الناس فقام خطيبا و قال ان المتعة كالميتة و الدم و لحم الخنزير فأما اذن رسول الله صلى الله عليه و سلم فيها فقد ثبت نسخه و أما حديث عمران صح عنه فالظاهر انه انما قصد الاخبار عن تحريم النبي صلى الله عليه و سلم لها و نهيه عنا إذ لا يجوز أن ينهى عما كان النبي صلى الله عليه و سلم أباحه و بقي على اباحته ( فصل ) و ان تزوجها بغير شرط الا أن في نيته طلاقها بعد شهر أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم الا الاوزاعي قال هو نكاح متعة و الصحيح انه لا بأس به و لا تضر نيته و ليس على الرجل أن ينوي حبس إمرأته و حسبه ان وافقته و الا طلقها ( مسألة ) قال ( و لو تزوجها على أن يطلقها في وقت بعينه لم ينعقد النكاح ) يعني إذا تزوجها بشرط أن يطلقها في وقت معين لم يصح النكاح سواء كان معلوما أو مجهولا مثل أن يشترط عليه طلاقها إن قدم أبوها أو أخوها ، و قال أبو حنيفة يصح النكاح و يبطل الشرط و هو أظهر قول الشافعي قاله في عامة كتبه لان النكاح وقع مطلقا و انما شرط على نفسه شرطا و ذلك لا يؤثر فيه كما لو شرط أن لا يتزوج عليها و لا يسافر بها .