و القدمين و نحو ذلك و ليس له النظر إلى ما يستتر غالبا كالصدر و الظهر و نحوهما قال الاثرم سألت أبا عبد الله عن الرجل ينظر إلى شعر إمرأة أبيه أو إمرأة ابنه فقال هذا في القرآن ( و لا يبدين زينتهن ) إلا لكذا و كذا قلت ينظر إلى ساق إمرأة أبيه و صدرها قال لا يعجبني ثم قال أنا أكره أن ينظر من أمه و أخته إلى مثل هذا و إلى كل شيء لشهوة و ذكر القاضي أن حكم الرجل مع ذوات محارمه حكم الرجل مع الرجل و المرأة مع المرأة و قال أبو بكر كراهية أحمد النظر إلى ساق أمه و صدرها على التوقي لان ذلك يدعو إلى الشهوة يعني أنه يكره و لا يحرم و منع الحسن و الشعبي و الضحاك النظر إلى شعر ذوات المحارم فروي عن هند ابنة المهلب قالت قلت للحسن ينظر الرجل إلى قرط أخته و إلى عنقها ؟ قال لا و لا كرامة و قال الضحاك لو دختل على أمي لقلت أيتها العجوز غطي شعرك .و الصحيح أنه يباح النظر إلى ما يظهر غالبا لقول الله تعالى ( و لا يبدين زينتهن الا لبعواتهن ) الآية و قالت سهلة بنت سهيل يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا و كان يأوي معي و مع أبي حذيفة في بيت واحد و يراني فضلا و قد أنزل فيهم ما علمت فيكف ترى فيه ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم ( أرضعيه ) فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها رواه أبو داود و غيره و هذا دليل على انه كان ينظر منها إلى ما يظهر غالبا فانها قالت يراني فضلا و معناه في ثباب البذلة التي لا تستر أطرافها و قال امرؤ القيس فجئت و قد نضت لنوم ثيابها و لم يبق الا لبسة المتفضل و مثل هذا يظهر منه الاطراف و الشعر فكان براها كذلك إذا اعتقدته ولدا ثم دلهم النبي
(456)
معنى ذوات المحارم وحكم النظر اليهن
صلى الله عليه و سلم على ما يستديمون به ما كانوا يعتقدونه و يفعلونه و روى الشافعي في مسنده عن زينب بنت أبي سلمة انها ارتضعت من أسماء إمرأة الزبير قالت فكنت أراه أبا و كان يدخل علي و أنا أمشط رأسي فيأخذ ببعض قرون رأسي و يقول اقبلي علي ، و لان التحرز من هذا لا يمكن فأبيح كالوجه و ما لا يظهر غالبا لا يباح لان الحاجة لا تدعو إلى نظره و لا تؤمن معه الشهوة و مواقعة المحظور فحرم النظر اليه كما تحت السرة .( فصل ) و ذوات محارمه كل من حرم عليه نكاحها على التأبيد بنسب أو رضاع أو تحريم المصاهرة بسبب مباح لما ذكرنا من حديث سالم و زينب ، و عن عائشة أن أفلح أخا أبى القعيس استأذن عليها بعد ما أنزل الحجاب فأبت أن تأذن له فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( ايذني له فانه عمك تربت يمينك ) و قد ذكر الله تعالى آباء بعولتهن و أبناء بعولتهن كما ذكر آباء هن و ابنا هن في إبداء الزينة لهم ، و توقف أحمد عن النظر إلى شعر أم إمرأته و بنتها لانهما مذكورتين في الاية ، قال القاضي انما حكى قول سعيد بن جبير و لم يأخذ به ، و قد صرح في رواية المروذي انه محرم يجوز له المسافرة بها ، و قال في رواية أبي طالب : ساعة يعقد عقدة النكاح تحرم عليه أم إمرأته فله أن يرى شعرها و محاسنها ليست مثل التي بزني بها لا يحل له أبدا أن ينظر إلى شعرها و لا إلى شيء من جسدها و هي حرام عليه ( فصل ) فأما أم المزني بها و ابنتها فلا يحل له النظر إليهن و ان حرم نكاحهن لان تحريمهن بسبب محرم فلم يفد إباحة النظر كالمحرمة باللعان و كذلك بنت المؤطوة بشبهة و أمها ليست من ذوات محارمه و كذلك الكافر ليس بمحرم لقرابته المسلمة ، قال أحمد في يهودي أو نصراني أسلمت بنته لا يسافر بها
(457)
جواز نظر العبد إلى وجه سيدته وكعبها
ليس هو محرما لها ، و الظاهر انه أراد ليس محرما لها في السفر أما النظر فلا يجب عليها الحجاب منه لان أبا سفيان أتي المدينة و هو مشرك فدخل على ابنته أم حبيبة فطرت فراش رسول الله صلي الله عليه و سلم لئلا يجلس عليه و لم تحتجب منه و لا أمرها بذلك النبي صلى الله عليه و سلم ( فصل ) و عبد المرأة له النظر إلى وجهها و كفيها لقول الله تعالى ( أو ما ملكت ايمانهن ) و روت ام سلمة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( إذا كان لاحداكن مكاتب فملك ما يؤدي فلتحتجب منه ، قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح و عن أبي قلابة قال كان أزواج النبي صلى الله عليه و سلم لا يحتجبن من مكاتب ما بقي عليه دينار ، و رواه سعيد في سننه ، و عن أنس ان النبي صلى الله عليه و سلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها و على فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها و إذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما تلقى قال ( انه ليس عليكبأس انما هو أبوك و غلامك ) رواه أبو داود ، و كره أبو عبد الله له أن ينظر إلى شعرمولانه و هو قول سعيد بن المسيب و طاووس و مجاهد و الحسن و أباح له ذلك ابن عباس لما ذكرنا من الآيتين و الحديثين و لان الله تعالى قال ( ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم و الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثللاث مرات - إلى قوله - ليس عليكم و لا عليهم جناح ) و لانه يشق التحرز منه فأبيح له ذلك كذوي المحارم ، و قال أصحاب الشافعي هو محرم حكمه حكم المحارم من الاقارب في أحد الوجهين لما ذكرنا من الدليل ، و لانه محرم عليها فكان محرما كالاقارب و لنا ما روى ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( سفر المرأة مع عبدها ضيعة ) رواه سعيد و لانها لا تحرم عليه على التأبيد و لا يحل له استمتاعها فلم يكن محرما كزوج أختها و لانه مأمون عليها
(458)
حكم نظر العلام إلى المرأة ونظر كل من الزوجين إلى الاخر
إذا ليست بينهما نفرة المحرمية و الملك لا يقتضي النفرة الطبيعية بدليل السيد مع أمته و انما أبيح له من النظر ما تدعو الحاجة اليه كالشاهد و المبتاع و نحوهما و جعله بعض اصحابنا كالأَجنبي لما ذكرناه ، و الصحيح ما قلنا ان شاء الله تعالى .( فصل ) فأما الغلام فما دام طفلا مميز لا يجب الاستتار منه في شيء ، و ان عقل ففيه روايتان ( احداهما ) حكمه حكم ذي المحرم في النظر ( الثانية ) له النظر إلى ما فوق السرة و تحت الركبة لان الله تعالى قال ( ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم و الذين لم يبلغوا الحلم منكم - إلى قوله - ليس عليكم و لا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض - إلى قوله - و إذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ) فدل على التفريق بين البالغ و غيره ، قال أبو عبد الله : أبو طيبة حجم نساء النبي صلى الله عليه و سلم و هو غلام ( و وجه الرواية الاولى ) قوله أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء و قبل لابي عبد الهل متى تغطي المرأة رأسها من الغلام ؟ قال إذا بلغ عشر سنين ( فصل ) و مباح لكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن صاحبه و لمسه حتى الفرج لما روى بهز بن حكم عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله عوراتنا ماتأني منها و ما نذر ؟ فقال لي ( احفظ عورتك الا من زجتك أو ما ملكت يمينك ) رواه الترمذي و قال حديث حسن و لان الفرج يحل له الاستمتاع به فجاز النظر اليه و لمسه كبقية البدن ، و يكره النظر إلى الفرج فان عائشة رضي الله عنها قالت ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه و سلم قط رواه ابن ماجه ، و في لفظ قالت ما رأيته من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا رآه
(459)
اباحة نظر السيد إلى جميع بدن أمته وحكم النظر للاجانب
متي و قال احمد في رواية جعفر بن محمد في المرأة تقعد بين يدي زوجها و في بيتها مكشوفة في ثباب رقاق لا بأس به قلت تخرج من الدار إلى بيت مكشوفة الرأس و ليس في الدار الا هي و زوجها فرخص في ذلك ( فصل ) و يباح للسيد النظر إلى جميع بدن أمته حتى فرجها لما ذكرنا في الزوجين و سواء في ذلك سريته و غيرها لانه مباح له الاستمتاع من جميع بدنها فأبيح له النظر اليه فان زوج أمته حرم عليه الاستمتاع و النظر منها إلى ما بين السرة و الركبة لان عمرو بن شعيب روى عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة فانه عورة ) رواه أبو داود و مفهومه إباحة النظر إلى ما عداه ، و أما تحريم الاستمتاع بها فلا شك فيه و لا اختلاف فانها قد صارت مباحة للزوج ، و لا تحل إمرأة لرجلين فان وطئها لزمه الاثم و التعزير و ان ولدت فقال احمد لا يلحقه الولد لانها فراش لغيره فلا يلحقه ولدها كالأَجنبية ( فصل ) فيمن يباح له النظر من الاجانب ، يباح للطيب النظر إلى ما تدعوا اليه الحاجة من بدنها من العورة و غيرها فانه موضع حاجة و قد روي أن النبي صلى الله عليه و سلم لما حكم سعد في بني قريظة كان يكشف عن مؤتزرهم و عن عثمان انه أتى بغلام قد سرق فقال أنظروا إلى مؤتزره فلم يجدوه أثبت الشعر فلم يقطعه و للشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها لتكون الشهادة واقعة على عينها ، قال احمد لا يشهد على إمرأة إلا أن يكون قد عرهفا بعينها و ان عامل إمرأة في بيع أو اجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك و قد روي عن احمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز و لعله كرهه لمن يخاف الفتنة أو يستغنى عن المعاملة فأما مع الحاجة و عدم الشهوة فلا بأس
