و قال القاضي ان كان أبا أو جدا أو ممن يجوز له ان يراها فالتغرير من جهته علم أو لم يعلم و ان كان ممن لا يجوز له أن يراها كابن العم و المولى و علم غرم و ان أنكر و لم تقم بينة بإقراره فالقول قوله ، و يرجع على المرأة بجميع الصداق و هذا قول مالك الا انه قال إذا ردت المرأة ما أخذت ترك لها قدر ما تستحل به لئلا تصير كالموهوبة و للشافعي قولان كقول مالك و القاضي و لنا على أن الولي إذا لم يعلم لا يغرم ان التغرير من غيره فلم يغرم كما لو كان ابن عم و على انه برجع بكل الصداق انه مغرور منها فرجع بكل الصداق كما لو غره الولي ، و قولهم لا يخفى على من يراها لا يصح فان عيوب الفرج لا إطلاع له عليها و لا يحل له رؤيتها و كذلك العيوب تحت الثياب فصار في هذا كمن لا يراها الا في الجنون فانه لا يكاد يخفى على من يراها الا أن يكون غائبا و أما الرجوع بالمهر فانه لسبب آخر فيكون بمنزلة ما لو وهبته إياه بخلاف الموهوبة ( فصل ) إذا طلقها قبل الدخول ثم علم أنه كان بها عيب فعليه نصف الصداق و لا يرجع به لانه رضي بالتزام نصف الصداق فلم يرجع على أحد ، و إن ماتت أو مات قبل العلم بالعيب فلها الصداق كاملا و لا يرجع على أحد لان سبب الرجوع الفسخ و لم يوجد و ههنا استقر الصداق بالموت فلا يرجع به
(589)
ليس لولي الصغير والصغيرة والامة تزويجهم بمعيب
( مسألة ) قال ( و لا سكنى لها و لا نفقة لان السكنى و النفقة انما تجب لامراة زوجها له عليها الرجعة ) انما كان كذلك لانها تبين بالفسخ كما تبين بطلاق ثلاث و لا يستحق زوجها عليها رجعة فلم تجب لها سكنى و لا نفقة لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم لفاطمة بنت قيس ( انما السكنى و النفقة للمرأة إذا كان لزوجها عليه الرجعة ) رواه النسائي و هذا إذا كانت حائلا فان كانت حاملا فلها النفقة لانها بائن من نكاح صحيح في حال حملها فكانت لها النفقة كالمطلقة ثلاثا و المختلعة و في السكنى روايتان ، و قال القاضي لا نفقة لها إن كانت حاملا في أحد الوجهين لانها بائن من نكاح فاسد و كذلك قال أصحا ب الشافعي في أحد الوجهين و في الآخر لها النفقة لان النفقة للحمل و الحمل لاحق به و بنوه على أن النكاح فاسد و قد بينا صحته فيما مضي ( فصل ) و ليس لولي الصغير و الصغيرة و سيد الامة تزويجهم لمن به أحد هذه العيوب لانه ناظر لهم بما فيه الحظ و لا حظ لهم في هذا العقد فان زوجهم مع العلم بالعيب لم يصح النكاح لانه عقد لهم عقدا لا يجوز عقده فلم يصح كما لو باع عقاره لغيرغبطة و لا حاجة و إن لم يعلم بالعيب صح كما لو اشترى لهم معيبا لا يعلم عيبه و يجب عليه الفسخ إذا علم لان عليه النظر لهم بما فيه الحظ و الحظ في الفسخ و يحتمل أن لا يصح النكاح لانه زوجهم ممن لا يملك تزويجهم إياه فلم يصح كما لو زوجهم بمن يحرم عليهم
(590)
لا يجوز تزويج كبيرة بمعيب بغير رضاها
( فصل ) و ليس له تزويج كبيرة بمعيب بغير رضاها بغير خلاف نعلمه لانها تملك الفسخ إذا علمت به بعد العقد فالامتناع أولى و ان أرادت أن تتزوج معيبا فله منعها في أحد الوجهين قال أحمد ما يعجبني أن يزوجها بعنين و ان رضيت الساعة تكره إذا دخلت عليه لان من شأنهن النكاح و يعجبهن من ذلك ما يعجبنا و ذلك لان الضرر في هذا دائم و الرضي موثوق بدوامه و لا يتمكن من التخلص إذا كانت عالمة في ابتداء العقد و ربما أفضي إلى الشقاق و العداوة فيتضرر وليها و أهلها فملك الولي منعها كما لو أرادت نكاح من ليس بكفء ( و الثاني ) ليس له منعها لان الحق لها و قال القاضي له منعها من نكاح المجنون و ليس له منعها من نكاح