(460)
تحريم نظر الرجل إلى الاجنبية بدون سبب
( فصل ) فأما نظر الرجل إلى الاجنبية من سبب فانه محرم إلى جميعها في ظاهر كلام احمد قال أحمد لا يأكل مع مطلقته هو أجنبي لا يحل له أن ينظر إليها كيف يأكل معها ينظر إلى كفها لا يحل له ذلك ، و قال القاضي يحرم عليه النظر إلى ما عدا الوجه و الكفين لانه عورة ، و يباح له النظر إليها مع الكراهة إذا أمن الفتنة و نظر لغير شهودة و هذا مذهب الشافعي لقول الله تعالى ( و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) قال ابن عباس الوجه و الكفين و روت عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم في ثياب رقاق فأعرض عنها ، و قال ( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيص لم يصلح أن يرى منها إلا هذا و هذا ) و أشار إلى وجهه و كفيه رواه أبو بكر و غيره و لانه ليس بعودة فلم يحرم النظر اليه بغير ريبة كوجه الرجل و لنا قول الله تعالى ( و إذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ) و قول النبي صلى الله عليه و سلم ( إذا كان لاحداكن مكاتب فملك ما يؤدي فلتحتجب منه ) و عن أم سلمة قالت كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه و سلم أنا و حفصة فاستأذن ابن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( احتجبن منه ) رواه أبو داود و كان الفضل ابن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاءته الخثعمية تستفتيه فجعل الفصل ينظر إليها و تنظر اليه فصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم وجهه عنها ، و عن جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري حديث صحيح و عن علي رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لا تتبع النظرة النظرة فانما لك الاولى و ليست لك الآخرة ) رواهما أبو داود و في إباحة لنظر إلى المرأة إذا أراد تزويجها دليل على التحريم عند عدم ذلك اذ لو كان مباحا على الاطلاق فما وجه التخصيص
(461)
النظر إلى العجوز التي لا تشتهى والى الامة
لهذه و أما حديث اسماء ان صح فيحتمل أنه كان قبل نزول الحجاب فنحمله عليه ( فصل ) و العجوز التي لا يشتهى مثلها لا بأس بالنظر منها إلى ما يظهر غالبا لقول الله تعالى ( و القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا ) الآية قال ابن عباس في قوله تعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) الآية قال فتسخ و استثنى من ذلك القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاح الآية و في معنى ذلك الشوهاء التي لا تشتهى ( فصل ) و الامة يباح النظر منها إلى ما يظهر غالبا كالوجه و الرأس و اليدين و الساقين لان عمر رضي الله عنه رأى إمرأة متلثمة فضربها بالدرة و قال بالكاع تشتبهين بالحرائر و روى أبو حفص باسناده أن عمر كان لا يدع أمة تقنع في خلافته و قال انما القناع للحرائر و لو كان نظر ذلك منها محرما لم يمنع من ستره بل أمر به ، و قد روى أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم لما أخذ صفية قال الناس لا ندري اجعلها أم المؤمنين أم أم ولد فقالوا إن حجبها فهي أم المؤمنين و ان لم يحجبها فهي أم ولد فلما ركب و ظألها خلفه و مد الحجاب بينه و بين الناس متفق عليه ، و هذا دليل على أن عدم حجب الاماء كان مستفيضا بينهم مشهورا و أن الحجب لغيرهن كان معلوما ، و قال أصحاب الشافعي يباح النظر منها إلى ما ليس بعورة و هو ما فوق السرة و تحت الركبة ، سوى بعض أصحابنا بين الحرة و الامة لقوله تعالى ( و لا يبدين زينتهن ) الآية و لان العلة في تحريم النظر الخوف من الفتنة و الفتنة المخوفة تستوى فيها الحرة و الامة فان الحرية حكم لا يؤثر في الامر الطبيعي و قد ذكرنا ما يدل على التخصيص و يوجب الفرق بينهما و ان لم يفترقا فيما ذكروه افترقا في الحرمة و في مشقة الستر لكن ان كانت الامة جميلة يخاف