المجبوب و العنين لان ضررهما عليها خاصة و في الابرص و المجذوم وجهان ( أحدهما ) لا يملك منعها لان الحق لها و الضرر عليها فأشبها المجبوب و العنين ( و الثاني ) له منعها لان عليه ضررا فانه يتغير به و يخشى تعديه إلى الولد فأشبه التزويج لمن لا يكافئها و هذا مذهب الشافعي و الاولى أن له منعها في جميع الصور لان علهيا فيه ضررا دائما و عار عليها و على أهلها فملك منعها منه كالتزويج بغيركفء فأما إذا اتفقا على ذلك و رضي به جغاز و صح النكاح لان الحق لهما و لا يخرج عنها و يكره لهما ذلك لما ذكره الامام أبو عبد الله من أنها و ان رضيت الآن تكره فيما بعد و يحتمل أن يملك سائر الاولياء الاعتراض عليهما و منعهما من هذا التزويج لان العاريلحق بهم و ينالهم الضرر فأشبه ما لو زوجها بغيركفء فأما ان حدث العيب بالزوج و رضيته المرأة لم يملك وليها إجبارها على الفسخ لان
(591)
اذا عتقت الامة وزوجها عبد فلها الخيار
حقه في ابتداء العقد لا في دوامه و لهذا لو دعت وليها إلى تزويجها بعبد لم يلزمه إجابتها و لو عتقت تحت عبد لم يملك إجبارها على الفسخ ( مسألة ) قال ( و إذا عتقت الامة و زوجها عبد فلها الخيار في فسخ النكاح ) أجمع أهل العلم على هذا ذكره ابن المنذر و ابن عبد الله و غيرهما و الاصل فيه خبر بريرة قالت عائشة كاتبت بريرة فخبرها رسول الله صلى الله عليه و سلم في زوجها و كان عبدا فاختارت نفسها قال عروة و لو كان حراما ما خيرها رسول الله صلي الله عليه و سلم رواه مالك و أبو داود و النسائي و لان عليها ضررا في كونها حرة تحت العبد فكان لها الخيار كما لو تزوج حرة على أنه حر فبان عبدا فان اختارت الفسخ فلها فراقه و ان رضيت المقام معه لم يكن لها فراقه بعد ذلك لانها أسقطت حقها و هذا مما لا خلاف فيه بحمد الله ( فصل ) و ان عتقت تحت حر فلا خيار لها و هذا قول ابن عمرو ابن عباس و سعيد بن المسيب و الحسن و عطاء و سليمان بن يسار و أبي قلابة و ابن أبي ليلي و مالك و الاوزاعي و الشافعي و إسحاق و قال طاوس و ابن سيرين و مجاهد و النخعي و حماد بن أبي سليمان و الثوري و أصحاب الرأي لها الخيار لما روى الاسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم خير بريرة و كان زوجها حرا رواه النسائي و لانها كملت بالحرية فكان لها الخيار كما لو كان زوجها عبدا
(592)
فرقة الخيار فسخ لا ينقص بها عدد الطلاق
و لنا أنها كامأت زوجها في الكمال فلم يثبت لها الخيار كما لو أسلمت الكتابية تحت مسلم فأما خبر الاسود عن عائشة فقد روى عنها القاسم بن محمد و عروة ان زوج بريرة كان عبدا وهما أخص بها من الاسود لانهما ابن أخيها و ابن أختها و قد روي الاعمش عن إبراهيم عن الاسود عن عائشة أن زوج بريرة كان عبدا فتعارضت روايتاه و قال ابن عباس كان زوج بريرة عبدا أسود لبني المغيرة يقال له مغيب رواه البخاري و غيره و قالت صفية بنت أبي عبيد كان زوج بريرة عبدا قال أحمد هذا ابن عباس و عائشة قالا في زوج بريرة إنه عبد و رواية علماء المدينة و عملهم و إذا روى أهل المدينة حديثا و عملوا به فهو أصح شيء و إنما يصح أنه حر عن الاسود وحده و أما غيره فليس بذاك قال و العقد صحيح فلا يفسخ بالمختلف فيه و الحر فيه اختلاف و العبد لا اختلاف فيه و يخالف الحر العبد لان العبد ناقص فإذا كملت تحته تضررت ببقائها عنده بخلاف الحر ( فصل ) و فرقة الخيارفسخ لا ينقص بها عدد الطلاق نص عليه أحمد و لا أعلم فيه خلافا قيل لاحمد لم لا يكون طلاقا ؟ قال لان الطلاق ما تلكم به الرجل و لانها فرقة لاختيار المرأة فكانت فسخا كالفسخ لعنة أو عته .
(593)
حكم ما لو أعتق قبل ان تختار
( مسألة ) قال ( رحمه الله تعالى فان أعتق قبل أن تختار أو وطئها بطل خيارها علمت أن الخيار لها أو لم تعلم ) و جملة ذلك أن خيار المعتقة على التراخي ما لم يوجد أحد هذين الامرين عتق زوجها أو وطئه لها و لا يمنع الزوج من وطئها و ممن قال إنه على التراخي مالك و الاوزاعي و روي ذلك عن عبد الله ابن عمر و أخته حفصة و به قال سليمان بن يسار و نافع و الزهري و قتادة و حكاه بعض أهل العلم عن الفقهاء السبعة و قال أبو حنيفة و سائر العراقيين لها الخيار في مجلس العلم و للشافعي ثلاثة أقوال ( أظهرها ) كقولنا ( و الثاني ) أنه على الفور كخيار الشفعة ( و الثالث ) أنه إلى ثلاثة أيام و لنا ما روى الامام أحمد في المسند باسناده عن الحسن بن عمر و بن أمية قال سمعت رجالا يتحدثون عن النبي صلى الله عليه و سلم ( أنه قال إذا عتقت الامة فهي بالخيار ما لم يطأها ان شاءت فارقته و ان وطئها فلا خيار لها ) رواه الاثرم أيضا و روي أبو داود أن بريرة عتقت و هي عد مغيث عبد لآل أبي أحمد فخيرها النبي صلى الله عليه و سلم فقال ( لها إن قربك فلا خيار لك ) و لانه قول من سمينا من الصحابة و لا مخالف لهم في عصرهم قال ابن عبد الله لا أعلم لا بن عمر و حفصة مخالفا من الصحابة و لان الحاجة داعية إلى ذلك فثبت كخيار القصاص أو خيار لدفع ضرر متحقق فأشبه ما قلنا إذا ثبت هذا فمتى عتق قبل أن تختار
(594)
ان وطئها بطل خيارها
سقط خيارها لان الخيار لدفع الضرر بالرق و قد زال بعتقه فسقط كالمبيع إذا زال عيبه و هذا أحد قولي الشافعي و أن وطئها بطل خيارها علمت بالخيار أو لم تعلم نص عليه أحمد و هو قول من سمينا في صدر السمئلة و ذكر القاضي و أصحابه أن لها الخيار و ان أصيبت ما لم تعلم فان أصابها بعد علمها فلا خيار لها و هذا قول عطاء و الحكم و حماد و الثوري و الاوزاعي و الشافعي و إسحاق لانها إذا أمكنت من وطئها قبل علمها فلم يوجد منها ما يدل على الرضا فهو كما لو لم تصب و لنا ما تقدم من الحديث و روي مالك عن ابن شها ب عن عروة أن مولاة لنبي عدي يقال لهاز برآء أخبرته انها كانت تحت عبد فعتقت قالت فأرسلت إلي حفصة فدعتني فقالت ان أمرك بيدك ما لم يمسك زوجك فان مسك فليس لك من الامر شيء فقلت هو الطلاق ثم الطلاق ففارقته ثلاثا ، و قال مالك عن نافع عن ابن عمر ان لها الخيار ما لم يمسها و لانه خيار عيب فيسقط بالتصرف فيه مع الجهالة كخيارالرد بالعيب و لا تفريع على هذا القول فأما على القول الآخر فإذا و طئهها و ادعت الجهالة بالعتق و هي ممن يجوز خفاء ذلك عليها مثل أن يعتقها سيدها في بلد آخر فالقول قولها مع يمينها لان الاصل عدم ذلك ، و ان كانت ممن لا يخفي ذلك عليها الكونها في بلد واحد و قد اشتهر ذلك لم يقبل قولها لانه خلاف الظاهر و ان علمت العتق و ادعت الجهالة بثبوت الخيار فالقول قولها لان ذلك لا يعلمه إلا خواص الناس ، و الظاهر صدقها فيه و للشافعي في قبول قولها في ذلك قولان